الشليمي: مجلس الأمة أصبح قادراً على التعبير وغير قادر على التغيير
سامح عبدالحفيظ
«ديموقراطيتنا والرمق الأخير» هذا هو عنوان الندوة التي عقدها اول من امس المرصد الكويتي لتأصيل الديموقراطية.
وأكد المشاركون في الندوة ان هناك كثيرا من الدلائل والمؤشرات على ان الديموقراطية الكويتية تعيش أتعس عصورها، مبينين انها أولا وأخيرا سلوك حضاري.
واستهل رئيس المرصد الكويتي لتأصيل الديموقراطية مطلق العبيسان حديثه بالمثل العربي «الحر لا يكذب قومه»، مبينا ان المرصد لا ينقل الى المجتمع إلا ما يلامس أوضاعه أو يدور في فلكه، فبعد كل التوترات والأزمات السياسية التي ألمت بالبلد أتساءل: إلى أين نحن سائرون؟
وأوضح ان الديموقراطية نكاد نفقدها فهي في الرمق الأخير حتى ان لغة الاحباط سادت وطغت لدى المثقفين والأكاديميين، واصفا ما يكتبه الكتاب من مقالات بأنه أصبح أشبه بالبكاء على الأطلال اذ انه لا يوجد هناك اي أفق سياسي أو برامج سياسية واضحة لدى القوى السياسية التي تخوض العملية الانتخابية، مؤكدا «وصلنا الى درجة اصبح مجلس الأمة «سُبة» والديموقراطية «لعنة» بدلا من ان تكون مفخرة ومكتسبا عظيما لهذا الوطن». وأوضح العبيسان ان هناك دلائل ومؤشرات تدل على ان الديموقراطية أصبحت في الرمق الأخير، وأولها تراجع كل نجاحات القوى السياسية ليس فقط على محيط الأصوات وانما حتى الأفكار أصبحت مرفوضة من الشارع الكويتي ولم يعد هناك تيار سياسي يجاهر بفكره ومنهجه، معتبرا ذلك انتكاسة شديدة في العمل الديموقراطي.
وأضاف ان ثاني هذه الدلائل هو انعدام دور القوى الطلابية في الجامعة والتطبيقي وغيابها تماما عما يحدث في البلد عكس ما كان يحدث في الثمانينيات حيث كانت تنزل الى الشارع وتقود الحرم الجامعي للدفاع عن مكتسبات الشعب لمزيد من الحريات حتى أصبحت الآن القوى الطلابية تدار من قوى سياسية مصالحها الأولى هي المصالح الاقتصادية.
وأكد أن قوى المجتمع المدني ذهبت الى الخمول والاختفاء تماما عن توجيه الشارع والاهتمام به حتى اصبحنا نشعر بعدم وجودها، مضيفا انه عندما يختار الشعب الكويتي اعضاء لا يؤمنون بدستور 62 ولا يؤمنون بالديموقراطية يأتون الآن ويتنكرون للديموقراطية
بحجة أنها لا تناسبهم مستبعدا تماما أن يشكل الشعب الكويتي حكومة، فضلا عن خروج بعض الاصوات في المجلس السابق تدعو إلى الحل غير الدستوري وتعطيل الحياة الديموقراطية وعادوا في هذا المجلس بلغة أخرى.
وأكد العبيسان ان بعض الأسماء النزيهة التي خاضت العمل السياسي والذين اعطوا من جهدهم للديموقراطية نجدهم الآن ابتعدوا عن الساحة السياسية، مشيرا الى ان البلد يشهد الأزمات بعد الانتهاء من دور الانعقاد وأصبح مصطلح التأزيم تلوكه الألسن ويترافق مع أي خلل اقتصادي يمر به البلد وكأن الأمور أقرب الى المؤامرة لحل المجلس. وأكد العبيسان أن كل قوى المجتمع في حالة ردة وضعف وهرم وبلغت من العمر عتيا، مبينا ان هناك شيئا ما سيحدث في الأيام القادمة «لا أريد الافصاح عنه» لكن يبدو أن هناك انتكاسة شديدة متسائلا: من المسؤول عن هذه الانتكاسة؟ هل هي القوى السياسية؟ هل هي القوى الاقتصادية؟ وقال: حتى لا نصل إلى الرمق الأخير فالأمر يحتاج إلى هبة وطنية وإعادة عمل وطني دؤوب نحو دفع المجتمع إلى مزيد من الحراك السلمي والثقافي والاجتماعي.
من جهته قال نائب رئيس الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني ناصر الشليمي أن أول نظام ديموقراطي في منطقة الخليج كان موجودا بالكويت منذ عام 1921 ومع أول أيام تسلم الراحل الشيخ أحمد الجابر مقاليد الحكم وتم صيانة الدستور كتابة عن طريق القوى السياسية والاقتصادية آنذاك.
واضاف الشليمي ان الدستور آنذاك كان يتألف من 5 مواد وتتكلم المادة الخامسة عن الانتخاب على الرغم من أن المجلس تكون من 12 شخصا بالتعيين وليس بالانتخاب وفي عام 1938 ثم تشكيل مجلس مكون من 20 شخصا حتى وصل الحال الى دستور 1962.
وبين أن دستور 1938 كان أقوى من دستور 1962 ودستور 21 كان أقوى من دستور 1938 لأنه كان يتكلم عن مشاركة فعلية في الحكم ودستور 38 كان يتكلم عن مشاركة في اغلب الحكم ودستور 1962 «عسانا نسلم عليه».وقال الشليمي انه وبعد ظهور النفط شعرت السلطة بأنها المهيمنة على مصالح الدولة الى ان حدث تزوير في المجلس الثاني وكان الهدف منه اقصاء قوى معينة وحدث الانقلاب الثاني على الدستور في 1976 مؤكدا ان النقطة المضيئة في حياة الراحل سمو الشيخ عبدالله السالم هي الديموقراطية لأنه أنصف الشعب بها.
وبين انه في ذلك الوقت كانت هناك الاخلاق والرجال والمبادئ ومع مرور الوقت دخلت التجارة والمصالح في السياسة حتى اصبح القرار السياسي مختطفا من قبل القرار الاقتصادي مضيفا انه في الآونة الأخيرة تخلت بعض الكتل عن مبادئها فنجد انه في الاستجواب الاخير لوزير الداخلية انقلبت بعض الكتل على مبادئها وقيمها واعضائها ايضا ولاحظنا النائب انقلب على كتلته واصفا هذا الأمر بالتخبط الذي يضر بالديموقراطية.
وأكد الشليمي انه لا توجد ديموقراطية بمفهومها الحقيقي في الكويت موضحا ان مجلس الأمة اصبح كالصالون السياسي قادرا على التعبير وغير قادر على التغيير كما ان هناك الكثير من شؤون الدولة مجلس الأمة لم يكن شريكا فيها.
واضاف ان اعضاء مجلس الأمة في الآونة الأخيرة نسوا الرقابة والتشريع وتفرغوا للدفاع عن الوزراء والحكومة لدرجة اننا لو طالبنا من محامي الدولة الدفاع عن الحكومة والوزراء فان يدافعوا عنها مثلما يدافع عنهم النواب مستدركا بقوله: لو كانت الديموقراطية هكذا فعلينا السلام، فالديموقراطية اولا واخيرا هي سلوك حضاري.
واكد انه اذا استمر الوضع مثلما يحدث الآن فسنخسر الديموقراطية. بدوره، أكد المحامي نواف الفزيع انه لا توجد في الكويت ديموقراطية بل مجلس شورى منتخب مبينا ان الديموقراطية هي مشاركة في الحكم وحكم الشعب للشعب ولكن لا نستطيع ان نتهرب من الحقائق بأن ما حققناه هو افضل من الخليج بالرغم من ان ذلك لا يكفي.
وقال ان الديموقراطية في الدول المتقدمة هي وجود حكومات من ارادة شعبية تشكل بأغلبية برلمانية وتحاسب من خلال المجلس الذي يمارس الدورين التشريعي والرقابي، الرقابة على اعمال الحكومة وتطبيق القوانين وان قصرت هذه الحكومة فإن الرأي الأول والأخير لصناديق الاقتراع.