مكة المكرمة ـ ضاري المطيري
أكد عدد من الدعاة على استحباب المبيت بمنى ليلة التاسع من ذي الحجة وذلك يوم التروية، موضحين جواز ترك المبيت وذهاب الحجاج مباشرة إلى عرفة خاصة لمن خشي منهم الزحام وعدم دخول حدود عرفة في الوقت المحدد لها، ونظرا لعزم كثير من الحملات الكويتية ترك المبيت بمنى والذهاب باكرا إلى صعيد عرفة لضمان النفرة إلى مزدلفة لليوم التالي بكل يسر، استطلعت «الأنباء» آراء بعض الدعاة حول حكم المبيت بمنى ليلة التاسع من ذي الحجة خشية الاختناقات المرورية التي قد تمنع تأدية ركن عرفة الاعظم بعده.
ففي البداية أوضح رئيس اللجنة العلمية التابعة لجمعية إحياء التراث الاسلامي د.محمد النجدي أن من السنة النبوية إذا كان يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة أن يهل المسلم بالحج من مكانه الذي هو نازل فيه من وقت الضحى، ثم يتوجه إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرا من غير جمع.
وتابع بقوله ان جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: «أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم لما حللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى، فأهللنا من الابطح» رواه مسلم، مبينا أن التوجه إلى منى في هذا اليوم مستحب، وكذا المبيت بها، وذلك لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن الائمة الاربعة وعامة أهل العلم اختاروا الاستحباب.
وأضاف النجدي أن الامام ابن قدامة ذكر أن عائشة رضي الله عنها تخلفت ليلة التروية حتى ذهب ثلثا الليل، كما صلى ابن الزبير بمكة، مؤكدا أنه إذا ذهب الحاج إلى عرفة دون أن يبيت بمنى ليلة التاسع فلا حرج عليه، لاسيما مع وجود الداعي لذلك في زماننا وهو شدة الزحام، وصعوبة المواصلات والسير بالسيارات.
ومن جهة أخرى أوضح الامام والخطيب في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية الداعية فيحان الجرمان أن تواجد الحجاج بمنى يوم التروية سنة وليس بواجب، وكذا المبيت ليلة التاسع ليس بواجب ايضا بل هو سنة، والدليل حديث عروة بن المضرس رضي الله عنه، وأما المبيت ليالي أيام التشريق بمنى فواجب كما نص عليه بعض أهل العلم.
وتابع بقوله ان يوم التروية وهو اليوم الثامن سمي بذلك لأن الناس كانوا فيما سبق يتروون الماء فيه، موضحا أن من تركه وترك المبيت فليس عليه حرج، ولكن الافضل أن يبقى الحاج في منى يوم التروية ويصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرا بلا جمع والفجر، ثم إذا طلعت الشمس أفاض إلى عرفة.
وحول حكم من تركه خشية الزحام فذهب ليلا إلى عرفة مباشرة كما تفعله بعض الحملات الكويتية أوضح الجرمان أن الحاج إن تيسر له المكث في منى يوم التروية فهذا هو المطلوب والافضل والموافق للسنة وإن لم يتيسر له فلا حرج عليه
وبدوره أوضح الامام والخطيب في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية الداعية حسين القحطاني أن المشروع في حق من أراد الحج أن يحرم به ضحى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، ويذهب بعد ذلك إلى منى ويصلي هناك الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرا بلا جمع، ويبيت في منى، مشيرا إلى أن المبيت هذه الليلة سنة وليس بواجب، فلو تركه الحاج فلا شيء عليه خاصة إذا كان يخشى الزحام أو عدم قدرته دخول عرفة إن هو بات في منى.
وقال القحطاني اننا ننصح الاخوة الحجاج بالحرص على أداء المناسك قدر المستطاع وفق ما سنه لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم القائل «خذوا عني مناسككم».
ومن جهة أخرى أوضح الامام والخطيب في وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية الداعية محمد العصيمي أنه لا شك أن أداء الانسان الحج على الصفة التي جاءت على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الاكمل، مشيرا إلى أنه قد يتعذر على المرء في الازمان المتأخرة الاتيان بكثير من السنن والمستحبات ليس من المتيسر الاتيان بها نظرا لكثرة الزحام وما يترتب على ذلك من تغير حركة المرور وإلزام الحملات أحيانا بما يشق عليهم في كثير من الاحيان أن يسيروا على حسب ما تهيأوا له وأعدوا للعمل به.
ومن ذلك توجه الحملات إلى عرفة ليلة عرفة وهو الوقت الذي يستحب للحاج أن يبيت بمنى تلك الليلة لكن نظرا لما استجد مما ذكرت فحينئذ للحجاج وأصحاب الحملات أن يأخذوا بالايسر والاسهل في حقهم ما لم يقعوا في محذور ولا محذور هنا إذ انه لو جاز للحاج أن يترك الواجب كالمبيت بمنى ليالي التشريق لوجود العذر والمشقة فلأن يجوز في حقه ترك السنة كالمبيت بمنى ليلة عرفة من باب أولى.
وأما المبيت بمنى ليلة عرفة فهي مستحبة باتفاق العلماء كما نقل ذلك ابن عبدالبر وشيخ الاسلام وابن قدامة وجاء عن عائشة أنها تخلفت حتى ذهب ثلث الليل وكذا عن ابن الزبير.