- عبدالرحمن: الحجي نموذج مضيء للعمل الخيري الكويتي
- السريع: «عبدالله جوبا» لم يركز في عمله الخيري على المسلمين فقط
- السميط: والدي كان مثالاً في التضحية وعلمنا العطاء بالأفعال قبل الأقوال
ليلى الشافعي
في أولى فعاليات اليوم الثاني للملتقى الوقفي الـ 24 الذي نظمته أمانة الأوقاف تحت رعاية سمو ولي العهد الشيخ نواف الاحمد، تم خلال الجلسة الصباحية تنظيم ندوة بعنوان «نماذج خيرية ملهمة» ضمن محور «العمل الخيري الكويتي.. رموز وبصمات».
وتحدث في الجلسة التي أدارها م. اسامة الصايغ عن بصمات المرحوم عبدالله السريع (عبدالله جوبا) والمرحوم د. عبدالرحمن السميط والعم يوسف الحجي كل من عبدالعزيز السريع ود. عبدالله عبدالرحمن السميط ومستشار الإدارة العامة الزميل يوسف عبدالرحمن على التوالي.
في البداية تحدث عبدالعزيز السريع عن مسيرة والده الخيرية والذي تنقل من عدة وظائف وذهب إلى جنوب السودان، وقدم انشطة عدة فكان من مؤسسي نادي السالمية الرياضي وعدة جهات أخرى.
وانه، رحمه الله، بدأ العمل صغيرا في السن ولكن بحرصه واجتهاده ورغبته في الاجادة في عمله كان له دور في تأهيله لأعلى وأعلى ولم يكن مجرد موظف في جنوب السودان وكان السودانيون يحبونه حتى اطلقوا عليه عبدالله جوبا على اسم عاصمة السودان وكان يتردد عليهم ويتزاور معهم وتعلق بأهلها الطيبين الفقراء وانجز المشاريع التنموية هناك من حفر آبار المياه واستصلاح الاراضي الزراعية وتشييد المدارس والمراكز الطبية وبناء حي سكني للمدرسين.
لم يركز على ابناء الجنوب المسلمين دون غيرهم والمسارعة الى انشاء مساجد ودور لتعلم القرآن وكان يشير إلى أهل المنطقة أن الكويت تعمل انسانيا من منطلق الصداقة مع جنوب السودان وليس لاهداف دينية او قومية.
وقد اعطى نموذجا في العمل الديبلوماسي خلال عمله في السودان قبل ان يكون سفيرا رسميا فرض نفسه كسفير شعبي.
وعند تعيينه سفيرا للكويت في السودان فرحوا به كثيرا وكان خير سفير للكويت.
وقد آلمه موقف السودان من احتلال العراق وكان حريصا الا يكون طرفا في أي جهة من هذه الجهات وقد فسر موقف السودان من الاحتلال ان كان صدام حسين يساعد الشماليين بمبالغ كبيرة جدا وكانت الكويت ترفض ان تكون طرفا في النزاع ولا تقدم خدماتها الا للشعوب.
في آخر فترات عمله ترك السودان 1950 ثم تم تعيينه سفيرا للكويت في موريتانيا وكانت بلدا فقيرا ويحتاج إلى جهود كبيرة فقدم الكثير من الخدمات وأصبحت موريتانيا تشيد بأعمال عبدالله السريع وكان بيته مفتوحت للجميع سواء بالديوانية او غيرها.
الف كتاب «عشر سنوات في جنوب السودان» نوقش الكتاب في كثير من الجامعات واعتبر مصدرا مهما لجنوب السودان، كما ألف كتاب «كنت سفيرا في السودان» وكتابا ثالث عن موريتانيا وعن عاداتهم وتقاليدهم.
وتحدث السريع عن والده بأنه على المستوى الاجتماعي كان حريصا على بر والديه وانه كان عطوفا حريصا على صلة أرحامه وعن موافقه الانسانية العديدة قال منها: عندما كان د. خالد المذكور وعبدالعزيز البابطين وعبدالعزيز المطوع مع زعيم موريتانيا استقبلهم في المطار ورفض الذهاب للاوتيل واصر على استقبالهم في بيته.
ومن الحوادث ايضا انه تعرض بسيارته المرسيدس الجديدة لحادث مع راعي وانيت فقط وكان يبكي صاحب الوانيت وقال ان الوانيت ليس له واعطاه 150 دينارا مما يدل على كرمه وسخائه وعطفه.
وقال اذا حضر سفراء السودان الى الكويت يصرون على زيارة الاسر وابناء عبدالله السريع ويتذكرون مآثره والحديث طويل وطويل عن عبدالله السريع، رحمه الله.
بصمة عبدالرحمن السميط (رحمه الله)
وتحدث د.عبدالله السميط عن والده وقال: قيمة الإنسان في البصمة التي يضعها في حياته، وقد نشأ د.عبدالرحمن في بيت ملتزم محافظ محب للعمل الخيري وكان منذ صغره مولعا بالقراءة لدرجة أنه كان يلتقط اي ورقة من الشارع ليقرأها وهو صغير.
وتناول رحلته مع العمل الخيري وبدايتها حينما كان يعمل طبيبا في م. الصباح جاءته متبرعة تريد بناء مسجد في الكويت فقال لها هناك كثير من المساجد في الكويت ويوجد في مناطق مهمشة احتياجهم لمسجد، فقالت أفعل ما ترونه مناسبا وكانت هذه اول ثمرة لهذه المؤسسة التي تم إنشاؤها بتبرع لبناء مسجد من ام علي الأحمد الجابر الصباح، زوجة الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، وبدأ يأخذ إجازة بدون راتب ويتغيب ووجد أن يتفرغ لعمله الخيري، وقال عبدالله: لم يكن أبا عاديا، كان أبا قدوة يعلمنا بقدوة عمله لا بالأقوال وكان يعطينا مثالا للتضحية ومثالا للإخلاص، وحمل الرسالة التي يؤمن بها، وكان سبب القبول عند الناس انه عنده أمر مميز يؤمن به ورسالة موجودة في دمه يعمل من أجلها، حمل الهمة والوضوح والشفافية مع المستفيدين والمتبرعين وحرص على التواصل مع الجهات الرسمية وكان لا يعمل بالمصادمة مع اي طرف بل يتعامل بأخلاقيات الإسلام المنهجية التي تؤكد العمل الخالص، لأن دولة الكويت هي الدولة الوحيدة التي تقدم المساعدات دون مقايضات ولا مصالح.
وأشار الى ان أهم ما أدى الى استمرارية هذا العمل الكفاءة في الأداء وإنجاز العديد من المشاريع والآبار والجامعات والمستشفيات وانه يوجد 20 ألف مشروع بئر ارتوازية وثلاث جامعات و6 مستشفيات و5 آلاف مسجد، وملايين المستفيدين، وانه في عام 2017 تم تنفيذ 2000 مشروع وإجمالي المشاريع المستفاد منها 11 مليون نسمة وان أكثر من 600 ألف استفادوا من المياه في سنة ونصف ونتعامل مع النفس البشرية دون النظر للديانة.
بصمة العم أبويعقوب
وعن بصمة إمام العمل الخيري يوسف الحجي تحدث مستشار الادارة العامة الزميل يوسف عبدالرحمن وقال: في البداية لا يذكر العمل الخيري إلا ويأتي اسم العم يوسف الحجي ـ ابويعقوب ـ رئيس الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية الأسبق ـ مقرونا به كنموذج ورمز لأنه بشهادة الجميع والمراقبين يعتبر من صناع ومؤسسي العمل الدعوي والخيري في الكويت، وقد نشأ في اسرة متدينة تهتم بالعلم والعلماء والدعاة، وكان حريصا على حضور دروس العلم الشرعي، وقد درس في مدرسة المباركية ومدرسة عثمان عبداللطيف العثمان والتحق بمدرسة هاشم البدر لتعلم الانجليزية ثم غادر الكويت في عام 1938 الى الظهران بالمملكة العربية السعودية وعمل بوظيفة كاتب بشركة اميركية تعمل في التنقيب عن النفط ثم عاد الى الكويت عام 1942 واشتغل بالاعمال الحرة مدة سنة واحدة ثم عمل موظفا في ادارة الصحة وتدرج في المناصب القيادية حتى عمل وكيلا لوزارة الصحة العامة.
ولفت عبدالرحمن الى المؤسسات التي كان يوسف الحجي من مؤسسيها مثل جمعية الإرشاد الاسلامي والهلال الأحمر الكويتي وجمعية الإصلاح والنجاة الخيرية وعبدالله النوري الخيرية،
وبعد تقاعده من وزارة الصحة اختير وزيرا للأوقاف شهدت خلالها الوزارة طفرة من الإصلاحات على مستوى كبير.
كما رشحه نشاطه الدعوي والخيري لقبول واسع داخل وخارج الكويت وتقدمت كثير من المؤسسات والمنظمات والبنوك والجامعات بطلب إدخاله عضوا فاعلا في هياكلها الادارية والشرفية، أسهم في تأسيس بيت الزكاة في مصر وغيرها.
وعندما ترأس الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية عام 1984 وحتى 2010 وقد اختير رئيسا لها وظل 26 عاما يقودها حتى صارت من اكبر الهيئات العالمية على مستوى العالم فكر الوسطية
وقال عبدالرحمن لقد كتبت في جريدة «الأنباء» وجريدة الصوت في 16/12/2008 زاوية اطلقت عليها لقب امام العمل الخيري لإيمانه بفكر الوسطية، وإيمانه بأن الظلم الواقع على المسلمين يجب مقاومته بالطرق المشروعة وليس عبر المناهج الخاطئة، بل عمل انساني موحد يرتكز على اقامة مشاريع انتاجية وتنموية في جميع البلدان التي تعمل بالقوانين والانظمة.
وأضاف: والعم يوسف الحجي يرفض المحاولات التي تربط الاسلام والعمل الخيري بالارهاب، ويعتبر ان هذه محاولة باطلة تنافي الواقع وان الارهاب ظاهرة لا دين لها ولا جنسية ولا قومية وموجودة منذ قديم الزمان، وأن مواجهة الارهاب تتم بالحوار الفكري والرأي والرأي الآخر وتضافر الجهود لمواجهته.
ثم انتقل عبدالرحمن للحديث عن نمط حياته وانه قليل الكلام شديد الحياء لا يرد سائلا وقف ببابه إلا ولبى طلبه، ويولي المرأة قدرا كبيرا من المسؤولية ونصرة قضاياها وفق الكتاب والسنة.
وإذا تبنى موضوعا أو قضية يعطيه من جهده وماله الخاص دون ملل وهو كثير العطاء والمثابرة.
وأشار عبدالرحمن الى ان «بو يعقوب» لم يقبض راتبا من ترؤسه للهيئة الخيرية الإسلامية أو اللجان والجمعيات التي ترأسها، كما يدفع ثمن مصاريف رحلاته الخارجية والاقامة ودقيق في اوقاته يلتزم بأن يكون في الهيئة في الساعة ،6.30 وتجلت انسانيته عام 1995 عندما اعتدى شخص عليه عقب خروجه من صلاة الفجر لسرقته وسبب له جروحا وقد تنازل «بويعقوب» عن حقه لينال العدل مجراه في القضية كحق عام.
حصل على العديد من الجوائز المحلية والخارجية ابرزها جائزة الملك فيصل عام 2006 وتبرع بها لاحد مشاريع الهيئة.
وقد حظي العم يوسف الحجي بمحبة اهل الكويت والعالم.