حصل الباحث الكويتي ناصر نزال السهو على درجة الدكتوراه في علم النفس التربوي من جامعة القاهرة، واوصت لجنة الحكم والمناقشة بطباعة الرسالة على نفقة الجامعة، نظرا للاهمية العلمية التي تتمتع بها، كما اوصت بتبادل الرسالة بين كليات التربية ومراكز البحوث العلمية «ويعتبر ذلك اعلى وسام تقدمه جامعة القاهرة» وتكونت لجنة الحكم والمناقشة من د.جابر جابر، د.نادية محمود شريف ود.مديحة العزبي، وذلك بحضور سفيرنا بجمهورية مصر العربية د.رشيد الحمد والذي كان له اعظم الاثر واروعه في دعم ابنائه الطلاب في الجامعات المصرية.
وجاءت الرسالة العلمية بعنوان «اثر برنامج لبعض مهارات الذكاء الوجداني في تنمية الانتباه وحل المشكلة لطلاب المرحلة الثانوية بالكويت ـ دراسة تجريبية».
وتتبلور اهمية موضوع الدراية في تلك النظرية التي يركز عليها الباحث وهي نظرية الذكاء الوجداني التي تعتبر بحقيقة مشروع النهضة بالانسان القادر على ضبط ذاته والتحكم في انفعالاته وبناء القدرة على التعاطف وامتلاك زمام المهارات الاجتماعية، فالانفعالات والاحاسيس سواء كانت سلبية او ايجابية تقود الانسان وتتحكم في قراراته، حيث تؤكد الدراسات ان المستقبل سيكون لاولئك الذين يمتلكون معدلات ذكاء وجداني مرتفع، تجعلهم متميزين بالاحساس ورهافة الشعور والعواطف، فإن اي نظرة للطبيعة الانسانية تتجاهل قوى العواطف والمشاعر هي نظرة ضعيفة الافق بشكل مؤسف.
من جانب آخر اثبتت الدراسات المعاصرة ان النجاح في الاداء الوظيفي وفي الحياة الخاصة والعامة للفرد يعتمد نسبة 80% على الذكاء العاطفي بينما 20% فقط على الذكاء العقلي iq، وهذا بخلاف النظرة السائدة عند كثير من الناس حول العواطف واثرها في حياة الانسان.
فدائما نسمع عبارة «لا تطغي عواطفك على عقلك» او «حكم عقلك ولا تحكم عواطفك»، وغيرها من العبارات التي تشعر السامع بضحالة وتفاهة هذا الجانب المهم من العقل البشري، فمن المهم ان نعرف ان الذكاء العقلي يسمح للانسان بأن يحقق اعلى درجات الاكاديمية ولكنه ما ان يدخل بوابة الحياة العملية «مع الزوجة والاصحاب والزملاء»، حتى يحتاج ان يضيف الى ذلك قدرات هي اهم بكثير من المعلومات الاكاديمية وهي المهارات الخاصة بالذكاء العاطفي.
لذا شهدت اواخر الالفية السابقة وبدايات الالفية الثالثة نشاطا محموما وغير مسبوق في الابحاث والدراسات العلمية الخاصة بالجانب الوجداني، واثرها في السيطرة على الذات الانسانية وتصرفاتها، وعلى الاسلوب الامثل في التعاملات الاجتماعية.
وجاء ذلك بمنزلة صرخة مدوية امام المادية المجحفة والحياة المدنية الجامدة الخالية من الاحاسيس والمشاعر في حياة الناس، مما انعكس سلبا على بنية المجتمع وتصدعه بصورة متسارعة، فظهرت الانانية في العلاقات البين شخصية والحسد والامراض الخلقية كالحقد والكراهية، وانتشار العنف بشتى صوره، والخواء الروحي والانحراف الاخلاقي، وكثرة الامراض النفسية كالقلق والاكتئاب والخوف من المجهول والجنوح في المواقف الحياتية للغضب والانتقام والبطش وعدم احترام الطرف الآخر او تقبله او حتى اعطائه الفرصة للعيش الكريم.