- الشراح: الثقافتان ساهمتا بشكل فاعل في تطوير الحضارة الإنسانية بشكل عام
كريم طارق
أجمع المشاركون في الندوة الثقافية التي أقامتها رابطة الصداقة الكويتية ـ الإيرانية مساء اول من امس بالتعاون مع جمعية الثقافة الاجتماعية وبحضور السفير الإيراني لدى الكويت د.علي رضا عنايتي تحت عنوان «تلاقي اللغتين الفارسية والعربية وأثره على الحضارة الإسلامية» على الدور البارز الذي لعبته الثقافتان العربية والفارسية في نشر الحضارة الإسلامية وازدهارها على مختلف العصور، لافتين إلى ضرورة إيجاد وسائل وآليات وسبل جادة لتعزيز الاشتراك الثقافي الإسلامي بين هاتين الحضارتين وذلك بهدف استعادة أمجاد الحضارة الإسلامية العريقة، والتي تأتي في مقدمة تلك الوسائل تبادل تعليم اللغتين وتعزيز فنون الترجمة للأعمال الأدبية والثقافية والفنية، فضلا عن العمل على الاستفادة من كافة تجارب الحضارتين في ظل مفهوم عوامل الوحدة التي يشكل الدين الواحد أحد أبرز جوانبها.
في بداية الندوة، أشار عضو رابطة الصداقة الكويتية ـ الإيرانية ومدير الندوة د.يعقوب الشراح إلى هذه الندوة تأتي ضمن جملة من الأنشطة الثقافية التي تنظمها الرابطة التي ارتأت أن تناقش موضوع في غاية الأهمية وهو آفاق التواصل الثقافي العربي الفارسي، لافتا إلى أن عنوان الندوة هو أحد العناوين الواسعة والمتشعبة الذي تحتاج إلى سلسلة من المحاضرات والندوات.
وأكد الشراح أهمية التطرق إلى التداخل الثقافي العربي ـ الفارسي عبر العصور والتاريخ الإسلامي الحافل منذ ظهور الإسلام، مشيرا إلى وجود العديد من المحطات التاريخية المتنوعة التي تؤكد على مدى عمق هذا التداخل التاريخي الذي تسعى المحاضرة إلى تسليط الضوء عليه.
ولفت إلى أن هاتين الثقافتين ساهمتا بشكل فاعل في تطوير الحضارة الإنسانية بشكل عام، لما تضمنتاه من مختلف أشكال العلوم والمعرفة البشرية حتى وصلت إلى تلك المعرفة إلى أوروبا التي تأثرت بها بشكل كبير في القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلادي، مشيرا إلى أن الدراسات في جانب التواصل بين الحضارة العربية والفارسية قليلة، إلا أنها تقوم على 3 أسس عامة تأتي في مقدمتها الناظم الديني باعتباره الركيزة الأساسية لتهيئة المناخ الحقيقي للتداخل، بينما يتمثل العاملان الآخران في الناظم الجغرافي، والناظم الزمني.
من جانبه، أكد الباحث الإسلامي الشيخ د.أحمد حسين أن الحديث عن اللغة هو حديث في واقعه عن التواصل بين هاتين الحضارتين، مشيرا إلى أن تلاقي اللغتين العربية والفارسية لم يكن تلاقيا لغويا فحسب، إنما كان تلاقيا عبر اللغة والفعل التواصلي الذي يخلق حوارا ومساحة إنسانية ذات صفة ومزايا خاصة، موضحا أن التقاء اللغتين حمل طابعا علميا.
بدوره، قدم استاذ اللغة الفارسية بجامعات الكويت د.سمير أرشدي على هامش الندوة بحثا تحت عنوان «العربية والفارسية ثقافة واحدة بلغتين»، أشار خلاله الى أن الشعوب الإسلامية جميعها كان لها سهم ودور في بناء صرح الحضارة الإسلامية، مشيرا إلى ان علماء ومفكري إيران كان لهم حصة الأسد حيث هجروا الأهل والديار والتحقوا بالمدارس النظامية في بغداد وحلب ودمشق حينما كان العالم الإسلامي مفتوحا على مصراعيه دون تمييز ودون حدود وفواصل ليكتبوا مؤلفاتهم بالعربية، حيث استوعبت كل العلوم والفنون، وتابع قائلا: فهذا سيبويه الشيرازي أول واضع ومؤلف لقواعد اللغة العربية وذاك جابر بن حيان الطوسي الكيميائي المعروف ومحمد الخوارزمي أكبر رياضي إيراني وزكريا الرازي الفيلسوف والطبيب مكتشف الكحول، والفارابي وابن سينا والبيروني والجرجاني والسهروردي وخواجه نصير الدين الطوسي وصدر الدين شيرازي ومئات غيرهم شاركوا إخوانهم العرب في بناء الحضارة الإسلامية التي أسهمت بعد ذلك في بلورة الحضارة الاوروبية.
وتساءل الأرشدي: عن دور وإمكانية مثل هذه الندوات في أن تكون نواة لتلاقح ثقافي بين الشعبين؟ هل يمكن لرابطة الصداقة التي تضم نخبة الثقافية الايرانية ـ الكويتية أن تكون محورا للتفاعل الأدبي وتسهم في وضع اللبنة الاولى لهذا الصرح الذي سيعلو بسرعة إذا ما استلهم من التراث واعتبر العبر وكان بنية صادقة وروح متسامية؟ لافتا إلى أن الكويت بأدبائها وشعرائها ومثقفيها ومكانتها في الساحة الفكرية العربية المعاصرة مؤهلة لأن تكون بوابة التلاقح الثقافي وهمزة الوصل بين إيران ودول آسيا الوسطى وبين العالم العربي، مؤكدا على قدرتها في أن تكون الجسر الذي يربط الحضارات ببعضها واذا كان لمثل هذا الأمل أن يتحقق فتحقيقه بيد الرابطة وأعضائها.
عنايتي لـ «الأنباء»: إيران ستواصل العمل لإنجاح «التفاهم والحوار» مع دول «التعاون»
على هامش الندوة، أكد السفير الإيراني لدى الكويت د.علي رضا عنايتي في تصريح خاص لـ «الأنباء» أن العملية الانتخابية والعرس الانتخابي الذي شهدته إيران قد تم بهدوء وعلى أكبر قدر من النزاهة والشفافية والمشاركة الواسعة من الشعب الإيراني في داخل البلاد أو في خارجها في أكثر من 103 دول أجنبية من ضمنها الكويت، مشيرا إلى أن العملية الانتخابية تمثل استحقاقا ديموقراطيا للإعلان كل فرد إيراني عن رأيه في تقرير مصيره عبر الانتخابات الرئاسية.
وأضاف أن هذا المشهد الديموقراطي تكرر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية طوال 4 عقود وبما يقارب الـ 40 عملية انتخابية، مشيرا إلى أن العملية الانتخابية جاء مبنية على المشاركة الواسعة من الشعب الإيراني الذي حظي بمحل الاهتمام، باعتباره الفائز الأكبر في تلك العملية، ليصب ذلك في مصلحة الجمهورية الإيرانية التي بنت عقيدة الانتخابات والمشاركة في تحديد المصير.
ولفت عناياتي إلى أن الجمهورية الإيرانية تنادي بالمحبة والمودة ومد سبل التعاون مع جيرانها وأشقائها، وذلك كونها ترى أن لغة الحوار هو الموقف مع دول الجوار للوصول إلى بر الأمان، مشيرا إلى أن الرئيس الإيراني روحاني في سنته الرابعة من دورته الحالية أكد على أرجحية لغة الحوار وأفضليتها، مؤكدا أنه بإعادة انتخابه في دورته الثانية سيستمر التعاون الذي يحتاجه إقليمنا بعيدا عن لغة الأزمات والاحتقان، معربا عن استعداد الجمهورية الإيرانية لمواصلة المشوار الذي بدأ بمبادرة سامية من قبل دول مجلس التعاون الخليجي وبرسالة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، لافتا إلى أن الجانب الإيراني يطمح إلى نجاح هذه المبادرة المبنية على التفاهم والحوار.