«الحب نبع السعادة والشقاء والأحزان للإنسان، يتوسط حديقة الحياة، يأسرك يشدك إليه كالمسحور، فإنك ستطيعه وتقترب منه، ترتشف من مائه السحري وبعدها لن تتوقف... فإن توقفت لالتقاط أنفاسك سيكون الانقباض والحزن ضعف ما تذوقت من فرح ويستمر بالازدياد... لكن الإنسان لن يتوقف عن المحاولة.. فقد بات مسحور النبع إلى أن ينام بجانبه صريعا.... فلا نهاية لنبض الحب إلا بتوقف القلب».
هكذا تفتتح الكاتبة مها المنصوري تجربتها الأولى في الكتابة «سرب الفراش» لتقلب بصفحات قلوب العشاق، فتبحر وتغوص بلحظات وتفاصيل حياة الأحبة من هيام وعشق وسهر وحزن وألم، سردتها في 187 صفحة، عبر 92 خاطرة تنقلت خلالها كالفراشة بين حوار الأحبة، تارة تصف فيها حال المحبوب «لقاؤك سيدتي... أصعب امتحان، سهرت الليالي ادبج ما سينثر لساني في حضرتك، وأتوقع إجاباتك تعليلاتك، أحفظ كل التحليلات التي تخطر على البال، لكن عند لقاك أميرتي....كأن شيئا لم يكن أنسى كل شيء، فلقاؤك سيدتي أصعب امتحان....»، وتارة أخرى حال المحبوبة «تمازحه بدلال، تسأله ألف سؤال وسؤال، هل تحلو بعينيك امرأة أخرى؟ أتحبني؟هل أنا الأولى؟.... وهل أنا الأخيرة؟»... فيرد باسما «أميرتي ما بها؟!!أنت كنت وستكوني محور حياتي وسكوني، يا من علمتني معنى الحياة، اطمئني فليس بعدك إلا الممات».
وبين «صرخة» «حرية» «جهل» «أترك الآهات» «الأنا القاتلة» «غموض» و«طفل صغير» تنقلنا الكاتبة إلى عمق هذا الحب وما يمكن أن يعترضه من «مطبات» كالغيرة والخيانة وغيرهما، إلى جانب ما يحمله فكر الرجل الشرقي الذي يولي أهمية كبيرة لماضي محبوبته بحيث تقول له «تطلب مني أن أبحث في دفاتر أشعاري في خبايا ذاكرتي بنبضات قلبي القديمة....إن خفق الفؤاد باسم سواك... فياسيدي اطمئن، أرح أعصابك الشرقية، وفورة دمك العربية، وخذ دفاتري كلها، واسمع نبضات فؤادي فلم تنبض بالحب أبدا قبل أن ترى عينيك».
والإنسان كما ترى الكاتبة يعيش وهمه بأن يجد قلبا ينبض بحروف اسمه، ويدق لحبه، وكأن قلبه شعلة من نار.....يريد استبداله بقلب آخر... معتبرة بأنه «قد تكون هذه سنة الحياة، فمنذ الأزل كانت القلوب تهدى وتتبدل نبضاتها»، ولكنها تشدد «إن كنا نريد عقد هذه المبادلة دون خسارة علينا فالنتأكد من وجود ذاك القلب الذي سيحافظ علينا أولا قبل أن نهديه أغلى ما لدينا.. روحنا».
وبالرغم مما يسببه الحب من قلق وخوف وارق وحنين وغدر، إلا أن المنصوري تقر في النهاية بأنه لا مفر من الحب مهما انتابه من ألم وحزن وأسى، لذلك نراها تختم إصدارها بـ«ورقة بيضاء» تهديها للمحبوب..... «قلبي ورقة بيضاء، خط عليها ما تشاء، سعادة أم شقاء تهديني، كل ما تكتب يرضيني، فحبك الأول والأخير... ولا مفر من هذا المصير».
مقتطفات من الكتاب
٭ لا تسيئ ظنا بالحبيب، بغير الآثام لن تصيب، عد إلى رشدك واستغفر، فإبليس بظنك سينتصر، اسأل حبيبك ما تريد، فمنه فقط الجواب الأكيد.
٭ أنا الغريب وأنت الوطن، وفي قلبك لي سكن، وروحك تهبني الاستقرار، عيناك تبث ضوء النهار، نور وجهك لي حارس، فانت وطني ولقلبي فارس.
٭ كيف لي ألا أفرح، بابتسامة منك تفضح، كل الخبايا والأسرار، بغزل مستور وضح النهار، فابتسامتك سر سعادتي، جاعلة الفرحة عادتي.
٭ صرخت ظننتك صادقا، ظننتك رقيقا عاشقا، صدقت الفارس النبيل، صدقت حبك العليل، أجاب:أظنك آثمت، حين بي طننت.
٭ لست سوى مدع، والهوى بك مبتلى، حاشا للحب أن يعرفك، أن يسكن يوما منزلك، جاهل أنت بعالم الهوى، لن تحب وإن العالم خوى.