جيميغناني: عمليات «الناتو» عبر البحار.. ضد الإرهاب أولاًونعمل بقوة وشفافية لصدّ أي أنشطة خارجة عن القانون
مقر قوات التحالف البحرية – نابولي- بشرى الزين
ساحرة بثرائها التاريخي، رائعة بجزرها المتهادية على خليجها الرمادي، قبلة السياحة العالمية، ومتذوقي أطباق «البيتزا» الشهية، جميلة بشعبها الودود، أخاذة بأجوائها الدافئة التي تشعر زائرها انه من أهل المكان.
هكذا تبدو نابولي ثالث أكبر مدن إيطاليا، ومن المفارقة ان تكون معقل «المافيا» الإيطالية هي نفسها التي تحتضن مقر قيادة التحالف البحرية، رغم لباس المدنية السياحي بامتياز، ربما انها استراتيجية «مافوية» لا تنفي عن المدينة البحرية هذه التهمة رغم تمتعها بحصانة «الناتو» الذي تنطلق عمليات قواته البحرية من نابولي لضمان حرية البحرية وحماية عمليات الشحن لدول التحالف والشركاء من الأخطار البحرية المتصاعدة والتي تتطلب قدرات استخباراتية متطورة بشكل دائم، وخاصة في المناطق التي تتمركز فيها مصالح أمنية كحماية عمليات الشحن وامدادات الطاقة بحرا.
ونظرا لكون أكثر من 90% من التجارة العالمية تتم عبر البحار والمحيطات، فإن الأمن البحري بات يشكل قضية رئيسية وهامة في السياسة العسكرية للناتو، عبر مكافحة الإرهاب الدولي، ما حدا بحلف شمال الأطلسي الى توسيع نطاق عملياته البحرية ونقل مجالها لتشمل بحار ومحيطات العالم مع الدول الأعضاء والشركاء الفاعلين لمراقبة حركة الملاحة البحرية التجارية وغيرها.
في رحلة مكوكية من العاصمة البلجيكية بروكسل توجه الوفد الإعلامي الزائر جوا الى مدينة نابولي الإيطالية عبر العاصمة روما فور انتهاء جولته ولقاءاته من مقر حلف شمال الأطلسي ولتكون عاصمة إقليم كامبانيا الإيطالي آخر محطة له..
برنامج الجولة الذي دام يوما واحدا قادنا الى مقر قيادة قوات التحالف البحرية في نابولي والتي تتولى مهمة المحافظة على الأمن البحري.
ويرى المسؤولون العسكريون من ممثلي دول حلف شمال الأطلسي ان ما يضمن النجاح الدائم لعمليات هذه القوات البحرية هو وجود تعاون بين دول الحلف والشركاء الفاعلين في مجالات متعددة تشمل تبادل المعلومات وتطبيق القانون وتطوير القدرات والامكانيات العسكرية.
وإذا كــان المسـؤولــون العسكريون في مقر قيادة قوات التحالف البحرية يؤكدون على ان بحار ومحيطات العالم تحولت الى بيئة تزخر بممارسة آخرين لنشاطات إجرامية وعدائية بما في ذلك عمليات الإرهاب الدولي وتهريب الأسلحة والمخدرات وأعمال القرصنة والهجرة غير الشرعية فإنهم يقرون بالمقابل بأن نجاح العمليات البحرية عبر الرقعة الجغرافية لدول حلف الناتو والشركاء يحفز الناتو على أداء دور متميز في مجال الأمن البحري.
قال قائد قوات التحالف البحرية التابعة لمركز قيادة نابولي الأدميرال موريزيو جيميغناني في حديثه الى الوفد الإعلامي الزائر: إن مقر هذه القوات انطلقت منه عدة عمليات نشطة لمكافحة الإرهاب الدولي وستظل مستمرة في مهمتها هذه ضمن مهامها الدائمة والرئيسية التي تقوم بها مع الشركاء لمراقبة الأمن البحري والانخراط حتى ضد الدول المجاورة بجميع السبل الممكنة.
واضاف جيميغناني: نعمل بقوة وشفافية مع جميع الفاعلين الذين يستطيعون لعب دور في محاربة الإرهاب وأنشطة أخرى خارج قوانين المجموعة الدولية.
المسؤول العسكري البحري الذي أقر بانه بعد الثماني سنوات التي أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر لم نفشل في مواجهة أي حدث يواجه الملاحة البحرية، ورأى ان ذلك لا يعد نجاحا في مكافحة الإرهاب لحد الآن، مذكرا بالتعاون والمساهمات الفعلية التي يتلقاها حلف شمال الأطلسي من دول غير محسوبة على الحلف إيمانا بدور هذه القوات البحرية في تأمين السلامة البحرية.
واشار الى ان عمليات المجموعات الإرهابية تطورت بشكل كبير مما حتم علينا التطوير في القدرات والامكانيات البحرية العسكرية «تبعا لتغير البيئة المحيطة بنا».
وبالنظر الى ازدياد الأنشطة التجارية البحرية وتداخل المصالح الأمنية للناتو بدول البحر الأبيض المتوسط والدول المتعاونة مع الحلف عبر العالم فإن الحلف يعمل على تعزيز القدرات العسكرية والتخطيط للعمليات البحرية المعقدة وتنفيذها وكذلك يعمل على تطوير التعاون مع الشركاء ودعم هذا المجال عبر تبادل المعلومات حيث ذكّر جيميغناني بالاتفاقيات التي تربط الناتو بدول مثل (المغرب، أوكرانيا، إسرائيل، روسيا...) مشيرا الى ان هذه العمليات يمكن ان تلعب دورا مهما في مكافحة الإرهاب الدولي، ما يفتح المجال أمام دول غير محسوبة على «الناتو» للعمل سويا ولمدة زمنية معينة لزيادة القدرات الكاملة لإدارة عمليات الحلف ولحماية مواردنا وتحقيق الاستمرار فيما نسميه المعرفة الدائمة للأوضاع في البحار.
ولما كان التركيز على منطقة البحر الأبيض المتوسط ذا أهمية كبرى لدى حلف شمال الأطلسي فإن جيميغناني رأى ان الأنشطة الإرهابية حول هذه المنطقة يسهل القيام بها ويسهل أيضا التعامل ضدها بتعاون الشركاء الفاعلين.
وتطرق جيميغناني الى ان قيادة قوات الحلفاء البحرية تهدف الى ان تكون على استعداد لاجراء مجموعة من العمليات العسكرية في جميع أنحاء المنطقة التابعة للرقعة الجغرافية للناتو وخارجها وحماية البحار والأنشطة التجارية والمحافظة على أمن دول حلف شمال الأطلسي ومصالحه الاقتصادية.
وبناء على اتفاقيات التعاون والحوار التي تتضمن «الشراكة من أجل السلام» والحوار المتوسطي، واتفاقية اسطنبول للتعاون، فإن التشاور والمشاركة من غير دول الحلف هو دعم لعمليات الحلف وردع أي تهديدات أو عدوان.
كما ذكر ببداية أولى عمليات قوات التحالف البحرية عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر بتنفيذ عملية واسعة لمكافحة الإرهاب، أطلق عليها اسم «المسعى النشط» بهدف ردع التهديدات الإرهابية في شرق حوض البحر الأبيض المتوسط ليتم توسيعها في العام 2003 لحراسة سفن الشحن التجارية عبر مضيق جبل طارق، حيث بدأت قوات الحلف الصعود على متن السفن بموافقة الدول التي ترفع هذه السفن أعلامها، لتشمل بعد ذلك مجال حوض البحر المتوسط بكامله.
كما تحدث جيميغناني عن طبيعة التعاون مع البحرية الكويتية في ظل التهديدات الأمنية التي تعرفها منطقة الخليج، موضحا ان مجال التعاون يسير بشكل جيد وان تدريبات مشتركة جرت بين قوات حلف الناتو والقوات البحرية الكويتية وفقا لاتفاقية اسطنبول للتعاون التي تضمن تبادل المعلومات واجراء التدريبات المشتركة حول مختلف التهديدات الإرهابية، مشيرا الى أهمية هذه التدريبات لتطوير مجال التعاون المشترك، ودعم الاستقرار والأمن في المنطقة ومواجهة العمليات والمشاكل غير المشروعة كانتشار أسلحة الدمار الشامل وأمن الحدود وتهريب المخدرات.
«الحارس اليقظ» و«المسعى النشط»
منذ انطلاقة عملية «المسعى النشط» بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر بهدف ردع التهديدات الارهابية في مناطق البحر الابيض المتوسط تمكنت قوات التحالف البحرية من رصد 10 آلاف سفينة والصعود على متن اكثر من 200 سفينة مشكوك فيها وحراسة نحو 600 تعبر مضيق جبل طارق.
ونجحت عمليتا «الحارس اليقظ» و«المسعى النشط» في اعاقة النشاطات الاجرامية في البحر (تهريب الاسلحة، الاتجار بالبشر، وشحنات المخدرات)، وذلك بالاعتماد على التعاون وتبادل المعلومات مع الجهات المكلفة بتطبيق القانون المدني كخفر السواحل وحرس الحدود والجمارك، ومن خلال مركز الناتو التجريبي المشترك لتحليل المعلومات في نابولي بإيطاليا الذي يستقبل قاعدة بيانات 2500 وحدة يوميا للأنشطة التي تعبر الممرات البحرية المراقبة وذلك بالتعاون مع شركات الشحن التجارية ومركز الناتو لعمليات الشحن في نورث دود في المملكة المتحدة وبالتنسيق مع المنظمة البحرية الدولية في لندن.
مهمات بين بروكسل ونابولي
بناء على دعوة بعثة الولايات المتحدة الدائمة في حلف شمال الاطلسي، شاركت «الأنباء» في جولة اعلامية دامت ثلاثة ايام ضمت عددا من الصحافيين من مختلف الجنسيات، وشملت برنامجا مكثفا على مدى ثلاثة ايام للوقوف
على مهمات قيادة قوات التحالف في كل من العاصمة البلجيكية بروكسل وكذلك التعرف على انشطة القوات البحرية الآمرة للناتو في مقرها في مدينة نابولي الايطالية.
وبهذا نستذكر جهود القسم الاعلامي في السفارة الاميركية بالكويت والمرافقة من بعثة الشؤون العامة الاميركية الدائمة لدى الناتو ريبا كريستر، فشكرا للجميع.
عمليات الأمن البحرية
تشمل مهام قوات التحالف البحرية ما يلي:
-
ـ قيام قوات الناتو البحرية بدوريات مراقبة لطرق الملاحة البحرية والمضايــق البحرية، خاصة تلك التي تسلكها عادة ناقلات النفط والغاز واستطلاع البنية التحتية البحرية، مثل منصات التنقيب ونقاط التصدير.
-
ـ التخطيط لعمليات امنية بحرية وتنفيذها تحت امرة الناتو أو بدعم منه والتركيز على عمليات الاعتراض البحرية المعقدة.
-
ـ ارســاء العقيدة العسكرية ووضع ترتيبات لتعاون مدني ـ عسكري مع الوكالات والمنظمات بما في ذلك الجوانب القانونية لتسهيل العمل بين مقر القيادة البحرية والوكالات المدنية الوطنية والدولية.
-
ـ المتابعة الدائمة للوضع في البحار والمحيطات من خلال عمليـات المراقبة والاستطـلاع وجمــع المعلومات الاستخباراتية وتبادل المعلومات.
الجزء الأول
الجزء الثاني