نعى المجلس الإسلامي الاعلى في العراق الى الشعب العراقي وفاة زعيمه عبدالعزيز الحكيم بعد صراع طويل مع المرض. وأعلن عمار الحكيم القيادي في المجلس، في بيان بث عبر محطة تلفزيون «الفرات» الفضائية امس عن وفاة والده عبدالعزيز الحكيم، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق، بأحد مستشفيات طهران بعد دخوله مراحل متقدمة من سرطان الرئة وتعرضه لغيبوبة.
وأصيب الحكيم بسرطان الرئة، وهو ما اضطره إلى أن يدخل أحد مستشفيات طهران المتخصصة خلال الأشهر الماضية مرات عدة، وقد عاده قبل أيام في المستشفى المرشد الاعلى للثورة الإسلامية في إيران، علي خامنئي.
من جانبها ذكرت وكالة (مهر) الايرانية للأنباء ان الحكيم توفي امس في احد مستشفيات العاصمة الايرانية دون ان تعطي المزيد من التفاصيل حتى الآن.
وكانت مصادر طبية ايرانية قد كشفت في وقت سابق عن تدهور خطير في الوضع الصحي للحكيم المصاب بسرطان الرئة منذ نحو 3 أعوام.
وذكرت المصادر ان صحته تدهورت بشكل خطير وان الفريق الطبي الذي يشرف على علاجه أعرب عن قلقه الشديد من التطورات التي طرأت على صحته بعد ان باتت اجهزته العضوية اقل حيوية فضلا عن تعطل وظائف اخرى لديه.
وانتقل الحكيم الى ايران منذ اشهر بعد اكتشاف اصابته بسرطان في الرئة وأدخل بشكل طارئ الاسبوع الماضي الى احد مستشفيات طهران اثر تدهور حاد في صحته، وتكرر تدهور صحة الحكيم خلال الاسابيع الماضية.
وقال عباس العامري مدير مكتب النائب همام حمودي العضو البارز في المجلس الاعلى أن «السيد الحكيم توفي».
واضاف ان «الوفاة حدثت في احد المستشفيات الخاصة في طهران»، وكان نجلا الحكيم عمار ومحسن برفقة والدهما في المستشفى عند وفاته، وفقا للمصدر نفسه.
واضاف العامري ان «جثمان الحكيم سينقل اليوم الى بغداد بعد مروره بمدينة البصرة، ثم الى مدينة النجف حيث مثواه الاخير».
وقطعت قناة العراقية الحكومية الرسمية وفضائية الفرات التابعة للمجلس الاعلى بث برامجها واقتصرته على القرآن.
وعرف الحكيم كاحد رجال الدين والسياسة البارزين وهو يرتدي زيا عربيا وعمامة سوداء، وقضى سبعة من اشقاء الحكيم، بينهم ستة ابان نظام البائد صدام حسين، بالاعدام.
وولد الحكيم في النجف (جنوب) وهو نجل اية الله محسن الحكيم، غادر الى ايران عام 1980 خلال الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) برفقة شقيقه محمد باقر الحكيم الذي تولى رئاسة المجلس الاعلى بعدها.
وعاد الحكيم الى العراق بعد الحرب في مارس 2003، وتولى رئاسة المجلس الاعلى بعد مقتل شقيقه محمد باقر الحكيم.
وقتل محمد باقر الحكيم في 29 اغسطس 2003، في انفجار سيارة مفخخة ادى الى مقتل نحو ثمانين شخصا، بعد صلاة الجمعة عند مرقد الامام علي بن ابي طالب في النجف.
وحصد المجلس الاعلى خلال الانتخابات التشريعية عام 2005، 128 مقعدا من اصل 275 مقعدا، لكن لم يبق من مقاعده سوى 85 مقعدا اثر انسحاب عدد من الكتل بعد ذلك.
وتولى الحكيم نهاية عام 2003، رئاسة مجلس الحكم الذي شكله الحاكم المدني بول برايمر كاول تشكيلة حكومية بعد سقوط نظام صدام حسين، ونجا الحكيم من هجوم انتحاري استهدف مقره في ديسمبر 2004.
ومن شأن وفاة الحكيم أن تزيد من الشكوك السياسية بالبلاد قبل الانتخابات العامة المقررة في يناير/ وبعد سلسلة من التفجيرات المدمرة. حيث من المتوقع أن يخلف ابنه عمار الحكيم أباه في زعامة المجلس الاعلى الإسلامي العراقي.
الأمير يعزي بوفاة الحكيم
الكويت ـ كونا: بعث صاحب السمو الامير الشيخ صباح الأحمد ببرقيات تعازي الى كل من الرئيس جلال طالباني رئيس جمهورية العراق ونوري المالكي رئيس مجلس الوزراء في جمهورية العراق الشقيق والسادة اعضاء المجلس الأعلى الاسلامي العراقي واسرة المغفور له باذن الله تعالى سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم، اعرب فيها سموه عن خالص تعازيه وصادق مواساته بوفاة المغفور له باذن الله تعالى سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، مشيدا سموه بمناقب الفقيد ومواقفه الوطنية وما قدمه من خدمات جليلة لوطنه سائلا المولى تعالى ان يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وان يلهم أهله وذويه جميل الصبر وحسن العزاء.
كما بعث سمو ولي العهد الشيخ نواف الاحمد وسمو الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء ببرقيات تعازٍ مماثلة.
مواقف مشرفة من الكويت.. وقضاياها المحقة والعادلة
تحظى عائلة الحكيم بالكثير من التقدير والاحترام في الكويت، فمواقف العائلة مشهودة في الوقوف مع الكويت ضد الظلم والعدوان الذي تعرضت له، بالاضافة لعلاقات المودة التي كانوا يكنونها لهذا البلد.
فمن المعروف ان السيد الراحل محمد باقر الحكيم، رحمه الله، عشق الكويت واعتاد زيارتها سنويا في شهر رمضان، كما كانت محبة الكويت سببا في إيداعه السجن عندما وجه له النظام العراقي البائد عام 1977 تهمة التعاون مع السلطات الكويتية، فكان اول عراقي أدان جريمة الاحتلال ولم يكف يوما طوال حياته عن المطالبة بإطلاق الأسرى الكويتيين، وكانت العائلة تعتبر دائما ان المقبور صدام حسين هو العدو المشترك للعراقيين والكويتيين وكانت تصفه دائما بالنظام الكيماوي نسبة لمأساة حلبجة وغيرها التي ضربها المقبور بالأسلحة الكيماوية.
علاقات وطيدة
مواقف عديدة بارزة سجلها عبدالعزيز الحكيم تأييدا للكويت ضد النظام الصدامي، حيث كان يؤكد دائما عمق العلاقة الوطيدة بين الكويت والعراق وشعبيهما.
وزار الحكيم، رحمه الله، الكويت مرات عديدة وكانت الزيارة الرسمية الأولى له بعد توليه رئاسة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في اكتوبر عام 2003 في اطار الثناء والتقدير والاعتزاز بالكويت اميرا وحكومة وشعبا ولبناء علاقة حسن جوار ومحبة واخوة وسلام.
وقدر الحكيم في عدد كبير من لقاءاته دور الكويت المتميز في الوقوف الدائم الى جانب الشعب العراقي، حيث تحملت الكثير منذ الغزو وحتى أيامنا الحالية وتحملت الضغوط العربية والدولية والتهديدات بسبب مواقفها الجليلة، وتمن،ى خلال احدى زياراته، لو باستطاعته زيارة كل ديوانيات الكويت لشكر الكويت فردا فردا.
التعويضات حق للكويت
وكان للراحل رأيه في التعويضات التي وجد فيها حقا طبيعيا لا احد ينكره على الكويت التي تم الاعتداء عليها ولا احد يستطيع ان يفرض او يطلب من الكويت ان تتنازل عن حقوقها وكان يتمنى تأجيل بعض الديون لحين حلول الوقت المناسب.
كما اشار الراحل في احاديثه الى ان الكويت كانت اول دولة فتحت ابوابها للاعتراف بمجلس الحكم وساندته ووقفت الى جانب الشعب العراقي خلال تلك المرحلة الدقيقة، وثمن دور الكويت الايجابي حتى فيما بعد تحرير العراق، اذ شاركت في عمليات الاغاثة والمساعدات واستمرت في تقوية دعائم الحكومة العراقية واستقبال اعضائها وتقديم التسهيلات والخدمات لهم. واعتبر الحكيم ان تلك المواقف ستبقى في ذاكرة العراقيين الذين سيبنون على اساسها علاقات طيبة وجيدة على اساس حسن الجوار.
وتصدى الراحل للظلم والطغيان الذي مارسه النظام العراقي بحق الكويت وبحق شعبه وافنى عمره حاملا قضية الشعب العراقي معه في كل مكان، حيث كانت تحركاته لفضح النظام العراقي.
حدود الكويت
اما عن الحدود الكويتية ـ العراقية، فقد وافق الحكيم عليها باعتبارها مرتبطة بقرارات دولية، مؤكدا في الوقت ذاته احترام كل القرارات الدولية واعتبر انه على كل حاكم يأتي الى العراق مستقبلا الاعتراف بتلك القرارات.
أسرى الكويت
وحمل الراحل قضية الأسرى الكويتيين في السجون العراقية، واكد في احاديث عديدة ان الاسرى موجودون في العراق وانه يتم نقلهم من سجن الى آخر ولا يتم ابقاؤهم في مكان واحد.
بعد هجرته من العراق الى ايران، اسس مع مجموعة حركة المجاهدين العراقيين في بداية الثمانينيات، لكن التصدي العلني ضد نظام المقبور بدأ مع الاعلان عن تأسيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العام 1982، فكان من المؤسسين وعضوا في الهيئة الرئاسية للمجلس الأعلى للثورة الاسلامية.
كان الحكيم رجل المهمات الصعبة وواضع الحلول الاستراتيجية لمشاكل وعلاقات المجلس مع بقية فصائل المعارضة العراقية، فكان يعمل دائما على تقوية وديناميكية عمل المجلس.
وبرهن عبدالعزيز الحكيم على قدرات سياسية استثنائية، واثبت انه قادر على الامساك بأكثر من مهمة خاصة عندما يتعلق الامر بالحفاظ على منجزات اضافية للمجلس، وقد اجاد اللعبة السياسية من غير ان يتورط فيما تسببه السياسة من هفوات واسقاطات بسبب العهود والوعود، لهذا حافظ على علاقات متميزة مع المرجع الديني الأعلى آية الله السيستاني بيد، وعلى علاقاته مع السياسيين العراقيين والادارة الاميركية بيد اخرى.
المرجعيات الدينية تنعى عبدالعزيز الحكيم وسيط التهدئة مع العراق
أسامة ابو السعود
أعربت القيادات والمرجعيات الدينية في الكويت عن عميق حزنها لوفاة رئيس المجلس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق السيد عبدالعزيز الحكيم بعد صراع طويل مع المرض، وقال وكيل المرجعيات الدينية في الكويت السيد محمد باقر المهري «نعزي الامة الاسلامية والحوزات العلمية والشعب العراقي المسلم ونجله سماحة السيد عمار الحكيم بوفاة زعيم المجلس الاعلى العراقي السيد عبدالعزيز الحكيم.
وتابع المهري ولد الحكيم عام 1950 في مدينة النجف الاشرف وهو اصغر ابناء المرجع الديني اية الله العظمى السيد محسن الحكيم وقد استشهد اخوانه التسعة على يد المجرم صدام المقبور وقد درس الفقه والاصول عند الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر وعند اية الله السيد محمد باقر الحكيم وآية الله السيد عبدالصاحب الحكيم وقد اجازه الامام الصدر واعطاه وكالة مطلقة وعامة قليلة النظر وبعد هجرته من العراق اسس حركة المجاهدين في العراق في الثمانينيات كما كان عضوا في جماعة العلماء المجاهدين في العراق واصبح عضوا في البنية الرئاسية للمجلس الاعلى ثم مسؤولا للمكتب التنفيذي للمجلس الاعلى وانتخب رئيسا للمجلس الاعلى بعد استشهاد شقيقه آية الله السيد محمد باقر الحكيم في يوم 5 رجب 1424 وختاما نقول: ان الشعب العراق خاصة خسر شخصية قيادية بارزة قل نظيرها ولو ان امل الشعب العراقي بنجله سماحة السيد عمار الحكيم.
ومن ناحيته قال وكيل الامام السيستاني في الكويت والأمين العام للهيئة العالمية للفقه الاسلامي السيد ابوالقاسم الديباجي: من زمن بعيد حينما كنا في النجف الاشرف ونحن نعرف عائلة الحكيم وقدرها الكبير في نفوس العراقيين والمسلمين عامة وتحديدا والد المرحوم عبدالعزيز الحكيم السيد محسن الحكيم حيث كان انذاك – المرجعية الشيعية العليا في العالم اجمع وقد ربى سماحته الاجيال والاولاد من أبنائه وأبناء الشعب العراقي تربية اسلامية خاصة وعلى رأسهم سماحة السيد يوسف الحكيم حيث كان فقيها ومجتهدا مطلقا وثم كان الشهيد سيد عبدالصاحب الحكيم الذي وصل في ايام شبابه الى درجة الاجتهاد المطلق وكان عبقريا وقليل النظير.
وتابع السيد الديباجي قائلا: ولكن مع الاسف اعدمه المقبور صدام حسين هو وعدد من اخوانه، ثم كان السيد محمد باقر الحكيم الذي كان في كل سفرة له للكويت يخطب في مسجدنا جامع زين العابدين وبعد استشهاده وصل الدور وقيادة المجلس الاعلى للثورة الشيعية في العراق للمرحوم السيد عبدالعزيز الحكيم وبغض النظر عن صلة القرابة بيننا وبين عائلة الحكيم الا انني اقولها وبكل صراحة ان السيد عبدالعزيز الحكيم كان يتميز بالاخلاق ورحابة الصدر والاهم من ذلك كان خبيرا سياسيا وقياديا ماهرا وكثيرا ما خاطر بحياته خلال سفره المتعدد خارج العراق للسعي لتهدئة الاوضاع واستقراره بلاده وكذلك كان شديد الحرص على استغلال وسيادة الكويت التي احبها كثيرا.
وشدد السيد الديباجي على ان السيد الحكيم، يرحمه الله، كان لا يخاف في الحق لومة لائم ويعمل جاهدا لمصلحة شعبه ولامته.
ومن جهته قال رجل الاعمال عبدالاله معرفي ان العالم الاسلامي فقد احد ابرز رجالاته السياسية والدين في عالمنا المعاصر خصوصا انه جاء بعد شقيقه العلامة محمد باقر الحكيم واكمل رسالته السمحاء في نشر النهج المعتدل والمتواصل مع جميع فئات وطوائف الشعب الكويتي ورموزه على اختلاف مشاربه. وتابع معرفي لـ «الأنباء» ونكان للحكيم، يرحمه الله، دور بارز في التقريب بين الشعبين العراقي والكويت بعد قطيعة طويلة بسبب الغزو الصدامي الغاشم مؤكدا ان فقدان الحكيم امر لا يعوض وانما تبقى السلوى في خلفه الكرام، وان شاء الله يكونون خير خلف لخير سلف. ومن جانبه قال الشيخ د.أحمد حسين عضو اللجنة الشرعية للوقف الجعفري «نعزي الشعب العراقي والأمة الإسلامية بوفاة العلامة المجاهد السيد عبدالعزيز الحكيم ونسأل الله لأهله وذويه الصبر والسلوان حيث كان الفقيد من الرموز النشطة والفعالة في العمل الإسلامي ومقاومة النظام العراقي البائد».
وشدد على ان الفقيد كانت له نشاطات كثيرة وجهود مستمرة في دعم مسيرة أخيه الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم وكان صديقا حميما للشعب الكويتي بمختلف أطيافه وكان من أولئك الذين يحترمون السيادة الكويتية ويسعون دائما للتواصل والتعاون مع أشقائه في الكويت على جميع مستوياتهم من أجل إنجاح العلاقات الثنائية بين البلدين بشكل إيجابي وفعال.
وتابع د.حسين قائلا: واننا اذ نفتقد المرحوم الحكيم فإن عزاءنا في نجله سماحة السيد عمار الحكيم وأبنائه وتلامذته من أبناء الطرق المخلصين الذين يحبون الخير للأمة الإسلامية جمعاء. ومن جانبه قال الداعية السيد مصطفى الزلزلة «نعظم الأجر للأمة الإسلامية بهذا المصاب الجلل لفقدان السيد عبدالعزيز الحكيم، الذي كان صمام أمان للشعب العراقي وكان يلعب دور الوسيط في تهدئة الأجواء بين العراق والكويت وبث الحكمة والدفع باتجاه الديبلوماسية الواجبة بين دول الجوار».
وتابع الزلزلة قائلا «ان فقدان السيد الحكيم يترك فراغا هائلا ونحن على يقين من أن الذي سيخلفه يحمل أفكاره الطيبة في توحيد الصف العراقي والسير على نهجه الطيب في تهدئة الأوضاع وتحسين العلاقات مع دول الجوار لاسيما الكويت.
ومن جانبه قال إمام مسجد بهبهاني الداعية الشيخ هاني شعبان «نعزي العالم الإسلامي برحيل سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد عبدالعزيز الحكيم نجل الإمام الحكيم ولا يسعنا بهذا المقام إلا ان نتقدم للعالم الإسلامي والعالم أجمع بعزائنا بفقد هذا العالم العامل حيث انه انحدر من أسرة علمية ما عرفت الراحة يوما لنفسها بل كان همها مصلحة العباد ونشر الدين الإسلامي. وتابع شعبان قائلا: فقدنا اليوم رجلا عرفته ساحة العمل الإنساني بشخص لم يفرق بين الناس مذهبيا ولا طائفيا فالكل عنده «إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق» واستوى عنده الصغير والكبير في الاحترام والتقدير ورحمه الله وحشره مع آبائه وأجداده النبي وآل بيته الكرام.