لم تعد منطقة الوفرة زراعية فقط، فقد صارت ومنذ نحو عقدين من الزمان زراعية سكنية.. يسكنها العديد من الناس وبالآلاف أفرادا وجماعات عوائل وعزابا في مئات البيوت المقامة في مدخلها القديم، ناهيك عن مئات البيوت الحديثة المقامة حاليا على مساحة شاسعة منها بحيث غدت المزارع النباتية تجاور البيوت والمساكن فيها تماما بل وتطل عليها.
وذلك له دلالات عديدة لعل أهمها الاستقرار الذي تتمتع به هذه المنطقة الحدودية النائية في اقصى جنوب الكويت على الحدود الكويتية ـ السعودية، والقناعة المتزايدة لدى سكان الكويت بمستقبلها الزاهر، خصوصا بعد إنشاء مدينة صباح الأحمد السكنية الرحبة قبلها بحوالي خمسة وعشرين كيلومترا، مزودة بكل المرافــق الحيويــة والمبـاني الحكومية.. التي تتوافر في كل منطقة كويتية اخرى في طول البلاد وعرضها.
وتحويل الوفرة من زراعية بحتة كما كانت قبل نحو اربعين عاما الى منطقة زراعية سكنية اقرب الى طبائع الامور ومجريات الحياة في معظم البلدان، فالبشر يقتحمون الصحاري اولا ليحولوها الى اراض زراعية ثم يحولون هذه الاراضي الزراعية الى مبان وعمائر وبيوت ومساكن.
لكن ورغم ان ذلك حادث ويحدث في كل الاماكن والأوقات.. فإننا نتمنى الا تطغى المباني السكنية في الوفرة على المزارع فيها، فنحن وإن كنا نقبل بأن تكون الوفرة زراعية سكنية، فإننا لا نقبل أن تتحول كليا من زراعية الى سكنية محضة، لذلك فإن مبلغ سروري كبير وأنا ارى من وقت لآخر البيوت الزراعية الحديثة تمتد على اراض في الوفرة، وما يقوم به أبناء المرحوم مرزوق الرشيدي والمزارع الشاب محمد المطيري والمزارع المتميز فيصل الدماك وسط الوفرة من توسع زراعي وغيرهم كثير يستحق الاشادة بل والدعم، لأنهم بتوسعهم الزراعي المتمثل في زراعة الصحراء وإقامة البيوت الزراعية الحديثة عليها.. يوازنون بين الزراعة والسكن فيها، كي لا تتفوق المساكن الصماء على الحقول الخضراء وهذا ما نتمنى له الاستمرار والديمومة والزيادة.
ومادام الشيء بالشيء يذكر فإني أهيب بالجهات المعنية وأولها الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية بقيادتها الجديدة برئاسة م.فيصل الحساوي.. أهيب بهم الى الموافقة السريعة على تشجيع المزارعين والتجار.. وأصحاب الشركات المعنية بأمر الزراعة وتوابعها.. على استثمار جزء من أموالهم في جميع ارجاء منطقة الوفرة لتغدو بالإضافة الى ما هي عليه الآن زراعية ـ سكنية ـ استثمارية، وذلك من خلال السماح للراغبين من المزارعين الحائزين مزارع وجيهة في الوفرة باستغلال اجزاء من هذه المزارع وتحويلها الى محميات وحدائق وأسواق ومحلات ومعارض، لتسويق منتجاتها الزراعية المتنوعة وتوفير المواد الغذائية والمستلزمات الحيوية لسكان الوفرة وروادها وزوارها المتزايدين، فمثل هذه الأنشطة الاستثمارية الأهلية الخاصة تزيد منطقة الوفرة جمالا وبهاء ونشاطا، شريطة ان تخضع جميع هذه الأنشطة لموافقات الجهات المعنية ومراقبتها أو متابعتها المستمرة مثل جميع الأنشطة المقامة في المناطق الكويتية السكنية الأخرى (داخل الديرة) القريبة منها والبعيدة عن العاصمة الكويت.
والخلاصة: الوفرة تزخر بالحياة الآن وبوتيرة سريعة ومستقبلها زاهر زاهٍ مشرق، بفضل الجهود الحكومية والأهلية فغدت الآن زراعية سكنية، ونأمل ان تكون بال إضافة إلى ذلك استثمارية قريبا لتقديم خدمات افضل لمزارعيها وساكنيها وروادها المتزايدين، والله الموفق.
عضو مجلس إدارة الاتحاد الكويتي للمزارعين