انتقدت النائبة د.اسيل العوضي مقترح الاطار العام لخطة التنمية الخمسية التي تقدمت بها الحكومة لمجلس الامة في يونيو الماضي، مبينة ان الخطة لا ترقى لابسط طموحات المواطنين، مشيرة الى ان من يطلع على الخطة يرى انها قد اعدت «على عجالة وبكسل وبعدم جدية وعليها مآخذ كبيرة وعديدة».
وقالت د.العوضي، في مؤتمر صحافي عقدته في مجلس الامة امس، ان الخطة الخمسية للكويت تعتبر اهم ورقة في السياسة المحلية الكويتية، فهي بوصلة العمل السياسي والطريق الذي ينبغي ان تسير عليه الدولة للسنوات الخمس المقبلة، مشيرة الى انها عكفت خلال الايام الماضية على اعداد دراسة حول مقترح الاطار العام لخطة التنمية الخمسية للكويت، فاكتشفت ان اهم خطة للدولة جاءت هلامية وعامة في اغلب احيانها دون اي اسس مقنعة للنواب او للمواطنين واتت كذر للرماد في العيون وكأن الحكومة تريد ان تقول فقط انها قدمت خطة خمسية، الا ان اقل ما يمكن ان توصف به هذه الخطة هو انها خطة مخجلة جدا لأي دولة، ورغم ذلك فمن حق المواطنين ان يعرفوا الطموحات التي تحملها حكومتهم لهم للسنوات الخمس المقبلة وان كانت مخجلة او مثيرة للحزن.
وقالت د.العوضي: نحن في الكويت نعيش مرحلة مفصلية في حياتنا الديموقراطية، وقد اضعنا العديد من الفرص خلال السنوات السابقة ولسنا على استعداد لاضاعة المزيد، مضيفة: اذا اردنا ارجاع كل هذه الاخفاقات والعشوائية والفوضى السياسية في البلد خلال السنوات السابقة فإني ارجعها الى سبب رئيسي واحد وهو: عدم وجود رؤية لبناء هذا الوطن، مشددة على اهمية الخطة الخمسية لانتشال البلد من اوضاعه الحالية، فقد سئمنا جميعا كمواطنين من التسويف والتعطيل في مستقبلنا ومستقبل ابنائنا، واضافت: نحن امام تحد حقيقي ودور انعقاد جديد، اما ان نبدأ بالشكل الصحيح او ان نستمر في مسلسل الفوضى الذي سئم منه المواطن، فالمواطن يريدنا ان نخطو خطوة الى الامام ونضع الحلول للارتقاء بالكويت، والخطة الحكومية التي قدمت لمجلس الامة لا تخطو ابدا اي خطوة للامام.
ملاحظات فنية
ورأت النائبة د.العوضي ان اول المآخذ على الخطة الخمسية هو انها لم تأت على شكل مشروع بقانون كما يفترض بالمشاريع الحكومية ان تقوم، حتى يتمكن مجلس الامة من اقراره تطبيقا للقانون رقم 60 لسنة 1986 في شأن التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، والذي نصت المادة السادسة منه على ان تتولى وزارة التخطيط اعداد مشروع الاطار العام لخطة التنمية الشاملة في ضوء الاستراتيجية والاهداف العامة بعيدة المدى للدولة، ويعرض المشروع على المجلس الاعلى للتخطيط لدراسته وعرضه على مجلس الوزراء لاعتماده ثم يحال الى مجلس الامة لاقراره ويصدر بقانون، مشيرة الى ان آخر خطة خمسية اقرتها الدولة كانت في مجلس 1985 المنحل، وقد تراجعت الحكومة بعد حل المجلس عن تطبيق الخطة ومن ذلك العام حتى اليوم لم تر البلاد خطة تنموية للنهوض بواقعها.
واضافت د.العوضي ملاحظاتها الفنية الدقيقة على مقترح الخطة الخمسية المقدم من قبل الحكومة بالقول انه لا يوجد هناك اي ترابط بين سياسات الخطة ومستهدفاتها، فجاءت بعض السياسات كلاما انشائيا وعاما دون مستهدفات واضحة ومحددة، فأثارت الخطة العديد من الاسئلة الجوهرية بدلا من تقديم الحلول لمستقبل الوطن، ودللت د.العوضي على ذلك بقولها ان نجاح اي خطة يعتمد على خمسة عوامل رئيسية: الدقة والوضوح، امكانية القياس، امكانية التطبيق، الواقعية، وان تكون مرتبطة بجدول زمني محدد وقد فقدت الخطة كل هذه العوامل، واشارت على سبيل المثال الى ان الخطة تهدف الى تحقيق معدل لنمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بمقدار 5.1% سنويا في المتوسط خلال فترة الخطة دون الاشارة الى كيفية تحقيق ذلك ولو بملامح عامة، وصرحت العوضي بان وزراء في حكومة ناصر المحمد قد اسروا لها بعدم رضاهم عن الخطة واستغربت اقرارها من قبل حكومة وزراؤها يرون انها غير قابلة للتطبيق.
قضايا منسية
وقد اثارت العوضي مفاجأة بقولها «كنت ابحث اثناء قراءتي للخطة عن عدد المستشفيات التي تهدف الحكومة لانشائها في السنوات الخمس المقبلة، فاكتشفت ان الخطة لا تتضمن لا في سياساتها ولا مستهدفاتها عدد المستشفيات التي سيتم انجازها خلال فترة السنوات الخمس المقبلة»، مبينة ان السياسة الصحية وضعت عدد مراكز الرعاية الاولية المستهدف انشاؤها خلال خمس سنوات كما وضعت تنظيم اوجه العمل في ادارة العلاج بالخارج الا انها لا تضع على سبيل المثال طموح الدولة لان تنشئ مستشفى عالميا متخصصا في امراض السرطان او الامراض المستعصية الاخرى حتى لا نضطر لارسال المواطنين للعلاج بالخارج، قائلة «طموح الحكومة في هذا المجال هو تكريس للفشل والوضع الراهن بدل السعي لانتشاله». وواصلت النائبة العوضي كشف نواقص الخطة، مبينة ان الخطة لم تتطرق بأي شكل من الاشكال لسياسات التعليم العالي فيما يخص البعثات الدراسية الخارجية، فغابت حتى كلمة «البعثات» عن الخطة. وبينت العوضي ان من الثغرات الكبيرة في الخطة اهمالها لبعض الجوانب والمناحي المهمة، فلم يأت ذكر للرياضة ابدا، كما غابت المستهدفات عن سياسات المرأة والشباب وسياسات الفكر والفن والثقافة.
الكلام الإنشائي لا يصنع دولة
واشارت العوضي الى خطورة التعامل مع المواطن الكويتي ونواب مجلس الامة بسذاجة من خلال استخدام الالفاظ الفضفاضة والمطاطية، وادخالها في خطة الدولة الخمسية قائلة: «ان الكلام الانشائي لا يصنع الدول»، وقد اعطت النائبة د.أسيل العوضي العديد من الامثلة على استخدام اللغة الانشائية في مقترح الخطة الخمسية المقدمة من قبل الحكومة، وقد بينت على سبيل المثال ذكر الخطة في الفصل الخاص بسياسيات التعليم قائلة «اما فيما يخص التعليم فقد كانت الخطة مخيبة للأمل بشكل كبير جدا: حملت سياسات التعليم العام الكثير من الكلام الانشائي غير المحدد بالمستهدفات او التشريعات المطلوبة، كالقول بإعادة صياغة سياسات منظومة التعليم في جميع مستوياتها ـ ولم يتم وضع مستهدفات لاعادة صياغة هذه السياسات مما جعلها مجرد سياسات هلامية غير قابلة للقياس.
في انتظار برنامج عمل الحكومي
وفيما يتعلق بانتظار برنامج عمل الحكومة قبل ابداء الملاحظات على مقترح الخطة الخمسية للدولة قالت العوضي: جاءت سياسات الخطة دون مستهدفات سنوية واضحة تتيح للمجلس وللرأي العام قياس مدى التقدم او التأخر في تنفيذها، وان كانت الحكومة ترى ان برنامج العمل سيتضمن جميع هذه التفاصيل.
وقالت العوضي ان الخطة قد عمدت في احد اجزائها الى قراءة الوضع الراهن واهملت في ذلك ان البلد يعيش في ازمة طوال السنوات الماضية، كما تجاهلت ان هذه الخطة تأتي في وضع مصيري للوطن وفي مفترق طرق نستطيع من بعده اما ان نكمل على وضعنا الراهن او ننتشل بلدنا منه نحو مستقبل افضل، مشددة ان «وجود خطة طموح ومحكمة يشكل تحديا حقيقيا للحكومة والمجلس للنهوض بالبلاد، فيها يكرس كل ابناء الكويت جهدهم لهذا التحدي للوصول الى وضع تنموي حقيقي».
واضافت العوضي: «ان الشعب الكويتي طموح وليس بالسذاجة التي سيقبل فيها اطارا عاما لخطة خمسية مكونة من 70 صفحة فقط لا غير حملت في مجملها كلاما انشائيا، نحن نطالب مجلس الوزراء بإدراك اهمية هذه الورقة وفهم خطورة عدم الجدية في التعامل مع الخطة الخمسية التي من شأنها ان توثر على مستقبل الكويت السياسي»، متسائلا «ابعد اكثر من عشرين عام من عدم تقديم خطط تنموية حكومية تأتينا الحكومة بسبعين صفحة تلخص بها طموحات الوطن؟» كاشفة ان عددا من الوزراء قد اسروا لها بعدم رضاهم عن الخطة الخمسية، مبدية استغرابها من ان تقر الحكومة خطة لا يؤمن بها وزراؤها، قائلة «اعتقد ان المواطنين والوطن يستحقون اكثر من ذلك، ويستحقون جدية في التعامل معهم، واذا كانت الحكومة تريد ان تستمر في اللعب العبثي فنقول لها اننا جئنا للانجاز والعمل».
وأشارت العوضي في ختام تصريحها الصحافي الى أنها قد أعدت قراءة شاملة للخطة تشمل كل الملاحظات المفصلة على الخطة وانها قامت بتسليم هذه القراءة الى نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التنمية والاسكان صباح يوم الاثنين.
الخطة الخمسية: أرقام ومعلومات
-
ـ أتت الخطة في 82 صفحة، أتت 12 صفحة منها فهارس ومقدمات.
-
ـ جاءت استراتيجية الدولة «الكويت 2035» في 4 صفحات تضمنت خمسة اهداف استراتيجية للتنمية.
-
ـ استحوذت خطط الحكومة للرعاية الصحية على صفحة ونصف فقط من إجمالي الخطة.
-
ـ استحوذت سياسات الحكومة للتعليم العام على صفحة ونصف فقط، فيما استحوذت التعليم العالي على صفحتين ولم ترد فيه أي كلمة تتعلق بالبعثات الدراسية الخارجية.
-
ـ جاءت سياسات التركيبة السكانية للدولة في نصف صفحة فيما يخص سياساتها للسنوات الخمس المقبلة، وجاءت في ثلاث نقط لم تتضمن أي تفاصيل عملية.
-
ـ تهدف الدولة إلى رفع نسبة السكان الكويتيين خلال خمس سنوات من 31% إلى 34% خلال خمس سنوات، دون أن توضح كيفية الوصول لهذا الهدف أو الاساس الذي تم من خلاله تحديد النسب.
-
ـ لم تتضمن الخطة ما يشير الى عدد المستشفيات التي تنوي الدولة انشاءها خلال السنوات الخمس المقبلة، فيما حددت أنها تطمح لانشاء 34 مركزا للرعاية الصحية الأولية فقط.
-
ـ سطر ونصف فقط هي المساحة المخصصة لاعلان الحكومة نيتها تخصيص بعض المدارس الحكومية، دون وضع عدد المدارس المستهدفة او كيفية تخصيصها أو اسباب اللجوء لهذه الاستراتيجية وغاب المجال الرياضي تماما عن الخطة الخمسية للدولة وأتى في سطر ونصف إنشائي ذكر فيه «تطوير مفهوم مركز الشباب والأندية الرياضية الحالية»، دون ذكر أي تفاصيل لذلك وغابت الثقافة والفكر والفنون عن المستهدفات الكمية والمستهدفات التشريعية والمؤسسية في الخطة.