- الاهتمام بصحة الأم الحامل غذائياً وعند الولادة وأثناء الرضاعة يوفر صحة بدنية للأبناء
- الفحوصات المخبرية الدورية للسكري والكوليسترول ضرورة محتمة بعد سن «الثلاثين»
- «توعية المرضى» تهدف للتعايش مع المرض بصورة تجعل الحياة الطبيعية أمراً ممكناً
حنان عبدالمعبود
«السكري» من الأمراض التي تثقل الكاهل، لما يشعر به المرء حينما يعلم بإصابته أو إصابة فرد من الأسرة وبالتالي تبدأ الأسرة بكاملها في محاولة مسايرة الوضع، فهل تعلمون أن هناك إمكانية لتلافي هذا المرض، أو تأخير أعراضه لفترة من الزمن قد تكون طويلة؟ نعم يمكنكم ذلك. والأمر قد يكمن في تصحيح مسار الحياة ونمط المعيشة، كما أكدت مراقبة التوعية الصحية في وزارة الصحة د.آمال حسين اليحيى، أن توازن النظام الغذائي والمحافظة على وزن صحي وممارسة اللياقة البدنية، من شأنه أن يمنع حدوث مرض السكري، أو يؤخره إذا ما توفر عامل الوراثة.
وفي لقائها مع «الأنباء»، أوضحت د.اليحيى أهمية الرياضة في خفض نسبة الوفيات الناتجة عن أمراض مثل السرطان والسكري والكوليسترول وهشاشة العظام، فضلا عن تقويتها للإرادة وتوليدها للسعادة وزيادة كفاءة الجهاز التنفسي والقلب. كما لفتت إلى أهمية تناول الأبناء للأغذية الصحية، والحد من مظاهر التغذية السيئة كتناول الوجبات السريعة.
وإيجابية الكشف المبكر عن الأمراض، والتوعية الخاصة بالمرضى، وأنماط الحياة السيئة والسليمة، فضلا عن مقومات الغذاء السليم، ومشاكل الأطعمة المعلبة والمثلجة.. إلى غير ذلك من الجوانب المهمة. فإلى التفاصيل:
يعتبر مفهوم التوعية الصحية أمرا غائبا عن الكثيرين من الناس، فما هي التوعية الصحية؟ وما هي مبررات وجود هذا الجانب من الطب؟ وما هي أهميته؟ وما هي أهم الخدمات التي يقدمها؟
«التوعية الصحية» هو المصطلح الأقل شمولية من المصطلح الأكثر صحة اليوم وهو مصطلح «تعزيز الصحة» وهو مفهوم شامل للصحة يرمي لتمكين الأفراد من زيادة قدرتهم في التحكم في الصحة والمحافظة عليها بالدعم البيئي والاجتماعي والاقتصادي نحو ترجمة المعرفة إلى سلوك صحي ايجابي لتنمية المجتمع. فهي تعنى بتوفير المعلومات الصحية لزيادة الوعي، ومن ثم إكساب المهارات التي تعين على اختيار السلوك الصحي وتطبيقه. واليوم تقوم السياسات الصحية المتقدمة على إستراتيجيات تمويل المجالات التي تعزز الصحة، وذلك لتفادي الزيادة المضطردة في عبء الأمراض خصوصا الأمراض المزمنة غير المعدية مثل السكري والقلب والسرطان.
كما أنها تقدم الخدمات التي تعنى بتعزيز الصحة على مستويات مختلفة مثل التطعيمات والمحافظة على وزن صحي واختيار السلوكيات التي ترتقي بوظائف الجسم المختلفة وتحافظ عليها، مثل ممارسة الرياضة والامتناع عن التدخين وكذلك الاهتمام بالفحص الدوري للاكتشاف المبكر للأمراض مثل فحص الدم السنوي لمستويات السكر والكوليسترول، وكذلك الفحص الذاتي للثدي بالنسبة للنساء.
عوامل تعزيز الصحة العامة
ما أهم الخطوط العامة الواجب اتباعها من أجل تعزيز الصحة العامة للإنسان، والمحافظة على أعضاء داخلية سليمة؟
الصحة نعمة عظيمة من نعم الله على الإنسان، والواجب عليه أن يتعلم المحافظة عليها منذ الصغر لأن بناء جسم صحي قادر على الصمود ومقاومة الأمراض يبدأ حتى قبل مولد الإنسان، وهو الاهتمام بصحة الأم الحامل وتغذيتها، وكذلك عند الولادة وبعدها بالرضاعة الطبيعية والالتزام بالتطعيمات، ثم التغذية السليمة والبيئة التي توفر الدفء العاطفي والنفسي، بالإضافة للحماية من المخاطر المهددة للصحة كدخان السجائر والملوثات البيئية والعنف والإهمال.
فتوفير بيئة آمنة داعمة لنمو وتطور الأطفال أساس لتنمية صحة الأطفال، ومثل هذه البيئة تصبح مهمة في مرحلة المراهقة خصوصا أنها مرحلة تحديد الاختيارات السلوكية التي قد تظل مع الإنسان طول عمره، لذا فإن من المهم المداومة على مزاولة نشاط بدني فعال حتى تصبح الرياضة عادة منذ الصغر، كما أن اعتياد تناول غذاء متوازن متنوع يحتوي على الكثير من الخضار والفواكه ومصادر متنوعة من منتجات الألبان وشرب كميات كافية من الماء والتقليل من السكريات البسيطة والدهون المشبعة يعتبر أساسا لغذاء صحي يوفر احتياجات الجسم من العناصر الأساسية دون أن يؤدي لسوء التغذية النوعية والكمية. ومن أمثلة سوء التغذية النوعية، أنيميا نقص الحديد ومن أمثلة سوء التغذية الكمية، النحافة أو زيادة الوزن والسمنة.
ما أهم الإرشادات التي يجب أخذها في الاعتبار إزاء الاكتشاف المبكر للأمراض؟
الكشف المبكر عن الأمراض يعني اتباع مجموعة من السلوكيات الصحية والإقدام على عمل بعض الفحوصات بشكل دوري ومنتظم خلال فترات زمنية محددة تبعا لنوع المرض وعمر الإنسان. وهذا يتم من خلال مهارات نتعلمها وفحوصات نجريها، فمن ذلك مثلا: الفحص الذاتي للثدي، والذي يجب تطبيقه منذ عمر العشرين بصورة دورية كل شهر بعد الدورة الشهرية وتستمر طول العمر. أما فحوصات الدم الدورية للكشف عن معدلات السكر والكوليسترول فيجب أن يعملها الإنسان بعد عمر الثلاثين بصورة سنوية، ما لم ير طبيب الرعاية الأولية غير ذلك. ونفس الأمر بالنسبة لفحص ضغط الدم. ونخص النساء بضرورة عمل مسحة عنق الرحم بعد الزواج بمعدل 3 سنوات أما الرجال فينصح بعمل فحص البروستاتا سنويا من بعد سن الخمسين.
منع المضاعفات بالتوعية
التوعية الصحية أمر يجب اعتماده للمرضى أيضا، فما هو دورها معهم، وما السبل الكفيلة بمنع مضاعفات الأمراض عموما؟
يجب توعية المريض بطبيعة المرض وأعراضه المختلفة وكيفية التعامل معها والعلاج المتوافر لمرضه وكيفية تناوله وأهمية الالتزام بالعلاج للسيطرة على المرض ثم معرفة الأنماط السلوكية الواجب الالتزام بها للحد من مضاعفات المرض بهدف التعايش معه بصورة تجعل الحياة الطبيعية أمرا ممكنا.
فمريض السكري مثلا يحتاج لأن يفهم الطبيعة المزمنة لمرضه وحاجته لتناول العلاج دائما كما يجب أن يتعرف على أعراض هبوط أو ارتفاع السكري في الدم وكيف يتصرف في كل هذه المواقف، ومتى يجب عليه التوجه للطبيب وكذلك الالتزام بالزيارات الدورية لطبيبه المعالج للمتابعة وتلقي العلاج.
أنماط الحياة بين الصواب والخطأ
يعتبر الكثير من الأطباء أن نمط الحياة السيئ هو الأرضية الخصبة والمرتع المناسب للإصابة بالأمراض، فما هي أنماط الحياة؟ وكيف يمكن للإنسان أن يغير النمط السيئ إلى النمط السليم؟
نمط الحياة هو مجموعة السلوكيات الحياتية التي يتبناها الإنسان منذ الصغر ويستمر عليها لسنوات طويلة من عمره، وأصبحت تمثل عاداته وتصرفاته اليومية، وهي تؤثر بشكل كبير على صحته وتقربه أو تبعده عن خطورة الإصابة بالأمراض المختلفة. ولعل أهم المكونات للأنـــــــماط الحياتية هي طبيعة الغذاء ومقدار النــــــــشاط البدني والأساليب الانفعالية والنفسية التي تعود الإنسان أن يطبقها في حياته، وأنماط الحياة قد تتغير بتغير المكان الذي يعيش فيه الإنسان، وذلك تبعا للظروف المتبعة في المجتـــــــمع الذي يحيا فيه الإنسان. فالتدخين والكحـــــــوليات مثلا من أهم السلوكيات التي تؤثر سلبا على الصـــــحة، بينما تمثل المجتمعات الريفية نمطا للحياة البســـــــــيطة، وفي نفس الوقت بيئة إيجابـــــية للصـــــحة. ولابد من الإشارة إلى أن الحياة الرغيــــدة في الكــــويت عودت الكثيرين على الكسل واستــــــهلاك الكثير من الأغذية عالية المحتوى من الدهـــون والسعرات الحرارية التي أدت لزيادة معدلات الأمراض.
الغذاء الصحي يصل الى كونه هاجسا بالنسبة للكثير من الناس، فما أهم مقوماته السليمة؟
العادات الغذائية تتكون منذ السنوات الأولى في حياة الإنسان، لذا فإن من الأفضل أن يؤخر تقديم السكريات للأطـــــفال لما بعد العام الأول. كذلك يجـــــب أن يحتوي طعام الإنســـــان على مكونات والتي تمثل المجموعات الــــست في الهرم الغذائي، وأن يتناول الإنسان في اليوم 3 وجبات أساســــية و2 وجبة صغيرة، ويكـــــــون مجموع السعرات الحرارية متوافقا واحـــــــــتياجات الإنسان حســــــب المرحلة العمرية (مرحلة المراهقة تحتاج لســـــــعرات أكبر من البالغين) والاحتياجات الفسيولوجية (الحمل والولادة والنقاهة من المرض). ولذا، فكـــــــلما كان الطعام منوعا ضمنا أن يحتــــــوي على جميع العناصر الغــــــذائية، ولكن شريطة ألا تزيد الســــــعرات الحرارية على حاجة الإنسان حتى لا يصاب بزيــــــادة الوزن والسمنة، وألا تقل عن احتياجاتــــه فيــــصاب بالنحافة.
الأغذية المعلبة وموادها الحافظة
ما الذي تنصحين به إزاء الأطعمة المجمدة والمعلبة لاتقاء أضرارها والحصول على خواصها الغذائية؟
الطعام الطازج أفضل من المحفوظ، والمثلج أفضل من المعلب، لأنه لم تضف له مواد حافظة ترفع محتواه من الملح والصوديوم. والخضار الطازج يجب غسله جيدا بالماء للتخلص من بقايا المبيدات الحشرية. كذلك مراعاة الطبخ الجيد خصوصا مع عدم تعريض الطعام للحرارة العالية جدا لفترات طويلة، لأن ذلك يفقده الكثير من فائدته الغذائية. ولابد من تعلم مهارة قراءة اللوحات التي تصف محتويات الطعام من العناصر الغذائية والسعرات الحرارية.
التغذية السليمة حصن آمن للأبناء
كيف تستطيع الأم إقناع أولادها بالغذاء السليم، وتجنب المأكولات الضارة بالصحة كالوجبات السريعة؟
كلما عودت الأم أولادها على تناول الطعام الصحي منذ الصغر أحب أولادها هذا الطعام أكثر، كذلك يجب أن يتوافر في المنزل، الطعام الصحي بشكل جذاب للأطفال، وعليها أن تمنع وجود الأكل غير الصحي، فعلى سبيل المثال، يفضل ألا نشتري المشروبات الغازية ونملأ الثلاجة بها، حتى لا نشتكي من إقبال الأولاد على شربها. كما يجب أن نتعلم مهارات تناول الوجبات السريعة بحيث تكون صحية بنفس الوقت، كاستبدال المشروب الغازي بالعصير، واستخدام الخبز الأسمر وعدم إضافة الصلصات، وعدم تناول الأحجام الكبيرة من الوجبات.
دور الرياضة في مكافحة الأمراض
اللياقة البدنية تلعب دورا كبيرا في إضفاء الصحة على الإنسان، فكيف تلعب هذا الدور؟ وما مخاطر الكسل وعدم الحركة؟
اللياقة البدنية فوائدها كثيرة، ودورها كبير في الارتقاء بصحة الإنسان، لأننا لو فكرنا في جسم الإنسان على أنه آلة، فإن الرياضة ستكون بمثابة الصيانة التي تطيل من عمر هذه الآلة وتحسن من كفاءتها وأدائها. فالرياضة على سبيل المثال، تحافظ على وزن الجسم، وتساعد في تخسيس الوزن عند وجود زيادة فيه، وقد أثبتت الأبحاث أن خفض 10 كيلوغرامات من الوزن الزائد سيؤدي إلى انخفاض المعدل العام للوفاة بنسبة 20%، وانخفاض الوفاة نتيجة أمراض السكر بمقدار 30%، وكذلك انخفاض الوفيات نتيجة الأمراض السرطانية الناتجة عن السمنة، فضلا عن انخفاض الضغط والكولسترول.
كما أن الرياضة تقوي عضلة القلب وتزيد من كفاءة الجهاز الدوري والتنفسي وتضبط ضغط الدم وتساعد على التمثيل الغذائي وتخفف من الاضطرابات المعوية، كما أنها تحسن من القدرة على الإدراك والتفكير نظرا لوصول كميات كافية من الدم لأجزاء المخ المختلفة حاملة معها الأوكسجين والهرمونات المختلفة اللازمة لعمل المخ مثل الأندورفينات. كما أن لها فوائد على الصحة النفسية، كتقوية الإرادة، وتوليد الشعور بالحيوية والنشاط والسعادة والراحة وتقي الرياضة ـ خصوصا بممارستها منذ مرحلة المراهقة ـ من هشاشة العظام، وتحسن من القدرة على النوم الهادئ، فهي بذلك تعزز الصحة وتمنع الكثير من الأمراض، وما ينتج عنها من توفير للتكاليف الباهظة للعلاج، ومن هدي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف».
مكافحة «السكري» قبل الإصابة
أثبتت الدراسات الطبية المحكمة أن بإمكان الإنسان أن يقي نفسه من الإصابة بمرض السكري، وذلك باتباع نمط حياة صحي منذ سن المدرسة، وهذا النظام ـ ببساطة شديدة ـ يقوم على تناول غذاء صحي متوازن المحتوى من العناصر الغذائية من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون ومعدل معتدل من السعرات الحرارية التي تتناسب مع المرحلة العمرية والجنس، وكذلك المرحلة الفسيولوجية كالحمل والولادة. هذا بالإضافة لممارسة الرياضة المتوسطة الجهد مثل المشي السريع بشكل منتظم، والمحافظة على وزن صحي. فاتباع هذا النمط في الحياة، من الممكن إلى حد كبير جدا، أن يوفر حماية من الإصابة بمرض السكر، ونحن نعلم أن العامل الوراثي مهم جدا في الإصابة بهذا المرض، ولكن باتباع النمط الصحي يمكن تأجيل المرض لدى من عندهم الاستعداد الوراثي، فالإصابة بمرض السكري بعد عمر الخمسين أفضل من أن تبدأ الأعراض في الثلاثينيات من العمر.