بقلم: عدنان مكّاوي
اختطف الموت ومن دون سابق انذار زميلنا سكرتير إدارة التحرير في «الأنباء» الشاب يحيى حسن ليلة الثلاثاء الماضي!
ولعل المفارقة الغريبة العجيبة أنني لم ألقه وجها لوجه وأسلم عليه إلا مساء الاثنين وعند بوابة «الأنباء» هو خارج منها وأنا داخل اليها لأسلم صفحة الأنباء الزراعية، وكان بجانبه الزميل الصحافي حسين الرمضان.. ليسلم علي ويقول لي عرفتني يا عم عدنان فقلت له عم يحيى، عرفتك من صوتك المميز ذلك انني كنت على اتصال به تلفونيا (عبر الهاتف والوتساب فقط) طيلة سنة ونيف.. من دون ان أراه أو يراني الا في هذه الليلة، فقد كان رحمه الله همزة الوصل والوسيط الأمين المخلص بيني وبين المعنيين بصفحة «الأنباء الزراعية» ابتداء من مخرجها الفني.. وانتهاء بمدير التحرير.. مرورا بالمصححين الكرام.. يرسلها لي في صورتها النهائية عبر الوتساب لأرد عليه «سلمت الأيادي» يا عم يحيى.. فيرسل لي شكرا عم عدنان.. وكل ذلك بالوتساب حتى كتب الله لي ان أراه مرة واحدة وكانت الأخيرة وكأنه يودعني!
كان بالفعل دمث الأخلاق.. مهذباً.. يتصل من وقت لآخر تلفونيا يسأل مطمئنا عليّ وعلى تسلمي راتبي الشهري.. كي لا يكلفني الحضور ولو مرة واحدة شهريا لمقابلة المخرج.. أو المسؤول المالي في حالة حدوث خطأ ما.. ويتولى حل هذا الخطأ بسرعة وأريحية.. مقدرا كبر سني وكثرة مشاغلي.. في هذه الحياة الصعبة.. المرة.
رحمك الله عم يحيى وألهم أهلك ومعارفك الصبر والسلوان، وخصوصا والديك الكريمين اللذين أحسنا تربيتك ليقطر فمك عسلا وأنت تكلم الآخرين.. وليكن الله في عون والده المسن فأنا مثله جربت موت الولد في ريعان شبابه - قبل حوالي عقدين من الزمان ـ وأدرك تماما بأن اليتيم ليس هو الذي يفقد والده فقط، ولكن اليتيم هو الذي يفقد ابنه الشاب.. آه ما أقساها يا عم أبو يحيى.. لكن عزاءك انه مات وهو يحبك وأنت تحبه.. فادع له بالرحمة وان يجمعك الله به في الجنة!