تعد الصقور من الطيور الثمينة والتي يحرص هواة الصيد على امتلاكها لما تتمتع به من قوة ورشاقة وسرعة بديهة وذكاء، كما انها تحظى بمكانة كبيرة عند العرب منذ القدم، ومنهم اهل الكويت الذين كان بعضهم يخرج لاصطيادها اثناء عبورها البلاد في موسم هجرتها.
وتشهد أجواء الكويت في فصل الخريف من كل عام ومنذ القدم عبور الصقور من مواطنها الاصلية الباردة الى المناطق الاكثر دفئا، اذ كانت تمر عبر مناطق البلاد الشمالية غير المأهولة فينتظرها الصيادون لاصطيادها بطرق مختلفة عرفت قديما مثل «الشبك» و«الدرك» و«شبكة الهواء».
وللصقور مكانة كبيرة عند العرب الذين عرفوا الصيد بها منذ ايام الجاهلية، اذ يشار الى ان الحارث بن معاوية بن كندة هو أول من اصطاد بالصقر في العصر الجاهلي.
وقد تباهى العرب بالصيد بالصقور وكان مصدر فخر لهم وشكل هواية للملوك والسلاطين والامراء لاسيما في العصر الأموي الذي شهد ازدهارا كبيرا في الصيد بالصقور والفهود، اذ يعد الصيد عند العرب رياضة تنشط الأجسام وتطلق القوى الكامنة في الانسان وتزيد من ارتباط العربي ببيئته الصحراوية.
وحول هذا الموضوع، قال الباحث في التراث الشعبي الكويتي د.عادل العبد المغني في لقاء مع «كونا» امس: ان الكويت كانت تشهد قديما في فصل الخريف من كل عام مرور الصقور بالكويت من مواطنها في الدول الباردة في الشمال متجهة باتجاه الأماكن الأكثر دفئا في الجنوب فيخرج الصيادون والهواة لاصطيادها.
وأوضح ان صياد الصقور الكويتي أو «القناص» كان يعتمد في الماضي على ثلاث طرق رئيسية لصيد الصقور هي «الشبك» و«الدرك» و«شبكة الهواء»، حيث يتم صيد الصقر وترويضه وتدريبه على الصيد، مضيفا ان لكل طريقة ادواتها واسلوبها المختلف عن الاخرى.
وبين أن طريقة الصيد بالشبك هي عبارة عن حفرة كبيرة يحفرها القناص لتؤويه بالكامل ويغطيها بطبقة من الطين ويترك فيها فتحات للرؤية وينصب بالقرب منها «الشبك» ثم يحفر حفرة اخرى صغيرة بالقرب منه يضع بداخلها الفريسة (عادة ما تكون حمامة) ويغطيها بـ «الخيش» ثم يربط حبلا طرفه الأول متصل بـ «الشبك» والطرف الاخر بيده.
وذكر ان القناص يقوم بعد ذلك بربط طائر «غراب» بحبل طويل متصل بعدد من الريش ويطيره عدة مرات حتى يراه الصقر ويظن عند رؤية الريش ان الغراب ظفر بفريسة فيتجه نحوه وفي هذه الاثناء يقوم الصياد بإبعاد الغراب ثم يسحب الحبل الآخر فتظهر الحمامة ليتجه الصقر اليها فيسحبها القناص عن طريق الحبل المتصل بالشبك فيطبق على الصقر ويتم صيده.
وقال العبدالمغني: ان طريقة الصيد بـ «الدرك» تعتمد على جلب حمامة ونتف جزء من ريش جناحيها لمنعها من الطيران المرتفع ثم يقوم القناص بتلبيس طرفي جناحي الحمامة شبكة تسمى «الدرك» فتكون هذه الشبكة شبيهة بـ «الصديري».
وبين أن «الدرك» له فتحات دائرية من الخيوط الحريرية التي تشتبك بمخالب الصقر عند انقضاضه على فريسته فلا يستطيع إخراجها ليأتي دور القناص بتخليصه من «الدرك» واصطياده، مشيرا الى ان هذه الطريقة سهلة ولا تحتاج الى مجهود مثل سابقتها وتتيح للقناص إمكانية استخدام الكثير من الحمام بشرط مراقبتها بدقة.
وحول الطريقة الثالثة لصيد الصقور، أوضح العبد المغني انها تسمى «شبكة الهواء» وهي عبارة عن شبكة مربعة بطول مترين مفتوحة من الأمام وتنصب على الأرض ثم يوضع في أطرافها ثقل وتكون غير مثبتة بإحكام، مضيفا انه بعد ذلك توضع بداخلها حمامة أو أي طائر حي وحين ينقض عليها الصقر يصطدم بالشبكة فتقع عليه وتحتجزه.
وأشار العبد المغني إلى أنه بعد اصطياد الصقر يعهد به الى «الصقار» الذي يقوم بمهمة تدريبه على الصيد بلفه بقطعة قماش بما يعرف بـ «التمهيد» أي مثل لف الطفل الوليد، وذلك تجنبا لتعرض جناح الصقر للكسر اثناء محاولة التخلص من الأسر.
وذكر ان «الصقار» يقوم بعد ذلك بتغطية عيني الصقر بغطاء خاص يوضع على رأسه ويكون عادة مصنوعا من الجلد يسمى «البرقع»، اذ يترك على هذه الحال لمدة تتراوح ما بين سبعة الى عشرة أيام ليجعله يعتاد على المؤثرات الخارجية ويهدأ سلوكه.
ولفت الى ان عملية وضع «البراقع» للصقور تماثل في اهميتها الاغماد بالنسبة للسيوف، اذ يصون الغمد السيف من الصدأ، وهو لا يجرد منه إلا وقت الحاجة، وهذا الامر ينطبق على برقع الصقر.