بيان عاكوم
رد وزير الاعلام اللبناني د.طارق متري على الهجوم الذي شنه مدير الأمن العام السابق جميل السيد على رئيس الجمهورية، مشيرا الى انه كلام غير مبرر مبينا ان الرئيس حريص كل الحرص على احترام الدستور ووحدة البلاد ويعمل على بناء الوفاق وليس فقط ادارته، مؤكدا على ان هذا الهجوم ليس في مصلحة البلاد. وقال في حوار خاص مع «الأنباء» خلال زيارته الى الكويت لتمثيل الرئيس فؤاد السنيورة في اجتماع المجلس العربي الذي تم تأسيسه في الكويت انه لا يوجد مبرر لاعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة حتى ان طال انتظار التأليف لانه قام بواجبه وتصرف بحكمة. وانتقد متري بعض القوى السياسية التي اشار الى انها تريد تغيير قواعد النظام السياسي للبلاد وتتدخل في مهام رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، لافتا الى انه لا يحق لاي قوى ان تفرض رأيها على الرئيس المكلف لان من يشكل الحكومة ليس زعماء القوى السياسية ولا يحق لهم التصرف في جزء من السلطة كما يشاؤون وانما فقط يؤخذ برأيهم واستشارتهم. ورأى متري ايضا ان احد اسباب عرقلة التأليف وجود دول تريد استثمار عملية تأليف الحكومة حتى تنال مقابلا ما وبانتظار هذا المقابل لن تفرج عن التأليف مبينا ان هناك قوى لمصالح داخلية تلتقي مع هذه الرغبة. وعما اذا كان لقاء الحريري ـ عون سيحقق انجازات على صعيد تشكيل الحكومة قال: «اللقاء خير من عدمه والرئيس الحريري اظهر استعداده لمشاورة الجميع وتصرف بمرونة كبيرة». وفيما يلي تفاصيل الحوار:
إلى أي مدى سيحقق المجلس العربي الذي تشاركون في اجتماعاته نقلة نوعية برأيكم في عمل مؤسسات المجتمع المدني، وهل سيكون استثناء من القاعدة التي اعتدنا عليها في عمل تلك المؤسسات في وطننا العربي؟
هذا الاجتماع خطوة اولى مهمة، فهناك حاجة لمجلس كالذي اجتمعنا من اجل إنشائه ولكننا بحاجة للمزيد من التفكير لتحديد مهامه بدقة، لكن الفكرة الآن هي ان يضم المجلس شخصيات وليس مؤسسات، وبالتالي قيمة المجلس وعمله في المستقبل مرتبطة بالتأثير المعنوي، الاحترام والصدقية التي تحظى بها الشخصيات التي يتألف منها وايضا تم الاتفاق على ان يضم المجلس اشخاصا ممن لديهم خبرة في الحياة العامة ولكن لا يحتلون الآن مناصب سياسية، وهذا مفيد جدا لأنه يعطي المجلس الاستقلالية ويكون أقرب للتفاعل مع الاهتمامات التي تعبر عنها مؤسسات المجتمع المدني.
هل من الممكن ان يكون مؤثرا على صناع القرار في حين ان التجربة العربية مخيبة للآمال في هذا الخصوص؟
إنشاء المجلس يهدف الى المساهمة في حل بعض المشكلات العربية او من اجل الحوار العربي ـ العربي والحوار مع العالم الخارجي، ولكن بطريقة تسمح للعاملين فيه بان يسهموا في صنع القرار، وهنا يستحسن التمييز بين صنع القرار واتخاذ القرار، فالسلطة السياسية هي التي تتخذ القرار ولكن صنعه بكل المجتمعات العربية بغض النظر عن طبيعة الأنظمة السياسية فيها عملية معقدة يشارك فيها المثقفون والاعلام والشخصيات ومؤسسات المجتمع المدني، وفكرة المجلس تقوم على أهمية المساهمة في صنع القرار بهذا المعنى، وما تم اليوم اجتماع تأسيسي سيلحقه اجتماع تشاوري آخر بعد 3 أشهر.
ماذا عن دور المجلس في حل الخلافات العربية، حيث قيل ان الاجتماع شهد انقساما في الآراء حول ما اذا كان سيتدخل في الخلافات ام لا؟
لم يحصل انقسام، يعني حزبين، كلا منهما بمواجهة الآخر، ولكن نوقشت الفكرة ولم يحصل اجتماع حولها، ولكنها لاتزال مفتوحة، وكما ذكرت ان المجلس يضم شخصيات لها خبرة في العمل العام، ويمكن للمجلس ان يقوم بدور الوساطة او المساعي الحميدة او تقديم رؤى لحل بعض المشكلات بين الدول العربية إذا نشأت او داخل الدول العربية.
ماذا عن وجودكم؟ هل أنتم تشاركون في التأسيس؟
المدعو هو الرئيس فؤاد السنيورة ولكن لم يحضر الاجتماع لمشاغله، فهو لايزال رئيس حكومة مستقيلة وحينما دعي كان الافتراض انه لم يعد يحتل منصبا سياسيا، ولست من ضمن مؤسسي المجلس.
كوزير إعلام في اي خانة تصنف الإعلام الكويتي؟ وهل هناك اي تعاون بين الكويت ولبنان في هذا المجال؟
الإعلام الكويتي يتميز بالتنوع والحرية الواسعة، ويتضمن كفاءات عالية ومهنية، فالصحافة الكويتية جديرة بالتقدير والإعجاب، اما العلاقة بين لبنان والكويت فهي قديمة ووثيقة وهناك شبه كبير بين الكويت ولبنان على غير صعيد ومنها ما يتعلق بحرية الإعلام وتنوعه.
لاحظنا في الفترة الأخيرة تراجع مركز لبنان في حرية الصحافة وفقا للتصنيفات التي تجريها مؤسسات عالمية، لماذا هذا التراجع؟
الإعلام في لبنان متنوع وحر وعلى درجة عالية من المهنية، ولكن مشكلة الإعلام اللبناني انه ليس مستقلا كفاية، وكثير من وسائل الإعلام خصوصا المرئي والمسموع - لأن الإعلام المكتوب أكثر استقلالا من الإعلام المرئي والمسموع - يرتبط بقوى سياسية، وكثير من المرات يتحول لما يشبه الإعلام الحزبي ولذلك يتجه للتعبير عن الموقف والدفاع عنه وتعبئة الأنصار وإدانة الخصوم، فهذه الأمور تأخذ حجما كبيرا من العمل الإعلامي على حساب الخبر وتوفير المادة الإعلامية التي تسمح للمواطن بان يكوّن قناعاته.
نقبل الفوضى للحفاظ على الحرية
معظم المؤسسات الإعلامية في لبنان يمتلكها زعماء سياسيون، وكما ذكرت تحول الإعلام لما يشبه الإعلام الحزبي، فكيف يمكن اذن النهوض مجددا بالإعلام اللبناني بعيدا عن هذه الفوضى؟
اذا كان ثمن الحرية هو الفوضى فسنحافظ على الحرية وليس باسم الفوضى بسن قوانين تحد من الحرية، فهذا ليس في الوارد، ولبنان سيفقد ميزة كبيرة من ميزاته اذا قيدت الحريات الإعلامية أو مورست على الإعلام رقابة أيا كانت دوافع هذه الرقابة، فهذه قناعتي أعبر عنها بصراحة دون التباس، ولكن المشاكل التي كنا نشير اليها يجب ان تعالج بطريقة أخرى، وانا كنت ممن يعتقدون ان الإعلاميين أنفسهم يستطيعون فيما بينهم ان يكوّنوا نوعا من الميثاق الأخلاقي المهني فهذا يسمح لوسائل الإعلام التي ينتمون اليها رغم انحيازها السياسي الواضح - وهذا حقها - بان تعبر عن رأيها كما تشاء ولكن مع بعض الاستقلال، لا أحد يرى ان يحرم وسائل الإعلام والإعلاميين، فمن حقهم ان يكونوا أصحاب موقف، ولكن من حق اللبنانيين عليهم والإعلاميين المهنيين على وسائل إعلامهم ان يكون هناك تمييز بين العمل الإعلامي المهني الصرف الذي تضبطه قواعد مهنية وأخلاقية وبين الخيارات السياسية، فإذا كان لدي خيارات سياسية أعبر عنها من خلال وسيلتي الإعلامية فهذا لا يبرر ان انشر أخبارا كاذبة، ولا يبرر ان اعتمد من أجل تعزيز مواقفي السياسية على مصادر غير جديرة بالثقة أو لم أتحقق من المعلومات التي تصلني، فهذا غير مبرر أيا كان موقفي السياسي لأن هناك قواعد للمهنة يجب ان احترمها، واعتقد ان التنظيمات المهنية للإعلاميين تشكل اطارا يجمع الإعلاميين وتكون حريصة على احترام أصول المهنة ليس بقوة القانون وانما بقوة الاقناع والتضامن المهني، فهذا يحسن وضعنا، ولا ادعي ان ذلك يحصل بين ليلة وضحاها وانما هو عمل تراكمي يحتاج الى وقت.
ماذا عن تطوير قانون الإعلام اللبناني؟
في كل القوانين لا يوجد قانون كامل، نحن لدينا قانون ولكنه لم يطبق، وأنا كوزير إعلام لا أتدخل في عدم احترام وسائل الإعلام المرئي والمسموع للقوانين لأن هيئة المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع مهمتها السهر على تطبيق القوانين. أما في مجالي فأطبق القانون دون تردد، ودون اعتبار لأي مواقف سياسية، والأمر الآخر اذا كنا بحاجة لقوانين جديدة أكثر حداثة فلتكن، ولكن علينا التباحث أكثر حولها، وكنت استطيع وضع قانون جديد واقترح على الحكومة ولكنني فكرت في ان يكون النظر في قوانين جديدة من خلال عملية تشاركية بين الوزير والإعلاميين، ولهذا وضعت مسودة إعلان المبادئ للمؤسسات الإعلامية واجتمعت مع وسائل الإعلام وتناقشت معها حولها.
لكنها جوبهت برفض كبير وانتقادات واسعة واعتبرت تقييدا للحريات؟
لم استسلم وسأكمل السير في قناعاتي ولم اخف ولا اخجل ولا ارضخ لاي ابتزاز، وحملة التهويل التي شنت على نص اعددته مع اعلاميين بالتشاور معهم لا تخوفني ولا تؤثر فيّ، ومن شن الحملة لا يمتلك اي صدقية ونحن نعلم ان وراء ذلك اهدافا سياسية رغم انني بالعمل الذي قمت به اهدافي لم تكن سياسية بالمعنى الفئوي.
وانا حريص ان يكون لدينا اعلام يليق بصورة اعلام عصري، وهم لا يعرفون انه لا يوجد بلد ديموقراطي في العالم الا ولديه مواثيق قائمة على مجموعة مبادئ وسلوكيات يتعاقد الاعلاميون على احترامها.
وما نعانيه في لبنان عدم احترام اصول المهنة لدى البعض حيث تنشر الاخبار بعيدا عن التأكد من مصداقية المادة او الخبر، وهذا لا يعني كل وسائل الاعلام وانما اقلية ولكن لديها صوت عال.
وايضا اشير الى ان هناك الكثير من الاعلاميين يتمتعون بالمهنية الا ان ما يحصل ان وسائل اعلامهم تقتطع عملهم وتستخدمه لاغراض تخص مواقفها السياسية او في الحملات التي تريد شنها على خصومها.
يعني الاعلام اللبناني وصل الى وضع مزرٍ؟
لا اريد ان اعمم، والسواد الاعظم لديهم كفاءة عالية، ولكن هناك مشكلة وسببها الانقسام السياسي ونفوذ القوى السياسية على وسائل الاعلام والطريقة التي يمارس بها اللبنانيون السياسة من خلال تشويه صورة الخصم والاساءة الى سمعته وتحقيره والتهكم على نحو يسيء الى كرامته وهذه مشكلة ليس فقط اعلامية وانما ثقافية ومعالجتها تتجاوز الاعلام، ولكن بإمكان الاعلاميين القيام بدورهم لان هذه المشكلة عامة ثقافية اجتماعية وسياسية.
واقول هنا ان صدقية الاعلام اللبناني على المحك داخليا وخارجيا، وكنت اعتقدت ان وثيقة اعلام المبادئ قد تكون بداية لكنها تعثرت وانا ذكرت للاعلاميين ان الاتفاق عليها ليس من اجلي وانما من اجل صدقية وسائل الاعلام وتعزيز احترامها داخل البلد وخارجه.
لقاء الحريري ـ عون
لقاء عون ـ الحريري هل سيحقق انجازات أو اي تغيير في حل العقدة الحكومية؟
اللقاء خير من عدمه والرئيس الحريري كان واضحا منذ اليوم الاول بإظهار استعداده لمشاورة الجميع واللقاء معهم وتصرف بمرونة كبيرة وتحفظ من باب الاحترام للآخر. وان شاء الله يكون اللقاء بداية تجاوب مع هذه السياسة.
ماذا لو أصر العماد ميشال عون على مواقفه؟
لا أعتقد ان الاصرار هو الطريق الصحيح اذا كنا في نظام ديموقراطي لديه اصوله، فرئيس الوزراء يؤلف الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية الذي يوقع مراسيمها، فإذا أردنا احترام ذلك مع الاخذ برأي القوى السياسية كلها ونراعي التوازنات السياسية المطلوبة في حكومة ائتلاف وطني فليس من حق اي قوى سياسية ان تفرض على رئيس الوزراء المكلف رأيها، ولا يوجد أي بلد في العالم تؤلف فيه الحكومات بهذه الطريقة.
رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ليس عملهم جلب 3 أجسام يلصق بعضها ببعض، فالحكومة جسم واحد ومن يشكل الحكومة ليس زعماء القوى السياسية، نعم لهم رأي مهم ويستشارون، ولكن هذا لا يعطيهم الحق في التصرف بجزء من السلطة كما يشاؤون والسلطة في مجتمع متنوع وروحية الائتلاف هي تشاركية ولا يستطيع طرف بالـvito أو بمشيئة لا تقبل الجدل يفرضها على البقية.
فيما لو استمرت الازمة هل اعتذار الرئيس المكلف وارد؟
لا يوجد اي مبرر لاعتذار الرئيس المكلف، فهو تكلف بأكثرية وقام بواجبه وتصرف بحكمة ومن مصلحة لبنان أن ينتظروه.
ما ردكم على الهجوم الذي تعرض له رئيس الجمهورية من قبل جميل السيد؟
الرئيس حريص على احترام الدستور ووحدة البلاد وبناء الوفاق وليس فقط إدارته والهجوم عليه أيا كانت دوافعه فغير مبرر وليس لمصلحة لبنان.
شهدنا عودة ملف المحكمة الدولية الى الواجهة اخيرا، لماذا برأيكم؟ وهل هناك رابط بينه وبين التشكيلة الحكومية؟
لا يوجد رابط فتأليف الحكومة عملية داخلية تخضع لقواعد نظامنا السياسي وموازين القوى السياسية ولنتائج الانتخابات. والمحكمة الدولية كيان قضائي يخضع لنظام وهيئة قضائية بعيدة عن التسييس بنيت وفق أعلى المعايير القضائية وتقوم بعملها بعيدا عن الحكومات اللبنانية التي لا تسأل ولا تعطي لنفسها الحق وليس لديها الحق في التدخل في شؤون المحكمة، ومن مصلحة كل اللبنانيين ان يتركوا المحكمة تقوم بعملها، وويقوموا هم بعملهم.