إعداد: دارين العلي
خلصت الدراسة التي اجراها الباحث والاكاديمي في علوم البيئة د.مبارك العجمي تحت عنوان «طريق أم الهيمان وتلوث الهواء» إلى ان انتشار الامراض الخطيرة بين سكان الكويت وتركزها في محافظة الأحمدي ومنها تشوه الأجنة والأورام الخبيثة وأمراض الجهاز التنفسي سببه الأول والرئيسي تلوث الهواء مع التأكيد على العلاقة الوثيقة بين العوامل المناخية وتركيز الملوثات الهوائية على ضاحية ام الهيمان.
دراسة العجمي التي نشرت في كتاب يتألف من 147 صفحة والتي استقى فيها العجمي المعلومات من مصادر متنوعة تطرقت في فصولها السبعة إلى ايكولوجيا الكويت وتلوث الهواء ومظاهر ومخاطر تلوث الهواء والعوامل الجوية المحددة لكثافة وتشتيت الملوثات تضمنت فصلا كاملا.
وأوصت الدراسة ايضا بدمج الحلول ذات الجوانب الطبيعية بالحلول ذات الجوانب التكنولوجية للقضاء على التلوث الهوائي في محافظة الاحمدي والكويت بشكل عام.
وخاضت الدراسة في تفاصيل القضية في أم الهيمان فتناولت التضاريس والموقع حيث تعتبر المنطقة شبه جافة تحيط بها المناطق الشمالية من الشمال والشرق والغرب، وبما ان المنطقة خالية من التضاريس الطبيعية فإن الرياح تهب عليها بشكل افقي وسريع من مصادر التلوث الصناعي حتى تصل بها إليها مما يزيد من شدة تركيز الملوثات.
ولفتت الدراسة الى ان منطقة ام الهيمان اذا تعرضت للرياح من الجنوب فهي لا تتأثر بالملوثات لأنها تعتبر رياحا مشتتة اما اذا جاءت الرياح من الشمال او الشرق او الغرب فيكون التلوث حادا على المنطقة وخاصة عندما تكون الرياح خفيفة.
وأشارت الدراسة الى انه وبفعل حركة الرياح فإن الملوثات تصل الى سطح الارض ويكون تأثيرها حادا على الأماكن المفتوحة والشوارع اكثر من الاماكن المغلقة وتبقى الملوثات الكيميائية عالقة في اجواء ام الهيمان في مستوى سطح الارض الى مستوى الف متر.
وذكرت الدراسة ان ارتفاع درجة حرارة الجو وكذلك ارتفاع درجة حرارة جدران المباني في ام الهيمان يساعدان على تشتيت الملوثات الهوائية نهارا بفعل نشاط الرياح، الا ان تغير سرعة الرياح المحلية ليلا يؤدي الى حدوث ظاهرة الانقلاب في الحرارة مما يعرض ام الهيمان الى تلوث بيئي حاد يستمر حتى شروق الشمس في اليوم التالي، بالاضافة الى القرب الشديد للضاحية من مصادر التلوث كالمناطق الصناعية والنفطية، مشيرا الى ان طريقة دوران الرياح في المنطقة تؤدي الى ارتفاع الملوثات الغازية وهبوط الملوثات الكيميائية التي قد تتجمع في زوايا الشوارع في حال كانت مغلقة.
وذكرت الدراسة ان ضاحية ام الهيمان وبسبب كثافة الملوثات فيها والتي تعتمد على عوامل عدة منها التضاريس والرياح ودرجة الحرارة وتخطيط المدن لا تصلح للسكن، مشيرة الى عدة حلول وقائية واخرى جذرية للحد من التلوث والقضاء عليه منها زراعة الاشجار وتكوين دوامات هوائية طبيعية واخرى صناعية لتشتيت الملوثات، اما الحلول الجذرية فتتمثل في عزل الملوثات وتغيير صفاتها وزيادة ارتفاع المداخل واستخدام طاقة الرياح كطاقة بديلة للمصادر التقليدية.
وألقت الدراسة الضوء على الامراض المنتشرة في محافظة الاحمدي وأبرزها الامراض الخبيثة، حيث يعزى ارتفاع معدل الوفيات بالاورام الخبيثة في عامي 1986 و1993 الى الكميات المنبعثة، حيث بلغت: مليونا ومائتي الف طن سنويا وثمانمائة واثنين وسبعين الف طن سنويا ايضا من الملوثات الغازية والكيميائية على التوالي، وكانت نسبة المعدل 28.9 و27.9 وهما أعلى سنتين منذ عام 1980 - 1998.
وتحدثت عن معدل الوفيات لمرضى الاورام الخبيثة في الكويت خلال الاعوام ما قبل 1994 والتي بلغت في عام 1980 حوالي 30.8% وفي 1983 حوالي 31.3% وفي 1986 حوالي 28.9%، وفي 1993 حوالي 27.9%.
وهذه المعدلات تعتبر متدنية، اذا قورنت بعدد السكان والذي يتراوح ما بين 1.5 مليون و2 مليون خلال السنوات المذكورة أعلاه، ولكن بعد مرور اكثر من خمس عشرة سنة أي من عام 1993 الى عام 2009 نجد ان الوضع والنسبة تغيرا ويعزى ذلك الى ان مشكلة أم الهيمان بدأت في عام 1998 وتفاقمت في عام 2000 والدراسات تؤكد ان التعرض الى الملوثات الكيميائية المنبعثة من مصافي تكرير النفط والمصانع الكيماوية ومحطات الطاقة لمدة خمس سنوات على الاقل أو اثنتي عشرة سنة على الاكثر يزيد من وفيات مرضى السرطان بنسبة 289% ويزيد من وفيات سرطان الثدي بنسبة 550% ويزيد من وفيات امراض القلب بنسبة 334%، ويزيد من جميع الوفيات لكل الامراض بنسبة 325%.
نلاحظ ان هناك تفشيا لأمراض السرطان بصورة كبيرة مع ارتفاع نسبة التلوث وزيادة الملوثات لدرجة ان مستشفى مكي جمعة وهو الوحيد في الكويت للعلاج لا يكفي بسبب معدل الاصابة المتزايد، هذا بخلاف المرضى المبتعثين للعلاج بالخارج وبخلاف المرضى الذين يعالجون في مستشفيات خاصة بناء على خطة وزارة الصحة، لذا فإننا نعتقد انه مع نهاية هذا العام 2009 ستكون نسبة الاصابة (بمعدل الضعف) وثلثا المصابين من محافظة الاحمدي وربع المصابين في محافظة الاحمدي هم من اهالي ام الهيمان.