- الظفيري: الكويت لديها العديد من الاتفاقيات مع إيران على المستوى الاقتصادي
- جوانفكر: الكويت وطهران تمتلكان قواسم مشتركة كثيرة يمكن الاعتماد عليها لتطوير العلاقات
يتوجه اليوم سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد على رأس وفد رفيع المستوى الى العاصمة الايرانية طهران في زيارة رسمية تستغرق يومين تلبية لدعوة كريمة من النائب الأول لرئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية محمد رضا رحيمي.
وتأتي هذه الزيارة المهمة لتضع حجرا جديدا في بنيان العلاقات الكويتية ـ الايرانية التي تمتد جذورها التاريخية الى عشرات السنين.
وتعتبر العلاقات بين البلدين الصديقين نموذجا للعلاقات الحيوية والديناميكية بين الدول قامت أساسا على الاقتصاد والتجارة ثم ما لبثت أن تطورت الى ميادين أخرى فشملت السياسة والأمن والثقافة.
وفي مرحلة ما قبل استقلال الكويت (الأربعينيات والخمسينيات)، شكل العامل الاقتصادي العنصر الأول والركيزة الاساسية في العلاقات بين الشعبين الكويتي والايراني من خلال التبادل التجاري بين موانئ الكويت وموانئ المحمرة وبوشهر وبندر عباس الايرانية الى جانب تجارة الترانزيت التي كانت رائجة بين الدولتين على ضفتي الخليج لدرجة تسمية أسواق البضائع الجيدة في ايران آنذاك بالأسواق الكويتية.
ومن باب الاقتصاد كان الولوج الى عالم السياسة، حيث كانت إيران من اولى الدول التي اعترفت رسميا بالكويت بعد استقلالها عام 1961 وترجمت هذا الاعتراف الى واقع فعلي بافتتاحها في يناير عام 1962 مقر السفارة الايرانية في الكويت.
واستمرت العلاقات الكويتية ـ الإيرانية منذ ذلك الوقت بين مد طويل وجزر قصير حتى عام 1990 عندما حدث الغزو العراقي للكويت وشكل نقطة فاصلة وجديدة في العلاقات بين الدولتين الصديقتين.
فقد رفضت ايران منذ البداية هذا الاحتلال ودعت الى انسحاب العراق غير المشروط من الكويت كما أبلغت إيران الأمم المتحدة امتثالها لقرار مجلس الأمن رقم 661 القاضي بفرض المقاطعة الشاملة على العراق.
هذا الموقف الواضح والصريح من جانب القيادة الإيرانية كان له التأثير المباشر على العلاقات بين الدولتين في مرحلة ما بعد تحرير الكويت، حيث عمل الجانبان الكويتي والإيراني على ترسيخ أواصر العلاقات فيما بينهما في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.
ولعل الزيارة القصيرة التي قام بها الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الى الكويت في فبراير 2006 وما صاحبها من مباحثات ثنائية أجراها مع أخيه صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد حول العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها لدليل واضح على عمق العلاقات بين البلدين الصديقين.
وقد وصف الرئيس الايراني خلال تلك الزيارة العلاقات مع الكويت بأنها «جيدة»، مشيرا الى أن «البلدين يشتركان في القواسم السياسية والاقتصادية والتجارية والتاريخية والجغرافية والثقافية التي تجمع بينهما».
أما في الجانب الاقتصادي فقد ازداد معدل التبادل التجاري بين الدولتين من حوالي 7.5 ملايين دولار عام 1991 الى حوالي 23.5 مليون دولار عام 1997 واستمر المؤشر التجاري في الصعود حتى وصل عام 2003 الى 180 مليون دولار.
وتعد الفاكهة والخضراوات والمكسرات والسجاد ومواد البناء من أهم الأصناف التي تستوردها الكويت من إيران، فيما تصدر إليها الحديد والصلب والأنابيب المعدنية والأجهزة الكهربائية واليوريا.
وتأكيدا لهذا الاهتمام الاقتصادي المشترك وقع الجانبان الكويتي والإيراني في اكتوبر 1999 اتفاقية التعاون التجاري للمناطق الحرة التي تهدف الى تسهيل نقل البضائع عن طريق البحر.
وفي يناير عام 2000 وقع الجانبان أيضا مذكرة التفاهم التجارية التي جاءت في ختام اجتماعات اللجنة الكويتية ـ الايرانية المشتركة.
وفي يناير 2001 وقع البلدان اتفاقية تعاون ثنائي في مجال انتقال الأيدي العاملة والشؤون الاجتماعية والتدريب الحرفي والمهني.
وفي يناير 2008 وخلال زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح الى طهران تم توقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي بين البلدين.
ولعل من أهم أوجه التعاون الاقتصادي بين الكويت وايران تمثل في اعلان الدولتين في مارس 2005 عن ابرامهما بروتوكولا أوليا لتصدير الغاز الطبيعي من ايران الى الكويت في صفقة بلغت قيمتها سبعة مليارات دولار يتم بمقتضاها تزويد الكويت بـ 300 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي الايراني يوميا ولمدة 25 عاما.
وعلى الرغم من بعض المعوقات الفنية التي حالت الى الآن دون البدء بتنفيذ الصفقة، إلا انها تعد من أهم خطوات التعاون والتقارب الكويتي ـ الايراني.
ومن الجانب الاقتصادي ننتقل الى الجانب الأمني، حيث لم تقتصر العلاقات الكويتية ـ الإيرانية على التجارة والاقتصاد فقط بل تعدتها الى جوانب أخرى لا تقل عنها أهمية ومن أبرزها الجانب الأمني.
فقد أدركت الدولتان الصديقتان أهمية التنسيق فيما بينهما بشأن قضايا الأمن الداخلي والخارجي فترجم هذا الاهتمام من خلال توقيع الجانبين الكويتي والايراني في يونيو 1998 على مذكرة تفاهم في مجال تنمية التعاون الأمني ومكافحة تهريب المخدرات.
وفي أكتوبر عام 2000 تم الاتفاق بين وزيري الداخلية الكويتي والايراني على تشكيل لجنة أمنية مشتركة لمكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات.
أما على صعيد الأمن الخارجي، فقد وقع وزيرا الدفاع الكويتي والايراني في سبتمبر 2002 مذكرة للتفاهم الدفاعي بين الدولتين.
وتكتسب تلك الاتفاقية الأمنية أهميتها كونها تعد الأولى من نوعها بين ايران ودولة خليجية حيث تتضمن بنودها حضور مراقبين من الجانبين المناورات العسكرية التي يجريها كل بلد وتبادلا للخبرات والمعلومات وللدورات التعليمية في المجال الدفاعي.
ان العلاقات الكويتية ـ الايرانية علاقات متميزة لم تؤثر فيها الأزمات العابرة بل زادتها ترسيخا حتى أصبحت اليوم نموذجا للعلاقات المتزنة بين الدول.
أكد سفيرنا لدى ايران مجدي الظفيري ان زيارة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الى ايران تأتي في اطار تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأوضح الظفيري في تصريح لـ «كونا» بمناسبة زيارة سموه الى ايران اليوم «ان الزيارة مهمة للغاية لأنها تأتي في ظل التطورات الاقليمية والدولية»، مؤكدا ان العلاقات بين البلدين وصلت الى مرحلة التفاهم والتنسيق على المستوى الاقليمي والدولي.
وقال ان زيارة سموه تأتي في اطار الدور الذي تقوم به الكويت لتعزيز فرص التفاهم بشكل خاص بين الدول الاقليمية في المنطقة ولتعزيز فرص الاستقرار والأمن.
وبين ان الكويت ستتولى الرئاسة في القمة الخليجية المقبلة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تستضيفها الكويت الشهر المقبل ما يضيف عليها مسؤوليات اكبر تجاه الأمن والاستقرار الاقليمي.
وشدد الظفيري على ان اهتمام الكويت بأمن المنطقة والاستقرار الاقليمي الدولي احد المبادئ الاساسية التي رسخها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.
وأضاف ان زيارة سمو رئيس مجلس الوزراء لإيران تأتي في اطار المبادرات الكويتية تجاه القضايا الاقليمية والدولية، وهي انعكاس لمدى الثقة التي توليها دول المنطقة لدور الكويت في هذا المجال.
وتوقع الظفيري ان تعمل زيارة سموه على تكوين استراتيجية مميزة على صعيد الاستحقاقات الاقليمية بما يصب في مصلحة تعزيز التفاهم بين دول الخليج وايران والعراق ودعم الاستقرار والامن في المنطقة.
وأوضح «ان الزيارة مهمة لمناقشة العلاقات بين الكويت وايران والتي تعتمد على التفاهم والوضوح والشفافية»، مؤكدا ان علاقة الكويت مع جميع الدول تنطلق من مبادئ واضحة هي «الصراحة المطلقة والشفافية والحرص على تعزيز المصالح مع جميع الدول».
واكد ان ثقافة الكويت الديبلوماسية عززت من مصداقيتها لدى العديد من الدول لذلك «فإن مبادرات الكويت دائما تتكلل بالنجاح او تخلق اجواء ايجابية تأتي بثمارها ولو بعد حين».
وأشار الى ان سمو رئيس مجلس الوزراء ليس بعيدا عن ايران بحكم سيرته الذاتية باعتباره كان سفيرا للكويت في بداية السبعينيات وعميدا للسلك الديبلوماسي لدى ايران.
وذكر ان سموه متابعا للشأن الايراني بشكل مباشر موضحا ان زيارته لإيران هي تجسيد لهذا الاهتمام.
واضاف الظفيري ان سموه غير بعيد عن الملف الايراني وتطوراته وتفاصيله، فهو ملم بكل التفاصيل وقال ان زيارته لإيران ستكتسب أهمية خاصة لما لديه من منظور ايجابي يخدم جميع الاطراف في المنطقة.
وبين الظفيري ان الكويت لديها العديد من الاتفاقيات الثنائية مع ايران على المستوى الاقتصادي مؤكدا «ان الكويت تهتم بتفعيل تلك الاتفاقيات بما يعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين».
وقال ان هامش الاتفاقية التجارية بين البلدين محدود ولكن اطار التفاهم السياسي ليس له حدود مؤكدا ان تلك الاتفاقية تحتاج لمزيد من الوقت لزيادة حجم التبادل التجاري.
وختم سفيرنا لدى ايران مجدي الظفيري قائلا «ان الحديث عن العلاقات الاقتصادية التجارية لا بد ان يرافقه التفاهم السياسي»، مؤكدا ان التفاهم السياسي هو المدخل الحقيقي لأي تطور اقتصادي استثماري تجاري بين البلدين.
من جانبه، رحب المستشار الاعلامي للرئيس الايراني علي اكبر جوانفكر أمس بالزيارة المرتقبة التي سيقوم بها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الى ايران.
وقال جوانفكر في تصريح خاص لـ «كونا» «نحن نرحب وننتظر زيارة سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء الكويتي، ونتمنى ان تؤدي هذه الزيارة الى اتخاذ خطوة جديدة في طريق تعزيز العلاقات بين البلدين».
واعتبر ان هذه الزيارة «خطوة لتعزيز العلاقات الودية بين الجانبين في شتى المجالات وكذلك لتوطيد الروابط الاجتماعية والثقافية بينهما».
ووصف جوانفكر مستوى العلاقات الايرانية ـ الكويتية بأنها «جيدة» داعيا في الوقت نفسه الى استثمار الفرص والامكانات المتاحة لدى الجانبين لترسيخ مختلف أوجه التعاون بينهما.
ولفت الى ان «طهران والكويت تمتلكان قواسم مشتركة كثيرة ويمكن من خلال الاعتماد على هذه العوامل المشتركة تدعيم العلاقات على الصعيدين الرسمي والشعبي».
ورأى ان «بإمكان هذين البلدين الجارين التشاور حول مختلف المسائل الاقليمية»، معتبرا ان «توطيد العلاقات يساعد في حل قضايا المنطقة ويمكن ان تصبح العلاقة الجيدة بينهما نموذجا لمزيد من التعاون بين دول المنطقة».
من جانبه، أكد رئيس تحرير صحيفة «الوفاق» الايرانية مصيب نعيمي اهمية هذه الزيارة في المرحلة الراهنة قائلا ان «زيارة سمو الشيخ ناصر المحمد ستشكل فرصة مناسبة للارتقاء بمستوى العلاقات الايرانية - الكويتية».
وبين نعيمي ان هذه الزيارة مهمة من عدة نواح كونها تأتي في المرحلة التي تتولى فيها الكويت رئاسة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكذلك في مرحلة تتطلب من الجميع التعاون من اجل إخراج المنطقة من أزماتها المفتعلة.
وأعرب عن اعتقاده أن «نتائج الزيارة ستكون مهمة ومؤثرة على الصعيدين الثنائي والإقليمي، خاصة ان الكويت تلعب دورا مهما في الوقت الراهن بالمنطقة».
واضاف ان «بإمكان ايران والكويت بالتعاون مع باقي الدول النفطية في المنطقة تشكيل كتلة اقتصادية كبيرة من شأنها ان تقوم بدور مؤثر حتى في الاقتصاد العالمي».
وتوقع نعيمي ان «يتناول الجانبان الإيراني والكويتي خلال هذه الزيارة العديد من المواضيع التي تهم البلدين، لاسيما في المجالين السياسي والاقتصادي».