قال مدير مركز تعزيز الوسطية عبدالله الشريكة ان الغلو والتشدد الديني في بعض بلداننا إنما يعبر بشكل أو بآخر عن أزمة قيمية في المجتمعات العربية والإسلامية، ربما تتعلق بطبيعة الدور الذي ينبغي أن تقوم به مؤسسات التعليم الديني في نشر قيم الاعتدال وغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر.
والكويت كانت دوما من الدول السباقة إلى طرح مبادرات وبرامج تتبني قيم الوسطية والاعتدال، وإنشاء كيانات رائدة للعمل في مجال الإصلاح الفكري ونبذ العنف، من هذه الكيانات «مركز تعزيز الوسطية» التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الذي كان له السبق في طرح برامج ومشروعات تتميز بوضوح الأهداف، وجودة التخطيط، والثراء الفكري والمعرفي، وآخرها مشروع «تحصين» الذي أطلقه المركز والذي يتم بالتعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وما بين خمس جهات وزارية وحكومية.
وقال الشريكة أهم المحاور والأهداف التي يقوم عليها المشروع، مشروع «تحصين» هو حملة وطنية وقائية تهدف إلى التواجد بين الطلاب الدارسين في مختلف المراحل التعليمية بدءا من طلبة المدارس، وصولا إلى طلبة الكليات والمعاهد التطبيقية وطلبة جامعة الكويت، سبب التسمية هو أننا نريد من خلاله أن ننصب سياجا وقائيا يحصن شبابنا ضد التطرف والإرهاب، نريد أن نحمي أبناءنا وبناتنا من مثل هذه الأفكار المنحرفة.
هذا المشروع أعد إعدادا دقيقا، واختيرت له طريقة في التعامل حديثة ومختلفة عن الطرق النمطية المعتادة في البرامج الأخرى، فالشباب لهم ميول واهتمامات ومشارب وأماكن تواجد مختلفة، لكن يقينا ستجد كل هؤلاء مجتمعين في الفصول الدراسية، وخطة مركز تعزيز الوسطية في هذا المشروع تقوم على التفاعل مع الشباب من داخل الفصل، وليس دعوتهم إلى حضور محاضرات، بل استبدال بعض حصص المواد العلمية بحصة أو اثنتين لمركز تعزيز الوسطية، للتحدث مع الطلاب ومعرفة آرائهم في مختلف القضايا، عن مفهوم التشدد مثلا من وجهة نظرهم، وما السلبيات التي يرونها في المجتمع، عن رأيهم في مفاهيم الوحدة الوطنية والتعايش مع الآخر رغم اختلاف المذاهب والعقائد، وهكذا، ومن المقرر عقد حوالي 210 حلقات نقاشية في جميع مدارس الدولة ومعاهدها وكلياتها الجامعية، تستهدف على الأقل عشرة آلاف طالب، أغلبها قائم على جهود تطوعية.
وقال الشريكة ان هذا المشروع يقتصر - حتى الآن - على الجهات التعليمية والقطاعات العسكرية (الحرس الوطني والجيش والداخلية)، والمشروع يستهدف فقط الطلاب والطالبات، إلا أننا نرحب ونمد أيدينا لكل مؤسسة مجتمع مدني تريد أن تساهم معنا في تعزيز ثقافة الوسطية والتعايش السلمي، مهما كان توجهها، بشرط ألا تحاول التكسب السياسي من وراء المشاركة، لأن هذه أمانة، لابد وان نتحرى ذوي الثقة الذين يمكن أن نقدمهم كرموز لأولادنا وأولاد المسلمين.