- المعتوق: الفقيد كان من الشخصيات الرصينة حيث فقدنا فيه مفكراً وعالماً وشخصاً عاش هموم وآلام الإسلام
- عبدالله دشتي: المهري كان يحمل في قلبه وطناً يريد أن يبنيه حضارياً ويجمع الكل دون إقصاء لأحد
محمود الموسوي
أقامت جمعية الثقافة الاجتماعية أمس الأول حفل تأبين فقيد الكويت سماحة السيد محمد باقر المهري رحمه الله، بعد مرور عام على وفاته في السابع عشر من شهر رمضان الماضي اثر جلطة دماغية، وقد شارك في الحفل عدد كبير من الشخصيات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، بحضور جمع غفير من الرجال والنساء.
وبهذه المناسبة، أكد أمين عام التحالف الإسلامي الوطني الشيخ حسين المعتوق أن سماحة العلامة الجليل آية الله السيد محمد باقر المهري كان من العلماء الأعلام العاملين الذين نفتقدهم اليوم في مختلف الأحداث والظروف، نظرا لتصديه الدائم لقضايا الوطن والأمة، مضيفا أن الراحل ينتسب إلى عائلة مؤمنة، حيث ان والده هو الفقيه الكبير اية الله السيد عباس المهري، الذي كان أحد كبار الأساتذة والمحققين في حوزة النجف الأشرف، وكان يتردد بين موطنه الكويت والنجف الأشرف لأنه كان يمارس مهامه وواجباته العلمية، إلى أن توفي رحمه الله اثر حادث وهو في طريق عودته للكويت، فتربى ولده محمد باقر على يد ثلة من عظماء الإسلام، وكان من ابرز أساتذته المفكر الإسلامي الكبير آية الله العظمى الشهيد محمد باقر الصدر، حيث تعلم منه الكثير، بالإضافة إلى المراجع والمفكرين الآخرين من أمثال السيد الخوئي، والسيد السيستاني، والسيد عبدالاعلى السبزواري، والزنجاني وغيرهم.
وقال المعتوق إن الفقيد كان من الشخصيات الرصينة، حيث فقدنا فيه مفكرا وعالما وشخصا عاش هموم وآلام الإسلام، بمعية أستاذه الصدر الذين تصدوا لحزب البعث العفلقي، ومواجهة مؤامرات الشيوعية، وبعد قيام الثورة الإسلامية في إيران ذهب إلى هناك، وتعرفت عليه هناك عندما كنت ادرس العلوم الدينية في الحوزة العلمية بقم، وكنا نلتقي بسماحته من حين لآخر، حيث عرفته بسعة الصدر، ووجدت فيه العلم والأخلاق الرفيعة والتواضع وحب الناس، ولا يوجد في قلبه حقد او ضغينة من احد، حتى عاد إلى وطنه الذي احبه واحب أهله، فرأيناه بعد الغزو يحمل هموم الجانب الكويتي، وكان من دعاة الوحدة الوطنية ونبذ الفرقة، كما تبنى قضايا الإسلام الكبرى وفي مقدمتها قضية فلسطين.
من جانبه، قال راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية في الكويت القس عمانويل غريب إن للفقيد السيد محمد باقر المهري مآثر كثيرة، حيث كان الصديق العزيز على قلوبنا، عرفته أثناء عملنا معا في مجلس العلاقات الإسلامية- المسيحية، وكان صاحب ابتسامة دائمة، ومن المؤيدين للحوار بين الديانتين السماويتين.
وأضاف: نعزي انفسنا جميعا، وعزاؤنا انه ترك سيرة عطرة نطلب بركة الله وعزاءه لأسرته الكريمة وأحبائه وأصدقائه.
ثم تحدث أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.عبدالله سهر قائلا: خبرتي مع السيد الفقيد محمد باقر المهري تمتد الى قرابة ٣٠ عاما، تعلمت منه الكثير، ليس فقط في جانب العلوم الدينية، وإنما خلال محاكاته للقضايا الاجتماعية والسياسية، وهنا اطرح قيمة التسامح التي حسب تقديري لا يمكن أن تنفك عن قيمة العدالة، لأنه من اهم مقومات العمل الاجتماعي والسياسي أن تكون لدى العامل قيم التسامح وان يكون عادلا مع الآخرين.
من جانبه، قدم إمام وخطيب مسجد الإمام المهدي عليه السلام الشيخ عبدالله دشتي العزاء لأسرة الفقيد السيد محمد باقر المهري، وللامة الإسلامية بمناسبة مرور عام على رحيله، مضيفا: «ينبغي ان نستوعب الحقيقة الفكرية والقلبية التي كانت خلف الفقيد، حيث كان في قلبه وطن يريد أن يبنيه حضاريا، ويجمع الكل دون إقصاء لاحد».
بدوره، تحدث شقيق الفقيد د.محمد صادق المهري قائلا: «إنا فقدناك أبا جعفر، ويوم الفراق احرق قلبي»، مضيفا: «ماذا أقول؟ انه السيد الذي أفنى حياته منذ الطفولة حتى آخر يوم في خدمة الدين والوطن والناس، أنها محطات موجعة وحزينة وقاسية في حياة الفقيد، ابلغ الأثر المحطة الأولى من خلال علاقة السيد المهري بالشهيد محمد باقر الصدر، حيث كان ساعده الأيمن، ومحط ثقته، حيث يكفي أن عدد تلاميذه ١٥٠ طالبا، اغلبهم من الفقهاء والعلماء والمجتهدين، ولكن كان لدى الشهيد الصدر سبعة طلبة مميزين منهم السيد المهري، حيث قال له إني أرى فيكم القيادة والنبوغ والعلم والاجتهاد».
وتابع: «أما المحطة الثانية الاحتلال والغزو، حيث تأثر كثيرا بما جرى على وطنه الكويت، وكان جل تفكيره كيف يطرد المحتل، فبعد أن مارس الأهل والأصدقاء ضغوطا عليه ليغادر الكويت خلال الغزو، توجه إلى مدينة قم، حيث تحول منزله إلى موقعا إعلاميا واجتماعيا، فكان له الأثر البارز في استقبال الكويتيين النازحين إلى إيران، وتوفير سبل العيش لهم في تلك الفترة، كما كان له الدور الأساسي والمحوري بالتنسيق بين الحكومة الكويتية في الخارج وبين الحكومة الإيرانية، وكانت دعواته المتكررة بعودة الشرعية، ومواقفه المشهودة، وتعبئة الشباب للوقوف ضد المحتل ومقاومته.
وزاد: «أما المحطة الثالثة فتتمثل بالحادث الإرهابي الذي وقع بمسجد الصادق، أنها الليلة الأخيرة من عمره، كان حاضرا وسيدا للجلسة، فكان حديثه عن الامتحان الكبير والصعب، والذي نتج عنه تآلف قل نظيره، معتبرا أن دمعة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، دمعة تعاضد بين الوالد وأبنائه، مضيفا أن الجميع من اخوته وأهله كانوا بجواره حتى يوم السبت ٤ يوليو ٢٠١٥، وكأنه كان يردد ما ردده جده الإمام علي عليه السلام: اشدد حيازيمك للموت فان الموت لاقيك، ولا تجزع من الموت إذا حل بواديك».
من جهته، تحدث النائب خليل الصالح قائلا: اقف اليوم لتأبين شخص غير طبيعي، حينما علمت بلحظات وفاته كنت قريبا من منزله بالجابرية، فدخلت مع أسرته إلى غرفته فوجدناه طريحا على فراشه وكتاب الله بجانبه، وكتب دينية على سريره، حيث رحل الفقيد السيد أبا جعفر وهو تارك العلم بلحظاته، مضيفا أنني عندما اقلب صفحات تاريخه نجد معالم ديوانه «ديوان الوحدة الوطنية» في الكويت، حيث جمع ووحد كلمته للكويت، وكان مرجعا لكثير من الأمور والقضايا الوطنية والإقليمية، لافتا إلى أن الجميع في هذه المناسبة يستذكر موقف سمو الأمير وسمو ولي العهد في حضورهم ومشاركتهم في عزاء الفقيد، ودور سمو رئيس الوزراء الذي خصص طائرة لنقل جثمان الفقيد إلى مدفنه في النجف الأشرف.
من جانبه، استشهد ابن الفقيد السيد جعفر بفقرة من رسالة الشهيد الصدر في حق والده عند عودته إلى ارض الوطن لمحبيه واتباعه «لقد بعثت إليكم قرة عيني»، مضيفا: «نجتمع اليوم في تأبين شخصية عرفه الكويتيون بانه رجل فتح قلبه للجميع ولخدمة المذهب، وسعيه الحثيث إلى التعايش بين جميع الطوائف، ودعواته لالتفاف الجميع حول القيادة السياسية».
وفي الختام، قال رئيس جمعية الثقافة الاجتماعية أحمد دشتي، ان الجمعية وهي تقيم حفل تأبين الرمز الديني والوطني سماحة آية الله السيد محمد باقر المهري فإنها تستكمل مسيرة مميزة في تكريم وتأبين من كان لهم بصمات مميزة سواء في سبيل تقوية أواصر الوحدة الوطنية أو تقديم خدمات جليلة لوطننا الغالي الكويت.
وأضاف: اننا نؤبن اليوم وكيل المرجعيات الشيعية، الرجل الذي كانت له بصمات واضحة في تاريخ الكويت الحديث، ويكفي انه كان صمام الأمان في الكثير من الأزمات والمحن التي عصفت بالبلاد.
وقد اعد المنظمون فقرات عدة منها الفقرة الشعرية للدكتور علي ملا علي، وفيلم وثائقي عن حياة الفقيد المهري تحت عنوان «للحنين بقية» من انتاج جمعية الثقافة، كما تم تكريم عائلة الفقيد من قبل القائمين على حفل التأبين، وفي النهاية اقيم معرض للصور عن حياة الفقيد وابرز محطات حياته.