مريم بندق
اعتمد مجلس الوزراء مشروع قانون بتعديل المادة 200 مكرر من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية رقم 17 لسنة 1960. وقالت مصادر قانونية رفيعة في تصريحات خاصة لـ «الأنباء» ان التعديل نص في المادة الأولى على أن يستبدل بنص المادة 200 مكرر من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية المشار اليه النص التالي: لكل من النائب العام او من يفوضه من المحامين العامين من تلقاء نفسه
او بناء على طلب الادعاء العام وللمحكوم عليه والمسؤول عن الحقوق المدنية او المدعي بها الطعن في الاحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة بعقوبة الحبس او الغرامة التي تزيد على 1000 دينار والأحكام الصادرة في جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة او الشروع فيها
او في جرائم القتل او الإصابة الخطأ. وأضافت المصادر: والأحكام الصادرة بعقوبة الغلق او الإزالة او المصادرة وذلك امام محكمة الاستئناف بهيئة التمييز طبقا للحالات والمواعيد والإجراءات المقررة للطعن بالتمييز في الطعون الجزائية المنصوص عليها في القانون رقم 40 لسنة 1972 وتكون الأحكام الصادرة فيها غير قابلة للطعن فيها امام محكمة التمييز.
«الدستورية» تتيح الطعن على القرارات الإدارية وتعطي الفرصة لتمييز الجنح في حالات الغرامة بعد أن كانت مقصورة على الأحكام بالحبس
مؤمن المصري
أتاحت المحكمة الدستورية امس برئاسة المستشار يوسف المطاوعة الفرصة أمام المواطنين الطعن في القرار الإداري بكل أشكاله، بعد ان قضت بعدم دستورية المادة الـ 9 من القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الأندية وجمعيات النفع العام والتي تنص على انه «لا يجوز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل او التظلم منه بأي طريق من طرق الطعن أمام القضاء». كما أعطت المحكمة الحق في الطعن أمام محكمة التمييز في حالة الجنح إذا ما قضت محكمة الاستئناف بالغرامة حيث كان هذا الحق مقصورا فقط على من يتم الحكم عليه بالحبس.
وقضت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته المادة 200 مكررا من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية والتي تنص على أنه «لكل من النائب العام او من يفوضه من المحامين العامين من تلقاء نفسه او بناء على طلب الادعاء العام، وللمحكوم عليه والمسؤول عن الحقوق المدنية أو المدعي بها الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة بعقوبة الحبس أمام محكمة الاستئناف العليا ـ بهيئة تمييز ـ وفقا للحالات والمواعيد والإجراءات المقررة للطعن بالتمييز والطعون الجزائية المنصوص عليها في القانونين رقمي 17 لسنة 1960 و40 لسنة 1972، وتكون الأحكام الصادرة فيها غير قابلة للطعن بالتمييز.
«الدستورية» تقرر عدم دستورية المادة 9 من قانون الأندية وجمعيات النفع العام
قضت المحكمة الدستورية أمس برئاسة المستشار يوسف المطاوعة بعدم دستورية المادة 9 من القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الأندية وجمعيات النفع العام المستبدلة بموجب المرسوم بقانون رقم 75 لسنة 1988 من النص على أنه «لا يجوز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل أو التظلم منه بأي طريق من طرق الطعن أمام القضاء».
كان الناشط السياسي ناصر الشليمي قد أقام دعوى إدارية اختصم فيها كلا من رئيس مجلس الوزراء بصفته ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل بصفته بطلب الحكم بإلغاء القرار السلبي الصادر من وزير الشؤون الاجتماعية بالامتناع عن إشهار الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال الشليمي إنه أسس وآخرون الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني وفقا لأحكام القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الأندية وجمعيات النفع العام وقد تم انتخابه رئيسا لمجلس إدارتها.
وقد تقدم الشليمي إلى وزير الشؤون بطلب إشهار الجمعية وفقا للقانون المشار إليه، فوافق الوزير على الطلب وأحاله إلى مجلس الوزراء لاتخاذ اللازم وإصدار موافقته على تأسيس الجمعية. ولكنه لم يتلق ردا على طلبه بالموافقة أو الرفض، وهو ما يشكل قرارا سلبيا بالامتناع مما يجوز معه الطعن عليه بالإلغاء لذا فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان.
كما قضت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته المادة 200 مكرر من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية والتي تنص على «لكل من النائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الادعاء العام، وللمحكوم عليه والمسؤول عن الحقوق المدنية أو المدعي بها الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة بعقوبة الحبس أمام محكمة الاستئناف العليا ـ بهيئة تمييز ـ طبقا للحالات والمواعيد والإجراءات المقررة للطعن بالتمييز والطعون الجزائية المنصوص عليها في القانونين رقمي 17 لسنة 1960 و 40 لسنة 1972 وتكون الأحكام الصادرة فيها غير قابلة للطعن بالتمييز.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها:
لما كان النص لم يجز للمحكوم عليه الطعن امام محكمة الاستئناف ـ بهيئة تمييز ـ في الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة اذا كان بعقوبة الغرامة، بينما اتاح الطعن بذلك الطريق للمحكوم عليه اذا كان الحكم صادرا بعقوبة الحبس شأنه في ذلك شأن المسؤول عن الحقوق المدنية او المدعى بها في الحالتين، فانه يكون بذلك قد مايز في مجال ممارسة حق التقاضي بين المواطنين المتكافئة مراكزهم القانونية ـ دون ان يستند هذا التمييز الى أسس موضوعية تقتضيه ـ بما يناهض مبدأ مساواة المواطنين امام القانون، ويعد انتقاصا لحق التقاضي في محاكمة قانونية منصفة تؤمن فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، مما يخالف نص المادتين 29 و34 من الدستور، ولا يقيل هذا النص من عثرته التذرع بأن قصر الطعن على الاحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة بعقوبة الحبس «فقط» من شأنه تيسير اجراءات التقاضي وتحقيق السرعة في حسم الانزعة، او انها عقوبة قليلة الاهمية، ذلك ان لحق التقاضي غاية نهائية تتمثل في الترضية القضائية التي يتناضل المتقاضون من اجل الحصول عليها بجبر الاضرار التي اصابتهم من جراء الاعتداء على حقوقهم التي يطالبون بها، فاذا حد المشرع منها بقيود تعسر الحصول عليها، او تحول دونها، كان ذلك اخلالا بالحماية التي كفلها الدستور لهذا الحق، ووجب على المحكمة بسط رقابتها اعلاء لمبدأ الشرعية الدستورية.
وقائع الحكم بعدم دستورية المادة 9
حيث ان حاصل الوقائع - حسبما يبين من حكم الاحالة وسائر الاوراق - ان المطعون ضده (ناصر رفاعي محمد الشليمي) اقام على الطاعنين الدعوى رقم 1950 لسنة 2010 اداري/2 بطلب الحكم - وفقا لتكييف محكمة اول درجة لطلباته - بإلغاء القرار السلبي الصادر من (الطاعن الثاني) بالامتناع عن اشهار الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الاداء البرلماني، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبيانا لذلك قال انه اسس وآخرون الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الاداء البرلماني وفقا لاحكام القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الاندية وجمعيات النفع العام، وتم انتخابه رئيسا لمجلس اداراتها، وقد تقدم الى (الطاعن الثاني) بطلب اشهار الجمعية وفقا للقانون المشار اليه، فوافق على الطلب وأحاله الى مجلس الوزراء لاتخاذ اللازم واصدار موافقته على تأسيس الجمعية، واذ لم يتلق ردا على طلبه بالموافقة او الرفض، وهو ما يشكل قرارا سلبيا بالامتناع، مما يجوز معه الطعن عليه بالالغاء، لذا فقد اقام دعواه بطلباته سالفة البيان.
وبتاريخ 11/5/2011 حكمت محكمة اول درجة بالغاء القرار السلبي الصادر من (الطاعن الثاني) بالامتناع عن اشهار الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني، مع ما يترتب على ذلك من آثار، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 1593 لسنة 2011 اداري/3 وبتاريخ 26/11/2013 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 1720 لسنة 2013 اداري/1 واقاما طعنهما على سبب حاصله ان المشرع جعل لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل بموجب المادة 9 من القانون رقم 24 لسنة 1962 سالف الذكر الحق في رفض تسجيل الجمعية، على ان يخطر المؤسسين بهذا القرار خلال موعد لا يجاوز تسعين يوما، ويعتبر فوات هذا الميعاد دون رد بمثابة رفض للطلب، ما يؤكد انتفاء وجود القرار السلبي بالامتناع، وان قرار الرفض - وفقا لهذه المادة - لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء. واذ ارتأت محكمة التمييز ان ما تضمنته المادة 9 المشار اليها من عدم جواز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل او التظلم منه بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء يثير شبهة عدم الدستورية لمخالفته نص المادة 166 من الدستور فقد قضت بجلسة 24/12/2014 بوقف نظر الطعن وبإحالة الامر الى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية ما ورد بنص هذه المادة متعلقا بهذا الشأن.
وعقب ورود ملف القضية الى ادارة كتاب هذه المحكمة، تم قيدها في سجلها برقم 4 لنسة 2015 «دستوري» وجرى اخطار ذوي الشأن بذلك، واودعت ادارة الفتوى والتشريع مذكرة بدفاع الحكومة طلبت في ختامها رفض الدعوى.
وقد نظرت هذه المحكمة الدعوى على الوجه المبين بمحاضر جلساتها، وقدم (المطعون ضده) مذكرة طلب في ختامها الحكم بعدم دستورية ما ورد بنص المادة المذكورة، وقدمت ادارة الفتوى والتشريع مذكرة صممت فيها على طلباتها، وقررت المحكمة اصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
حيث ان اجراءات الاحالة الى هذه المحكمة قد استوفت اوضاعها المقررة قانونا.
وحيث ان المادة 9 من القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الاندية وجمعيات النفع العام المستبدلة بموجب المرسوم بالقانون رقم 75 لسنة 1988 تنص على انه: «لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل رفض تسجيل الجمعية، وعليه اخطار المؤسسين برفض التسجيل خلال موعد لا يجاوز تسعين يوما من تاريخ تقديم الطلب، ويعتبر فوات هذا الميعاد دون رد من الوزير بمثابة رفض للطلب.
ويجود التظلم من قرار الرفض امام مجلس الوزراء خلال ثلاثين يوما من تاريخ الاخطار بالرفض او فوات الميعاد المنصوص عليه في الفقرة السابقة.
ولا يجوز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل او التظلم منه وكذلك القرارات المنصوص عليها في المادتين 27 و27 مكرر 1 بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء.
وحيث انه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - ان نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق النص الوارد بحكم الاحالة، وفي الحدود التي ارتأت فيها المحكمة المحلية وجود شبهة بعدم دسوريته لمخالفته نصا في الدستور.
لما كان ذلك، وكان الواضح من حكم الاحالة - في الدعوى الماثلة - انه قد انصب على قيام شبهة بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة 9 من القانون المشار اليه من النص على عدم جواز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل
أو التظلم منه بأي طريق من طريق الطعن أمام القضاء، وبالتالي فإن نطاق الدعوة الدستورية يكون مقتصرا على ما وجه من عيب في هذا الصدد، دون مجاوزة ذلك النطاق.
وحيث ان مبنى النعي على نص هذه المادة ـ حسبما يبين من حكم الإحالة ـ ان العبارة الواردة بالفقرة الثالثة منها قد جاءت قاطعة الدلالة على عدم جواز الطعن على القرار الصادر برفض تسجيل الجمعية او التظلم منه بأي طريق من طريق الطعن أمام القضاء، فإنها تكون بذلك قد عصمت هذه القرارات ـ وهي قرارات إدارية صادرة عن الجهة الإدارية وهي بصدد مباشرة سلطتها العامة ـ من الطعن فيها بالإلغاء، وحصنتها من رقابة القضاء الإداري عليها، ومنعت الأفراد من طلب الإنصاف باللجوء إلى قاضيهم الطبيعي وأسبغت الحماية عليها بقطع النظر عن مدى مشروعيتها، مما يثير شبهة عدم دستوريتها لمخالفتها نص المادة 166 من الدستور.
وحيث ان هذا النعي سديد، ذلك ان الدستور الكويتي حرص على النص في المادة 166 منه على كفالة حق التقاضي للناس كافة، كمبدأ دستوري أصيل، والمستفاد من هذا المبدأ هو حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو تصرف أو قرار من الطعن عليه، وأنه وإن كان لا تناقض بين هذا الحق وبين جواز تنظيمه تشريعيا، إلا أن ذلك مشروط بألا يتخذ المشروع من هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق أو إهداره، كما تضمن الدستور النص في المادة 29 منه على أن الناس متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة.
لما كان ذلك، وكان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفل الدستور المساواة فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه وهو قيام المنازعة على حق من حقوق أفرادها ينطوي على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من الأفراد الذين لم يحرموا من هذا الحق، ولا ريب في أن الدستور إذا حدد وسيلة معينة هي المطالبة القضائية للوصول إلى الحق تعين التزام هذه الوسيلة، ولا يجوز للسلطة التشريعية أن تهدرها، فالدستور إذ انشأ السلطة القضائية وأسند إليها الفصل في الخصومات القضائية وإقامة العدل بين الناس في حيدة وتجرد مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، فإنه لا يتأتى للسلطة القضائية ان تباشر هذه الوظيفة التي اسندها إليها الدستور، إلا إذا تمكن الأفراد من ممارسة وسيلة المطالبة القضائية، وبالتالي فإن كل تقيد لوسيلة المطالبة القضائية هو في حقيقته تقييد لوظيفة السلطة القضائية في مزاولة اختصاصها بما ينطوي ذلك على تعارض مع مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في المادة 50 من الدستور، وإهدار للحقوق ذاتها التي كفلها الدستور.
وحيث ان قيام قضاء إداري يختص بنظر الخصومات الإدارية، له ولاية إلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون، وولاية التعويض عنها، هو ركن أساسي في النظام الدستوري، وقد تضمنه نص صريح في المادة 169 من الدستور، محددا بذلك الوسيلة القانونية للمطالبة القضائية، دعما للضمانة الأصيلة التي يحققها للأفراد إذا حافت بهم تلك القرارات. وكان ما يصدر عن وزير الشؤون الاجتماعية والعمل من قرارات برفض تسجيل جمعيات النفع العام لا تعدو أن تكون قرارات إدارية، وقد عصم نص الفقرة الثالثة من المادة 9 من القانون رقم 23 لسنة 1963 المشار إليه القرار الصادر برفض التسجيل أو التظلم منه من الطعن عليه، ومنع الأفراد بذلك من ممارسة حقهم الدستوري بالتقاضي، وأسبغ الحماية عليه بقطع النظر عن مدى مشروعتيه، وأغلق باب المنازعة القضائية في شأنه بما يتيح لجهة الإدارة التحرر من قيود القانون والتزام احكامه وضوابطه، وحصن هذا القرار من رقابة القضاء الاداري عليه. وإذ حجب النص الطعين القضاء عن نظر الطعن على هذا القرار، مما يمثل اخلالا بحق التقاضي، وخروجا على مبدأ المساواة، وتعارضا مع مبدأ فصل السلطات، ومجافيا لتصحيح أحكام الدستور المنصوص عليها في المواد 29 و50 و166، ومن ثم فقد حق القضاء بعدم دستوريته.
وقائع الحكم بعدم دستورية المادة 200
أقام الطاعن خالد عيسى الصالح طعنا بطريق الادعاء المباشر وذلك بموجب صحيفة اودعت ادارة كتاب هذه المحكمة بتاريخ 9/11/2014، حيث قيدت في سجلها برقم 2 لسنة 2014، طالبا القضاء بعدم دستورية المادة «200 مكرر» من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية، على سند من ان الادعاء العام اقام ضده الجنحة رقم 2305 لسنة 2008 بلدية بوصف:
1- عدم مراجعة ادارة السلامة قبل مباشرة العمل.
2- عدم الاحتفاظ بالترخيص في موقع العمل بصفة دائمة.
3- اقامة منشآت وسور حول موقع العمل دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة، ولدى نظر القضية ادعت ضده بلدية الكويت بطلب الزامه بتعويض مدني مقداره 37.631.020 دينارا وبتاريخ 30/3/2009 قضت المحكمة غيابيا بتغريمه الف دينار عما اسند اليه وألزمته بالتعويض المدني المطلوب وتأييد هذا الحكم بتاريخ 16/1/2012 في المعارضة التي اقامها ومن بعد ذلك في الاستئناف رقم 2456 لسنة 2012 جنح مستأنفة بتاريخ 8/9/2014، فلم يكن امامه مناص الا الطعن بطريق التمييز على الحكم المشار اليه، ثم رفع طعنا مباشرا امام هذه المحكمة قيد في سجلها برقم 2 لسنة 2014 «غرفة مشورة» بعدم دستورية نص المادة «200 مكرر» من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية تأسيسا على ان ما تضمنه نص هذه المادة يعد مانعا له من الطعن بالتمييز في الحكم الصادر عليه بعقوبة الغرامة، واذ عرض هذا الطعن على المحكمة بتاريخ 11/5/2015 في غرفة المشورة قررت تحديد جلسة 8/6/2015 لنظره، وتم قيد الطعن في سجل المحكمة برقم 12 لسنة 2015 طعن مباشر دستوري وبعد اخطار ذوي الشأن اودع الطاعن مذكرة طلب في ختامها الحكم بطلباته سالفة البيان وقدمت النيابة العامة مذكرة بالرأي لتعلق المنازعة الدستورية بنص جزائي عملا بالمادة 15 من لائحة المحكمة الدستورية وانتهت فيها الى عدم دستورية المادة 200 مكرر من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية.
وقد نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بمحضر جلستها وقررت اصدار الحكم فيه بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث ان المادة 200 مكرر من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية المطعون عليها تنص على ان لكل من النائب العام او من يفوضه من المحامين العامين من تلقاء نفسه او بناء على طلب الادعاء العام وللمحكوم عليه والمسؤول عن الحقوق المدنية او المدعي بها الطعن في الاحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة بعقوبة الحبس، امام محكمة الاستئناف العليا بهيئة تمييز طبقا للحالات والمواعيد والاجراءات المقررة للطعن بالتمييز والطعون الجزائية المنصوص عليها في القانونيين رقمي 17 لسنة 1960 «40» لسنة 1972 والمرسوم بالقانون رقم 38 لسنة 1980 المشار اليه.
وتكون الاحكام الصادرة فيها غير قابلة للطعن فيها امام محكمة التمييز.
وحيث ان من مبنى النعي على هذا النص - حسبما ورد بصحيفة الطعن - انه قد انطوى على اخلال بمبدأ المساواة والانتفاض من حق التقاضي، وضمانات الدفاع، اذ انه قد اقام تفرقة غير مبررة بين الشخص الصادر ضده حكم بعقوبة الحبس والشخص الصادر
ضده حكم بعقوبة الغرامة، فقصر الحق في الطعن امام محكمة الاستئناف ـ بهيئة تمييز ـ في الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة على الأحكام الصادرة بعقوبة الحبس، بينما حجب هذا الحق عن الشخص المحكوم عليه بعقوبة الغرامة شأنه في ذلك شأن المسؤول عن الحقوق المدنية أو المدعي بها، على الرغم من ان الآثار المدنية المترتبة على الحكم الصادر بعقوبة الغرامة هي ذات الآثار المدنية المترتبة على عقوبة الحبس، وفي بعض الأحوال قد تكون أشد وطأة وأوخم عاقبة مما يرتبه الحكم بالحبس، وهو ما يتناقض حق التقاضي ويخل بالضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، ويعارض مع مبدأ المساواة بالمخالفة للمادتين 29 و34 من الدستور.
وحيث ان هذا النعي سديد ذلك انه من المستقر عليه ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ انه ليس هناك من تناقض بين حق التقاضي ـ كحق دستوري أصيل ـ وبين تنظيمه تشريعيا، الا ان ذلك مشروط بألا يتخذ المشرع من هذا التنظيم وسيلة الى حظر هذا الحق أو إهداره.
وحيث ان مبدأ مساواة المواطنين امام القانون المنصوص عليه في المادة 29 من الدستور بحسبانه ركزية أساسية للحقوق والحريات على اختلافها وأساسا للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، فلا يقتصر مجال إعماله على ما كفله الدستور من حقوق بل يمتد كذلك الى تلك التي يقررها القانون.
وحيث ان الدستور بما نص عليه في المادة 34 من ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، قد دل على ان حق المتهم في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، هو في أصل شرعته حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد الاعتداء على حقوقهم دفاعا عن مصالحهم الذاتية، وان الناس جميعا لا يتمايزون بينهم في مجال حقهم في مجال النفاذ الى قاضيهم الطبيعي، ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعي بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، وصولا الى محاكمة قانونية متصفة تؤمن فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، اذ ينبغي دوما ان يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء في مجال اقتضائها أو ادفاع عنها أو الطعن على الأحكام الصادر فيها.
لما كان ذلك، وكان النص الطعين لم يجز للمحكوم عليه الطعن امام محكمة الاستئناف ـ بهيئة تمييز ـ في الحكم الصادر من محكمة الجنح المستأنفة اذا كان بعقوبة الغرامة، بينما أتاح الطعن بذات الطريق للمحكوم عليه اذا كان الحكم صادرا بعقوبة الحبس، شأنه في ذلك شأن المسؤول عن الحقوق المدنية أو المدعي بها في الحالتين، فإنه يكون بذلك قد مايز في مجال ممارسة حق التقاضي بين المواطنين المتكافئة مراكزهم القانونية ـ دون ان يستند هذا التمييز الى أسس موضوعية تقتضيه ـ بما يناهض مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، ويعد انتقاصا لحق التقاضي في محكمة قانونية منصفة تؤمن فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، مما يخالف نص المادتين 29 و34 من الدستور، ولا يقيل هذا النص من عثرته التذرع بأن قصر الطعن على الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة بعقوبة الحبس (فقط) من شأنه تيسير إجراءات التقاضي وتحقيق السرعة في حسم الأنزعة أو انها عقوبة قليلة الأهمية، ذلك ان لحق التقاضي غاية نهائية تتمثل في الترضية القضائية التي يتناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها بجبر الأضرار التي اصابتهم من جراء الاعتداء على حقوقهم التي يطالبون بها، فإذا حد المشرع منها بقيود تعسر الحصول عليها، أو تحول دونها، كان ذلك إخلالا بالحماية التي كفلها الدستور لهذا الحق، ووجب على المحكمة بسط رقابتها إعلاء لمبدأ الشرعية الدستورية.
وترتيبا على ما تقدم واذ كان نص المادة (200 مكرر) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية فيما تضمنه من قصر الحق في الطعن أمام محكمة الاستئناف بهيئة تمييز على الأحكام الصادرة بعقوبة الحبس يناقض مبدأ المساواة بين المتماثلين في ذات المراكز، وينتقص من حق التقاضي، ويخل بضمانات الدفاع مما يصم هذا النص مخالفته لأحكام المادتين 29 و34 من الدستور، ومن ثم فقد حق القضاء بعدم دستوريته.