في ظهر يوم الخميس التاسع عشر من يناير 2017 افزعني صوت النعي بفقد الاخ الحبيب، والصديق الصدوق، والزميل المخلص الوفي المستشار سالم عوض الخضير، رحمة الله عليه.
فزعت حين سمعت النبأ الحزين، وتملكني ذهول زلزل القلب زلزالا شديدا، لأن الخبر الفاجع لم تكن له اي علامات تمهد له فقد وقعت الوفاة فجأة بلا اي مقدمات، بل وضد كل المقدمات، فكان وقعها عليّ كالصاعقة، لأن الفقيد الكريم كان في زيارتي قبل الوفاة بأيام قلائل، وهو اوفر ما يكون صحة، وأنضر ما يكون عافية، وأعذب ما يكون حديثا، فلم يدر بذهني ابدا ان يكون هذا اللقاء هو خاتمة التلاقي، وأن يكون حديثه فيه هو حديث الوداع الاخير،
ولذلك فقد صدمني نبأ الوفاة، مثلما صدم زملاءه وأحباءه، وعارفي قدره وفضله، فامتلأت عليه قلوب الجميع حزنا وأسى بقدر ما ملأها من قبل حبا ومودة، وفاضت عليه بالدمع عيون تطلعت إليه من قبل اجلالا وإكبارا، ثم فاءت القلوب والعيون إلى قضاء الله وقدره، خاشعة صابرة، تدعو له بالرحمة والمغفرة، وتتضرع إلى الله العلي القدير ان يسكنه فسيح جناته، (مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا).
فرحمة الله عليك أيها الصديق الوفي، يا من كنت احرص الناس على الوفاء وأرعاهم لحق المودة، وحق الصحبة، وحق الزمالة، ويا من منحت الجميع أطيب ما في نفسك الرياضية من ود وصفو لا تشوبه شائبة، ويا من كنت ترجو الخير للناس كافة تسعى في سبيله ما وسعك الجهد، ولا تعرف في سعيك إليه منّا ولا تبغي من ورائه جزاء أو شكورا.
رحمة الله عليك أيها الاخ الكريم رحمة واسعة، بقدر خلقك النبيل الذي كانت تفيض به اعماق نفسك، ولست ابالغ اذا قلت انني من اعرف الناس بهذا الخلق النبيل، فقد عشت معك في باكورة الصبا بمنطقة الفحيحيل زمنا جميلا، ومن بعدها في مرحلة الدراسة الثانوية، فكنت فيها نعم الاخ والصديق، ثم زاملتك في العمل بوزارة العدل ومرحلة الدراسة الجامعية بكلية الحقوق والشريعة بجامعة الكويت فكنت خير الزملاء وأوفاهم وأنقاهم سريرة، ثم رافقتك في العمل القضائي منذ ان عملنا به وكلاء للنيابة في يوم واحد فكنت اعز رفيق وأخلص صديق، وكنت على طول العهد في كل مرحلة عف اللسان، رضي الخلق، وديع الطبع، جم المروءة، متواضعا في عزة، عزيزا في رحمة، لينا في حزم وقوة، مخلصا في إحسان، لا ترجو في ذلك كله إلا وجه الله والمصلحة العامة، وكانت محبة الناس فطرة غرسها الله في قلبك، فبادلوك حبا بحب.
وأشهد الله أيها الصديق العزيز انك على طول معرفتي بك، لم تتغير ولم تتحول، فأنت كما انت في الرخاء وفي الشدة، نبت كريم، وكلمة طيبة، اصلها ثابت وفرعها في السماء، لا يرى الناظر إليك إلا ما يسره، ولا تسمع الأذن منك إلا قولا معروفا لا تتكلف في الامر شيئا.
وعزائي أيها الاخ الحبيب انك تركت من بعدك ذرية صالحة، وأبناء بررة. محمد وعبدالله وفيصل، على دربك سائرون، وبك يقتدون.
لقد تركت في نفسي أيها الصديق الحميم فراغا لا يملؤه غيرك، ولوعة في النفس يعز عليها الصبر، ولسوف تبقى في نفسي ذكرى خالدة جميلة، وسيرة عطرة فواحة لا يعلوها صدأ الزمان ولا تسدل عليها ستائر النسيان.
فوداعا رفيق العمر والدرب، وإلى لقاء في عالم الخلود.
(إنا لله وإنا إليه راجعون).
بقلم: محمد فهيد الزعبي المحامي العام الأول