- النشمي: استئصال الرحم محرم شرعاً ولا يجوز إسقاط الحمل إذا بلغ 120 يوماً إلا إذا ثبتت خطورته على حياة الأم
- المذكور: نحتاج إلى تشريع واضح لتنظيم الأمر حتى لا يتحول إلى تجارة أعضاء
- العوضي: «المانيكان» حالة وراثية ليس لديها رحم وجيناتها ذكورية وشكلها أنثى
- الكندري: الأصل حماية الوالدين لابنتهما المعاقة ولا يُباح استئصال الرحم إن كان سليماً
ليلى الشافعي
بناء على ما تلقته المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية من العديد من الاتصالات التلفونية والرسائل المكتوبة التي تستفسر عن حكم استئصال أرحام بنات معاقات إعاقة عقلية كبيرة خوفا من الاعتداء الجنسي عليهن من حيث الحل والحرمة، نظمت المنظمة حلقة نقاشية في مقر المنظمة في منطقة الصباح الصحية، وشارك فيها علماء الفقه وأساتذة الطب واستمرت الحلقة النقاشية الى أكثر من أربع ساعات، وشارك فيها كل من: د.عجيل النشمي، د.خالد المذكور، د.عادل الفلاح، د.محمد عبدالغفار الشريف، د.يوسف الشراح، المستشار عبدالله العيسى، د.صلاح العتيقي وكيل وزارة الصحة سابقا، د.علي السيف، د.أحمد رجائي الجندي، ود.عبدالرحمن العوضي ود.صديقة العوضي ود.فاطمة الكندري، ود.وليد فهد الجسار، حيث أجمع علماء الفقه وعلماء الطب على ألا يجوز استئصال أرحام بنات معاقات أو غير معاقات بعد أن تحدث الأطباء عن وظيفة الرحم وأهميته، وبينوا خطورة عملية استئصال الرحم على المريض، وأجابوا عن تساؤلات حول: هل التخلف العقلي الشديد يتيح لجراح النساء أن يستأصل الرحم خاصة أن المعاقة لم يؤخذ رأيها وأن الرحم غير مصاب بمرض ولا يسبب لها أي مشكلات؟ وهل التخلف العقلي الشديد يبيح للوالدين أن يتخذا قرار استئصال الرحم نيابة عن المعاقة؟ وكيف يتم اتخاذ القرار الحر المستنير في هذه الحالة؟ وهل يمكن أن تتحول الموافقة إلى ذريعة فيما بعد لاستئصال الكلى أو غير ذلك من الأعضاء؟ وما أنسب وآمن وأسهل طريقة لمنع الحمل؟وفي ذلك قالت د.فاطمة الكندري استشاري النساء والتوليد بمستشفى الولادة: انه لا يباح استئصال الرحم للمعاقة ذهنيا أو جسديا اذا كان الرحم سليما، أما موضوع الخوف من الاغتصاب فالأصل حمايتها من قبل أسرتها من أي استغلال جنسي، وأما اذا كان هذا الاستئصال بحجة العناية بنظافة المعاقة الشخصية والتي لا تستطيع القيام بها لإعاقتها سواء من الاستحمام أو الاستنجاء أو خلال الدورة الشهرية، فهذه مسؤولية الأم والأهل، وعليهم التحمل والصبر واحتساب الأجر وانه لا مبرر للقيام بهذه العملية مادامت لا يوجد عليها خطر من وجود الرحم لأي مرض، والأصل هو حماية البنت، معوقة أو غير معوقة، مشيرة الى أن النظافة الشخصية ليست مبررا لاستئصال الرحم.
وحول خطورة استئصال الرحم أكدت د.فاطمة الكندري ان العملية لها مخاطر ممكن ان تسبب مضاعفات ما بعد العملية مثل اي عملية جراحية.
بدائل حديثة
وأكد د.وليد فهد الجسار الاستاذ بكلية الطب انه لا يجوز استئصال اي عضو سليم بالنسبة للمعاقة او غير المعاقة، والاصل المحافظة عليها وما ينطبق على كامل العقل كغيره المصاب بإعاقة مهما كانت، اما اذا كان الرحم مصابا بمرض لا يمكن علاجه فنعم يجب ازالة الرحم، اما حالات التخلف العقلي الشديد فهي تحتاج الى طبيب نفسي يقيم الحالة ذهنيا لإبداء الرأي عن مدى شدة الاعاقة الذهنية، وايضا مهما كانت درجة الاعاقة لا يجوز استئصال الرحم.
ويرى د.الجسار ود.فاطمة الكندري امكانية تفادي اعراض ما قبل الدورة بإعطاء المعاقة ادوية معينة لمنع مشاكل الدورة وضمان حدوثها ثلاث مرات في السنة، بدلا من كل شهر، ووافقت رئيسة مركز الامراض الوراثية ورئيسة جمعية الداون د.صديقة العوضي على آراء د.الجسار ود.الكندري بأنه لا استئصال للرحم وانما استخدام الطرق الجديدة من تناول حبوب لتقليص مرات الدورة الشهرية الى 3 أو 4 مرات في السنة او اخذ لصقة تحت الجلد او ابرة ايضا تحت الجلد، وقالت: لا اوافق مادام الرحم سليما 100%.
واكدت العوضي ان صبر الأم على ابنتها او ابنها المعوق مضاعف عن الأم التي يكون ابنها او ابنتها معافين وسليمين، وكلما اعتنت بابنها زاد اجرها عند الله، فتعاملي أيتها الأم برضا وتسليم وصبر على البلاء، وعلى الأم ان تعلم جيدا ان من احب الاعمال الى الله عز وجل ما فيه من رعاية الضعيف والحنو عليه والسعي معه لتجاوز ما ابتلي به.
وفي مداخلة للدكتور وليد بخصوص نقل الاعضاء من جسد الى جسد، قال انه لا يتم ذلك الا ان يعرض هذا العضو حياة المريض للخطر مثل زراعة الكلى او القرنية والقلب، وردا على سؤال زراعة الرحم، اكد انه غير مقتنع بنقل رحم من مريضة الى اخرى وكل شيء له مخاطر، كما ان زراعة الرحم غير معترف بها كبديل طبي، والمرأة يمكنها ان تعيش بدون رحم، ولن تفقد حياتها ان لم يكن لديها رحم، فحياتها عادية تعيش وتتزوج، فقط لن تنجب، كما ان عدم وجود الرحم ليس له تأثير على الرغبة الجنسية.
وتقول د.صديقة في هذا السياق: هناك حالات وراثية لا تأتيها الدورة الشهرية وتحمل جسما كله انوثة وشكلا مثل المانيكان ونكتشف انها ليس عندها رحم، وفي هذه الحالة يمكن ان ينقل لها رحم.
ورد د.وليد بأن اشكال هؤلاء المانيكان ليس لديهم رحم ولا تأتيهم دورة شهرية وهم اصلا جيناتهم ذكور ولكن شكلهم اناث ولديهم خصيتين ولكن داخل البطنوحول تحديد مدى إصابة المريض بالتخلف العقلي أكدت د.العوضي ان المصابين بالتوحد او الداون او الشلل الدماغي نسبة الذكور للإناث من 4 الى 1 او من 3 الى 1، فالأكثرية هم الذكور ولابد من وجود عدد 2 من أطباء الوراثة و2 من أطباء النفس لتحديد هل الإصابة بالتخلف متوسطة او شديدة.
وزاد د.الجسار انه اذا كان لا توجد مشاكل في الرحم فلا مبرر لاستئصاله.وحول وجود بدائل اخرى عن الاستئصال قال د.الجسار: هناك ربط المبايض، فإذا وجد مبرر طبي كمن تكون ولادتها كلها قيصرية او تكون لديها الكثير من الاولاد وتريد ان تكتفي بهذا العدد، والاصل حماية الاسرة.
وأكد الجسار ان وجود فرد مصاب ذهنيا في عائلة هو ابتلاء من الله وهذا لا يبيح للأهل إهماله او القيام بعملية إزالة الرحم دون مبرر غير خوفهم من الاغتصاب فأين هم من العناية بهذه الابنة؟ ومن ناحية النظافة الشخصية للبنت وحمايتها.
تجارة أعضاء
وعلّق د.يوسف الشراح حول قرار الوالدين في استئصال رحم ابنتهما المعاقة؟ قال: انها ليست قضية الحمل فقط ولكن التبعات لذلك وما يحدث للوالدين من مشاكل ومهمة الوالدين رعاية ابنتهما وليس استئصال جزء من جسدها، مشيرا الى ان الموضوع له أكثر من جانب قانوني وشرعي ونفسي.
وقال د.عبدالرحمن العوضي: لو قرر الاب والام استئصال الرحم فلابد لهما من أخذ حكم من المحكمة، وفي حالة اذا كان هناك مرض خطير، مبديا تخوفه من ان يتحول الأمر الى تجارة للأعضاء في حالة المواقعة وهذا الرأي ما أيده أيضا د.الجندي.وأكد أهمية الموضوع و أنه لابد من أخذ رأي يرضي الجميع وأخذ هذا الرأي قانونا وشرعا وطبيا وأهل المريض للوصول الى نتيجة تنفع الجميع.
وأضاف د.صلاح العتيقي ان المحكمة لا تفتي إلا اذا اغتصبت البنت لمعرفة الأب، اما اذا كان الرحم سليم 100% لكن الوالدين يريدان حماية انتهما من الحمل السفاح.
وفي مداخلة للدكتور الجسار قال ان قانون الكويت يسمح فقط بالإجهاض في حالة عدم وجود رأس للجنين.وطالب د.أحمد رجائي الجندي بأن يرد الأطباء من ذوي الاختصاص على الأسئلة المقدمة وترسل لأكثر من عالم فقه حتى لا ننحاز ونصل الى الحكم الفقهي والطبي.
وقال د.عادل الفلاح الأصل ان نحميهم لا أن نوفر لهم بدائل منع الحمل، وتسائل د.المذكور: هل هناك في وزارة الصحة لائحة او قانون يمنع استئصال الرحم بغير مرض او لحالة معاقة ذهنيا او لرحم سليم او الخوف من الاعتداء عليها؟ وهل في وزارة الصحة قانون يمنع إجراء العملية حتى لو كانت معاقة ذهنيا او متخلفة عقليا؟ هل الطبيب يجري العملية ان يتقيد باللوائح والقوانين؟
وأجابت د.صديقة بأنه لا يوجد إلا قانون واحد بأن يتزوج أو لا يتزوج.
توصيات فقهية
قال د.خالد المذكور، انه اذا كانت الرغبة في اجراء عملية انتزاع الرحم حماية للبيت وتخوفا من الاعتداء فعليهم اتباع الوسائل الاخرى كالدواء واللصقة التي ذكرت من الاطباء، مشيرا الى ان اي انسان سليم يجري عملية جراحية يمكن ان يتعرض لتوابع ونتائج مترتبة على العملية، ويبقى الجانب القانوني والنفسي في هذه القضية، مؤكدا ان المسألة واضحة طبيا وفقهيا ويحتاج الامر الى تشريع ينظم هذا الامر حتى لا تكون تجارة لاستئصال الرحم او التعرض لاخطار صحية، مشيرا الى انه لابد من وجود قانون او تشريع لهذا المجال.
وفيما يتعلق برعاية الاسرة للمعاقين، اوصى د.المذكور بضرورة رعاية الاسرة لابنائها المعاقين ذكورا او اناثا وعدم الاهمال من الوالدين لهما والحث على الثواب، وايضا اذا اصيب الوالدان بالخرف او الامراض في كبرهما فاعتناء الاولاد بهما واجب، واذا كان المعاقون في مصحة فأوصى د.المذكور بالمحافظة عليهم والاهتمام بهم حتى لا يتعرضوا ليس للمعاشرة الجنسية المباشرة بل غير المباشرة من اللمس او التحسس في اماكن التلذذ من ذوي النفوس المريضة.
وعن حكم اجهاض المعاقة او السوية اذا كان الحمل مشوها خلقة او معاقة عقليا، قال د.المذكور: يستوي في الحكم اجهاض المعاقة عقليا او السوية في اسقاط الحمل اذا كان الحمل قد بلغ 120 يوما لا يجوز اسقاطه ولو كان التشخيص الطبي انه مشوه الخلقة الا اذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الاطباء الثقات المختصين ان بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الام فعندئذ يجوز اسقاطه سواء مشوها ام لا.
وتساءل د.المذكور: ما نسبة من يريدون إجراء عملية استئصال الارحام لبناتهم في الكويت؟ واذا كانت المعاقة في مصحة وليست مع الأسرة، كذلك الجهة التي تراقب الأمر هل هي نسبة 1% ام هي ظاهرة ام مجرد التخوف من الاعتداء عليها، لابد من ضبط المسألة.
وتحدث د.عجيل النشمي عن مفهوم «نقل الرحم»، وعن الاسباب الداعية لاستئصال رحم المعاقة سواء لحمايتها من الاعتداء الجنسي ثم الحمل وما يجره على العائلة من عار ومشاكل، أو كان بسبب ما يتحمله الاهل في متابعة ابنتهم فترة الدورة الشهرية لعدم قدرتها على التصرف، واكد ان هذه تبريرات باطلة، وقال انه اثناء الدورة الشهرية للمعاقة على الاهل رعايتها وهذا واجب شرعي مثل رعاية الوالدين عند الكبر، مؤكدا ان استئصال رحم المعاقة لا يجوز شرعا تحت اي مبرر، ويدخل في دائرة الابتلاءات التي يؤجر عليها الناس عند الصبر.
وحول نيابة الوالدين او الاهل في طلب اجراء العملية، اكد د.النشمي انه لا يجوز كما لا يجب ان نجيبهم للجراحة الا ان تكون هذه الجراحة مأذونا فعلها شرعا وليس من حق الولي او غيره من الاهل ان يأذنوا او يوقعوا اقرارا لاجراء العملية ولا من حق المعنيين في المستشفى من الاطباء ان يستجيبوا لهذا الطلب، فهو محرم شرعا ومطلقا للمرأة السوية والمرأة المعاقة.
ولفت الى ان العملية فيها انتهاك لانسانية المعاقة واعتداء على حقها في الرعاية الطبية الاخلاقية والتي هي من حقوق الانسان المتعارف عليها دوليا.
واوصى د.النشمي بحرمة استئصال رحم المرأة المعاقة وان الاصل المقرر شرعا هو الحرمة، ولا فارق بينها وبين المرأة العاقلة ما لم تكن هناك ضرورة مثل ازالة مرض خبيث يجب استئصاله او استدعته حاجة طبية راجحة تجعل من بقائه ضررا بصحتها.
4 ساعات من الحوار
أدار حلقة النقاش د.احمد رجائي الجندي، واستمرت الحلقة اكثر من 4 ساعات اوصى الجميع بعدم جواز استئصال رحم المعاقة ذهنيا، وتخللت الجلسة اقامة صلاة الظهر ثم تم النقاش. وتحدثت د.صديقة العوضي عن حالات كثيرة مصابة بالداون، لكنها تعامل كالاصحاء، وذلك يعود الى التدريب المستمر لهذه الفئة.
كما اكدت د.فاطمة الكندري انها لم تصادف طلبا لأحد اولياء امور المعاقات ذهنيا باستئصال رحمهن. واجاب الاستاذ بكلية الطب د.وليد الجسار على كل الاسئلة المثارة بالتفصيل مع الاستشهاد بالحالات الطبية، مشددا على عدم الموافقة على اجراء هذه العملية.