- المطوع: يجب أن يسعى الإنسان باستمرار إلى الارتقاء للأفضل
- المالكي: الهدى هو عنوان يدعيه الجميع والكل يبرأ من الضلالة
- الصفار: النزوع للتطرف الديني لا يخلو من دوافع مصلحية ومطامع
عادل الشنان
واصلت الحسينيات والمساجد إقامة مجالس العزاء في ذكرى استشهاد حفيد النبي صلى الله عليه وسلم الإمام الحسين عليه السلام، وشدد خطباء الحسينيات على ضرورة التمسك بالقيم النبيلة، باعتبارها المفتاح لمرضاة المولى- عز وجل- والابتعاد عن التطرف والغلو الذي يدمر كل شيء، داعين إلى تحصين الشباب من فكر التطرف الذي يستهدفهم في الأساس لأنهم مخزون من الطاقة والحماس يستغله قادة التطرف، كما تطرقوا إلى الأهداف التي أراد سيد الشهداء أن يحققها في سبيل دفع الإنسان نحو حياة أفضل في ظل علاقته مع الله- عز وجل- وتطبيق الشريعة المحمدية الأصيلة.
وفي هذا السياق، قال الخطيب الشيخ حسن المطوع في محاضرته في حسينية الولاية بسلوى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) كما ورد في نص قرآني صريح القول والمعنى، مضيفا أن مفهوم التغيير من المفاهيم القرآنية التي تطرق لها في الكثير من المواضع، لان الإسلام يحث على الارتقاء بمستوى الإنسان إلى الأفضل والأحسن.
وطرح المطوع عدة تساؤلات حول علاقة التغيير بقضاء الله- عز وجل- كيف يغير الإنسان من نفسه؟ وهل التغيير يتنافى مع القضاء؟ وهل مستقبل الانسان مخطط له، وانه لا يستطيع أن يغيره؟ مجيبا: «ان الإنسان بإمكانه أن يتغير ولا يتنافى ذلك مع القضاء، هناك صنف يجعل مستقبل الإنسان بيد الله، هو من حدده بإرادته، وهناك آيات تجعل الأمر بيد الإنسان نفسه، أي انه هو من يرسم ويحدد مصيره، فكيف يمكن التوفيق ؟ وعلاقة القضاء بهذا؟».
وتابع: هناك قضاء حتمي لا ترتبط إرادة الإنسان به، منها خروج الإنسان من بطن أمه إلى الدنيا، وهناك قضاء يمكن للإنسان أن يحدد دوره، مثلا صلة الرحم تطيل عمر الإنسان بعد ان حدد من قبل الله، متسائلا: هل إرادة الإنسان لها دور في تغيير القضاء؟ الجواب: نعم، والمثال إذا سار أحدنا في طريق معين ستصيبه آفة، ولكن إذا غير الطريق قد لا يصيبه مكروه، لذلك انت تعمل باختيارك، الى قدر الله، وتحل مشاكل كثيرة في حياة الإنسان، فلماذا لا تغير نفسك؟!وزاد: هل رسم الطريق من خلال طرق مادية او غيرها، انت جئت الى المجلس هذا طريق مادي، اهل المادة يقولون طريق الانسان لا يرتسم الا من خلال المادة، اما مدرسة السماء فتقول المادة من الطرق وليست كل الطرق، فالإنسان يجتهد للحصول على العلم، ولكن العلم هو نور يقذفه الله في قلب الإنسان، وكذلك الرزق هناك الأعمال الطيبة تزيد في الرزق.
وقال المطوع: إن منطلق التغيير هو هذه النفس، فإن جاهدتها جعلت منك انسانا معا ولك شأن في هذه الحياة، اما اذا سلكت طريق الدنيا فستؤدي بك الى الهاوية، يقول الامام علي عليه السلام: «من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله له ما بينه وبين الناس، ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله أمر دنياه، ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه من الله حافظ».
وأضاف: جرب ان تختلي مع الله بصدق حتما ستجد الآثار الطيبة في اليوم التالي، لان ربنا يريد ان تكون الأنفس مطمئنة، مشيرا إلى ان الإنسان في هذا الجانب يجب الا يرضى بالمستوى الذي فيه، لابد ان يطور من حياته، الله يريدك دائما في تطور، من تساوى يوماه فهو مغبون.
وأوضح ان الامام الحسين عليه السلام اراد إصلاح الأمة من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومقارعة الظلم وأعوانه، وما كان يحدث ذلك الا بثورة تغير واقع المجتمع نحو الافضل، من خلال اقامة شرع الله وتطبيق الإسلام المحمدي الأصيل.
وفي الحسينية العباسية، ارتقى المنبر سماحة آية الله الشيخ د.فاضل المالكي والذي استهل محاضرته بقوله تعالى (قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين)، لافتا الى أن الهدى هو عنوان يدعيه الجميع والكل يبرأ من الضلالة.
وتابع المالكي بقوله: لكن ما الهدى وما حقائقه ومصاديقه وآلياته؟ مشيرا الى ان الهداية في اللغة تأتي بمعنى التسديد إلى الطريق الصحيح الذي يعبر عنه أيضا بالصراط المستقيم.
وأشار المالكي الى ان الانسان بحاجة الى هدى مطلق في حكمته وعلمه ورحمته، وليس ذلك الا هدى الله سبحانه وتعالى، لأن الله هو العليم المطلق والحكيم المطلق والرحيم المطلق، مشيرا الى انه من المستبعد ان تتوقع من هو مطلق في علمه ورحمته وحكمته أن يخطئ او يظلم او يجور ابدا.
وأضاف المالكي أن الله عز وجل عندما تعبدنا في الدين اعتبارا ان الدين هو رسالة الخالق المحيط بشؤون البشر الرحيم بهم الحكيم في وضع الشيء في موضعه الصحيح، مضيفا ان الله عز وجل اختار اشخاصا يوصلون الى خلقه هذا الهدى، لذلك فسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو الهادي وسيد الهداة.
وتابع المالكي: ان من اسماء الله الحسنى «الهادي» وفي نفس الوقت اطلق هذا المسمى على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأنبياء جميعا ولكن بنسبهم البشرية، فالله الهادي بالذات والرسول هاد بالاكتساب من الله عز وجل (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)، حيث إن هذا الهدى المتمثل بمن يحمله بالتأكيد دورهم دور المصباح الذي ينير لنا الدرب.
وأكد المالكي أن الله عز وجل جعل الإنارة بالحجج المقدسة التي احتج بها على عباده، وهم الأنبياء والأئمة المعصومون عليهم السلام، لافتا إلى أن هذه الإنارة تنوعت أنماطها إما من خلال اللسان أو عن طريق القلم أو عن طريق السيرة.
وأضاف المالكي أن هناك نوعا مميزا من الإنارة، وهي إنارة التضحية بالفداء والشهادة، مشيرا إلى انه للأسف هناك بعض الشعوب لا تفقه بلغة اللسان أو القلم، بل تحتاج إلى صدمة قوية تكون من خلال التضحية بالدماء والشهادة لتعود إلى جادة الصواب وطريق الهداية، وهذا ما اضطر إليه سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، لافتا إلى أن العوامل العديدة التي تجمعت في حادثة الإمام الحسين ومكانته في الأمة وعظمته وهو من آل البيت جعلت باستشهاده الصدمة التي تحتاج اليها الأمة للعودة إلى الهداية والابتعاد عن دين الملوك.
وأكد المالكي أن الهدف الذي سعى إليه الإمام الحسين عليه السلام بتضحيته ليس النصر العسكري، بل سحب الشرعية من النظام الحاكم الفاسد وإعادة الأمة إلى جادة الصواب والهداية.
من جهته يستبعد سماحة الشيخ حسن الصفار دور الأعداء من خارج مجتمعاتنا في تشجيع التطرف في أوساطنا لغرض إضعاف مجتمعاتنا وتعويق مسيرة التنمية في أوطاننا وتمزيق صفوفنا.
واعتبر الشيخ الصفار أن التعصب للرأي يعد أول مظاهر التطرف الديني، وذلك بإصرار الإنسان على فهم معين للدين، واعتقاد الحق المطلق في ذلك الفهم، ومن ثم رفض النقاش فيه.
ومضى يقول: إن من سمات المتطرف النفور من الحوار أو الانفتاح على الآخر، ما يقوده إلى الانغلاق الذي يعود عليه بآثار نفسية وفكرية خطيرة «فيضخم عنده حالة الغرور والتعالي، ويرسم صورة قاتمة عن الآخرين».
وأشار إلى أن التشدد في الأفكار والمواقف من مظاهر التطرف الديني على نحو تتحول معه المسائل الدينية الجانبية إلى قضايا مصيرية يخوض من أجلها الصراعات، علاوة على السعي لفرض الرأي على الآخرين واللجوء لممارسة العنف تجاه الآخر في هذا السبيل.
وقال الشيخ الصفار: إن عصرنا الحاضر اتسم باتساع ظاهرة التطرف في مجتمعات عديدة ضمن ما يطلق عليه انبعاث الأصوليات الدينية، معللا ذلك بأنه رد انتقامي من الحضارة المادية التي نبذت جميع الأديان.
وأضاف أن ظاهرة التطرف لم تستثن أيا من المجتمعات الدينية المسيحية واليهودية والهندوسية والإسلام.
ودعا إلى تحصين الشباب من فكر التطرف الذي يستهدفهم في الأساس لأنهم مخزون من الطاقة والحماس يستغله قادة التطرف.
أشار إلى أنها تمثل فاتحة عهد جديد للصراع بين الحق والباطل
الحمد: ذكرى عاشوراء مناسبة لكل المسلمين على وجه الأرض
- الكويت ترعى الذكرى بكل اقتدار ومحبة منذ تأسيسها
قال مرشح مجلس الأمة السابق م.أحمد الحمد إن ذكرى عاشوراء بما فيها من دروس وعبر ونتائج هي مناسبة لكافة المسلمين على وجه الأرض، حيث ان بطلها ومحورها هو سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبدالله الحسين عليه السلام سيد شباب الجنة كما قال عنه رسول الله محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
وأضاف الحمد أن هذه الذكرى تتجاوز في معانيها ومضامينها قيمة الشهادة في سبيل الله وفي سبيل نصرة دين الإسلام ومحاربة الفساد ورفض الظلم وغيرها من القيم والعبر القيمة، فهي تعتبر فاتحة لعهد جديد من الصراع بين الحق والباطل وبين الظلم ورفع المظلومية وبين الكرامة والتهميش وبين الإنسانية والوحشية وبين الشجاعة والقوة، مبينا أن استشهاد الحسين عليه السلام جسد أسمى معاني التضحية والمحبة وكانت التضحية بدمائه الطاهرة عليه السلام ليعرف الجميع بأن القوة تختلف عن الشجاعة وأن المبادئ تختلف عن الوقائع وأن الإيمان إيمان القلب والعقل قبل اللسان.
كما أكد الحمد على أن الكويت دأبت منذ تأسيسها على رعاية هذه الشعائر الإسلامية الأصيلة ووفرت كل ما يلزم ليقوم المؤمنون بأداء شعائرهم بكل حرية وأمان، مشيرا إلى أن هذه المناسبة الحزينة الغالية على كل المسلمين المؤمنين تعكس تلاحم وتكاتف الكويتيين الذين يشاركون كلهم في إحياء ذكرى عاشوراء بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة أن سبط رسول الله سيد شباب أهل الجنة الحسين عليه السلام ليس حكرا على طائفة بعينها، بل هو شهيد كل المسلمين المؤمنين وحبيبهم وقدوتهم في حياتهم كلها.
وختم الحمد بتقديم كل الشكر والاحترام والتقدير لرجال الداخلية بكل أقسامها ورجال الإطفاء وكل رجال الطوارئ الذين يشاركون في تأمين المناسبة الغالية ويبذلون جهودا كبيرة ومقدرة تعكس وجه الكويت الحضاري، وجه السلام والإسلام والأمن والأمان، سائلا المولى أن يحفظ الكويت وسمو أميرها وكل أهلها من كل مكروه ويديم نعمة الأمن والأمان على الكويت وسائر بلاد المسلمين.