- ننظر إلى عضوات مجلس الأمة على أنهن المثال الذي نروج له للمرأة العربية وفوزهن حدث تاريخي يؤكد تمكن المرأة وحدوث تغيير واضح في المجتمع الكويتي
اعربت ودودة بدران المدير العام لمنظمة المرأة العربية احدى المنظمات التابعة لجامعة الدول العربية عن تطلعها الدائم لانضمام جميع الدول العربية بما فيها الكويت الشقيقة لعضوية المنظمة لأن في ذلك دعما لقضية المرأة العربية ولرسالة المنظمة في خدمة هذه المرأة والنهوض بها.
وذكرت بدران «ان الكويت من الدول التي احرزت فيها المرأة تطورا ملموسا ولها خبرة ثرية في العمل العام على المستويين الرسمي والمدني لذلك فإن خبرتها خليقة بأن تستفيد منها المنظمة في اثراء وتوسيع انشطتها»، مشيرة الى ان الكويت من الدول التي شاركت في المؤتمر التأسيسي للمنظمة.
وحول رؤيتها لفوز المرأة الكويتية بأربعة مقاعد في الانتخابات النيابية الأخيرة أكدت مجددا ان هذا الفوز يعد حدثا تاريخيا يحمل عدة دلالات عديدة منها ان المرأة الكويتية قد بلغت من التمكن والقدرة مبلغا يؤهلها لتولي اهم وارفع المناصب وأداء جميع الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها مواطن كامل الأهلية.
واضافت ان الدلالة الثانية هي ان هذا الفوز يعد دليلا على حدوث تغيير في المجتمع الكويتي لصالح المرأة وهو ما يعتبر ايضا نصرا للمرأة العربية بشكل عام ويشكل أهمية بالغة في الواقع العربي، موضحة «ان تقبل المجتمع لهذا الوضع الجديد للمرأة الذي تؤهلها له قدراتها ومهاراتها التي اكتسبتها بالعلم وبخبرة العمل في المجال العام يعد انتصارا كبيرا لها».وأشارت بدران الى انه «في كثير من الاحيان تتطور المرأة وتنضج اجتماعيا وثقافيا لكن في المقابل لا تتطور الثقافة المحيطة بها وتظل محتفظة بصورة تقليدية نمطية لامرأة محدودة المواهب والقدرات لا تستطيع الاضطلاع سوى بعدد محدود من الادوار الاجتماعية».
وقالت «في الحقيقة ان هذه النظرة الثقافية للمرأة التي تجد تجلياتها في مجالات الممارسة الاجتماعية المختلفة تعد من اهم معوقات نهوضها بوجه عام لذا فإننا في المنظمة نعتبر الانجاز الذي تحقق في الكويت في الفترة الاخيرة نقلة كبيرة في الثقافة العربية نعتز ونفخر بها ونتطلع لان تشكل نموذجا يحتذى في المنطقة العربية».
وعن الزيارة الاخيرة لعضوات مجلس الامة لمقر المنظمة ذكرت بدران «ان الزيارة الكريمة التي قامت بها كل من د.معصومة المبارك ود.رولا دشتي ود.اسيل العوضي ود.سلوى الجسار لمقر المنظمة اسعدتنا كثيرا اذ اننا في المنظمة ننظر اليهن بصفتهن المثال الذي نروج له للمرأة العربية.
واضافت «ان البرلمانيات الكويتيات ابدين سعادتهن خلال الزيارة واهتماما كبيرا ببرامج عمل المنظمة والمشروعات المتضمنة فيها، كما اعربن عن تثمينهن لجهود المنظمة وانشطتها المتنوعة في مختلف مجالات الحضور الاجتماعي للمرأة معربة عن املها في ان تنضم الكويت لعضوية المنظمة في القريب العاجل.
المشاركة السياسية للمرأة العربية
وحول نظرتها كمدير عام المنظمة المرأة العربية لقضية المشاركة السياسية للمرأة العربية قالت «ان هذه المشاركة مسألة أساسية بالنسبة للمرأة» مبينة «ان السياسة في ابسط معانيها تشير الى تسيير شؤون المجتمع وهي مهمة لابد ان يشارك فيها ممثلون عن المجتمع بأسره حتى تتحقق الرؤية الكاملة وتنعكس كل وجهات النظر والمصالح في السياسات المنفذة على الأرض».
وقالت «ان المشاركة السياسية للأدبيات تعني «قدرة مختلف القوى وفئات المجتمع على التأثير في القرارات والسياسات بشكل مباشر او غير مباشر من خلال العديد من القنوات والمؤسسات»، مشيرة الى ان المرأة في الواقع هي احدى اهم فئات المجتمع بل هي نصف المجتمع.
وأضافت انه في المجتمع العربي عندما يتناول الحديث موضوع التنمية كغاية فالمشاركة السياسية للمرأة هي هدف أصيل لتنمية تضع في اعتبارها تعزيز الدور الإنساني ورفع القدرات وزيادة الفرص وتحقيق التمكين لجميع الفئات المجتمعية التي منها المرأة.
التمييز ضد المرأة
وعن استمرار وجود تمييز يمارس ضد المرأة في المجتمعات العربية اعربت بدران عن اسفها لوجود ذلك مؤكدة ان هناك ثقافة بعينها سائدة تميز ضد المرأة ولا تنظر اليها كإنسان كامل بل تعتبرها تابعا او اقل من الرجل ودونه من حيث الملكات والصفات الإنسانية، وبالتالي دونه من حيث المكانة والأدوار الاجتماعية.
وأضافت «ان هذه الثقافة تستند الى اعراف وتقاليد وتتمسح زيفا بالدين، والدين منها براء لكنها تكتسب بذلك قوة ونفوذا داخل المجتمع العربي وهي ثقافة تترجم الى العديد من السلوكيات والممارسات التي تضغط على الواقع الحياتي اليومي للمرأة العربية من جميع الفئات وتنعكس في مسائل مثل الاطر التشريعية ومدى إنصافها للمرأة». و«الفجوة بين نصوص القوانين المنصفة لها وتطبيقها على ارض الواقع وحجم وطبيعة فرص العمل المتاحة لها ونوعية المشكلات والمضايقات التي تتعرض لها في اجواء العمل».
وفي السياق ذاته ذكرت بدران «ان وضع المرأة داخل الأسرة واحترام خصوصيتها والأخذ برأيها ومدى تعرضها للعنف تختلف وطأة هذه الضغوط عليها من مجتمع لآخر ومن طبقة اجتماعية لأخرى لكنها تظل حاضرة لذا فإنها تشكل معوقا لسيدات نابهات ناجحات يناضلن من اجل اكتساب الاعتراف الاجتماعي بقدراتهن».
وعن رؤيتها لقضية تحديد عدد من المقاعد في البرلمانات العربية للمرأة اعربت بدران عن تأييدها لنظام الحصة مع اعتباره مرحلة مؤقتة مشيرة الى اهمية ذلك لان الواقع العربي يشهد في كثير من الاحيان فجوة في ميدان المشاركة السياسية للمرأة العربية حيث ينخفض التمثيل النيابي للمرأة رغم ارتفاع اسهامها المعرفي والتعليمي والاقتصادي.
ورأت بدران ان مرد تلك الفجوة هو عدم تقبل المجتمع لقدرة المرأة على الاضطلاع بالمهام السياسية كونها تتعلق بالقيادة كمهمة كبيرة ومحورية يعتبرها البعض غير مناسبة لها لذلك فإن نظام الحصة هو مرحلة انتقالية قصيرة تحصل فيها المرأة على فرصة للتواجد في الموقع السياسي واثبات الذات ومن ثم اكتساب التأييد الاجتماعي.
وأضافت «ان هذا النظام يجب ان يتوازى مع تبني منظومة عمل من اجل تنمية القدرات السياسية لها وبناء كوادر نسائية فاعلة وكذلك العمل على تهيئة السياق الاجتماعي والقانوني والثقافي لتقبل حضورها على الساحة السياسية.
أهلية المرأة
وأكدت بهذا الخصوص على ضرورة الاعتراف بأهلية المراة الكاملة في هذا المجال وذلك وصولا لمرحلة تنتفي فيها الحاجة لنظام الحصة وتصل المرأة للبرلمان بالانتخاب المباشر الحر كما حدث في التجربة الكويتية.
وعن تقدم المرأة سياسيا واجتماعيا في المجتمعات العربية والإسلامية قالت: ان المرأة تتقدم وبشكل كبير وملموس رغم المعوقات «مشيرة الى ان هناك عوامل أخرى داعمة في البيئة العربية منها الثقافة السائدة نفسها لكن في تياراتها المعتدلة التي يعتنقها الكثيرون والتي تقدم قراءات واعية للدين ولمقاصد الشريعة الواضحة.
وذكرت بدران ان هذه المقاصد تؤكد في نصوصها كافة على الكرامة الإنسانية كما تؤكد قيمة العدالة كقيمة إسلامية سامية وتحض بشكل قاطع على احترام المرأة وضمان حقوقها طبقا لما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة.
النهوض بالمرأة
وأشارت الى وجود الإرادة السياسية التي تتبنى هدف النهوض بالمرأة بشكل كامل مبينة ان ذلك يتجسد في استحداث كثير من الهيئات المعنية بالمرأة في الدول العربية متنوعة بين وزارات معنية بشؤون المرأة والأسرة والطفل في بعض الدول او لجان وطنية للمرأة او وحدات للنوع الاجتماعي في الوزارات او مجالس قومية او وطنية.
كما نوهت بأهمية التعديلات التشريعية المتسارعة التي تتبناها مختلف الدول العربية لتحقيق الإنصاف للمرأة في التشريعات إضافة الى نشاط المجتمع المدني فى موضوع حقوقها.
وأشارت بدران الى ان هناك مؤشرات لا تحصى على تقدم وبروز المرأة في جميع المجالات ومنها مجال التعليم والثقافة والعلوم حيث تربو أعداد الفتيات في مراحل التعليم في كثير من الدول على أعداد الفتيان بل تحققن في احيان كثيرة مراكز أعلى في نتائج الشهادات في التعليم الأساسي والثانوي والجامعي.
كما لفتت الى وجود عدد متزايد من الاديبات والمثقفات والباحثات والعالمات النابهات البارزات وفي مجال الاقتصاد هناك سيدات اعمال ناجحات وشهيرات داخل الوطن العربي وخارجه في مختلف أنحاء العالم.
وفي السياق ذاته أكدت بدران ان المرأة باتت اليوم متواجدة في سائر الاعمال وفي مجال السياسة عدد السيدات اللائي يشغلن مناصب سياسية رفيعة في الحكومات والمجالس النيابية والهيئات الديبلوماسية والقضائية في الدول العربية في تزايد مستمر.
وحول دور المؤسسات المدنية العاملة في مجال المرأة والمجتمعات النسائية في العمل على تحسين دورها مجتمعيا وسياسيا قالت «هو دور بالغ الأهمية بطبيعة الحال فالقضايا الاجتماعية اليوم قد أضحت من الاتساع والتعقيد بمكان حتى ان التعامل معها يستلزم تضافر جميع الجهود الرسمية وغير الرسمية» موضحة انه داخل المجتمع المدني تظهر المرأة كفاعل نشط إضافة الى كونها مستفيدا.