أسامة أبوالسعود
تقدم صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسمو ولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد المصلين في صلاة عيد الفطر السعيد بمسجد الدولة الكبير وفي معيتهما رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي وكبار الشيوخ ونائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الأحمد ورئيس مجلس الوزراء بالإنابة ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك ووزير شؤون الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد وكبار المسؤولين بالدولة وحضور فاق الـ7 آلاف مصلٍّ.
وألقى خطبة الجمعة خطيب المسجد الكبير د.وليد العلي الذي شدد على ما جاء في الخطاب السامي لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في العشر الأواخر من ضرورة العمل والأمل في مستقبل مشرق للكويت وشعبها الأبي وعلينا ان نطرح خلافاتنا وراء ظهورنا وان نجعل الحرية نورا يضيء لنا الطريق وألا نجعلها نارا تلظى تضرم لنا الفتنة وتوقد الحريق.
وقال د. العلي في خطبته: اعلموا ان اجتماعكم المبارك بصلاة العيد يذكركم بأمرين اثنين، كل امر منهما يستدعي لجلالة قدره انشراح الصدر وقرة العين.
فأول أمر نستذكره بهذا المقام، معشر السادة الفضلاء الكرام: ان الصائم يستشعر في عيد فطره السعيد: أعظم لذة وهي النظر الى وجه الله الحميد، فشوق الصائم الى وقت فطره، شبيه بشدة شوقه بلقاء فاطره.
وتأملوا هذا المعنى العظيم، فيما أثر عن رسولنا الكريم، عليه افضل الصلاة والتسليم: «للصائم فرحتان يفرحهما: اذا افطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه».
فأسأل الله ان يقر أعينكم بالنظر الى وجهه الكريم، في مقعد صدق عند مليك مقتدر في جنات النعيم.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
والأمر الثاني الذي نستذكره في هذا اليوم المبارك الذي يلي شهر رمضان: هو ان نجتمع على كلمة سواء ويتلاحم مجتمعنا ويشتد كاشتداد البنيان.
وتأملوا معنى هذا التواد والتراحم بين افراد المجتمع الواحد في شرعنا القويم، في زكاة الفطر التي فرضها علينا الرسول عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم:
قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات».
فأسأل الله ان يجعل مجتمعنا متراحما كالبنيان المرصوص، وان يوفينا بمنه من الأمان والاطمئان نصيبنا غير منقوص.
فهذان الأمران اللذان وقع التذكير بهما من اعظم المنن والألطاف، وقد جاء التنبيه عليهما في القرآن الكريم في سورة الأعراف: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون، ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا ان تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون).
ان التكبير هو شعار المؤمنين في ليلة ويوم العيد، فتكبير الله تعالى مع التقوى هو القول السديد (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
أما بعد: فقد علم ان اجتماعنا بالعيد يذكر بأجل نعيم الجنة الذي يوجب الحبور والسرور: وهو ما يغتبط به أهل الجنة من اجتماعهم ونزع فساد الغل المستودع في الصدور، فسلامة الصدور وصفاؤها موجب لاجتماع الكلمة ووحدة الصف وصلاح الأمور. وقد تشنفت منا الأسماع، كما ترققت منا الطباع، يوم دعينا جميعا الى وحدة الصف واجتماع الكلمة وهو امر لا يخفى عليكم جليل وزاخر، جاء في طيات الكلمات الأبوية التي خاطبنا بها سمو أميرنا حفظه الله تعالى بالعشر الأواخر. كلمات ينبض بها فؤاد الأب الوالد، ويستوي على حروفها الحب الخالد، وتؤمل ممن يستمع إليها الولاء التالد. فاليوم قد أشرقت علينا شمس العيد، وان وطننا الحبيب لينتظر منا المزيد، ان وطننا ينتظر منا ان نقبل على العمل والأمل، وان نطرح وراءنا ظهريا الاختلاف والجدل. ان وطننا ينتظر منا ان نجعل الحرية نورا يضيء لنا الطريق، وألا نجعلها نارا تلظى تضرم لنا الفتنة وتوقد الحريق. فاليوم قد أشرقت علينا شمس العيد، وان وطننا الحبيب لينتظر منا المزيد، ان وطننا ينتظر منا ان نحافظ عليه كما حافظ عليه الآباء والأجداد بالأمس، وان نبذل في المحافظة عليه ما نملكه من الغالي والنفيس والمال والولد والنفس.
ان وطننا ينتظر منا ان نحفظ بيضته من الاضطرابات والغوائل، وان نعتقد ان ولاءنا للوطن مقدم على ولائنا للعوائل والقبائل.
- ولي وطن أليت أن لا أبيعه
- ولا أرى غيري له الدهر مالكا
- وحبب أوطان الرجال إليهم
- مآرب قضاها الشباب هنالكا
- إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم
- عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا
فما أحوجنا الى ان نستلهم الدروس والعبر من شهر رمضان ويوم العيد، وان ننأى بمجتمعنا المتراحم المسالم عن كل اسباب الفتنة والشقاق البعيد.
- اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وأسبغ عليه نعمك الباطنة والظاهرة، وادفع عنه برحمتك يا أرحم الراحمين كل الفتن المدلهمة والمحن القاهرة.
- اللهم احفظ أميرنا ووالدنا وأنت خير الحافظين، وأعنه يا معين بفضلك على مصالح الدنيا والدين.
- اللهم بارك له في ولي عهده الأمين، وأيده وأعنه برئيس حكومته المكين، اللهم هبهم من لدنك رحمة وامنن عليهم جميعا بوافر المنن، وامددهم بطول عمر يصحبه قوة بدن ويقارنه عمل حسن.
- اللهم وأيد جميع وزرائهم بالأمر الرشيد، وسدد اخوانهم وأعوانهم بالقول السديد.
- اللهم وامنن على سمو الشيخ سالم العلي الصباح بالشفاء، واجبر مصاب ضحايا الجهراء، وعاف المصابين من كل بلاء.
- اللهم جنب افراد مجتمعنا اسباب التفرق والشقاق، وحبب اليهم مكارم العادات وفضائل الأخلاق.
- واعصم اللهم شباب مجتمعنا من فكر التطرف الذميم والغلو والضلال، وألهمهم وأرشدهم واهدهم سلوك سبيل الوسطية وطريق الاعتدال.