دانيا شومان
أعلن وزير الأشغال العامة ووزير الدولة لشؤون البلدية د.فاضل صفر عن تشكيل لجنة لمعرفة اسباب الكارثة وذلك في مؤتمر صحافي عقده صباح امس وقال صفر: «ان اللجنة ستتكون من جهات محايدة ومن خلال قرار وزاري سيصدر قريبا محددا بفترة زمنية لتقصي الحقائق ومعرفة المتسبب في وقوع الكارثة، مؤكدا ان الوزارة ستحصل على حقوقها كاملة سواء في هذا المشروع أو غيره، مشددا على ان الأولوية في الوقت الراهن لإعادة الأوضاع الى ما كانت عليه قبل وقوع المشكلة، ومن ثم الحديث عن من المسؤول، وأكد صفر ان المسؤول عن كارثة محطة مشرف للصرف الصحي هو المقاول الرئيسي للمشروع حيث تقع عليه مسؤولية تشغيل المحطة وصيانتها، لافتا الى ان الكارثة لها ثلاثة اضلاع منها وزارة الأشغال والمقاول الرئيسي ومستشار المشروع.
واشار الى ان الوزارة اتخذت عددا من التدابير والاجراءات للتقليل من الآثار السلبية نتيجة توقف محطة الصرف الصحي في منطقة مشرف عن العمل ومن ثم غمر بعض الغرف بالمياه خاصة غرفة اللوحات الكهربائية والمضخات، مؤكدا انه تم اجراء الصيانة لمنع طفح الغرف في المناطق السكنية، مشددا على ان صحة الانسان أهم الأولويات، موضحا انه عقب الانتهاء من ارجاع المحطة الى العمل ستكون هناك مراجعة شاملة لهذه المحطة وغيرها من المحطات لتجنب تكرار هذه الكوارث في المستقبل.
وأوضح د.صفر انه تم كذلك اتخاذ تدابير لتعقيم مياه الصرف الصحي قبل سكبها في مجارير الامطار وتوجيهها للبحر، مشيرا الى ان وزارة الأشغالقامت بوقف شرب المياه الى داخل المحطة منذ امس (اول من امس)، وتم نجاحها الى حد بعيد، مضيفا ان الفنيين يقومون الآن بتجفيف المياه الموجودة في المحطة وسحبها لتقنين الاضرار، مؤكدا ان الوزارة لديها عندنا قطع غيار جاهزة في الموقع وقامت بتشغيل التوربينات والمضخات الاحتياطية، مشيرا الى ان الباب الالكتروني بقوة من خلال قوة ضغط واندفاع مياه الصرف الصحي وخرج عن العمل، لافتا الى ان الوزارة ستقوم باصلاحه في القريب العاجل لضمان سلامة العاملين في المحطة.
وابدى د.صفر تفاؤله بتشغيل المحطة وإعادة العمل بها خلال الاسابيع القليلة المقبلة، موضحا ان جميع الجهود تضافرت في هذه الكارثة سواء في القطاع الحكومي او الخاص.
من جهته، اعلن مدير عام هيئة البيئة د.صلاح المضحي عن مخاطبة عدد من الشركات الاجنبية وتحديدا من كوريا الجنوبية للمساعدة على تكسير المركبات السامة في البحر، لافتا الى عرض الامر على وزير الصحة الذي تحدث بدوره الى سمو رئيس مجلس الوزراء الذي وافق سريعا، داعيا الى العمل بأسرع وقت ممكن على ايجاد حلول لهذه المشكلة.
واوضح د.المضحي ان هناك مراسلات تمت مع عدد من الفرق الاجنبية، آملا ان تأخذ الموافقة منهم قبل لقائنا غدا (اليوم) مع اللجان البيئية في مجلس الامة، مشيرا الى ان كوريا الجنوبية متطورة جدا في هذه التقنيات، حيث انهم واجهوا المشكلة نفسها واصعب، حيث كانوا يعانون من صرف صحي وصناعي، مشيرا الى ان الخبراء سيقومون كذلك بمسح بيئي للشواطئ.
وابدى تخوفه من ان يكون هناك تلوث حدث على الشواطئ لكنه في الوقت ذاته اكد ان الخبراء الاجانب سيقومون بالافادة في التعامل مع تلوث الشواطئ، مؤكدا ان تراكيز التلوث في البحر عالية، قائلا: قراءتنا حول تلوث الهواء سواء في مشرف او شارع الخطابي او على امتداد المجرور ثبت انها ضمن نطاق الامان، مشيرا الى ان نسب التلوث في البيئة البحرية اعلى من المعدلات المسموح لها عالميا، جراء تدفق مياه الصرف الصحي الى البحر.لافتا الى ان البيئة حذرت كإجراء احترازي من السباحة والصيد في موقع ديوانية الصيادين حتى شاطئ الفنطاس، ناصحا بعدم الصيد والسباحة حتى شاطئ الفحيحيل، حفاظا على صحة المواطنين ومرتادي البحر في هذه الأماكن، مشيرا الى ان هناك فريق عمل تم تشكيله بين الهيئة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية ووزارة الكهرباء والماء، موضحا ان منطقة الشعيبة آمنة وبعيدة عن التلوث، ومشيدا بدور بلدية الكويت التي قامت بتركيب بعض اللوحات الإرشادية على بعض الشواطئ الخاصة.
من جهته، قال نائب المدير العام لهيئة البيئة الكابتن علي حيدر ان مياه الشرب في الكويت آمنة جدا وصالحة للشرب والاستهلاك الآدمي، حيث ان طريقة إنتاج المياه آمنة ونتابع جودة المياه شمالا وجنوبا، مناشدا المواطنين والمقيمين التعاون لتدارك هذه المشكلة عبر التقليل من استهلاك المياه، خاصة في محافظة حولي، لإعطاء الفرصة للإخوان في وزارة الأشغال.
الوزارة لم تتسلم المحطة
أما وكيل وزارة الأشغال المساعد لشؤون الهندسة الصحية م.خالد الخزي، فأكد ان وزارة الاشغال لم تتسلم حتى الآن المحطة بشكل نهائي ورسمي، مشيرا الى ان التشغيل والصيانة من مسؤوليات المقاول، مضيفا ان قيمة عقد محطة مشرف بلغ 42 مليونا و38 ألف دينار، مؤكدا ان عقد تصميم المحطة وقع في عام 2002، حيث كانت مدة الانتهاء منها خلال 1460 يوما، لافتا الى ان المحطة تقع على مساحة 150 مترا مربعا وبعمق 30 مترا اي بارتفاع 10 ادوار سكنية، وبـ 3 مستويات، وبها محطة ضخ تقوم بتجميع مياه الصرف الصحي لمحافظة حولي بالكامل، مشيرا الى ان الخطين المتوجهين الى العارضية متوقفان تماما عن العمل، مشددا على ان الجهد منصب الآن على إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الحادث، ومؤكدا انه سيتم فتح ملف المحطة لمعرفة ما اذا كان السبب هو سوء إدارة.من جهته، قال رئيس المهندسين في وزارة الاشغال م.محمود كرم ان الوزارة قامت في شهر يوليو من العام الحالي بفحص المضخات من خلال شركة عالمية وتبين ان المحطة بحالة جيدة ولكن حدثت بعض الأعطال الكهربائية في المخضات ومن ثم عطب في بعض القطع الالكترونية وتم استدعاء الشركة المصنعة لهذه القطع واثناء العمل في اصلاح هذه القطع بتاريخ 23 اغسطس حدث خلل في البوابة الرئيسية في المحطة مما ادى الى تدفق مياه الصرف الصحي لغرف المحطة.
بدوره قال مدير ادارة صيانة حولي للطرق والشبكات م.عبدالعزيز الصباح ان منطقتي الشعب وحولي هما المنطقتان الوحيدتان غير المتضررتين من حادثة المجاري، مشيرا الى ان اكثر منطقة متضررة هي منطقة السالمية، وأشار الصباح الى ان الطفح نتيجة حادثة مشرف استمر لمدة 3 ساعات فقط منذ يوم الحادث حتى الآن وان الطفح موجود في أماكن سحب المياه خاصة ان البحر هو المنفذ الوحيد لاخراج مياه المجاري. وأكد انه في حال عدم رمي المياه في البحر ستؤدي بشكل كبير الى طفح في المناطق السكنية والتجارية الموجودة، مشيرا الى ان الأشغال قررت توزيع المياه الى 6 مجارير لسكبها في البحر، متوقعا م.الصباح ان تنزل النسبة العليا لوجود مياه المجاري في عدد من المناهيل، مؤكدا انه في الوقت ذاته أن الوضع سيرجع طبيعيا خلال ايام ولكن المواطنين والمقيمين يلاحظون انتشار مضخات السحب. وأكد مدير ادارة شؤون البيئة في وزارة الأشغال م.باقر دشتي أنه يوم الحادثة وزعت فرق البيئة بالاشتراك مع فريق التعامل في المواد الخطرة في المطافي لأخذ العينات الرسمية وقياس نسب الروائح داخل وخارج المحطة. مضيفا أن في اللحظة ذاتها قامت الفرق بحقن العديد من الحقن الثابتة المعالجة بالاضافة الى بعض المواد البيولوجية والكيميائية لمياه المجاري في داخل المحطة، مشيرا الى ان الركود في المحطة ساهم في معالجة المياه قبل خروجها لجون الكويت.
من جانبه، قال وكيل وزارة الأشغال العامة م.عبدالعزيز الكليب ان الوزارة تقوم حاليا باستئجار تناكر لنقل مياه المجاري الى المحطات الأخرى، مشيرا الى ان الوزارة قد ردت بكتب رسمية على المقاول بشأن صيانة المشروع وان الوزارة تحتفظ بحقها في المشروع بعد معرفة نتيجة لجنة تقصي الحقائق، مؤكدا في الوقت ذاته أن التسلم النهائي للمشروع لم يتم حتى الآن. وأضاف ان وزارة الأشغال ليست لديها الخبرات الكافية للتعامل مع هذا الحادث الذي يعتبر الأول من نوعه، مؤكدا الكليب ان المسؤولين في الأشغال لم يعرفوا حتى الآن السبب الرئيسي للعطل، مشيرا الى انه تم تحويل ما يقارب الـ 20 الف متر مكعب من مياه المجاري في محطة مشرف لمحطة الرقة لتخفيف السعة الاستيعابية التي يتم ضخها في البحر.
موضحا الكليب ان المشكلة التي تواجه فريق العمل الآن ولم يستطع السيطرة عليها حتى الآن هي ان هناك خطوطا كثيرة ومتعددة تقوم بضخ المياه داخل المحطة والجهود حاليا منصبة وقف هذه الخطوط حيث انه كلما اغلقنا خطا نجد تسربا من خطوط اخرى.
«حماية البيئة»: الضخ للبحر يتم في أنابيب مكشوفة
اكدت الجمعية الكويتية لحماية البيئة ان التسرب مازال موجودا في منطقة محطة مشرف، وقالت لقد قام فريق الجمعية بتصوير موقعين في مشرف حيث يتم ضخ مياه الصرف الصحي في انابيب مكشوفة، مما يعني زيادة مستويات تركيز الملوثات، ويعني ايضا الخطورة على صحة المجتمع، كما تبين الصور مدى انتشار التلوث في مساحة كبيرة في الموقع الثاني، وهو شاطئ المسيلة، حيث من الصعب جدا التواجد على هذا الشاطئ مدة تزيد على خمس دقائق، نظرا للتراكيز العالية للملوثات عليه.
وأضافت لقد سبق للجمعية الكويتية لحماية البيئة، وفي بيان سابق لها يعود تاريخه الى عام 2002 ان دعت الى ضرورة اجراء قياسات دورية واعادة النظر في مشروع الصرف الصحي في منطقة مشرف، وذلك جراء ما اثير حينذاك من انبعاثات غازات كبريتيد الهيدروجين السام من مشروع المحطة، والتراكيز العالية للغازات التي تم تسجيلها حيث بلغت 795 وحدة في المليون، وكما اشار البيان الى اعداد دراسات المردود البيئي لمثل هذه المشاريع قبل تنفيذها، وضرورة مشاركة المجتمع الرأي قبل اتخاذ القرار.
وابدت اسفها لعدم تحرك النواب باستثناء الجهود الكبيرة التي يبذلها النائب د.علي العمير، ورغبته بتوجيه اسئلة برلمانية لوزير الاشغال، حيث تؤيد الجمعية هذه البادرة التي لعلها تكون الاولى في الشأن البيئي، ويؤسف الجمعية ايضا السياسات المعهودة التي لاتزال الحكومة تتبعها وهي سياسات التكتم على المعلومات عن المجتمع وكأن المجتمع لا يستحق ان يعرف ما يدور حوله، فعدم نشر بيانات حول تراكم تراكيز الملوثات سواء في الهواء في منطقة التلوث في مشرف والسواحل، وعدم نشر بيانات تراكيز الملوثات في مياه الخليج، وتشكيل لجنة لهذا الامر دون تضمين عضويتها ممثلا عن الجمعية الكويتية لحماية البيئة، مما يفقدها مصداقيتها، وكما تعودنا في السابق، كما كان الحال في لجنة نفوق الاسماك التي بقيت تقاريرها طي الكتمان دون ان تتم محاسبة أحد، وها هو الحال يتكرر في هذه اللجنة التي سيشكلها وزير الاشغال، حيث تعودنا على عدم نشر تقارير لجان التحقيق مسؤولية القضايا البيئية، كما تدعو الجمعية الى انه ينبغي تطبيق اللوائح والقوانين البيئية على «الاشغال» وتغريم الوزارة المبالغ المالية بقيمة الضرر الذي احدثته المشكلة، كما تدعو الى انشاء صندوق لاعادة تأهيل البيئة الكويتية بحيث تكون ادارته خارج النطاق الحكومي، نحن امام كارثة تتطلب تضافر الجهود وبناء الثقة بين الاجهزة المعنية في مثل هذه القضايا، حيث نستطيع التوصل الى حل يخدم الكويت وأهلها، لان الوضع الحالي لا نستطيع به ان نصل الى ايجاد معالجة جذرية، ونرجو من الحكومة ان تعيد النظر في سياساتها وان تعتمد على الشفافية، حيث ان المجتمع ناضج يستطيع ان يفكر ويتخذ قراره بصورة عقلانية جدا.