عائلة بومبارك عائلة كويتية من الطبقة المتوسطة وتتكون من رب الأسرة، بومبارك وهو في الرابعة والستين من العمر، متقاعد ولديه زوجة تصغره بسبعة عشر عاما، وابنان وثلاث بنات جميعهم متزوجون ولديهم أبناء.
يسكن بومبارك وزوجته وابناه وعائلاتهم في منزل واحد حيث تدور حكاياتهم التي لا تنتهي.
بقلم: حنان بدر الرومي
يصعد مبارك الدرج بهدوء وهو يتلفت باهتمام وراءه حيث أمسك أخاه محمد بيد والده وخلفهم أم مبارك وقد استندت بيدها اليمنى على الدرابزين الحديدي وقد غمر العرق وجهها وصوت أنفاسها يتعالى.
وضعت ابنتها الوسطى نورة يدها على ظهرها بحب لتسندها.
بومبارك: والله يا عيال شقيتونا انا وأمكم بركبة هالدري.
محمد وهو يضحك بسعادة: على هونكم يبه محنا مستعيليين.
مبارك: الرياضة زينه وبتشوفون اللي يسركم؟
ينظر بومبارك لزوجته وقد احمر وجهها من شدة التعب فيقول: أمكم كبرت وما فيها حيل تركب هالدري وانتوا ملزمين تودونا السطح.
تقف أم مبارك وتأخذ نفس عميق.. ثم تمسح العرق من وجهها وتقول: ما عوزك.. من قال إني كبرت.. تبي أسابقك.
يضحك بومبارك باستهزاء: تسابقيني ولاعنه.. انت خطوة وحدة منتي قادرة.. لا يا أم مبارك براغيچ إفتلت خلاص.
يهز رأسه بسخرية ويستطرد قائلا: الظاهر بشوفلي شوفه.
تنظر له أم مبارك بحدة وتقول: امعصي.
تزفر أم مبارك بصوت عال.. تبعد يد ابنتها عن ظهرها.. تصعد مسرعة متخطية الجميع ووراءها ابنتها نورة التي تحاول أن تحميها من السقوط. تكمل ام مبارك بصمت صعود الدرج بمفردها متقدمة الجميع.
مبارك ومحمد بصوت واحد: يما.. شوي.. شوي.
يقهقه بومبارك بصوت عال ويقول: شفتوا يا عيال هذا دوا الحريم.
٭ ٭ ٭
يصل بومبارك لأعلى الدرج.. يشاهد زوجته جالسة على الدرج وهي تمسح وجهها.
أم مبارك ضاحكة: وصل الشايب.. على هونك صحتك على قدها.
ينظر بومبارك لزوجته بلؤم: وانت صاجه.. عيالج كبروا .. شوفة عينچ أهم آخر من يوصل
مبارك ضاحكا: إي يبا.. إحنا نكبر وإنتوا تصغرون.
نورة ضاحكة: أبوي وأمي يحبون يدلعون بعض.. الله يخليهم لنا.
يمد بومبارك يده ليساعد زوجته على الوقوف.
محمد بنبـــرة سعادة: زهبــوا روحكم الحـــين بتشوفون المفاجأة.
بو مبارك بتملل: وينها.. ماكو جدامنا إلا باب السطـــح وصاكينه بعد.
يفتح مبارك باب السطح وهو يقول وقد بش وجهه: تفضلوا خل يتبارك سطحنا فيكم.
٭ ٭ ٭
تقلب ام مبارك نظرها في أرجاء السطح وهي تردد بصوت عال: ما شاء الله.. تبارك الله.
بومبارك بتعجب: هذا سطح بيتنا وإلا إحنا بمكان ثاني.
يقفز الأحفاد فرحا.. يسحب أكبرهم يد أم مبارك وهو يقول: يما تعالي شوفي الحديقة.
زوجة مبارك بنبرة فرح: خالتي تفضلي شوفي سنعنا.
تقاطعها زوجة محمد بسرعة: إي خالتي ترى هذي كلها أفكارنا.
مبارك بهدوء تام: احنا حرصنا نخلي السطح يجمع بين شراحية الحديقة وخصوصية الشقة المفروشة ويضفنا كلنا مع عيالنا براحة وسعة.
أم مبارك: ما شاء الله.. إش هالسنع والذوق.
يتجول بومبارك وأم مبارك في السطح وحولهم الأحفاد وزوجات الأبناء وقد بدت تعابير الغبطة والانشراح على الجميع.. اكتست أرضية المكان بلوحات فنية من الحجر الملون وبتشكيلات منوعة جميلة.. كما قسم السطح لأركان مختلفة.. ركن خارجي فرش بالعشب الصناعي وصفت الكنبات ذات الوسائد الزرقاء بترتيب مع طاولات خشبية.. وركن داخلي ثبتت حواف جدرانه بعيدان القصب لمنح الخصوصية للركن وكمصد للرياح وفرش بجلسة شرقية ملونة ومرتفعة عن الأرض.. ركن لألعاب الصغار.. مطبخ تحضيري وقاعدة خارجية للشواء.. كما وزعت أحواض الزرع الطبيعي في أرجاء السطح بشكل جذاب.
٭ ٭ ٭
يشرب بومبارك عصير الليمون بالنعناع البارد وقد انبسطت أسارير وجهه.. ينظر لأبنائه: شكثر كلفكم هالسنع كله.
محمد: والله مو وايد.. ما شاء سوق الكويت عمران بالغالي والرخيص وحريمنا ما قصروا لقطوا من كل مكان.
مبارك: يبا احنا وحريمنا تشاركنا.. وكل اللي تشوفه حواليك مرتي ومرت محمد اشتغلوا عليه.
أم مبارك: دل عدل يا ولدي.. عليكم بالعافية.
بومبارك: إي صچ السطح دعا شى يديد ومرتب.. بس كشخه زايدة يا عيال واحنا من ربع البساطة..الزولية والمسند يسوون عندي أكثر.
تضحك نورة وتغمز لأخويها: يعني على قولة الشحرورة عالبساطة البساطه.. يا عيني عالبساطه.
يصفق الجميع بطرب.. تكمل نورة الغناء بفرح.
٭ ٭ ٭
بومبارك: عليكم بالعافية يا عيال والفال لما تحطون بيوتكم وبأحسن من هالسنع.
الجميع بنبرة رجاء: آمييييين.
ينظر بومبارك لزوجته ويقول: انا ما يريحني الا الحوش .. أقعد على بساطي وامد رويلاتي ومتسند على هالمساند القطن العدلة ويمي ام العيال وشادي الخليج يغرد لنا
«لي خليل حسين.. يعجب الناظرين...
جيت أنا أبغي وصاله... جود قلبه يلين»
تضحك أم مبارك بدلع انثوي وترد: يا زين سوالفك يا بومبارك.
يقف بومبارك ويمد يده لزوجته قائلا: يا لله يا أم مبارك احنا بعد لنا جونا.
تقفز ام مبارك كالغزال وهي تضحك.. يتجه الاثنان للباب.. ينزلان إلى أسفل المنزل.
بعد ربع ساعة يتناهى الى اسماع الجميع صوت شادي الخليج.. يتجهون نحو سور السطح.. ينظرون للأسفل.. يشاهدون والديهم وقد جلسا في الحوش.
نوره: ياحلو أمي وأبوي بروح أقعد معاهم.
تتجه نورة للباب .. تنزل الدرج
تزفر زوجة مبارك بغضب وتقول: الله يهدا عمي وخالتي يخلون هالقعدة الحلوة ويروحون الحوش.
بابتسامة تتسع لتملأ وجهه يقول مبارك: الله يهداچ.. مابين هالسطح والحوش إلا اختلاف أجيال بس.
تبتسم زوجة مبارك: مثل ما يقولون كل وقت ما يستحي من وقته.
تنظر زوجة محمد حولها وقد سرحت قليلا ثم تقول: عيل عيالنا وأحفادنا وين بتصير قعدتهم واناستهم بعدين.
يغمز محمد بعينه لشقيقه ويقول: إهي وحده من ثنتين يا بيكونون تحت الماي او فوق القمر.