حيث يصدح الأذان بأعلى صوته في وسط غروزني العاصمة الشيشانية التي تتنفس هواء الحرية الدينية اخذ طلاب أدوا صلاة الظهر في جامع قلب الشيشان أو كما يطلقون عليه جامع احمد قديروف طريقهم عائدين الى مقاعدهم الدراسية في اول جامعة إسلامية في الشيشان على مدى تاريخها والتي لا تبعد كثيرا عن المسجد.
اقل من 50 مترا تفصل الجامعة الى الجنوب من المسجد على نهر غروزني تقع جامعة الحاج كنت الاسلامية الروسية، وجوه تبشر بالخير والتفاؤل، يتعلمون العربية والفقه والشريعة وغيرها من العلوم الشرعية حيث بدأت الدراسة للتو قبل شهر واحد تقريبا، واغلب الأساتذة درسوا في سورية او الأزهر الشريف او نالوا دورات الوسطية في الكويت.
جيل ينبئ بالخير، تملأ وجوههم ابتسامة التفاؤل بمستقبل مشرق لبلادهم، يتمنون لو جاء إخوانهم العرب والمسمين ورأوا ما تغير في بلادهم التي ودعت الحروب لتوها وبدأت نهضة شاملة في المكان والإنسان.
300 طالب وطالبة بدأوا لتوهم الدراسة في الجامعة حيث أكد رئيسها عبدالرحمن موتوشيف ان الجامعة تضم 242 طالبا و58 طالبة ويسكن في سكنها الداخلي بين 60 و70 طالبا وطالبة غالبيتهم من الأيتام والمتعسرين ماديا.
واشار الى ان الجامعة تحتاج الى المزيد من التوسع خاصة في سكن الطلاب حيث ان أغلبهم من قرى بعيدة ونائية عن العاصمة غروزني ويتحملون الكثير من المشاق في الذهاب والإياب.
واوضح ان الجامعة تعمل حاليا بأقصى طاقتها وتقوم بتدريس الطلاب باللغتين العربية والشيشانية موضحا ان طلاب السنة الأولى عليهم ان يدرسوا لعامين متواصلين اللغة العربية.
واقترح رئيس الجامعة موتوشيف على د.الفلاح طباعة قاموس عربي شيشاني ليسهل على هؤلاء الطلاب وغيرهم من الشيشانيين تعلم اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم.
وأوضحوا ان هناك قاموسا طبع في الأردن بهذا الخصوص يضم 20 الف كلمة لكن الغالبية لا تستطيع الحصول عليه.
لكن د.الفلاح أكد ان الكويت طبعت كتابا عربيا شيشانيا قبل 14 سنة في القاهرة وتم ارسال 20 ألف نسخة منه الى الشيشان معلنا انه سيدرس رأيهم فيما يخص معجم الكلمات العربية الشيشانية.
لقاء مميز
كان اللقاء الذي جمع وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية د.عادل الفلاح مع رئيس الجامعة وأعضاء هيئة التدريس والطلاب اكثر من رائع حيث أعاد الطلاب د.الفلاح اكثر من 25 عاما للوراء حيث كان يجلس على دكة العلم.
وقال الفلاح للطلاب: سعيد ان ألتقي بكم في هذه الجامعة الرائدة، ومشاعرنا نحوكم مشاعر الاخوة الاسلامية ولكم في القلب مكانة خاصة.
وتابع د.الفلاح: حينما يذكر الشيشان يتبادر الى الذهن مباشرة ذلك الشعب الأبي المتمسك بدينه والمتصف بالمروءة والشهامة والشجاعة.
واردف قائلا «وهذا الموروث العظيم الذي قدمه الآباء والأجداد يجب ان يحافظ عليه الأبناء، ونحن في الكويت قلوبنا معكم في كل مرحلة من مراحل تاريخكم، فأيام العهد الشيوعي والستار الحديدي كنا ندعو لكم ان يفك الله هذا الستار وهذا الأسر، وحينما تفكك الاتحاد السوفييتي ودارت الحرب والمعارك هنا، كنا ندعو الله ان يعافيكم منها لأنها في غير محلها وكنا ندرك ان الضريبة ستكون غالية وعالية، وسعينا من خلال العديد من القنوات الا تكون هذه الأحداث».
وتابع قائلا «وفي مرحلة وجدنا ان ما يمكن ان نفعله هو تقديم الإغاثة، فقدمنا آلاف الأطنان من الاغاثة الى الشيشانيين في انغوشيا والى داخل الشيشان نفسها».
واضاف د.الفلاح «واليوم نشارككم هذه النهضة الجديدة بعدما انبرى حكماء الشيشان الى التعامل مع الواقع بحكمة وكان في مقدمتهم الحاج احمد قديروف ـ رحمه الله ـ والذي كنت التقي معه في موسكو واسمع منه الصدق والإخلاص والحكمة والرؤية الاستراتيجية».
وتابع «واليوم ونحن في هذه المرحلة الجديدة مع الرئيس رمضان في عهد جديد يتطلب منا الكثير من العمل لتحقيق ما يتطلبه هذا الشعب الأبي».
وشدد على قضية طلب العلم باعتبارها فريضة على كل مسلم ومسلمة مؤكدا ان العلماء هم ورثة الأنبياء.
وتابع د.الفلاح قائلا «عليكم ايها الطلاب مسؤولية كبيرة وعظيمة، فأنتم صمام أمان لمجتمعكم فليس هناك احد يصد الإرهاب والتطرف والأفكار الشاذة الا من امثالكم، فأنتم مشاعل نور تمشون بين الناس لتضيئوا لهم الطريق وانتم حماة الناس من الافراط او التفريط، فعليكم ان تحملوا مشعل الوسطية والاعتدال والسماحة والإخاء والحب وتردوا كل شبهات المتطرفين، فالأمل معقود عليكم، ولكن ذلك كله لن يتحقق إلا بان نحضر النية الخالصة لله في طلب العلم».
ودعا الفلاح جموع الطلاب في ختام حديثه الى ان يأخذوا العلم من العلماء وليس من أنصاف العلماء وان يلتفوا حول قيادتهم الشرعية داعيا الله ـ عز وجل ـ ان يحفظ الشيشان وأهلها وسائر بلاد المسلمين من كل مكروه وسوء.
«الأوقاف» تتبنى مشروعاً لسكن الطلبة بمليون و200 ألف دولار
وافقت وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية ممثلة في إدارة العلاقات الخارجية على إقامة مبنى سكن لطلاب المعهد الديني بكلفة مليون و200 الف دولار وقام وفد من المهندسين في الوزارة بالسفر والاطلاع على المشروع ميدانيا وسيتكون من 3 سلاداب و3 طوابق لسكن الطلبة، وكان البنك الاسلامي للتنمية قد تكفل ببناء المباني الدراسية كاملة.
الإفطار بيتزا شيشانية بالزيت وشاي بالملح والفلفل
بعد خروجنا من مبنى الإدارة الدينية كان علينا أن نفطر في الجامعة مع مديرها وكان طعام الإفطار المعد لنا هو البيتزا الشيشانية الغارقة في زيت الطعام والشاي بالملح والفلفل.
وسألنا عن الشاي بالملح وتلك البيتزا فأجاب رئيس الجامعة انها تدفئ كثيرا في فصل الشتاء حيث تصل درجة البرودة بين 30 و20 تحت الصفر.