أكد وزير المواصلات د. محمد البصيري ان محادثات مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية مع المسؤولين عن الخطوط العراقية بشأن تسوية ملف الخسائر التي تكبدتها «الكويتية» نتيجة سرقة طائرات ومعدات مملوكة للمؤسسة ابان الغزو العراقي انتهت دون نتيجة ايجابية نظرا لعدم جدية المقترحات العراقية وعدم تقديم اي معلومات مؤكدة أو وثائق تدعم هذه المقترحات، وكذلك عدم تقديم اي ضمانة بنكية بالمبلغ المقترح ما كان يعني رفض المحاكم البريطانية التي ستعرض عليها التسوية المقترحة في ضوء السجل الحافل بالمماطلات من الجانب العراقي على مدى 18 عاما من عمر الدعوى.
جاء ذلك في رد الوزير على مجموعة من الاسئلة وجهها النائب د.وليد الطبطبائي والتي جاءت كما يلي: نشرت احدى الصحف في عددها الصادر بتاريخ 8/11/2008 خبرا مفاده: العراق يعرض 500 مليون دولار لتسوية النزاع مع الكويت حول سرقة طائرات المؤسسة. وفي تفاصيل الخبر «ان مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بذلت جهودا حثيثة من اجل استعادة ما تكبدته من خسائر ناجمة عن سرقة طائرات ومعدات مملوكة للمؤسسة ابان الغزو العراقي، ومن هذه الجهود توقيع الحجز امام المحاكم الكندية على طائرات ابتاعتها شركة الخطوط العراقية من شركة بومبادرير الكندية لصناعة الطائرات، وقد حصلت «الكويتية» على حكم قضائي بحجز هذه الطائرات، الا انه تبين ان بعضها قد غادر الاجواء الكندية فيما وصفته الكويت بأنه خرق للحكم. واضافت ان العراق تقدم بعرض بمبلغ 500 مليون دولار كتسوية نهائية للنزاع رغم ان الحكم القضائي الصادر ضد الخطوط العراقية باعتبارها مملوكة للدولة يبلغ مليارا ومائتي مليون دولار، وان الحكومة الكويتية من خلال مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية وافقت على العرض العراقي شريطة تقديم كفالة بنكية من مصرف عالمي. لذا يرجى افادتي بمدى صحة هذا الخبر.
وجاء في الرد: ان مؤسسة الخطوط الكويتية تؤكد ان المعلومات الواردة في الخبر المنشور في تلك الصحيفة والمنسوب الى مجلة «ميد» الاقتصادية، قد شابها تحوير مقصود للوقائع وخاصة في الفقرة التي تفيد «.. ان الحكومة الكويتية، من خلال مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، قد وافقت على العرض العراقي، شريطة تقديم كفالة بنكية من مصرف عالمي».
لا تنازل عن الحقوق
وافادت مؤسسة الخطوط الجوية بان المجريات الفعلية لهذا الموضوع تنحصر بالآتي: قام وفد عراقي يترأسه وزير المالية العراقي «باقر جبر الزبيدي» بزيارة مفاجئة للكويت في 7/9/2008 وذلك بهدف ايقاف اجراءات الحجز التحفظي الذي اوقع بطلب من مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية امام القضاء الكندي بتاريخ 27 اغسطس 2008 على 10 طائرات جديدة تعاقد العراق على شرائها من الشركة الكندية «بومباردير» ومنع تسليمها ما لم يتم سداد قيمة الاحكام الصادرة لصالح المؤسسة ضد كل من حكومة العراق «42 مليون جنيه استرليني» والخطوط الجوية العراقية «829 مليون دولار اميركي» مع الفوائد حتى تمام السداد. وكان على رأس مستقبلي هذا الوفد من الجانب الكويتي وزير المواصلات آنذاك م.عبدالرحمن الغنيم وبحضور مسؤولين حكوميين آخرين، حيث تم التأكيد للاشقاء العراقيين وبشكل حاسم على ان الاجراءات القضائية المتخذة من قبل المؤسسة بحق الطائرات تدخل في صميم التزامات المؤسسة.
على انه ونظرا لادعاء الوفد العراقي ان الطائرات المحجوز عليها تعود للحكومة العراقية، وعلى الاخص الطائرة الاولى المعدة للتسليم آنذاك لاستخدام رئيس الجمهورية العراقية جلال الطالباني، فقد وافق الجانب الكويتي، بهدف الحفاظ على العلاقات الطيبة بين البلدين الشقيقين، على جلوس فريقين يمثلان طرفي النزاع القضائي من الخطوط الجوية الكويتية والخطوط العراقية وذلك للتباحث بشأن كيفية سداد الجانب العراقي للمبالغ المحكوم بها للخطوط الجوية الكويتية والاتفاق على آلية للسداد يتم رفعها للجهات المختصة لدى حكومتي البلدين وذلك دون الاخلال بالقوانين والضوابط والاجراءات المعمول بها لدى البلدين الشقيقين.
عرضان هزيلان
وقد اجتمع ممثلون عن مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية برئاسة م.حمد الفلاح ـ رئيس مجلس الادارة ـ العضو المنتدب، وفريق عراقي يترأسه الكابتن كفاح جبار ـ مدير عام الخطوط الجوية العراقي على مدى يومين متتاليين اتضح خلالهما عدم جدية الطروحات والاقتراحات العراقية المنبثقة من موقف سلبي واضح تجاه الاحكام الصادرة لصالح الخطوط الجوية الكويتية ويتمثل في عدم الاعتراف بها اطلاقا من الجانب العراقي، حيث ركز الاشقاء العراقيون على «عدم مسؤوليتهم عن جرائم العهد الصدامي البائد» وان اي التزام منهم بسداد التعويضات المحكوم بها للخطوط الكويتية او جزء منها سيواجه بمعارضة شديدة داخل الحكومة والبرلمان العراقيين، مما يتطلب «تعاون الجانب الكويتي» للتوصل الى تسوية مقبولة لدى سلطات البلدين الشقيقين.
ومن هذا المنطلق، تقدم الاشقاء في الوفد العراقي بعرضين للتسوية، اولهما سبق وان قدم في الماضي دون ان يلقى استجابة من المؤسسة لتجاهله التام لحق المؤسسة الكامل في التعويض ناهيك عن غموض وضبابية العناصر الواردة فيه والتي كانت تتمحور حول النقطتين التاليتين: أ - ان تسدد الخطوط العراقية مبلغ نقديا قدره 150 مليون دولار اميركي «وفق آلية يتفق عليها لاحقا».
ب - تمنح الخطوط الجوية الكويتية حق الاستثمار في مجالات الطيران والتموين والشحن والخدمات الارضية التي تملك الخطوط العراقية حقوقا حصرية فيها وذلك في مطاري بغداد والبصرة «دون تزويد الجانب الكويتي بأي معلومات مؤكدة او وثائق تدعمها تساعد على استبيان مدى صحة وجدية تلك الاقتراحات».
اما العرض الثاني فتقوم بموجبه الخطوط العراقية بسداد مبلغ قدره 500 مليون دولار نقدا دفعة واحدة مقابل اسقاط كافة المطالبات المقدمة من الخطوط الجوية الكويتية والاحكام الصادرة لصالحها وعلى الخصوص رفع الحجز التحفظي فورا عن الطائرات في كندا. وقد أبدى م.حمد الفلاح بصفته رئيس مجلس ادارة المؤسسة رفضه القاطع لمثل هذه الاقتراحات التي تغفل اهمية تنفيذ الاحكام الصادرة لصالح المؤسسة بالتعويض، وكذلك القوانين المرعية في الكويت التي من مهامه شخصيا الحرص على خضوع المؤسسة لها كجهة حكومية ملزمة بحماية الاموال العامة دونما اعتبار للمعطيات السياسية التي تدخل في صميم اعمال السلطات العليا في الدولة، وعليه ابلغ الوفد الزائر ان اقل مبلغ نقدي تقبل به المؤسسة ينحصر في حدود 829 مليون دولار يمثل قيمة التعويض المحكوم بها، أما القيمة الباقية من المطالبة والتي تمثل الفوائد المترتبة حتى ذلك التاريخ فيمكن الاتفاق على آلية سدادها سواء بالاقساط الميسرة أو بطرق الاستثمار المبنية على المعلومات المؤكدة عن الاصول والحقوق ذات الصلة، وهو ما رفضه الاشقاء في الوفد الزائر. وقد انتهت المحادثات دون نتيجة ايجابية للاسباب المشار اليها أعلاه. أما الرواية المختلفة الخاصة بالضمانة البنكية، فإن جل المسألة انها جاءت ضمن جملة الاعتراضات التي قدمها الجانب الكويتي خلال المناقشات على تفصيل مهم ورد ضمن العرض العراقي «الثاني» بضرورة قيام الخطوط الجوية الكويتية ـ فيما لو حاز هذا العرض موافقة السلطات الكويتية ـ بإجراء فوري يرفع بموجبه الحجز التحفظي على الطائرات في كندا، ومن ثم ابلاغ المحكمة البريطانية المختصة بإيقاف اجراءات الدعوى المتداولة امامها، وفي المقابل يتعهد الجانب العراقي بسداد مبلغ 500 مليون دولار بعد انهاء بعض الاجراءات ومنها مصادقة البرلمان العراقي على ميزانية الدولة العراقية لعام 2009 ليمكن صرف المبلغ المقترح.
ضمانات بنكية
وقد كان رد فريق المؤسسة انه بالتسليم جدلا بموافقة سلطات البلدين على تمرير هذه التسوية المقترحة بالوسائل التشريعية المعتمدة لدى كل منهما، فإن المحاكم البريطانية التي ستعرض عليها التسوية المفترضة لإقرارها، لن تقبل، على ضوء السجل الحافل بأحكام الحنث باليمين والمماطلات من الجانب العراقي على مدى 18 عاما من عمر الدعوى، بأي حل لا يضمن نهاية حقيقية للدعوى التي استهلكت الكثير من اموال دافعي الضرائب البريطانيين، مما يتطلب بالتالي من الجانب العراقي مراعاة هذا الجانب واعتماد حل ملائم تطمئن اليه ايضا المحاكم البريطانية من حيث تغطية كل العناصر الموضوعية والاجرائية المعتمدة لدى القضاء البريطاني واهمها تقديم ضمانة بنكية بالمبلغ المقترح غير مشروطة ومحددة المدى لدى مصرف دولي معترف به، الا ان الجانب العراقي رفض المبدأ من اساسه باعتبار ان الدولة العراقية هي الضامن الوحيد وبالتالي لا تحتاج بصفتها هذه للجوء الى مصارف دولية لضمان تعهداتها لهذا الطرف أو ذاك.
عدم جدية الجانب العراقي
وفي سؤال آخر للنائب الطبطبائي قال فيه: هل ما زالت المفاوضات مع الجانب العراقي مستمرة حتى الآن؟ والى اين انتهت تلك المفاوضات؟ ومن الذي يقوم بالتفاوض عن الجانب الكويتي؟ واذا كان خبر الموافقة على العرض العراقي صحيحا، فما الاساس القانوني الذي تستند اليه الخطوط الجوية الكويتية في تخفيض مبلغ التعويض على الرغم من وجود حكم قضائي نهائي بالمبلغ المستحق لها؟
وكان رد «الكويتية» عليه كما يلي: حسب علم المؤسسة فإن المفاوضات الودية التي اجريت في شهر اكتوبر 2008 قد انتهت سلبا بسبب عدم جدية مقترحات الجانب العراقي على النحو المذكور أعلاه وتعارضها الجلي مع الانظمة والقوانين المرعية في الكويت.
وجاء السؤال الثالث للطبطبائي كما يلي: ما الاجراءات القانونية التي اتخذتها المؤسسة منذ تاريخ صدور الحكم لصالحها وحتى الآن؟ مع تزويدي بصور من كل المراسلات والاتصالات التي تمت مع الجهات الدولية لتنفيذ الحكم الصادر لصالحها.
وقالت المؤسسة في ردها على ذلك انه منذ صدور آخر الاحكام القضائية النهائية لصالحها في العامين 2007 - 2008 والمؤسسة تقوم بإجراءات تنفيذ تلك الاحكام في العديد من الدول التي يتوقع قيام الخطوط الجوية العراقية بتسيير رحلاتها اليها، وقد روعي في اختيار هذه الدول قبول انظمتها القضائية للاحكام البريطانية وسرعة الاجراءات المعتمدة لديها لإضفاء الصيغة التنفيذية على تلك الاحكام بموجب اتفاقية دولية (المجموعة الاوروبية) أو اتفاقات ثنائية (كندا).
وفي سؤال آخر قال الطبطبائي: على الرغم من اقرار الحجز على الطائرات العراقية في كندا، الا انه سمح لهذه الطائرات بمغادرة الاراضي الكندية، فما الاجراءات القانونية التي تم اتخاذها ازاء ذلك؟ وما مدى مسؤولية الجهات الكندية تجاه المؤسسة والزامها بسداد المبلغ المذكور؟
وردت «الكويتية» قائلة: قامت شركة «بومباردير» بالاتفاق مع الجانب العراقي، بخرق قانون الاجراءات المدنية لمقاطعة كيبك ـ كندا من حيث تسليمها الطائرة الاولى للعراق دون استئذان المحكمة المختصة، وقد اقرت الشركة بخطئها امام المحكمة وتعهدت بإيداع القيمة الكاملة لسعر الطائرة في خزينة المحكمة لحين صدور حكم من محكمة الاستئناف في مقاطعة كيبك مع التشديد عليها بعدم خرق القوانين مرة اخرى لما في ذلك من اهانة للمحكمة.
موقف موظفي «الكويتية» زاد حقوق المؤسسة إلى 100%
في اسئلة الى الكويتية قال النائب د.وليد الطبطبائي ان نص المادة 11 من القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الاموال العامة يعاقب كل موظف عام او مستخدم كلف بالمحافظة على مصلحة احدى الجهات الحكومية فتعمد الاضرار بمصلحتها ليحصل على ربح له او لغيره فما مدى انطباق هذه المادة على المسؤولين المكلفين بتنفيذ الحكم القضائي سالف الذكر من الجانب الكويتي.
واكدت «الكويتية» في ردها على هذا السؤال لا يوجد في التصرفات والاجراءات المتخذة من قبل المؤسسة في ايقاع الحجز التحفظي قبل او بعد تهريب الطائرة الى العراق ما يستوجب تطبيق احكام نص المادة 11 من القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الاموال العامة بحق أي من العاملين لديها المسؤولين عن متابعة تنفيذ الاحكام القضائية خاصة ان حقوق المؤسسة لم تتأثر جراء تهريب الطائرة الأولى، بل انه بفضل سرعة تحركهم تم اقناع المحكمة بارغام شركة «بومباردير» على ايداع القيمة الكاملة للطائرة (29 مليون دولار تقريبا) في خزينة المحكمة فازدادت حقوق المؤسسة الى 100% من قيمة الطائرة المهربة بدلا من نسبة 35% التي عادة ما تسدد من الزبون كدفعة اولى على الحساب حتى موعد تسلم الطائرة من المصنع حيث يسدد ذاك باقي الثمن بالكامل.
وفي سؤال اخر طلب الطبطبائي المستندات والاحكام القضائية والمكاتبات ومحاضر الاجتماع مع الجانب العراقي وكل ما يتعلق بهذا الموضوع.
وقالت المؤسسة: لا توجد مكاتبات مع الجانب العراقي حول المفاوضات آنفة الذكر، كما يجدر التنويه الى ان المؤسسة تكتفي بما ورد في اجابتها من معلومات ووقائع دون تقديم مستندات او وثائق مؤيدة، وذلك وفق ما قضت به المحكمة الدستورية بشأن تفسير المادة 99 من الدستور في قرارها الصادر بالجلسة المنعقدة بتاريخ 11 أبريل 2005 في طلب التفسير رقم 3 لعام 2004 والذي ورد فيه في البند خامسا من منطوق الحكم بعدم جواز التعدي على حقوق الافراد او تناول خصوصياتهم او افشاء اسرارهم او التعريض بهم، وكذلك البند سابعا الذي قضى بحق الرد على السؤال بما يكون مناسبا من بيان يفي بما هو مطلوب وليس الزاما تقديم مستندات او اوراق او وثائق مؤيدة او مثبتة لصحة الاجابة.