رندى مرعي
قضية حجاب المرأة في الكويت لم تعد قضية جديدة، بل هي مطروحة على الساحة السياسية منذ اقرار حقها في خوض المعترك السياسي وممارسة حقها في الترشح وتمثيل الشعب تمثيلا سياسيا غير ان حصولها على هذا الحق لم يكن بالامر السهل، فقد واجهت المرأة مصاعب وعواقب كثيرة خلال المطالبة بدورها السياسي، غير أن حصولها على مبتغاها لم يسر كل الناس ولم ينل الرضا من الجميع، اذ اصبح يؤخذ بكل التفاصيل التي تعنى بالمرأة ومراقبة ادق التحركات والتفاصيل وصولا الى التذرع بقضية الحجاب واعتماده في ممارسة عملها السياسي والبرلماني خاصة بعد دخولها الى البرلمان بالتصويت وبإرادة الشعب والناخبين.
واليوم تعيش الكويت ظاهرة «حجاب النائبات» التي تأخذ الكثير من الاخذ والرد وأصبحت مادة سياسية بامتياز لدى البعض.
لا نتغاضى عن ان الحجاب مفروض على النساء شرعا، ولكن هذا الموضوع لا يمكن ان يكون بالاكراه ومن دون قناعة ولا يجوز اعتماد الحجاب كمعيار اساسي في الحكم على تصرفات النساء وأدائهن في عملهن مهما كانت الوظيفة ومهما كان المنصب.
فاحترام آراء وقدرات الآخرين الفكرية امر واجب وضروري ويقوم على ما يقدمه الآخر في خدمة الوطن والمواطن ولطالما كانت الكويت بلد الحريات العامة على الرغم من كونها دولة يقوم دستورها على الدين الاسلامي. وعليه يجب الاخذ بعين الاعتبار ان غياب الحجاب لا يمنع الحشمة ولا يجرد النساء من الايمان والاخلاق وكل المعايير الاسلامية التي تمتاز بها المرأة الكويتية.
وهنا توحدت آراء بعض الناشطات الكويتيات في دعم المرأة سواء كانت محجبة أم لم تكن كذلك، مشددات على ان البلد يتطلب العمل الموحد في سبيل الارتقاء به والابتعاد عن المهاترات.
مصلحة الوطن
انتقدت محامية الدولة بالفتوى والتشريع نجلاء النقي اثارة مسألة حجاب النائبات والوزيرات في المجلس، معتبرة انه يجب الابتعاد عن اثارة مثل هذه الامور، وذلك لأن الوطن بأمس الحاجة لأن يكون جل اهتمام اهل السياسة والمسؤولين بأمور تهم مصلحة المواطن والوطن بالدرجة الاولى.
وتابعت النقي بأن المادة 30 من الدستور تضمن وتكفل الحريات الشخصية للفرد، لذلك لا يسعنا القول ان المرأة غير المحجبة امرأة لا أخلاقية ولا تصلح لأن تكون قدوة لغيرها.
وعليه يجب الانتهاء من كل هذه القضايا التي لا تعبر عن مستوى الحريات التي تعيشها الكويت وعلينا الاتجاه نحو تنفيذ المشاريع التنموية والانمائية والاجتماعية التي أصبحت حبيسة الأدراج.
واضافت أن «سالفة الحجاب.. انتهينا منها» وهؤلاء النائبات والوزيرات لسن محجبات ولكنهن محتشمات وذوات علم وأخلاق وهنا يجب التركيز على ان الانسان يقدر بعطاءاته ومدى اهتمامه بالشأن العام وقضايا الوطن والمواطن.
وتساءلت النقي عن كيفية القدرة على تلبية رغبة صاحب السمو الأمير في تحويل الكويت الى مركز مالي استثماري في ظل التركيز على موضوع كحجاب النائبات يجب علينا الارتقاء بتفكيرنا وجهودنا لإعادة الكويت درة الخليج ومنارة كما عهدناها وان تصب هذه القدرات والجهود في اخراج الكويت من الركود الذي مرت به فنحن بحاجة الى التقدم والتطور وليس للتراجع الى الوراء.
وأكدت النقي ان حق المرأة السياسي محسوم من النواحي الدستورية والقانونية وعليه نسعى الى التطور والارتقاء الى الأفضل لأن الكويت لا تستأهل من أبنائها إلا ذلك.
الالتزام بالشرع فريضة
بدورها قالت الناشطة السياسية نعيمة الحاي ان الالتزام بالدين الإسلامي والشرع مفروض على الطرفين الذكور والإناث، لذلك يجب العمل على هذا الأساس، ويجب إحالة موضوع حجاب النائبات الى المحكمة الدستورية للبت فيما هو شرعي. وتابعت أنه يجب على أعضاء مجلس الأمة الغاء هذه المادة من الدستور لأنها لا تمثل كل الشعب وفيها إجحاف بحق شريحة كبيرة من المجتمع، وقالت ان الشريعة الإسلامية هي أحد مصادر الدستور وليست المصدر الأساسي في الدستور، ويجب التفرقة بين الدين والسياسة وذلك لأن الدين لله وليس للسياسة والخلط بينهما أمر مرفوض.
واشارت الحاي الى ان وصول النائبات الى البرلمان كان بإرادة شعبية الأمر الذي يدل على ان هؤلاء النساء يمثلن شريحة من المجتمع واذا ما أرادوا تطبيق القانون فإنه يجب منع الناخبات غير المحجبات من التصويت واعتبار هذا الأمر مخالفا أيضا للقانون.
واضافت الحاي ان الكويت بلد يتوجه نحو الحريات العامة وتعزيز هذا الأمر في المجتمع لاسيما ان الدستور يحث على ممارسة الحريات.
الحجاب شرعي
من جانبها أكدت الناشطة السياسية والأستاذة في كلية التربية الأساسية د.غنيمة الحيدر ان الحجاب امر مفروغ منه فهو امر شرعي ولكن ارتداء الحجاب يندرج تحت قائمة الحرية الشخصية لذلك لا يمكن فرضه على المرأة من قبل اي جهة وتحت اي ظرف، فارتداء الحجاب يجب ان يكون نابعا من قناعتها الشخصية. واضافت ان الحجاب لا يمنع الفكر عن ابداء الرأي او خدمة الوطن فهو حجاب ليغطي الشعر وليس العقل، وتابعت: ان مسألة الحجاب تنطبق على الجميع من حيث الحجب عن ممارسة ما يغضب الله تعالى ويخالف الدين الاسلامي. وفيما يتعلق بحجاب النائبات قالت الحيدر وصلن الى البرلمان بناء على رغبة وارادة الشعب بالتالي فهن يمثلن فئة اجتماعية ارادت وصولهن على الرغم من عدم ارتدائهن الحجاب وبالتالي لا علاقة للحجاب بالاداء السياسي ولا يؤثر عليه.
ورأت الناشطة السياسية عائشة العميري ان موضوع حجاب النائبات يأخذ أكبر من حجمه ولا يجوز افتعال هذه الهالة حوله وذلك لأن جانبا من هذا الموضوع يحقق مصالح بعض النواب الذين يستعملون هذا الأمر كورقة ضغط على الحكومة لاسيما انها تتوجه هذه الفترة الى جانب المرأة، الأمر الذي قد يؤثر على البعض خاصة على التواجد الاسلامي في المجلس.
واكدت العميري ان الضوابط الشرعية لا تقاس بالحجاب ولكن بالسلوكيات العامة لكل الاعضاء من دون استثناء فتبادل المصالح والمناقصات وغيرها من الامور المثارة تدخل ضمن الضوابط الشرعية فلم نقف عند الحجاب فقط. وقالت العميري ان النائبات الموجودات في المجلس على قدر عال من الاخلاق والعلم والحشمة وما يقمن به اليوم يتماشى مع روح العصر والعادات والتقاليد والنظم، لذلك فإن الحجاب حرية شخصية ولا يمكن فرضه على المرأة بحجة قيامها بوظيفة ما او تسلمها منصبا ما وعلى المحكمة الدستورية البت في هذا الأمر.
وبدورها اكدت الناشطة السياسية نجاة الحشاش ان مسألة الحجاب لدى المرأة مسألة شخصية ولا احد يملك الحق في فرضه عليها خاصة عندما تكون هذه المسألة لا تزعج الآخرين.
واضافت انه مادام عدم حجاب المرأة لا يشكل خطرا على المجتمع فانه لا يحق التدخل في هذا الشأن خاصة ان هناك امورا اهم بكثير من مسألة حجاب المرأة في العمل السياسي توجب التحرك والتدخل فالبلد يمر بأزمات صحية وسياسية وحتى تربوية تلزمنا التحرك فيما يصب في مصلحة البلد.
وشددت الحشاش على ان ارتداء الحجاب لا يؤثر على اداء المرأة في اي قطاع خاصة السياسي منه ويجب التعامل مع النائبات على انهن زميلات للنواب في المجلس يعملن على خدمة الوطن والمواطن.