-
الأفغانيون انقلبوا عليه وكان أحد الضحايا الذين تم بيعهم إلى القوات الأميركية
-
المستندات التي جمعها المحامون في الكويت عن شخصيته وعمله اعتمدت عليها القاضية في حكم البراءة
-
كيف وصفوه بالإرهابي وهو الأب الحنون المتعلق بأسرته والبارّ بوالديـه؟!
-
أبنائي عانوا لفقدانه وأمه تعيش حالة اكتئاب ووالده وافته المنية حزناً عليه
-
كنت أنقل لزوجي صورة شاملة عن المنزل وأشركه في التفاصيل اليومية وكان يقدم لنا مشورته ونصائحه
-
تفاءلنا كثيرا بالمحاكمات الفيدرالية لعدالتها ونتمنى عودته مع خالد المطيري
بيان عاكوم
بغبطة ممتزجة بحزن شديد على فراق دام 8 سنين، وبعبارات يخالطها قدر وافر من السعادة والحزن معا حدثتنا أم عبدالله زوجة المعتقل في قاعدة غوانتانامو فؤاد الربيعة عن مشوار بدأ بعذاب وقهر منذ اعتقال زوجها عام 2001 وانتهى بسعادة كبيرة لسماعها خبر طالما انتظرته، وهو خبر البراءة.
هذه الفرحة التي ملأت قلوب الزوجة والابناء والاهل وضعت حدا لمعاناة مزدوجة، معاناة اسرة، ومعاناة سجين داخل «معتقل» وُصِف بـ «عار القرن الحادي والعشرين».
أم عبدالله، طيبة، محمود، عبدالله ولُجين أسرة طرق الحزن أبوابها، واستوطن الهم الثقيل قلوبها فهجرت البسمة شفاهها طيلة 8 سنوات، ولكن كل تلك المشاعر القاسية والمعاناة انتهت عند سماع خبر البراءة، وكأن الظلام الذي خنق النفوس وخيّم لسنوات انقشع الى غير رجعة.
سجدة شكر كانت أول ما بادرت اليه أم عبدالله عند سماعها الخبر لتعود وتنقله الى الأهل والأقارب والمحبين.
تروي أم عبدالله في لقائها مع «الأنباء» كيف حصل زوجها على البراءة عبر المعلومات والمستندات التي جمعها المحامون عن صفاته وعمله خلال زيارتهم الأخيرة الى الكويت والتي اعتمدت عليها القاضية في حكمها، كما روت ظروف اعتقاله وغدر الأفغانيين وقتها به وتسليمه الى القوات الأميركية مع بعض العرب الموجودين هناك والتهم التي وجهت إليه دون ان يرتكبها بسبب تشابه في الأسماء. وتردد أم عبدالله مرارا «كيف يصفونه بالإرهابي وهو رجل عطوف محب لأسرته يلعب مع أبنائه وبار بوالديه».
8 سنوات مرت تصف خلالها أم عبدالله مشاعر الحزن والأسى التي ألمت بالعائلة بدءا بوفاة أخيه منذر ثم والده الذي وافته المنية حزنا على ولديه والكآبة التي تعيشها والدته منذ اعتقاله ولاتزال تحلم باليوم الذي يعود فيه اليها فلذة كبدها. وكذلك المسؤولية الكبرى التي تحملتها أم عبدالله في ظل غياب الأب الا انها وكما ذكرت كانت تُشرك زوجها في هموم العائلة خلال رسائلها حتى عاش داخل تفاصيل الحياة اليومية لأسرته وتردف قائلة «كنت أخبره بكل شيء عن أسرته وأولاده حتى انهم لم يتخذوا أي قرار دون استشارته والأخذ بنصائحه». وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
كيف تلقيت خبر البراءة؟
صباح يوم الجمعة قبل الماضي بعد صلاة الفجر اتصل بي أبوفوزي (خالد العودة) وعلى الفور تحدثت معه لأنني أعلم انه لم يتكلم في هذا الوقت إلا لأمر مهم وبالفعل أبلغني بأنه صدر حكم ببراءة أبوعبدالله، وأول ما قمت به سجدة شكر لله وبعدها مررت الخبر عبر الهاتف الى أخته وأهلي ونحمد الله على هذا الخبر قبل عيد الفطر السعيد لأننا قضينا نحو 16 عيدا من الكآبة والأسى.
ردّة فعل
ماذا عن أولاده وكيف كانت ردّة فعلهم؟
كانوا مستيقظين عندما سمعوا الخبر فهنأنا أنفسنا ونحن لم نفاجأ وكنا نعلم أنه في يوم من الأيام سيخرج بريئا لأنني أعلم بزوجي وتاريخه في النشاط الخيري فهو دائما يسافر لأعمال إغاثة ولديه شهادات من لجان خيرية وسبق ان شارك مع الهلال الأحمر وصندوق إعانة المرضى، وكنا نعلم بالتحديد نيته الذهاب الى أفغانستان ولم يكن لدينا أدنى شك في أنه بريء ولكن كنا نريد محاكمة عادلة تظهر براءته لأنهم، وللأسف خلال السنوات الماضية، لم يكونوا يأخذون كلام أسرته وأهله بعين الاعتبار وانما اعتقلوه ولم يكونوا يصدقون أي مستند رسمي نقدمه لهم من الكويت.
إجازة 10 أيام
يعني وصلتم لفترة فقدتم الأمل في عودته؟
تــقريبا، فــفي ظل ادارة بوش لم يـكــن هــناك أي مــرونة في تقبل أي أمــر غير انهم مجمــوعة مــن الإرهابيــيـن قــبض عليهم في مكان معــين وفــؤاد كان واحــدا منهم زُجّ به في هذا المكان بالرغــم من انه كان ذاهبا لــعمل خيري وغادر الكويت بعد 3/10/2001 قبل الحرب على أفغانسـتان حيث ذهب لمساعدة اللاجئـــين بين حدود ايران وافغــانســتان الــذين فروا بعد سماعهم أن أميركا سـتبدأ الحرب على طالبان فذهـــب ومعه دعم ومواد إغــاثة وكانـت إجازته لمدة 10 أيـام فـأصـبحت ثمـاني سـنوات.
كيف كانت حياتكم خلال فترة غيابه؟
صعبة جدا، أولادي مروا بظروف صعبة لأنهم فقدوا حنان الوالد، ابنتي الكبرى كانت متعلقة به وفجأة فقدته فشعرت بالوحدة وكانت دائما تردد: أريده قربي، لقد كان حنونا متعلقا بأسرته وأولاده، بارا بوالديه وكل فرد في الأسرة شعر بفقدان فؤاد، فتأثيره كان على كل شخص بالأسرة.
أم زوجي الآن تعيش مرحلة اكتئاب منذ اعتقال أبوعبدالله حتى وصل الحال بها ان أرسلناها الى اخصائيين ليقدموا لها علاجا لهذا الاكتئاب، وكذلك والد فؤاد الذي توفي حزنا عليه، كان يجمع أولادي ويسألهم واحدا واحدا أين فؤاد؟ ومتى يعود؟ ألم يرجع حتى الآن؟ عانى الاكتئاب ثم دخل المستشفى 4أيام لم يذق خلالها الطعام حتى وافته المنية، وأيضا اخ فؤاد الأصغر توفي خلال غياب فؤاد وأصيب بمرض لا ندري إن كان بسبب الضغوط التي عانى منها بسبب غياب أخيه ومساعيه من أجل اطلاق سراحه وقهره برؤية أخيه في هذا الوضع ولم يستطع ان يقدم له شيئا.
بيع العرب للأميركيين
كيف كان تواصلكم معه منذ اعتقاله عام 2001 حتى الآن؟
بدأنا نقلق بعد انقضاء فترة اجازته وبدأت الحرب، بعد فترة وصلت رسالة منه عبر الفاكس متأخرة شهرا كاملا من تاريخ كتابتها قال فيها ان وضع البلاد متقلب وكل عربي مشتبه فيه داخل افغانستان وقال لا نعلم من هو عدونا او صاحبنا لانه حتى الافغانيون الذين كانوا يساعدونهم انقلبوا عليهم واصبحوا يبيعون العرب للاميركيين الذين وضعوا مكافآت لمن يسلم عربيا اليهم وكان فؤاد احد الضحايا الذين بيعوا للقوات الاميركية، وذكر انه دخل الحدود الايرانية ـ الافغانية عدة مرات لايصال الاغاثة وآخر مرة علق داخل افغانستان لان ايران اغلقت الحدود فاضطر لان يسير داخل الاراضي الافغانية حتى استضافه عمدة بلد في افغانستان عدة ايام وبعد مغادرتهم بلغ عنهم فاعتقلتهم القوات الاميركية، وطريقة اعتقاله اخبرني بها مؤخرا في آخر رسالتين حيث استطاع ان يصرح بها علانية لانه في السنوات الاولى كانت كل الرسائل مراقبة ولم يستطع كتابة اي شيء وبالتالي كانت الرسائل التي تأتينا منه مختصرة جدا حتى المحامون الذين وكلناهم منعوا من الوصول الى هناك ولكن وفي عام 2003 بدأت الرسائل تصل عبر الجيش الاميركي وكنا حذرين في الكلام وحتى في ارسال الصور كان يشدد علينا بإرسال صور اولاده الصغار فقط وليس النساء، ولكن زيارات المحامين فيما بعد لكوبا خففت كثيرا من معاناتنا لان الرسائل التي نبعثها مع المحامين تصل بأمان اليه وكذلك الرسائل التي يرسلها لنا.
هل كنت تتابعين اخبار المعتقل وسير المحاكمات؟
كنت اتابع اخبار جميع المعتقلين حتى غير الكويتيين واي معتقل من اي جنسية يخرج نتحدث معه عن طريق خالد العودة لنسأله عن احوال ابوعبدالله وظروفه هناك، وبالفعل تحدثنا مع عدد منهم، فكنا نجمع الاخبار لانه كان هناك تعتيم خلال ادارة بوش ولكن في آخر عام من حكمه بدأ يلين وتغيرت الامور وبدأنا نطمئن عليه عبر الرسائل التي يجلبها معهم المحامون الذين يزورونهم.
ماذا كنت تخبرينه في الرسائل وبماذا كان يخبركم؟
كنت اطمئنه على احوالنا ونصبره ولكن بعدما اصبح هناك حرية في الكلام بدأت انقل له في رسائلي صورة شاملة عن المنزل واولاده وتطــــورهم في دراستــــهم واحوالهـــم الشخــــصية وكان بدوره يصــبرني ويقوي معنوياتي لانني كنت اذكــــر له دائما انني تعبت وكان يعطيــني القوة للاستمرار وان اكــــون لاولادي الاب والام، وكنــا في الكــثير من القرارات نأخذ رأيه مسبقا حتى اولادي عندما كبروا اصبحــوا يأخـــذون مشورته في الكثير من الامــــور التي يقومـــون بها في حياتهم الشخصية والدراسية فابنـــتي الكبيرة طيبـــة لا تتــخذ اي قرار قبل مشورة والدها اما في دراستها او في مجال عملها وغير ذلك من الامور.
يعني كنـــا نتصرف وكأنه موجود بيننا حتى ان ابنتــي كـانت تستشيره في شــراء ســـيارة مثلا وكان ينصحها ويعطـــيها رأيه، وابني ايضا نصحه والده بمجــــال تخصصه ودراسته فكـان يتابع قضايــاهم اولا بأول خصوصــا في السنتـين الاخيــرتين.
المحاكم الفيدرالية
هل أملتم خيرا لدى بدء عرضه أمام المحاكم الفيدرالية؟
تفاءلنا كثيرا بالمحاكمات الفيدرالية لأنه مادامت هناك محاكمة عادلة سيحصل أبوعبدالله على البراءة لأن لديه أدلة وبراهين وإثباتات، وكنت متأكدة من براءته لأنه إنسان حنون على أطفاله متعلق بأسرته وبار بوالديه فكيف يفكرون ولو للحظة انه إرهابي. وبالتالي بعد عرضه على المحاكمات الفيدرالية أصبحنا أكثر اطمئنانا خصوصا بعد رسائله الأخيرة التي ذكر فيها ان المحامين يؤكدون له ان براءته مضمونة. ولكن في فترة من الفترات شعرنا بالظلم الذي وقع عليه لأنهم كانوا يعتقدون انه شخص آخر وكان هناك لبس في الأسماء ونسبت اليه تهم لم يكن هو الذي قام بها وفقا لاعترافات بعض الأشخاص فوقع ضحية تشابه في الأسماء وأتم 8 سنوات، ولكن بعد وصول المحامين الى الكويت والحصول على الكثير من المعلومات عن شخصيته وعمله قدموا هذه المستندات الى القاضية وعلى أساسها حكمت بالبراءة.
تتوقعين عودته مع خالد المطيري؟
أتمنى ذلك، هناك توقعات أن يأتي مع المطيري لأن هناك طائرة أميرية ستجلبه وبالتالي لا يمكن ارسال طائرتين خلال أقل من شهر فأتوقع وأتمنى ارسال الاثنين.
ما رأيك في مساعي المسؤولين؟
لم نشعر يوما بأنهم تخاذلوا في هذا الموضوع في حياة الراحل الشيخ جابر الأحــمد وحتى الآن يقــومون بدور كبير ولم يقصروا، وفي كل مناسبة يلتقون فيها الأميركيين يبحثون في هذا الموضوع وعلى رأسهم صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح الذي كان أول المتابعين للقـــضية ولايزال حتى الآن وكذلك سفيرنا في واشنطن ولكن الموضــوع لم يكن سهلا وأيضا لم يكن هناك أي مرونة من الادارة الاميركية في السابق،ولكن ولله الحمد أصـبح هنــاك تجاوب في الفترة الأخيرة.
مـا رأيك في المركز التأهـيلي الذي سيـبقى فـيه فــؤاد الـربـيـعـة الى جــانب زملائه لـفتـرة معــينـة؟
من المفروض ان يكون هــناك مركـز تأهيلي فالمملكة العربية السعودية نجـحت في تــأهيل عدد كبير من المعتــقلين من خلال المركز الذي أسسته وغير ذلك استطاعوا الحصول على رعاياهم بسرعة بسـبب وجود هذا المركز، وبالـــتالي تأسـيـسه في الكويت ســيعجل بعودة جميع المعتقلين.
قلبي معهم
ماذا تـقولين لـذوي فـايز الكـندري وفـوزي العـودة؟
قلبي معهـم وادعـو اللــه ان يــأتيهم الفــرج مثـلـنا ويـبـرد قــلـوبـهـم، وان يسـلمـوهـما مع أبوعـبداللـه وخالد المـطيري.
ماذا تخططين لحياتكم بعد الإفراج؟
احب ان يعود لعمله في الخطوط الجوية الكويتية وان يمارس أنشطته السابقة وأتوقع عند عودته ان يشغل نفسه بالعمل والدراسة.
مأساة وفاة الأب والأخ
ذكرت أم عبدالله ان زوجها عاش حالة من الحزن والكآبة عندما علم صدفة بوفاة أخيه ووالده من خلال رسائل المراجعات السنوية التي كانت تطلب من ذوي المعتقلين والتي يوردون فيها الجوانب المأساوية للعائلة.
500 رسالة
قالت ام عبدالله تلقيت طيلة 7 سنوات نحو اكثر من 500 رسالة بدأت من السنوات الاولى لاعتقاله بكلمات قليلة حتى تم التخلص من مقص الرقيب العسكري، وبدأ يكتب لها ما يريده بحرية اكبر.
خالد العودة الأب الروحي
وجهت ام عبدالله شكرها الكبير لرئيس اللجنة الشعبية لاهالي المعتقلين في غوانتنامو خالد العودة على جهوده وقالت «هو الاب والاخ الروحي لنا ولولاه لا نعلم ماذا كنا سنفعل».
وتتابع «هذا الرجل لا ييأس وكان عندما يغلق باب في وجهه يبحث عن باب آخر».
واضافت ام عبدالله «كان يخدم القضية بكل ما اوتي من قوة حتى انه لم يهتم بولده بقدر اهتمامه ورعايته لنا».
مشيرة الى انه كان ايضا يساعدهم في حل مشاكلهم وكان صوتهم امام الحكومة والمسؤولين.
سعيد لتسليمه للأميركيين
خلال الحوار قالت ام عبدالله ان زوجها كان سعيدا عندما سلم الى القوات الاميركية وقد اخبرها انه توقع ان يتفهم الاميركيون وضعه الا انه فوجئ بأنهم خلطوا الحابل بالنابل ورفضوا تصديق اي شيء سوى انهم مجموعة من الارهابيين.
مشيرة الى انـــــهم وضعوه بـــــداية في احدى القواعد في افغانستان ثم نقل الى غوانتانامو في كوبا.