- الشليمي: تقرير «الخارجية الأميركية» فيه أمور صحيحة كالاتجار بالبشر واضطهاد «البدون»
- العبيسان: التعامل مع التقرير الأميركي بشكل جماعي وإقليمي إذا تحدثوا عن الإرهاب
محمد راتب
رفض النائب د. فيصل المسلم ما ورد في التقرير الذي أصدرته الخارجية الأميركية مؤخرا بشأن الكويت، معتبرا أن أي نقد توجهه أميركا لأحد، فإنها تعاني من عشرات أضعافه، مثل تجارة البشر، قائلا: «نحن نقبل النصح، ولكن لا نقبل استغلال الذرائع، ونرفض التشويه للعمل الخيري في الكويت سواء من حكومة أو جهات أو أفراد والتشويه المستمر للجمعيات الخيرية من دون أدلة»، معتبرا أنه لا يوجد مبرر قانوني لكشف وزارة الشؤون عن حسابات الجمعيات الخيرية لدولة أخرى.
جاء ذلك في الندوة التي أقيمت مساء أمس الأول في إحدى الديوانيات بمنطقة الأندلس، تحت عنوان «التقارير الأميركية بين النصح والذرائع» بحضور الناشط السياسي خالد الشليمي، ورئيس المرصد الكويتي لتأصيل الديموقراطية، مطلق العبيسان، دعا المسلم إلى أن يكون الموقف الخارجي الكويتي موحدا ومتكاملا خاصة فيما يتعلق بالعراق، مهما كان هناك خلافات حول القضايا الداخلية وصراعات في وجهات النظر، وقال: «إن ما يؤلمنا اليوم أن يكون موقف أحد النواب سلبيا، وأن يسجل موقفا يردده الساسة العراقيون من قبل»، معتبرا أن ذلك «لعب بمصالح دولة وآلام شعب ومستقبل أمة على أساس مصالح انتخابية» رافضا ربط مشكلة ديون المواطنين بديون العراق.
المصلحة الأميركية
وقال المسلم: أميركا اليوم هي الإمبراطور الوريث لجميع الإمبراطوريات في العالم، ولم يقربها منا إلا مصالحها، ولا يبقيها معنا إلا مصالحها ولا يذهبها عنا إلا مصالحها، والأخلاق لا تفكر بها أميركا، معتبرا أن التغير الأخير في المواقف الأميركية حول مسألة العراق منطلقه من المصلحة الأميركية. وقال: ان من الخطأ حدوث حساسية لدى البعض جراء هذه التقارير، حيث ان أميركا تنقد من الداخل بصورة أشد من الخارج، واليوم هناك آلاف القضايا ترفع ضد أوباما حول تزوير شهادة ميلاده، وهو رئيس أميركي، فما بالك بالشؤون العامة والسياسات؟ وأميركا لا تخجل في انتقادنا بالتقارير. وأضاف: نحن نقدر الموقف الأميركي ونقدر المعروف أيا كان صاحبه، ولكننا لسنا عبيدا لأحد إلا لله، مع يقيننا الكامل بأن هذا المعروف تبادل مصالح، وايضا لا يمنع نقده بشدة إذا استدعى الأمر، وموقف أميركا من الإسلام والقضية الفلسطينية والقدس هو موقف الحاضن لليهود وعصابات الهاجانا، ودعم الديكتاتوريات وازدواجية المعايير، وانقلاب موقفها في العلاقة مع العراق، عندما قال رئيسها أوباما: لا يجب أن يتحمل الشعب العراقي أوزار الديكتاتور المخلوع، وعلى الكويت أن تسقط ديونها. وضغطها على الكويت منطلقه من المصالح، والشركات الكبرى متعددة الجنسيات، ونحن نرفض وننتقد هذا الضغط الأميركي الذي التقى مع معظم ساسة العراق وخاصة من يريدون العبث بأموال العراق.
المجتمع المدني
وذكر المسلم ان التقارير الأميركية حديثة المنشأ، يقوم بإصدارها جمعيات المجتمع المدني، ومعاييرها قد تكون بريئة وأخلاقية وقد تكون استخباراتية بالتنسيق مع أجهزة المخابرات، وفيها من الحقائق والنصائح الشيء الكثير، ولكنها تستغل في جانب السياسة من خلال الحكومة وتضغط على الدول كمعايير يتبناها الكونغرس، وذلك من خلال الإعفاءات الجمركية والمعونات، فالتقارير هذه تستخدم كذرائع تستغلها الحكومة لتحقيق تطلعاتها وسياساتها.
وذكر أن التقرير تناول دعم بعض الجهات الإعلامية والاجتماع مع نشطاء سياسيين، ومن الغريب أن تسكت الحكومة وجمعية الصحافيين دون رد على هذا الكلام أو نفي، لافتا إلى أنه لا أحد يقبل بأن يكون هناك دعم خارجي، وقال: نحن نفاخر بإعلامنا، ويسيطر على المراكز المتقدمة في المنطقة، وحماية لهذا الإعلام لا نريد أن يشوه، ونرفض مثل هذه الممارسات إذا كانت موجودة، وأن تكون في وضح النهار وليس في الخفاء. وأشار المسلم إلى أن الشريعة تأمر بالإحسان إلى الخدم، ولا تقبل أن يظلم الخادم، معتبرا ان الخادم في الكويت يسكن مع صاحب البيت ويأكل مثل أكله، ويكرم من قبل أهل البيت، ولكن هناك شواذ، والأصل هو احترام الخدم، وهذا بخلاف الشركات والحكومة المتخاذلة عنهم، والدليل أنهم أضعافنا في العدد.
الاتجار بالبشر
ولفت إلى تخاذل الحكومة عن قضية الاتجار بالبشر، فهناك 35 جنسية تستغل وجودها في الكويت للدعارة والاتجار بالمخدرات، وتسهل لهم تأشيرات الدخول، وهذه دعارة مقنعة صارت صريحة، حيث تقيم الآسيوية في الإمارات 3 اشهر ومثلها في الكويت ومثلها في الإمارات، وهذا ما سمحت به الحكومة ووصلت إلى المناطق السكنية، وكان موقفها في تجارة الإقامات والدعارة سلبيا جدا.
من جانبه، حذر الناشط السياسي، خالد الشليمي، الحكومة من أن تكون التقارير الأميركية الخاصة بالكويت أداة ابتزاز سياسي، وذلك من أجل تمرير مشاريع خارجية مثل إسقاط الديون عن العراق، موجها انتقاداته اللاذعة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وسياستها في الكيل بمكيالين.
وقال الشليمي في كلمته: إن التقرير الأميركي الصادر في شهر أبريل عن الإرهاب، يدل على أن أميركا توزع انتقاداتها على الآخرين في مكافحة «الإرهاب»، في حين أنها من أهم الدول التي أصلت الإرهاب، وذلك باتفاق الكثير ممن يتابعون النشاطات الإرهابية، والتي نسميها نحن «المطالبة بالحقوق». وأضاف: «ان أميركا لم تحترم حقوق المدنيين ولا العسكريين، فالقرى والمدن تقصف بصواريخ متطورة، ويكون الهدف عائلات كثيرة، كما أن وصمة العار طالت أميركا في داخلها، فهناك انتهاكات لحقوق الإنسان تتمثل في معتقل غوانتانامو الذي يندى له الجبين، حتى أن المخابرات الأميركية تقوم باختطاف المطلوبين من دولهم بصناديق توضع في طائرات خاصة، وذلك بالتواطؤ مع سجون سرية في الدول العربية»، متسائلا: أين حقوق الإنسان التي تنادي بها الولايات المتحدة؟
اضطهاد «البدون»
وأوضح الشليمي أنه لا يوجد ما يمنع الاستفادة من التقرير الأميركي، حيث إن الكويت تعاني من أخطاء كثيرة، والتقرير فيه الكثير من الأمور الصحيحة كالاتجار بالبشر، واضطهاد فئة البدون، لافتا إلى أن الكويتيين إلا من رحم الله انتهكوا حقوق الوافدين فضلا عن الخدم، والذين يتعرضون للإذلال، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى أن يكلف الخادمة بغسل السيارة في الصباح دون أن يراعي حرارة الصيف أو قساوة البرد في الشتاء، معتبرا ذلك انتهاكا لحقوق البشر، بل إن الشريعة الإسلامية ترفض تحقير الإنسان لأن الله كرمه فقال: (ولقد كرمنا بني آدم). وقال: إن القرآن هو دستورنا في تكريم الإنسان وليست القوانين الأميركية، داعيا إلى الإقرار بهذا الخطأ والذنب الذي يعتبر كبيرة في الشريعة. وأسهب الشليمي في الحديث عن انتهاك حقوق البدون، الذي ذكره التقرير الأميركي، واصفا قضية البدون بأنها قضية إنسانية وطنية شرعية، وقال: «نحن نشكر التقرير لذكره هذه الفئة المضطهدة، وقد كلمنا المسؤولين في الحكومة من خلال ندوات ومقابلات شخصية عن هذه القضية» واضاف: «إذا لم يجمعنا مع البدون رابط العشيرة، فإن الوطن يجمعنا بهم، وإلا، كيف نتناسى أنهم قاتلوا لأجل الوطن؟ وكيف يرفض إعطاء جواز للبدون لأجل أداء حج وعمرة؟ وإذا كانت أميركا تتكلم عن حقوق البدون، فأين نحن الكويتيين؟» ودعا وزير الداخلية إلى أن تكون لديه الشجاعة في حل قضية البدون، وذلك ضمن جميع الرؤى الإستراتيجية، منتقدا تعطيل هذه القضية منذ سنة 1990 وحتى الآن، وتباطؤ الحكومة فيها. وسلط الشليمي الضوء على انتشار البغاء والرذيلة في الكويت، داعيا الحكومة إلى الانتباه للتجاوزات، والإسراع في اتخاذ الإجراءات وتفعيل القوانين التي تحول دون انتشار البغاء وقال: «نحن لسنا دولة ملائكة، فلدينا أخطاء وتجاوزات، ولكن ينبغي على الحكومة أن تنتبه للتجاوزات وتسن القوانين، والتقرير ذكر أن سبب المشاكل هو الحكومة».
مصاصو الدماء
بدوره، دعا أمين سر الجمعية الكويتية لتقييم الأداء البرلماني، ورئيس المرصد الكويتي لتأصيل الديموقراطية، مطلق العبيسان إلى التعامل مع مثل هذه التقارير بشكل جماعي وإقليمي، ومن خلال منظومة التعاون الخليجي، أو حتى في نطاق عربي إذا تم الحديث عن قضية مثل الإرهاب، منتقدا ما تتعرض له فئة البدون سواء من قبل السلطة التشريعية أو التنفيذية، وطريقة التعاطي معها بصورة غير أخلاقية أو إسلامية، وقال: «إن ما ورد في التقرير صادق لا يمكن إنكاره، كما لا يمكن القبول بما يحدث للعمالة من قبل الشركات مصاصي الدماء، وهذا ما جعل العمالة تتجه للإجرام، فلماذا نخجل من التجاوزات ونخفي رؤوسنا كالنعام؟ فملف العمالة والبدون أصبح عارا على الكويت في الخارج. وبين العبيسان أن ما ورد في التقرير عن المال السياسي يعرفه الجميع، وقال: «لسنا بحاجة إلى أن يأتينا تقرير من قارة بعيدة، فنحن نعلم ما يحدث من قضايا خلال الانتخابات، وهناك مظاهر فساد لم تعد تخفى على أحد». موجها انتقاده إلى اللجنة الخارجية حيث وصفهم بأنهم نائمون في سبات، وينشغلون بقضايا بسيطة، والبعض ليست لديه وجهة نظر عن القضايا الخارجية والتقارير وكأنها لا تعنيهم.