فوجئ وفجع اصحاب الأعمال في الكويت بقرار وزارة الشؤون الأخير والقاضي بمنح الحق للعامل (الموظف) في التحويل من الشركة التي منحته الاقامة الى اي شركة أخرى بعد مرور ثلاث سنوات دون الرجوع للشركة الأصلية اي للكفيل، فهذا القرار يمثل انقلابا تقوده الشؤون على شركات ومؤسسات القطاع الخاص وأود هنا أن أوضح تداعيات هذا القرار وانعكاساته.
كلنا يعلم ان الكويت تعاني من التقارير التي يتم اصدارها من المنظمات العالمية التي تتهم الكويت بتجارة البشر وكذلك تطعن بنظام الكفيل، والكل يزايد على اصحاب الأعمال والشركات بأنهم يرتكبون اثما عظيما، صخب هنا وضجيج هناك لكنه أجوف، فأهل الكويت أدرى بشعابها.
تبدأ القصة هكذا تقوم شركة، أي شركة باستقدام موظفين جدد «خام» لا يعرفون شيئا عن السوق الكويتي وخلال فترة طويلة يتم تدريب هؤلاء الموظفين وصقل مواهبهم وتعزيز قدراتهم وخلال فترة التدريب هذه يتم دفع رواتب لهم الى ان يتم صقل مواهبهم وتصبح لهم قيمة سوقية كبيرة في سوق العمل وهم خلال هذه الفترة يتعرفون على العملاء والمنافسين والموردين كذلك بل الغالبية العظمى يبدأون بتكوين علاقات جديدة وقوية في السوق المحلي، وهكذا تكون الشركة وبعد مضي سنتين من تاريخ تعيين هذا الموظف تتوقع منه أقصى درجة من الانتاجية وعمليا وصلت الى مرحلة جني الثمار ليتحول الموظف الى احد اصول الشركة واستثماراتها، لكن هذا الموظف وبعد ان تم صقله بكل الخبرات والمهارات يتم اختطافه من شركات منافسة او يدخل مع الشركة بنقاش مادي بحت الهدف منه زيادة راتبه او يذهب لوزارة الشؤون ويطلب التحويل والشؤون تمنحه التحويل رغم انــف الكفيل الذي استثمـــر به الوقـــت والجهد والأموال والخبرات والمعارف وعانى ما عاناه من صداع في سبيل تدريــب وتعليـــم هــذا الموظــف.
تخيل ان هذا الموظف طبيب في مستشفى خاص او مدير في احد البنوك او احد شركات الاستثمار او انه محرر في احدى الصحف، هل المطلوب منا ان نقع تحت رحمة الموظف متى ما شاء ان يحول الى شركة اخرى؟ كيف نستطيع ان نحمي القطاع الخاص من ابتزاز الموظفين؟ هل يجب ان نكون فريسة لهم يهددوننا متى ما شاءوا.
من المفارقات ان يهاتفني احد الاصدقاء وهو مدير لشركة تكنولوجيا المعلومات (مصري الجنسية) فقال لي: «طيب انا اعمل ايه مع المبرمجين اذا قرروا بكرة ان يحولوا على شركة منافسة»، قلــت في حيــرة: لا أعلــم.
هذا القرار مصدره او الهدف منه منح حريات اكبر للموظفين والعمال لكن هل هنا تكمن المشكلة أم ان المشكلة في تسيب وزارة الشؤون في منح اقامات دون وجه حق؟ وللأمانة المشكلة تكمن في الشركات التي تتعامل او تتعاقد مع الحكومة التي تستقدم عمالا وموظفين مقابل مبالغ مالية ومنهم من يتخلف عن سداد مرتبات هؤلاء العمال وعندها تتكون المشكلة وتتراكم وتلك الشركات مستثناة من القرار بمعنى ان التحويل بعد ثلاث سنوات دون الرجوع للكفيل لا يشمل الموظفين على العقود الحكومية.
لكن ثمة سؤال آخر منذ متى كانت الكويت تعاني من مشكلة في تحويل الاقامات؟ خصوصا ان وزارة الشؤون قد فتحت باب التحويل بين الشركات دون شرط المدة اذن اين المشكلة واذا كانت هناك مشاكل فانها استثناءات وليست قاعدة تتطلب تنظيمها بقانون بل ان الاخوة في اقسام منازعات تصريح العمل يقومون بواجبهم على أكمل وجه، هل أصبحنا تجار بشر الآن، لقد تم الاخلال بأصول التعاقد بين الموظف والشركة. ان كنتم تعتقدون انكم انصفتم العامل فقد ظلمتونا وبخستوا حقنا بخسا شديدا.
لقد حاولت ان اقرب وجهة النظر الى الاخوة في وزارة الشؤون وأقول لهم هل بهذه القوانين ستتحول الكويت الى مركز مالي أم انكم فتحتم بابا لتسرب الموظفين؟ هل انتم مع توطين العمالة ام مع تدمير الشركات؟ يا جماعة لا تأخذوا الاستثناءات وتضعوا لها قانونا ينظمها، الكويت جبلت منذ قديم الأزل على احترام العلاقة التعاقدية بين الشركة والموظف او العامل ولم نسمع ابدا بهذه المهازل من قبل، برجاء مراجعة الضوابط ولا تبخسوا بالقطاع الخاص فنحن أبعد ما نكون من ان نتحول الى مركز مالي نحن الآن في مرحلة «مالي مركز» وليس مركز مالي.
كلمة أخيرة
أتمنى على الاخوة بوزارة الخارجية ان يقوموا بدور اكبر في الدفاع عن اسم الكويت والا ينصاعوا ويستسلموا للتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية التي لم تعش الواقع الكويتي، ان اي تسليم منهم او من غيرهم بالطعن بأخلاقيات الكويتيين وأخلاقيات القطاع الخاص فإنهم بذلك يدينون أنفسهم فهم منا ونحن منهم أم ان هذه العلاقة غير واضحة لديهم.
مختصر مفيد، هناك من لم يقم بواجبه بالشكل المطلوب بوزارة الخارجية في الدفاع عنا. وكلمة أخرى للجمعية الكويتية للدفاع عن حقوق الانسان، يبدو انكم أبعد ما تكونون عن اهل الكويت بل من الواضح انكم لم تعيشوا بين الكويتيين من قبل وان ادانتكم للكويتيين في المحافل الدولية يعتبر طعنا بكل الكويتيين فأنتم من اختلط عليكم الاستثناء وجعلتم من الاستثناء قاعدة في سبيل ماذا؟ أهو المجد الذي تبحثون عنه؟
وما قيمة هذا المجد الملطخ بدماء الكويتيين؟!