- علماء نفس واجتماع لـ «الأنباء»: عندما تشعر المرأة بضعف شخصية الزوج تتمادى في العنف ضده.. ولا بد أن تقوم الأسرة على المودة والاحترام
- هناك اعتداء جسدي ونفسي وعاطفي وسلبي خفي قد يقع على الرجل
- «النسرة» امرأة متسلطة تحب السيطرة والتحكم في الزوج
- العنف سلوك انحرافي من المرأة ناتج عن حالة غير طبيعية أو مرضية تجاه الرجل
- مسؤولية الأسرة والأولاد تدفع الزوجة إلى استعمال العنف ضد زوجها
- المرأة والجريمة موضوع شائك خجلت معظم الثقافات من طرحه للدراسة والتحليل
- المرأة إذا أحبت تحب بشغف وإذا كرهت تكره بشغف أيضا
- عندما تفكر المرأة في الانتقام تنسى أغلى ما تملك حتى فلذات أكبادها
- إحصائيات وزارة التربية أظهرت أن العنف في مدارس البنات يفوق مدارس البنين
العنف ظاهرة موجودة في جميع المجتمعات منذ القدم، ولكن طرق وآليات ارتكاب الجرائم تغيرت عما كانت عليه في السابق، وأصبحت اكثر دموية وفقد مرتكبوها ابسط معاني الإنسانية والرحمة، وتتعدد أشكال وصور العنف، وأبرزها العنف الأسري، والذي لا يقتصر على عنف الزوج مع زوجته وإيذائها نفسيا وبدنيا فقط، ولكن هناك عنف المرأة ضد الرجل، وقد ارتكبت عدة جرائم قتل نساء لأزواجهن وبطرق بشعة تقشعر لها الأبدان وقد اختلفت مبررات هؤلاء النسوة لقتل أزواجهن من خيانة أو بخل أو عدم اهتمام أو ممارسة الزوج لعنف بدني إزاء الزوجة بالضرب أو السب أو الإهانة. ومنذ أيام، اهتزت الكويت لجريمة قتل راح ضحيتها «مقيم مصري» على يد زوجته التي قتلته وتركت طفلتها ذات التسعة شهور لدى جارتها وسافرت إلى بلدها، حيث تجردت تلك الزوجة من كل معاني الرحمة، وكان بإمكان تلك الزوجة طلب الطلاق والرحيل إلى بلدها بسلام دون أن ترتكب الجريمة النكراء. «الأنباء» طرحت القضية على علماء ومتخصصين في علم النفس والاجتماع لمعرفة آرائهم حول الدوافع وراء ارتكاب جرائم العنف الأسري من الزوجة تجاه زوجها وأيضا معرفة طرق مواجهة تلك التصرفات العنيفة وحل الخلافات بطرق افضل،
وفيما يلي التفاصيل:آلاء خليفة
في البداية قالت أستاذة علم النفس بجامعة الكويت والمتخصصة في علم النفس الجنائي د. نعيمة طاهر، انه يمكن تعريف العنف أو الإساءة الزوجية بانها شكل من أشكال التصرفات المسيئة من قبل احد أو كلا الشريكين وتظهر على شكل الاعتداء الجسدي كالضرب والركل والعض والصفع والرمي بالاشياء وغيرها، أو التهديد النفسي كالاعتداء الجنسي أو العاطفي، أو السيطرة أو الاستبداد أو التخويف، أو الملاحقة والمطاردة، أو الاعتداء السلبي الخفي كالإهمال أو الحرمان الاقتصادي وقد يصاحب العنف الأسري حالات مرضية كإدمان الكحول والإصابة بالأمراض العقلية، لافتة إلى ان هناك نظريات عديدة عن أسباب العنف المنزلي منها «النفسية» التي تدرس السمات الشخصية والخصائص العقلية لمرتكب الجريمة وكذلك النظريات الاجتماعية التي تنظر في العوامل الخارجية لبيئة مرتكب الجريمة مثل كيان الأسرة، الضغط، والتعلم الاجتماعي، موضحة ان هناك الكثير من الأسباب التي تدفع أي فرد للتصرف بعنف تجاه شريك حياته أو أفراد عائلته وقد اتفقت جميع هذه الدراسات بأن هناك ثلاثة مصادر للعنف المنزلي، وهي التنشئة الاجتماعية لمرحلة الطفولة، التجارب السابقة للعلاقات الثنائية في مرحلة المراهقة، ومستويات التوتر في حياة الفرد الحالية.
وذكرت طاهر ان عنف الزوجة ضد الزوج هو احد أنواع العنف الأسري ويمكن تعريفه بانه سلوك انحرافي من المرأة ناتج عن حالة مرضية أو غير طبيعية تجاه الرجل فكثيرا من قضايا العنف ضد الرجال تأتي نتيجة اعتداءات من قبل المرأة وحجم المزاح والسخرية التي يتعرض لها الرجال المعنفون من قبل المجتمع وهذا يمثل عنف بالطبع فوق العنف الذين يتعرضون له من قبل زوجاتهم.
أشكال عديدة
وحول أنواع وأساليب عنف المرأة ضد الرجل قالت إنها تأخذ عدة أشكال منها اللفظية: مثل السب أو السخرية أو المعايرة والتي تمثل لدى الرجل نوع من الاهانة أو فضح أمر يثير سخط أو سخرية الآخرين منه أو ما يسبب له العقاب، بالاضافة إلى الإيذاء البدني مثل الضرب سواء باليد أو بأي أداة أخرى بالاضافة إلى الإيذاء بقصد إزهاق الروح، ومن الوسائل كذلك السحر ويكون ذلك باللجوء للدجالين محاولة منها لتقريب الرجل لها ووضع محبتها في قلبه للسيطرة عليه.
وأشارت طاهر إلى انه من أسباب عنف المرأة ضد الرجل خروج المرأة للعمل وتفوقها أحيانا على الرجال ماديا وعلميا مما يجعلها اكثر ثقة وسلطة، وأيضا عدم فهم المرأة لطبيعة الرجل الذي تعيش معه، وقلة دخل الرجل الذي لا يلبي احتياجات الزوجة والاطفال مما يدفعها إلى العنف وأيضا استخفاف الرجل بالمرأة وإهانتها وعدم الاستقرار العاطفي بينهما، بالاضافة إلى رد الفعل ضد عنف الرجل وهذا غالبا ما يحصل، حيث يمارس الرجل عنفا قاسيا ضد زوجته ما يقابله عنف في مستواه أو اقل منه فضلا عن التركيبة النفسية التي تعامل المرأة فيها بقسوة في طفولتها وأثناء شبابها فنشأت في هذه البيئة العنيفة حتى أصبحت تمارسه على الرجل، وغالبا ما تكون المرأة متزوجة برجل ضعيف الشخصية وبحكم انها تتحمل مسؤولية البيت والأولاد فقد تدفعها هذه المسؤولية إلى استعمال العنف لأنها تقلدت مكانة الرجل، كما ان الفارق العمري بين الزوج والزوجة يجعلها متسلطة وقوية.
موضوع شائك
ومن ناحيتها قالت أستاذة علم الاجتماع بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د.ملك الرشيد، ان المرأة والجريمة موضوع شائك خجلت معظم الثقافات عن طرحه للدراسة والتحليل حتى مدة ليست بالطويلة بسبب ارتباطه بالمألوف و«المأمول» من طبيعة المرأة الهادئة الصبورة الراعية والموفرة للحب والأمان، ولذلك نجد ان معظم الثقافات تنشر أخبار جرائم الرجال وكأنها يوميات معهوده بينما تطالعنا بجرائم المرأة كخبر أساس جاذب للمتابعة من قبل الأغلبية، وكما هي طبيعة المرأة العاطفية والحساسة والمحبة، فكما تحب بشغف فإنها إذا كرهت تكره بشغف.
وذكرت الرشيد ان معظم جرائم المرأة تندرج تحت ما يسمى بجرائم الشغف أو «crimes of passion» وهي كما هو معروف لدى المختصين من أعنف الجرائم وأكثرها غرابة و«بشاعة» وبعدا عن المنطق في الغالب، لافتة إلى ان دوافع جرائم المرأة في غالبها علائقي - عاطفي - انفعالي، فهي في كثير من الأحيان ردة فعل لخيانة ممن توسمت المرأة منهم الوفاء، أو نكران لمن أفنت حياتها في رعايته، وقد تكون جرائم المرأة أكثر تخطيطا وترتيبا وانتظارا للوقت المناسب، فقد تنتظر المرأة - المعروفة بقوة صبرها- لعقود من الزمن حتى اللحظة المناسبة للانتقام، وحينما تحل تلك اللحظة فلا رادع ولا تراجع ولا رحمة ولا طريق للعودة مهما كانت النتائج وحتى لو كان الثمن أغلى «إنجازاتها» على هذه الأرض وهم الاولاد.
دراسات وبحوث
وبدورها، ذكرت أستاذة الإرشاد النفسي بكلية التربية بجامعة الكويت د.نورية الخرافي ان كثيرا من دول العالم حاليا اتجهت لإجراء بحوث تحليلية حول أسباب انتشار ظاهرة العنف الأسري وهناك الكثير من اللجان التي شكلت حول هذا الموضوع وازدادت المطالبات ببيوت الايواء، لافتة ان العنف الأسري غالبا، يكون منصبا على الأضعف وهم المرأة والاطفال.
وقسمت الخرافي ظاهرة عنف الزوجات ضد أزواجهم إلى قسمين عنف نفسي ويتمثل في التمرد والألفاظ الجارحة المهينة سواء كانوا بمفردهم أو أمام الناس عندما تصدر كلمة مهينة جارحة من المرأة لزوجها، أما القسم الثاني فهو العنف الجسدي ودوافعه عديدة منها سوء معاملة الزوج للزوجة، لافتة إلى ان هناك بعض الزوجات يلتزمن الصمت في البداية حتى يبلغ السيل الزبى وتصل الزوجة لمرحلة تقرر فيها الدفاع عن نفسها، مشيرة إلى ان هناك نوع آخر من الزوجات يرفضن منذ البداية سوء المعاملة من الزوج وتتبع منطق «إذا طقني أصفعه» حتى لا يكررها مرة أخرى، موضحة ان الكثير من الأزواج لا يراعون المودة والرحمة في التعامل، ولذلك تتعامل الزوجات بطريقة «الند بالند» كما ان هناك بعض الرجال يكون من ضعاف الشخصية أمام زوجاتهم وعندما تشعر المرأة بأن زوجها ضعيف الشخصية فتنعكس الأدوار وتصبح هي في مركز القوة بما يجعلها تتمادى في العنف.
وأشارت إلى ان هناك بعض الرجال يرفضون الشكوى بأن زوجاتهم يمارسن العنف ضدهم حفاظا على كرامته ومكانته الاجتماعية بما يجعل الزوجة، مشيرة إلى ان احصائيات وزارة التربية أظهرت ان العنف في مدارس البنات يفوق مدارس الشباب، مؤكدة انه في المملكة المغربية تم تشكيل لجنة مؤخرا تحت اسم «الشبكة المغربية لحماية حقوق الرجال» في دلالة على مستويات العنف الأسري في المجتمعات العربية، مبينة ان خروج المرأة إلى العمل وعدم اعتمادها على الرجل ماديا أعطاها قوة وجعلها ترفض الاهانة والتجريح والعنف، وأيضا تغير نمط الحياة جعل ظاهرة العنف الأسري اكثر انتشارا.
وفي السياق ذاته قال أستاذ علم النفس بكلية العلوم الاجتماعية والحاصل على الدكتوراه في الإرشاد النفسي والتربوي والمستشار في وزارة التربية ومسؤول الأمن النفسي في مجلس الوزراء د.صالح السعيدي، ان الحاجة ماسة لمعرفة الدوافع والأسباب التي أدت إلى ظهور بعض التصرفات وان كانت نادرة ولكن اثرها كبير على المجتمع بان تقوم الزوجة بقتل زوجها، مضيفا: لابد ان نضع ايدينا على الافكار السلبية للفرد والتي تعتمد على أسلوب تربيته وتنشئته وطريقة تحكمه بالامور والتدريب على مهارات الحياة، والمهارات الاجتماعية جزء مهم جدا في بناء الشخصية.
الغيرة النسائية
وتابع السعيدي: وقد تكون هناك أسباب تعود إلى الغيرة النسائية ولكن لابد من ضبط النفس، مشيرا إلى حادثة قتل الزوجة المصرية لزوجها المقيم المصري في الكويت، مطالبا بأن تكون هناك أبحاث اجتماعية نفسية لمعرفة أسباب ودوافع تلك الزوجة التي قامت بقتل زوجها بهذه الطريقة البشعة، ومنذ أسبوعين قامت امرأة سعودية برمي زوجها بالرصاص، لافتا إلى ان وسائل التواصل الاجتماعي رصدت تلك المشكلات بأسرع وقت، مشددا على ضرورة تضافر جهود المجتمع المحلي والخليجي والعربي والدولي من اجل توعية المجتمع وإقامة دورات وورش عمل توعوية وإحداث نهضة اجتماعية تقوم على التوعية بتلك المشكلات ولابد ان يكون هناك تدخل من قبل كثير من المراكز والشخصيات وإعادة التنشئة، لاسيما وأن الكثير من الدول الخليجية والعربية والغربية بدأت بالبحث لإعادة التنشئة للطفل والأسرة السليمة، كما ان الحاجة ماسة لتضافر جهود المؤسسات التربوية والاجتماعية ووسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي لوضع الحلول الناجعة لاستبدال الأفكار السلبية والعدوانية بأفكار اكثر حكمة وإيجابية.
وأردف: نحتاج لتطبيق القوانين واللوائح بشكل حاسم وان تكون العقوبات رادعة وتنفذ على ارض الواقع بسرعة، حتى يكون المجرم عبرة لغيره ولابد من تفعيل الجوانب السلوكية في القوانين.
«النسرة»
وذكر أستاذ علم النفس بجامعة الكويت د.خضر البارون ان هناك نساء متسلطات نسميها في الكويت «النسرة» وهي عنيفة جدا لدرجة ان احد الأشخاص وهو محام يقول: «أخذنا حكم للرجل بأن تخرج المرأة من المنزل»، ومن شدة خوف الزوج من زوجته لم يجرؤ على الذهاب للمنزل للتأكد من أنها نفذت الحكم واصبح يسأل مندوب المحكمة هل خرجت زوجتي من المنزل؟
وأوضح البارون ان عنف النساء قد يكون ناتجا عن العوامل البيولوجية أو نتيجة زيادة هرمون الذكورة لديها وقد تكون الظروف المعيشية بأن الرجل خضع وتنازل لدرجة انها أصبحت تسيطر عليه، وهناك رجال يحبون «الطق»، وغالبا ما يكون الرجل متكاسل أو بخيل ولا يؤدي واجباته اليومية وفي المقابل تكون المرأة محبة للسلطة، وتحب تستخدم العنف مع زوجها وهذا ضد عاداتنا وتقاليدنا، مؤكدا على ضرورة توعية النساء بأن يحترمن أزواجهن ويبتعدن عن ممارسة العنف من اجل حياة زوجية سعيدة، لافتا إلى ان كلا منهما يكمل الآخر، ويمكن تقسيم الاعمال على هذا الأساس، فمن المهم جدا إيقاف عنف النساء ضد الرجال اجتماعيا وقانونيا، ونرفض أيضا عنف الرجال ضد النساء فلابد ان تكون الحياة الزوجية قائمة على المودة والرحمة والإنسانية والاحترام.
وأشار إلى ان الكذب والخداع نوع من أنواع العنف، والعنف المنزلي لا ينطبق على العلاقة بين الزوج والزوجة بل على الاطفال والأقارب والعمالة المنزلية فلابد للإنسان ان يحل مشاكله بالطرق السليمة الإيجابية، موضحا أن العنف له آثار قوية فقد تخرج كلمة جارحة من الزوجة للزوج أمام أسرته تكون لها الوقع السيئ عليه.