آلاء خليفة
تمر الحالة السياسية في الكويت بحالات من الشد والجذب. وبالنظر بتمعن لواقع الحال بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، نجد ان الصراع وصل اشده في الفترة الحالية، لاسيما بعد تقديم 4 استجوابات ستناقش في جلسة 8 الجاري. ولتحليل الوضع السياسي الحالي، اجرت «الأنباء» حوارا مع استاذ العلوم السياسية والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية بجامعة الكويت والناشط في مجال حقوق الانسان د.فارس الوقيان، تحدثنا فيه عن الحالة السياسية في الكويت وتأثيرها على الواقع الاقتصادي، كما تحدث عن الاستجوابات المقدمة حاليا تحت قبة البرلمان. وتناولنا في حوارنا مع د.الوقيان الحديث عن واقع البدون في الكويت والعمالة الوافدة، وايضا عن واقع التعليم الجامعي في الكويت، اضافة الى حديثنا عن الاحزاب السياسية والكثير من الامور الاخرى التي تحدثنا فيها خلال الحوار، واليكم تفاصيل الحوار:
في البداية، كيف تنظر للوضع السياسي الحالي في الكويت؟
ان التوتر والاحتقان السياسي الحاصلين ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هو توتر موجود مع بداية الديموقراطية، ويعتبر ضريبة يفترض ان نتعود عليها في الكويت نظرا لأن كل الديموقراطيات العريقة والشهيرة في العالم تمر بذلك الصراع والخلاف والنقاش والمواجهة نفسها مابين السلطتين، فالاختلاف والتعددية في الآراء سمة ثابتة في منظومة اي نظام سياسي ديموقراطي، لكن علينا ان نكون واقعيين وموضوعيين في طريقة معالجة وتحليل هذه العلاقة ذات الخصوصية الكويتية الصرفة.
صرح العديد من النواب بأن حالة التأزيم السياسية تؤثر سلبا على الاقتصاد، فكيف تنظر الى ذلك الامر؟
ان حالة الاحتقان والصراع والمواجهة والاقتتال البيني ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ليس اختلافا لمصلحة الكويت، انما حالة خلاف من اجل مصالح خاصة وربما مصالح ايدلوجية ومادية وانتخابية صرفة، وكذلك اختلاف من اجل كسب مناطق نفوذ في الاعلام، كما ان للحكومة سلبياتها، فمن الخطأ ان نقول ان كل الازمات والآلام نابعة من البرلمان فقط او من الحكومة فقط انما يتحمل حالة الصراع مجلس الامة بنسبة 50% والحكومة بنسبة 50%، ولابد ان نقر بأن حالة الصراع تجعلنا نرتكب جريمة كبرى وخطأ جسيما بعدم منح المواطن الكويتي حقه في التعبير عن آرائه وتقييمه وتحليله للاوضاع، فالكويتيون لديهم جرعة سياسية زائدة لنقاش الامور السياسية الصرفة، خصوصا المتعلقة بعلاقة السلطتين التشريعية والتنفيذية، في حين ان هناك غيابا للمجتمع المدني ومؤسساته وجمعيات النفع العام والجماعات البشرية التي تعيش في الكويت.
قدم عدد من نواب مجلس الامة استجوابات لوزراء ومن بينهم استجوابات لرئيس مجلس الوزراء في الفترة الاخيرة، فكيف تنظر لتلك المسألة من وجهة نظرك السياسية؟ وهل الاستجواب اصبح اداة ضغط وتمرير مصالح اكثر من كونه اداة دستورية بيد النائب؟
لابد ان نتفق ان الاستجواب حق دستوري مطلق للنواب اذا انطبقت عليه معايير واجراءات الاستجواب المتعارف عليها في اللوائح الداخلية وفي الدستور، وبالتالي فلا خلاف على الاستجواب كحق بيد النائب، لكن تكمن الازمة وكما يقال «الشيطان في التفاصيل»، فعندما ندخل في تفاصيل الاستجواب لا نجد شيطانا واحدا انما شياطين كثيرة، فنجد من يقدم الاستجواب، وايضا نجد نوعا آخر من الاستجوابات متعلقة بممارسة ما يسمى بالفروسية السياسية والبرلمانية والانتخابية، والمصلحة هنا تكون في ضمان البقاء في الكرسي البرلماني في كل انتخابات وتقديم صورة للناس بأن هذا النائب بطل وشجاع، وعلينا الا نظلم مجلس الامة والاعضاء، ونقول ان هناك شريحة او مجموعة من الاستجوابات الوطنية الصرفة وهذه نحن معها ونؤيدها، فهناك استجوابات دستورية تتضمن الكثير من الوثائق التي تدين هذا الوزير او ذاك وهناك بعض الوزراء يجدون في بعض الاستجوابات قيمة وطنية كبرى.
مواجهة الاستجواب
لكن لماذا يهاب الوزراء من الوقوف ومواجهة الاستجواب ولماذا تنتهي الاوضاع بحل المجلس واعادة تشكيله واعادة تشكيل حكومة جديدة؟
ان الحكومة لا تمثل حزبا واحدا متجانسا وموحدا ويلتقي على الكثير من النقاط، كما انهم ليست لديهم وسيلة للدفاع عن انفسهم لأن الحكومات المتعاقبة هي عبارة عن خليط من ايدلوجيات مختلفة وفئويات وهويات عرقية ودينية مختلفة، كما انها أتت نتيجة لتوازنات اجتماعية داخل الدولة ومن هذا المنطلق ليس من الغريب ان نقول ان الحكومة تخشى بعض الاستجوابات لأنه لا توجد منظومة فكرية وسياسية موحدة تجمع اعضاء الحكومة في الكويت، بالاضافة الى ان الكثير من الاستجوابات أتت بدوافع مصلحية صرفة لخدمة هذا العضو او ذاك بعيدة عن الدوافع الوطنية، فلنعترف ايضا بأن الحكومات المتعاقبة لا تخلو من وجود بعض الوزراء الذين ليست لديهم القدرة الكلامية والعلمية والسياسية لمواجهة المستجوبين من الاعضاء.
محاسبة الوزراء
اذا كان الاستجواب حقا دستوريا للنواب لمحاسبة الوزراء وهو نوع من الرقابة، فمن يراقب النواب؟
هناك مشروع مطروح تحت قبة البرلمان ألا وهو مشروع لجنة القيم لتقييم اداء وكفاءة النواب ولمحاسبتهم وتقنين العمل السياسي بتحديد الاولويات في الاستجوابات واهدافهم السياسية التي يريدون تحقيقها، وهناك ايضا ما يسمى بالديموقراطية المباشرة الموجودة في بعض دول العالم ومن ضمنها سويسرا والتي تتيح للمواطنين الناخبين متى ما رأوا ان هذا النائب قد انحرف عن مساره السياسي في العمل البرلماني بعدما قاموا بانتخابه تتاح لهم الفرصة مثلما أوصلوه للكرسي البرلماني ان يجردوه منه ومن ثم يفقد عضويته وحصانته البرلمانية.
لكن لأن الديموقراطية الكويتية ليست مباشرة ولجنة القيم لم تحقق أهدافها ولم تنشئ حتى هذا الوقت، فهناك حل وسط وهو تفعيل دور التضامنيات الاجتماعية في كل محافظة ومؤسسات المجتمع المدني، بحيث تكون هناك جماعات منظمة في كل دائرة انتخابية تقوم بعمل اجتماعات وجلسات دورية من اجل تقييم اداء نواب الدائرة ولاتخاذ بعض القرارات والتوصيات مع الاعضاء من اجل تعديل وتقويم انحرافهم ان وجد، لاسيما ان دور مؤسسات المجتمع المدني في الكويت مغيب.
هل ترى انه آن الأوان لاشهار الاحزاب السياسية في الكويت لاخراجها من السراديب المغلقة الى النور؟
من وجهة نظري ارى انه لا ديموقراطية في الكويت دون تنظيمات سياسية، فالديموقراطية في الكويت كـ «البطة العرجاء»، ديموقراطية عرجاء معوقة مشوهة وغير مكتملة النمو من دون احزاب سياسية، سواء اتفقنا على وجودها أو لم نتفق، سواء كانت لدينا وجهات نظر مؤيدة او معارضة لها، شئنا ام ابينا، فالتنظيمات السياسية قادمة في المستقبل رغما عن أنوفنا، نظرا لأن ذلك هو التطور الطبيعي للديموقراطيات في جميع دول العالم بدلا من حالة الفوضى السياسية والانتخابية التي نعيشها على المستوى الفردي، خاصة ان الانتخابات اصبحت مكلفة مادية وكذلك لا يمكن مراقبة الأفراد من قبل مؤسسات حزبية وهناك الكثير من الانحراف على المستوى الشخصي والبرلماني، وبالتالي لابد من وجود منظومات حزبية من اجل افراز مرشحين على قدر كبير من الاهلية والكفاءة والاحتراف السياسي وايضا يعاقبهم الحزب في حال انحرفوا عن مسارهم، فدور الاحزاب عملاق وضروري وعلينا من الآن ان نحاول تمهيد الاجواء من اجل ان تكون لدينا تنظيمات سياسية لا تقوم على الفئوية والطبقية والقبلية والمذهبية، انما تقوم بناء على قناعات وبرامج وطنية صرفة بحيث يضم الحزب السني والشيعي والبدوي والحضري وابناء المناطق الداخلية والخارجية.
خطط التنمية
كيف تنظر الى خطط التنمية في الدولة، هل هي ذات جدوى ام مجرد اوراق محبوسة في الادراج؟
كلمة التنمية مظلومة في الكويت وتعتبر ضحية ومفترى عليها، ففي الكويت نعزف السيمفونيات ونغني ونتحدث عن التنمية بطريقة كلامية رائعة، انما على المستوى الفعلي والتطبيق الواقعي لا يوجد أفق مستقبلي للتنمية في الكويت ولا يوجد لدينا منظور حيوي وديناميكي وعقلاني للتنمية في الكويت، فهناك مشاريع مبعثرة ومشتتة وهناك افكار تنموية ولكن لا توجد لدينا استراتيجية تنموية مستدامة في الكويت على المستوى المستقبلي.
الأزمة الاقتصادية
هل الكويت جادة في مواجهة الازمة الاقتصادية العالمية؟ وهل تعامل النواب مع قضية القروض والمديونيات ذو جدوى؟
حتى هذا الوقت نحن نعيش حالة ما يسمى بحرب «داحس والغبراء» على القضايا والمواضيع الاقتصادية في الكويت، فهناك آراء مختلفة وصراعات ما بين قوى مختلفة، انما بالنسبة لي اجد ان حالة الصراع حول القضايا الاقتصادية الصرفة ليست لها علاقة نهائيا بالاقتصاد لا من قريب ولا من بعيد، انما هي تعكس حالة صراع اجتماعي كبير ما بين الطبقات الاجتماعية في الكويت، والطبقات العليا التي تمثل الصفوة الاجتماعية والتجارية وطبقة ذوي الدخل المحدود وذلك الصراع الاقتصادي يحمل بين ثناياه ما يعرف بشبه غياب الطبقة الوسطى، فالكويت حاليا تسير باتجاه ان تكون هناك طبقة اغنياء من ذوي الغنى الفاحش وطبقة من المعدمين والفقراء وذوي الدخل المحدود، وهذه ازمة كبرى ستشهدها الكويت في المستقبل وستنعكس على الكثير من امورنا الحياتية، لذلك ومثلما يقولون «فتش عن الصراع الاجتماعي قبل ان نتناول قضايانا الاقتصادية».
وانت باحث سياسي بجامعة الكويت، ما طموحاتك من اللجنة التعليمية بمجلس الامة، لاسيما ان من يترأسها حاليا هي د.سلوى الجسار احد افراد اعضاء هيئة التدريس بالجامعة؟
ان الواقع التعليمي والتربوي في الكويت في انحدار شديد وحين نرى موقع وتصنيف الكويت في العديد من المنظمات التربوية والتعليمية، سواء الاقليمية او العالمية نجد ان الكويت تحتل مرتبة مريعة وفاضحة وتكفي لتشكيل لجنة أشبه بلجان ادارة الازمات، واجد انه ليس هناك مجال من مجالات الحياة غير مرتبط بالجانب التربوي والتعليمي انطلاقا من التنشئة والطفولة ووصولا لمراحل التعليم العالي وايضا مخرجات التعليم في سوق العمل، وفي الكويت وقبل ان نتحدث عن احتياجاتنا المادية والصرف المادي بالمليارات على التعليم وهذه حجة الضعيف وغالبا ما نرى المؤسسات التربوية والتعليمية لا هم لها الا ان الميزانية لا تكفي وانهم يعملون على توفير حاسب آلي وسابورة الكترونية للطلبة وغيرها من المصطلحات المادية الصرفة وهذا اسلوب العاجز الذي يريد ان يهرب من حقيقة العجز الفكري والثقافي والمعرفي الذي لديه، وبالتالي فإن ازمتنا ليست ازمة مادية في التعليم، انما ازمتنا الكبرى مرتبطة بالعقول، فليست لدينا عقول تربوية على مستوى وزارة التربية والتعليم العالي، ونفتقر لوجود لجان تمتلك آلية تفكير معرفية وتربوية قادرة على انتشالنا من الازمة، لذلك فمن المتوقع انه مهما شكلت لجان وعقدت اجتماعات فسندور في حلقة مفرغة والمستوى التربوي والتعليم سينحدر اكثر فأكثر، وعلينا ان نغير من آلية التفكير المستقبلية والاستراتيجية بحيث تكون آلية تفكير عقلانية مستنيرة تواكب ما يحدث في العالم المتطور.
ما المطلوب من النواب في دور الانعقاد الحالي لإنهاء معاناة «البدون» وأخذ حقوقهم المدنية والاجتماعية في الدولة؟
ان الكويت بكل تأكيد في الآونة الاخيرة تعاني من هاجس كبير متعلق بملفات حقوق الانسان بابعاد مختلفة، وفيما يخص قضية البدون فهي قضية انسانية صرفة من الطراز الاول، وبالتالي علينا الا نخلط وندمج ما هو متعلق بالمصلحة الاجتماعية والرسمية بما هو انساني وعلينا ان نعلنها صراحة ان البدون وقعوا ضحية سياسات مجتمعية وحكومية لا تنتمي لما يعرف بحقوق الانسان، وفي حال طبقنا المعايير المتعلقة بحقوق الانسان على البدون نجد ان لهم الحق في نيل جميع مطالبهم، فجميع المواثيق الدولية والاتفاقيات الخاصة بمنظمة الامم المتحدة تنص على منحهم كل حقوقهم، وحينما نطبق جميع مفاهيم ومكونات ونصوص الشريعة الاسلامية على واقع البدون نجد انها تنص على منحهم كل حقوقهم، وحين نجد كذلك ما هو موجود من نصوص وبنود دستورية عملاقة وكبيرة في الكويت نجد انها تنص كذلك على منحهم لحقوقهم، والكثير من المسؤولين الحكوميين الكبار يصرحون بما هو ايجابي لحل قضية البدون، اذن اين تكمن الازمة؟ فما يحدث في الكويت ان هناك ما هو اشبه بـ «المؤامرة» الكبرى، ليس ضد البدون انما ضد الدولة والمجتمع وامن واستقرار المجتمع، ان هؤلاء الذين يعلنون عبر وسائل الاعلام المختلفة انهم مع حقوق البدون نجدهم في الوقت نفسه لديهم افكار مختلفة ومغايرة ضد البدون في الخفاء، فهم لا يعتدون على حقوق البدون انما يعتدون على وطنهم، والدليل انهم شوهوا صورة الكويت في الخارج، وهناك العديد من التقارير اكدت ان هناك العديد من الجرائم التي ترتكب ليلا ونهارا بسبب عدم منح البدون حقوقهم في الكويت، وكذلك فإن افراد البدون هم طاقات بشرية يمكن للدولة والمجتمع الاستفادة منهم استفادة قصوى وهناك كفاءات علمية عديدة ومن ثم فان العدالة الاجتماعية وقيم المساواة والوفاء للدولة يحتم علينا منح البدون الكثير من حقوقهم وايضا التجنيس لأن الكثير من البدون كانت لهم اسهامات كبرى على مستوى التضحية من اجل الكويت، خصوصا المشاركات العسكرية في الحروب العربية، وبالتالي فهناك جريمة ترتكب في حق البدون، ويؤسفني ما آلت اليه الكويت من مشهد الهجوم والانتقاد الخارجي عليها، فهناك انتكاسة كبرى على ما يتعلق بحقوق العمالة فحين نرى النزاعات الادارية المتعلقة بسوق العمل نجد ان هناك مجزرة اخرى ترتكب في حق العمالة سواء العربية او الاجنبية، فما المبرر الذي يعطي صاحب العمل الحق في الا يدفع راتب 6 اشهر لاحد الوافدين الذي دفع الغالي والنفيس لديه في بلده من اجل ان يمتلك حق تذكرة السفر للذهاب الى الكويت؟
فكان يعتقد انه ذاهب للفردوس واكتشف انه وبسبب اصحاب العمل انه ذاهب الى الجحيم وهذه طامة كبرى تساهم في تشويه صورة الدولة، والغريب في هذه المسألة رغم ان تلك الاحداث والتظاهرات التي يقوم بها الوافدون للحصول على رواتبهم لم تعطينا درسا من اجل غلق هذا الملف ومعاقبة اصحاب العمل والشركات المتضررة، فعلى تلك الشركات مسؤولية وطنية قبل ان تكون لديها مسؤولية تجارية للحفاظ على سمعة الدولة، وعلى مستوى المرأة نجد ان كل ما يحدث الآن في الكويت من احتفالات ومهرجانات بخصوص حصول المرأة على حقها السياسي ونجاح 4 سيدات ووصولهن الى مجلس الامة لا يخرج من وجهة نظري عن كونه كرنڤالا اعلاميا واجتماعيا و«برستيجي» اكثر من كونه له علاقة بالحقوق الفعلية للمرأة، وعلى مستوى المسؤولين والقضاء، نجد ان المرأة الكويتية غائبة عن المناصب القيادية، وكذلك نجد الكثير من التشريعات تجعل من الرجل هو النقطة المحورية في كل ما له علاقة بالمساعدات ولا يتم تفسير مؤسسة الاسرة بطريقة متساوية ما بين الرجل والمرأة والاطفال، ونجد ان كل ما يحدث على السطح السياسي هو عبارة عن اكذوبة سياسية ونحاول من خلالها تقديم رسالة للعالم الخارجي على اننا اناس ديموقراطيون ومنفتحون وليبراليون نحافظ على حق المرأة، لكن حينما ننزل للقاع نجد ان الاهتمام بالمرأة لا يتجاوز مساحة جغرافية بسيطة وشريحة بسيطة من النساء في حين ان 90% من نساء الكويت هم خارج نطاق التنمية البشرية المستدامة والانفتاح والتأهيل التكنولوجي العلمي والفكري.
الخروج من الأزمة: إعادة صياغة الوعي ونمط التفكير وتحديد الأولويات وتطبيق القانون
حول الخروج من الأزمة قال د.الوقيان نحن دائما نركز ونقول ان كل الحلول والاقتراحات والتوصيات الموجودة لدينا في الكويت هي مجرد حبر على ورق وليس لها اي قيمة ما لم نعيد صياغة الوعي ونمط التفكير الكويتي، بحيث يكون نمط تفكير عقلاني مستنير يواكب ما يحدث في العالم المتقدم من متغيرات جوهرية، فالمخرج قد يكون صعبا لاسيما في ظل الازمات الحالية المباشرة، إنما أقول ان الأزمات الكبرى ستولد أزمات صغرى ما لم نعتمد بالفعل على نمط التفكير والوعي وحتى نستطيع القيام بذلك الدور وللخروج بحلول وسبل علاج لازماتنا علينا ان نحدد اولوياتنا ونكرس ونطبق دولة القانون الحازمة التي تطبق القوانين على جميع المواطنين بغض النظر عن فئاتهم ومراتبهم الاجتماعية وكذلك الاهتمام المحوري بكل ما يتعلق بمسائل حقوق الانسان والتنمية البشرية المستدامة ودعم ما يسمى بالمواطنة الكويتية الفاعلة والايجابية، فعلينا ان نستنشق هواء المواطنة ونعتبره كالأوكسجين فعلى الكويتيين ان يتعاملوا فيما بينهم على درجة من التساوي وتطبيق معيار الكفاءة والعدالة الاجتماعية ودون ذلك فان الحديث عن التنمية والخروج عن تلك الازمات سيعتبر نوعا من انواع الهراء والضحك على الذقون وذر الرماد في العيون، فتلك المصطلحات والمفاهيم علينا ان نجعلها محور احاديثنا واهتمامتنا اليومية وليس لدينا اي امل في تطبيق تلك المفاهيم ما لم تكن هناك ارادة ورغبة على مستوى السلطة السياسية في الكويت والحكومة وعلى مستوى مؤسسات المجتمع المدني والمواطنين بحيث تصبح تلك المفاهيم والمصطلحات موجودة ومطبقة ومكرسة في مناهجنا التعليمية وفي حياتنا اليومية. من وجهة نظري فإن الكويت ستعود للقرون الوسطى في اوروبا وهي قرون الظلام والتخلف اذا ما استمرت حالة التخندق المذهبي والطبقي والقبلي والمناطقي في الكويت، وعلينا ان نعمل جديا على خلق مجتمع مواطنين يتلقون فيما بينهم بناء على قناعاتهم الفكرية والبرامج الوطنية وليس بناء على هوياتهم العرقية والمذهبية وغيرها.