- تعديل التشريعات الجزائية وتوفير ملاجئ للمعنفات وإقرار قانون لتجريم العنف المنزلي أبرز توصيات الندوة
- الحويلة: الطفل لا يولد وبيده «ساطور» ويكتسب سلوك العنف من الأسرة والمجتمع
- الجليبي: آلية إثبات وتقديم الشكوى للمرأة في البلاد غير كافية لحمايتها
آلاء خليفة
«ضرورة تعديل التشريعات الجزائية التي أباحت العنف الأسري وأعطت الحق في تأديب الرجل للمرأة، وإيجاد خط ساخن لاستقبال الحالات المعنفة أسريا، والسعي إلى توفير ملاجئ للمعنفات، وضرورة إقرار قانون لتجريم العنف المنزلي وتحديد آلية للشكوى والإثبات»، كانت تلك أبرز التوصيات التي خرجت بها ندوة «العنف الأسري في الكويت.. الواقع والتطلعات» التي نظمتها مساء أول من أمس في فندق سويس بل بلازا، الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان بالتعاون مع الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية وجمعية المحامين الكويتية وجمعية العمل الاجتماعي والرابطة الوطنية للأمن الأسري (رواسي) ومبادرة رائدات السلام، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة حيث وقد رفعت توصيات الندوة إلى لجنة المرأة والطفل في مجلس الأمة وبالتحديد لرئيس اللجنة النائب صالح عاشور.
الندوة التي أدارتها عضو الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية المحامية عذراء الرفاعي، بدأت بحديث مديرة إدارة شؤون الإرشاد النفسي والاجتماعي بمكتب الإنماء الاجتماعي التابع لديوان سمو رئيس مجلس الوزراء د.وفاء العرادي، والتي أشارت إلى أن «مكتب الإنماء من خلال مشروع الكويت الوطني لحماية الطفل من العنف وسوء المعاملة رصد خلال العام الحالي 7 حالات عنف لأطفال (أناث) تعرضن لتحرشات جنسية واغتصاب وضرب بدني وعنف نفسي.
وأوضحت العرادي أن «الحالات رصدت بالتعاون مع وزارة الصحة وهي اقل من العام الماضي الذي شهد 17 حالة عنف»، مبينة ان «الجمعية العامة للأمم المتحدة في إعلانها العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة وضع تعريفا واضحا للعنف بانه «كل فعل قائم يتسم بالعنف ويقوم على أساس النوع ويحتمل أذى بدنيا أو جنسيا أو نفسيا بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا السلوك أو الإكراه التعسفي».
وبينت انه «وفقا للدراسات النفسية والاجتماعية الأخيرة المهتمة بظاهرة العنف ضد المرأة فقد أشارت إلى أن نسب العنف اختلفت من دولة إلى أخرى، حيث سجلت كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وكندا وسويسرا ما نسبته 29% بينما سجلت كمبوديا 16% وتايلند 20% وكوريا 38% والهند 18 45% ومصر 35% والبحرين 29%.
من جانبها، ذكرت أستاذة علم النفس في جامعة الكويت وعضو الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان ورئيس مركز الأسرة للاستشارات النفسية والاجتماعية د.أمثال الحويلة: «ان المشهد التمثيلي الذي قدمه مجموعة من طلبتي خلال الندوة يحمل بين طياته رسائل للمسؤولين بوقف العنف والدعوة إلى التسامح والمحبة».
وقالت الحويلة: «العنف موجود منذ الخليقة ولعل في قصة هابيل وقابيل خير مثال على ذلك وإن كنا لا نعلم حقيقة إن كانت ظاهرة أم مشكلة بسبب غياب الإحصائيات العلمية الدقيقة»، موضحة انها «تعمل حاليا مع وزارة الشباب لإجراء مسح وطني شبابي على مستوى 5 اسر كويتية لعمل إحصائيات حديثة لقياس المشاكل الاجتماعية بشكل عام ومن بينها العنف»، موضحة ان «العنف هو سلوك يستخدم خلاله القوة البدنية والألفاظ والتصرفات غير اللائقة»، لافتة إلى أن «الشخص العنيف يعاني من خلل في التنشئة الاجتماعية يجعله يلجأ للسلوك العدواني».
وأشارت إلى أن الطفل لا يولد وبيده «ساطور» ولكن سلوك العنف مكتسب يكتسبه خلال وجوده في المجتمع والأسرة، مشددة على أن «العنف الأسري أحد أنواع العنف الموجودة في المجتمع، وكل الديانات السماوية تدعو للسلام والرفق واللين وترفض العنف بكل أشكاله وصوره، وهناك الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة تدعو إلى الحكمة والموعظة الحسنة والعفو عند المقدرة».
وبينت الحويلة ان «آثار العنف تمتد على مدى سنوات طويلة، فتكرار المشاكل الزوجية تؤثر سلبيا على حياة الطفل وعلى أدائه السلوكي النفسي والأخلاقي والاجتماعي والتربوي».
من جانبها، عرفت مديرة مركز حقوق الإنسان في جمعية المحامين المحامية شيخة الجليبي العنف المنزلي بأنه «استخدام للقوة بطريقة غير شرعية من شخص بالغ في الأسرة أو العائلة ضد أفراد آخرين»، إضافة إلى اعتبارها جميع أشكال الإهمال والحرمان العاطفي الذي لا يستخدم القوة ولا يترتب عليه أذى مادي ملموس من أنماط العنف المنزلي.
وقالت: «إن منظمة العفو الدولية ذكرت في إحدى تقاريرها السنوية الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي أن العنف العائلي سلوك شائع في هذه الدول ويطول النساء في مراحل مختلفة من حياتهن، وطالبت المنظمة حكومات دول مجلس التعاون باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف العنف المنزلي ضد النساء دون إغفال العنف الممارس على العمالة المنزلية».
وأفادت الجليبي بأن من «أنماط العنف المنزلي الذي تعانيه النساء في الكويت خلال مراحل حياتهن المختلفة والتي جرمها قانون الجزاء في نصوصه الضرب والاختطاف والاحتجاز بالإضافة إلى جرائم الشرف ومواقعة المحارم إلا أن آلية تقديم الشكوى وآلية الإثبات غير كافية لحماية المرأة منه».
وأوضحت ان «ضرب النساء هو كل فعل من شأنه إلحاق أذى أو أخل بحرمة جسد صادر من الرجل ضد زوجته، بناته، أخواته، والقانون جرم ضرب النساء في المواد 160 الى 163 من قانون الجزاء وتراوحت العقوبة من 3 شهور إلى 10 سنوات حبس». وأوصت بضرورة «إقرار قانون لتجريم العنف المنزلي وتحديد آلية للشكوى والإثبات فالقانون لم يمنعها من تقديم الشكوى ولكن لم ينصفها في آلية تقديم الشكوى، وتوفير مراكز استماع ومراكز لإيواء النساء المعنفات لتأهيلهن وإعادة اندماجهن في المجتمع، وإنشاء مراكز للبحوث والإحصاء لرصد المشكلة رسميا بالإضافة إلى توعية النساء بحقوقهن القانونية للحد من ظاهرة العنف المنزلي».
وانتقل الحديث إلى رئيس برنامج المرأة والتنمية الاجتماعية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سحر الشوا التي قالت: إن الجمعية العامة للأمم المتحدة حددت 25 نوفمبر من كل عام «اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة»، مؤكدة «ان العنف ضد المرأة هو انتهاك لحقوق الإنسان، وهو نتيجة للتمييز ضد المرأة في القانون، وكذلك في الممارسة العملية، ونتيجة لاستمرار عدم المساواة بين الرجال والنساء».
ولفتت إلى أن «العنف ضد النساء يؤثر ويعيق التقدم في العديد من المجالات، بما في ذلك القضاء على الفقر، ومكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، والسلام والأمن».
وتابعت: «فلا يزال العنف ضد المرأة يشكل وباء عالميا وقد أطلق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حملته لتستمر عدة سنوات في فبراير 2008 والتي اتخذت عنوانا لها: «اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة» والتي تدعو الحكومات والمجتمع المدني والمنظمات النسائية والشباب والقطاع الخاص ووسائل الإعلام ومنظومة الأمم المتحدة إلى التضافر في التصدي للآفة العالمية لارتكاب العنف ضد المرأة والفتاة».
ولفتت الشوا إلى أن حملة الأمم المتحدة السنوية «تمتد لمدة 16 يوما، وهي الفترة الممتدة من الاحتفال باليوم الدولي لإنهاء العنف ضد المرأة وحتى يوم الاحتفال بيوم حقوق الإنسان في 10 ديسمبر وتستخدم الحملة اللون البرتقالي، بهدف رفع الوعي بشأن العنف ضد المرأة».
وأشارت إلى «أهداف الحملة المتمثلة في إصدار وإنفاذ قوانين وطنية للتصدي لجميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة والمعاقبة عليها واعتماد وتنفيذ خطط عمل وطنية متعددة القطاعات بالإضافة إلى تعزيز جمع البيانات عن انتشار العنف ضد المرأة والفتاة وزيادة الوعي العام والتعبئة الاجتماعية والتصدي للعنف الجنسي أثناء الصراعات».
وسلطت الشوا الضوء على إعلان المرأة الكويتية لعام 2014 والذي شدد على مساواة المرأة بالرجل وحمايتها من كل أنواع العنف.
كما شددت على دور المجتمع المدني للدفاع عن قضايا المرأة العربية عموما ودوره في الكويت في دعم المرأة من خلال «تنسيق الجهود بين الجمعيات وبين المؤسسات المهتمة بالمرأة، والتوعية بضرورة القضاء على العنف ضدها».
من جانبه، أكد مدير إدارة التأهيل المهني للمعاقين بوزارة الشؤون الاجتماعية ماجد الصالح «أن العنف موجود وتداعياته خطيرة على المجتمع الكويتي»، لافتا إلى أن «الأردن والمغرب لديهما قوانين تجرم العنف الأسري»، متحدثا عن «دراسة في الأردن أعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة وجد أن اكثر أنواع العنف المستخدم هو العنف الأسري بحيث وصلت نسبته إلى 86% بالرغم من وجود قانون وتشمل اكثر حالات التعنيف الأسري الضرب والسب والتحقير والحرمان من المال».
واوضح أن من «أسباب العنف الأسري ضعف الوازع الديني وغياب مراقبة الله في أفعالنا، بالإضافة إلى التربية والتنشئة الاجتماعية، مشيرا إلى «أن غياب الاحترام داخل الأسرة يؤدي لتفاقم المشكلة وأيضا غياب ثقافة الحوار في الأسرة ومحاولة إلغاء الآخر»، موجها النصيحة «بعمل دورات تدريبية تأهيلية قبل الزواج سواء للرجل أو المرأة وأيضا ضرورة توافق المعايير بين الزوجين، موضحا ان «الظروف الاقتصادية تلعب دورا في زيادة العنف الأسري بما يؤدي لتهديد كيان المجتمع ونشوء الأمراض الاجتماعية وتطورها إلى سلوكيات إجرامية لا تحمد عقباها».
والحلول من وجهة نظر الصالح «تعزيز دور الإرشاد الديني، والوعي، ودور أئمة المساجد والتأكيد على أهمية التراحم والتسامح، بالإضافة إلى أهمية الحاق المتسببين في العنف ببرامج التأهيل النفسية والاجتماعية، وأيضا تدخل الدولة في نزع الولاية من الشخص الذي يثبت عدم كفاءته في الأسرة ونحتاج إلى تنوير المجتمع وتوعيته بخطورة مشكلة العنف».
وطالب «بعمل خطوط ساخنة بين الجهات الاستشارية المتاحة مع أصحاب الضحايا للمساهمة في الحد من ظاهرة العنف»، مشددا على «أهمية وسائل التواصل الاجتماعي ودور وسائل الإعلام المختلفة والمسلسلات في التوعية بخطورة انتشار مشكلة العنف وإيجاد الحلول للقضاء عليها وضرورة وضع برامج تثقيفية للمقبلين على الزواج حول ضبط النفس والعمل على إشباع احتياجات الأسرة النفسية والاجتماعية والسلوكية والمادية وأيضا ضرورة إدراج مشاكل الأسرة ضمن المناهج وجعل بيئة المدارس خالية من العنف».
ومن ثم تحدث منسق برنامج مناهضة العنف ضد المرأة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الأردن عبدالفتاح ناجي عن مواجهة العنف ضد المرأة، موضحا «أن 40% إلى 70% من النساء تعرضن للعنف وفقا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية وتتعرض النساء لخطر العنف أكثر من حوادث السير والسرطان والحروب»، لافتا إلى أن من 40 إلى 70% من النساء ضحايا قتل في أميركا واستراليا وكندا وجنوب أفريقيا، مبينا انه في كولومبيا مثلا تقتل امرأة كل 6 أيام على يد شريكها.
وأوضح أن «ثلثي دول العالم حظرت العنف الأسري، و52 دولة جرمت الاغتصاب الزواجي، وملياري و600 مليون امرأة في دول العالم لا تعتبر الاغتصاب الزواجي جريمة معاقب عليها».
وأضاف انه هناك 5000 جريمة شرف تحدث سنويا و80% من النساء ضحايا الاتجار بالبشر، ووفقا للدراسات في 2014 فإن الأردنيات يتصدرن ترتيب النساء بتبريرهن الضرب من قبل أزواجهن.