بقلم: حنان بدر الرومي
عائلة بومبارك عائلة كويتية من الطبقة المتوسطة وتتكون من رب الأسرة، بومبارك وهو في الرابعة والستين من العمر، متقاعد ولديه زوجة تصغره بسبعة عشر عاما، وابنان وثلاث بنات جميعهم متزوجون ولديهم أبناء.
يسكن بومبارك وزوجته وابناه وعائلاتهم في منزل واحد حيث تدور حكاياتهم التي لا تنتهي.
الساعة السابعة مساء، يدخل بومبارك للمنزل يسترعي إنتباهه هدوء وسكون المنزل.. بومبارك يصرخ بصوت عال:
حصة.. حصة.. أم مبارك.
أم مبارك: حياك أنا عند التلفزيون.
يدخل بومبارك إلى غرفة المعيشه يجد أم مبارك جالسة أمام التلفزيون وبيدها الريموت.
بومبارك: البيت صخه مافي أحد.
أم مبارك بتملل: ماكو إلا أنا المسكينة.
بومبارك: شعندهم كلهم طالعين.
أم مبارك: اليوم الخميس والكل طاش مع عياله، حاولت لطيفة معاي إني أروح وياهم الكوت إهي ومرت مبارك وعيالهم بس شسوي إنت ترد من الديوانية مبجر.
بومبارك: شنو هذا الكوت.
تصب أم مبارك الشاي وتمد يدها بالاستكانة لبومبارك وهي تقول: مجمع في الفحيحيل وفيه نافورة راقصة القعدة جدامها تشيل الهم من القلب.
يشرب بومبارك استكانة الشاي وبعد أن ينهيها يلتفت نحو أم مبارك.
بومبارك: إشرايج نروح لهم الكوت.
أم مبارك بسرعة: إي توديني.
بو مبارك: أوديج بس شرط ما تأخريني بالطلعة.
أم مبارك: دقيقتين بس البس عباتي.
بو مبارك: أنا بالسيارة أنطرج.. لا تتأخرين ترى أغير رايي.
تركض أم مبارك للداخل بسرعة وهي تبتسم
٭ ٭ ٭
عند باب البيت الخارجي تقف حصه وقد بدت عليها ملامح الصدمة.
بومبارك: إشفيج واقفه.. ياللا تعالي.
أم مبارك بهدوء: وين السايق.
بومبارك: مالنا عازه فيه.. أنا السايق.
تبتسم أم مبارك وبنبرة هادئة جدا: الله يهداك الطرق تغيرت والمسافة طويلة وإنت بسم الله عليك ما تشوف عدل بالليل، ترى السايق يدل الكوت.
بو مبارك بحنق: شنو تغير بالكويت، بعد الفحيحيل نعرفها من يوم إحنا يهال بتركبين وإلا....
تركب أم مبارك السيارة وهي تقول: الله يوصلنا سالمين.
بو مبارك بحنق: الحريم ما يترس عينهم شي.
تأخذ أم مبارك بقراءة المعوذات وآية الكرسي بصوت هادئ.
٭ ٭ ٭
يدخل بو مبارك لمنطقة القصور ويدور في ضواحيها.
أم مبارك: هذي القصور مو الفحيحيل.
بو مبارك بنبرة غضب: لأ.. الفحيحيل.
أم مبارك: شوف اللافتات مكتوب القصور، بعدين الفحيحيل على البحر.
بو مبارك بحنق: شهالطرق الواحد يمشي سيده الليما متى.
أم مبارك: لو السايق يايبنا مو أحسن؟
يصرخ بو مبارك: يعني السايق يعرف أحسن مني؟
تصمت أم مبارك وهي تردد في داخل نفسها الآيات القرآنية والأدعية.
٭ ٭ ٭
تمر نصف ساعة وبو مبارك يدور عبر مناطق القرين وقد بدا الارتباك واضحا عليه.
أم مبارك: خلنا نسأل يمكن أحد يدلينا الطريق.
يوقف بومبارك السيارة عند محطة الباص وهو يقول: ما راح أسأل أحد أنا بنزل من السيارة وإنتي كيفج.
يغلق باب السيارة بقوة ويتجه للرصيف وهو يتمتم بغضب: شهالطرق السريعة الواحد يخلص عمره والطريق ما خلص.
يجلس على حافة الرصيف وهو يحدث نفسه بعصبية.
تنظر أم مبارك له من السيارة وتواصل ترديد الأدعية النبوية.
تمر الدقائق طويلة جدا..
تقف سيارة جيب وينزل منها شاب في أواخر العشرينات ويتجه لبومبارك الشاب: عسى ماشر عمي.. فيك شي.
بو مبارك يلوح بيده بغضب واضح: ماكو شي.. أحد ناداك.
يشعر الشاب بالإحراج ويقول: أسف عمي.
تفتح أم مبارك باب السيارة ويعلو صوتها مناديا الشاب: يا وليدي.. تعال يتجه الشاب نحو أم مبارك بينما بو مبارك يتمتم بكلمات غير واضحة.
أم مبارك: يما تقدر توصلنا مجمع الكوت إللي بالفحيحيل.
الشاب: إن شاء الله خالتي.
بومبارك بغضب: إمش جدامنا وأنا وراك.
الشاب: تامر عمي.. عموما المسافة قريبة.
٭ ٭ ٭
ينطلق الشاب بسيارته يتبعه بو مبارك على سرعة هادئة جدا تصل لمستوى 60 كيلومترا.. يوقف الشاب سيارته في حارة الأمان وينزل منها في انتظار وصول بو مبارك.
بو مبارك: عسى ما شر.
الشاب: ما شر عمي بس لازم تدوس أكثر.
بو مبارك بغضب: شنو قالولك أنا مانى مطيور مثلك.
يتلفت الشاب حوله بوجوم.
٭ ٭ ٭
يصل الشاب لمجمع الكوت وقد ربط سيارته بسيارة بو مبارك، تبدو ملامح السعادة على بو مبارك، ينزل الشاب مسرعا نحو بو مبارك.
الشاب: عمي هذا مجمع الكوت.
بو مبارك: إي هذي الفحيحيل.
أم مبارك: ما قصرت يا وليدي يخدمونك عيالك، عسى بس ما عطلناك.
الشاب: لا على طريقي أنا رايح الشاليه،
أم مبارك: مرتك تنطرك.
يبتسم الشاب: لا ماتزوجت للحين، شاليه الربع.
أم مبارك: عيل يا وليدي ما عليك أمر تقدر بعدين تردنا الديره.
بو مبارك: ليش نرد مع البنات.
أم مبارك تهمس بأذنه: تبي مرت مبارك تتطنز علينا.. أنت ما تشوف عدل بالليل.
الشاب: إن شاء الله خالتي، متى تبون أييكم؟
أم مبارك: عطني رقم تلفونك واتصل عليك.
بو مبارك بغضب: ليش وأنا وين رحت.. تعال.. هذا موبايلي حط رقمك.
يأخذ الشاب موبايل بو مبارك ويخزن رقمه.
أم مبارك: شسمك يما.
بو مبارك: شعليج من اسمه.
يسحب بو مبارك الشاب بعيدا ويتحدث معه وقد بدت السعادة على أم مبارك وهي تدير رقم ابنتها.
٭ ٭ ٭
تجلس العائلة في الكافيه أمام النافورة، تنظر لطيفة لوالديها بسعادة: نورتونا.. ألحين الطلعه تحلى.
زوجة مبارك: عسى ما ضيعتو الدرب؟
أم مبارك: لا عمج يدل وسياقته هاديه والطريق مر ما حسينا فيه مع السوالف.
يبتسم بو مبارك لرد زوجته وهو يقول: طلبي لي مموش، يعنا مع طول الطريق.
تضحك أم مبارك: إهني ما عندهم مموش، أطلب لك شي ثاني إصبر بس خلني اقرأ إللي عندهم.
يستسلم بو مبارك ويبدأ بمداعبة احفاده.
تمسك أم مبارك يد بو مبارك وتضغط عليها بقوة، يرفع بو مبارك عينيه لزوجته التي تومئ له في الاتجاه المقابل للمطعم، يحول نظره حيث أشارت له زوجته فيجد الشاب واقفا.
يتجه بو مبارك مسرعا ناحية الشاب.
بو مبارك: خير يابوك ناسي شي.
الشاب: لا عمي بس خفت أنشغل مع الربع وما أقدر أرجع لكم.
يعدل بو مبارك غترته ويقول: إقعد وانا عمك بأي مكان بعيد وإذا خلصنا نتصل عليك، معاك فلوس؟
الشاب: لا تحاتي عمي الخير وايد.
يرجع بومبارك للطاولة.. يسحب الكرسي وهو يقول: هذا ولد رفيجي بيسلم علي.
تعقب أم مبارك بسرعة: إي ما شاء الله عليك يا بو مبارك معارفك وايد ويحبونك حتى عيالهم يعزونك.
ينظر بو مبارك لزوجته بامتنان وقد ارتسمت علامات الفخر على وجهه.
يوميات
وأهله