* خليفة بن زايد.. الرئيس الحازم الحليم
* سيبقى الخليج واحة محروسة من أبنائه كشعب واحد في مواجهة مصير واحد
«إن الكويت تحتل في نفوس أبناء الإمارات المكان العظيم الناتج عن وحدة قلوب أبناء المنطقة، إن قصة التعاون المشترك والأمثل بين الكويت والإمارات طويلة عميقة الجذور بدأت في كتابتها الأجيال السابقة ويتمم فصولها القادة الحاليون وستقرؤها الأجيال المقبلة لتستخلص منها العبر والتجارب ونحن في دولة الإمارات نعمل مع الكويت في إطار مجلس التعاون من خلال ارتباط عضوي وضرورة واجبة لإكمال أسس وحدة العمل في شتى المجالات والميادين لتشمل كل كبيرة وصغيرة في حياة شعوب الخليج.
وإذا كان ما يربطنا بالكويت هو أكبر من أي اتفاق أو صيغة شكلية فإن المرحلة المقبلة ستشهد دعم الجهود القائمة حاليا للوصول الى التكامل التام في مجالات التجارة والصناعة والخدمات كتطور طبيعي لدعم التنمية الاقتصادية والبشرية في إطار مجلس التعاون لتكون حركتنا أكثر تحديدا وثباتا في المستقبل، ونحن نمضي الآن لترسيخ الأرضية المشتركة لجميع أشكال التكامل».
بهذه الكلمات الرائعة والموجزة لخص صاحب السمو رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد تاريخ العلاقات الكويتية ـ الإماراتية ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي في أحد لقاءاته الصحافية على صفحات جريدتنا عندما كان وليا لعهد إمارة أبوظبي ليأتي الكويت مترئسا وفد دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ضيفا عزيزا على أخيه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.
العزيمة الصلبة
اكتسب سموه الكثير من صفات القائد المؤسس لدولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان (رحمه الله) ولعل أبرزها تأكيده الدائم ان المسؤولية أمانة ثقيلة تتطلب عزيمة صلبة ومثابرة جادة حرصا على أداء الواجب والمسؤولية تجاه الشعب والوطن.
ويلمس كل من يتعامل مع الشيخ خليفة بن زايد حرصه الدائم على ترسيخ قيم الالتزام بمعناها الشامل، مما انعكس تطورا وازدهارا كبيرا يعيشه الإماراتيون على المستوى الداخلي، أما خارجيا فيُشهد لرئيس الإمارات الأثر الكبير والدور الفعال الذي تبوأته الإمارات في عهده، وساهم ذلك في تعزيز علاقات دولة الإمارات الخارجية مع الدول كافة وإكسابها المزيد من التقدم والاحترام بشكل ساعدها على لعب دور نشط في عدد كبير من القضايا الخليجية والعربية والإقليمية والإسلامية والعالمية.
ورغم كل الإنجازات التي تحققت فإن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد من أكثر المبتعدين عن المباهاة والفخر بما تم إنجازه فهو من المؤمنين بأن من يتكلم كثيرا إنما يحاول تغطية نقص ما في الانتاج.
نداءات الخير
فمنذ نشأة مجلس التعاون الخليجي عام 1981 ورئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد يؤكد أهمية وجود مثل هذا الكيان، ففي حديث لسموه عام 1983 ذكر ان كل الدلائل تشير الى ان مسيرة العمل الخليجي تتعزز وتحقق المزيد من الإنجازات الكفيلة بتحقيق التعاون القائم على أسس تكفل العمل بطريقة منظمة وبصورة تكفل الاستمرار دون نكسات
أو توقف، ولقد كان قيام مجلس التعاون أساسا استجابة لنداءات الخير العديدة التي انطلقت وتردد صداها في مختلف أنحاء الخليج وهي في انطلاقاتها كانت شعبية في تحركاتها ومضمونها وان استجابت لها دول الخليج وطورتها وفق الأوضاع الدستورية القائمة.
أولوية الأمن
أما الأمن فهو أولوية عند رئيس دولة الإمارات الذي كان القائد الأعلى للقوات المسلحة ووليا لعهد إمارة أبوظبي عندما قال عام 1983 إن نظرتنا الى موضوع أمن الخليج تنبع من المبادئ الرئيسية التي يقوم عليها مجلس التعاون الخليجي والحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: ان أمن الخليج هو شأن خاص بأبنائه وحدهم فهم المسؤولون عن صيانته وتحقيقه دونما تدخل من أي قوة خارجية تحت أي مبرر أو غطاء.
الحقيقة الثانية: ان الأمن الجماعي هو الأساس القوي الصلب الذي يرتكز عليه أمن المنطقة بأسرها على امتدادها وانه لكي يتحقق هذا الأمن الجماعي فلابد من التنسيق المتواصل الذي يحقق التكامل التام بين دول المنطقة على جميع الأصعدة.
الحقيقة الثالثة: أن أمن الخليج يشكل حلقة أساسية في الأمن العربي ويعتبر جزءا من الاستراتيجية الشاملة ومن ثم فإن هذه الحلقة لابد أن تكون صلبة قوية تسهم بشكل مؤثر وفعال في ضمان الأمن العربي وتعزيزه.
أصالة العروبة
يشدد الشيخ خليفة بن زايد على ان الخليج جزء من العالم العربي والإسلامي ولا نستطيع ان نعيش بمعزل عن أوضاع أمتنا، ولنا مواقفنا المتميزة في هذا الصدد وقد أثبتت دول المجلس انها فوق كل الأحداث انها أصيلة في عروبتها قوية في عزمها وتصميمها محبة للسلام تعمل له وتحسن الجوار وترعاه ولكنها لا تفرط في حقها.
وشدد سموه على ان مجلس التعاون قام على أسس راسخة ولم يكن وليد رغبة طارئة وانما كان تجسيدا لواقع وهو يعزز ثقة شعوبنا ويجسد إيمانها بالوحدة فمجلس التعاون ليس موجها ضد أي مجموعة أو كتلة وهو يبعد كل البعد عن أي مفهوم للتحالفات ويترجم الواقع القائم الذي أكدته وعمقته التجربة والممارسات الخليجية ويستهدف التنسيق في كل ما يتعلق بخير المنطقة والأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع.
شعب واحد
الحفاظ على الأوطان والتراث يحتل الأهمية القصوى عند سموه إذ اعتبر في احد أحاديثه انه اذا كان الأجداد قد أدوا دورهم في حماية الخليج والحفاظ على أوطانهم وشخصيتها العربية والإسلامية رغم الإمكانيات الصعبة فإننا لا شك قادرون ايضا على ذلك وسيظل الخليج كما كان دائما واحة محروسة من أبناء الخليج وسنؤكد بالفعل وليس بالقول ان أبناء المنطقة يقفون كشعب واحد في مواجهة المصير الواحد.
ومن المؤكد كذلك ان مستقبل المنطقة يتوقف بالدرجة الأولى على قدرة أبنائها ومواجهة مختلف التحديات والمضي قدما نحو ما ننشده من أمن.
العقيدة والتاريخ
ويعتبر رئيس دولة الإمارات ان وحدة دول مجلس التعاون تقوم على أسس مشتركة كالعقيدة والتاريخ والتوجه كما ان شعوبها تشكل مجموعة متجانسة ومتطابقة الآراء والمصالح ومن هنا يمكن القول ان أي جهد مشترك يمكن أن يثمر بأسرع وأكبر مما تثمر البذور في أي تربة أخرى.
درع الجزيرة
وكما احتضنت الإمارات القمة الأولى لدول مجلس التعاون الخليجي فقد كان رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد أول من أعلن إطلاق اسم «درع الجزيرة» على المناورات العسكرية التي جرت في الإمارات عام 1983 كرمز للتلاحم بين دول الخليج العربية والخصائص والأهداف المشتركة التي تجمع بين شعوبها وتأكيدا لتصميم هذه المنطقة بكل ما تحتويه من قيم انسانية وتراث حضاري على المضي بعزيمة كاملة في الطريق الذي أرادته هي واختيارها المطلق لكي تصبح كيانا واحدا وتأمين كل القنوات الإيجابية للوقوف بكل حزم أمام جميع التحديات في إطار استراتيجية متكاملة لدول الخليج العربية.
فالتعاون الخليجي بحسب سموه ليس ظاهرة ولكنه حقيقة واقعة عشناها وعملنا من أجلها جميعا. لقد اتخذ التعاون الخليجي خطوات واسعة الى الأمام فحيث كان هناك تضامن أصبح بيننا تلاحم وحيث كان هناك تعامل أصبحت العلاقات بيننا تقوم على التفاعل ثم اننا وضعنا لهذا التفاعل والتضامن الإطار التنظيمي الذي يضمن له الثبات والاستقرار.
فمجلس التعاون عند رئيس دولة الإمارات صرح يستطيع كل مواطن خليجي وعربي ان يعتز به ويفخر به وهذه حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها، لقد استطاع قادة دول الخليج العربية ان يرتقوا الى مستوى المسؤولية التاريخية ويرسموا الطريق أمام الأجيال المقبلة من أبنائنا.
بناء الإنسان الخليجي
ولدى افتتاحه قمة فهد في أبوظبي عام 2005 اعتبر رئيس دولة الإمارات العربية الشقيقة سمو الشيخ خليفة بن زايد ان ما تحقق من انجازات لا يصل إلى طموحاتنا التي تطالب بترسيخ الخطى واختصار الزمن للوصول الى الأهداف السامية التي وضعت لدى تأسيس مجلس التعاون الخليجي في مايو 1981 في أبوظبي.
وأوضح: «يجب ألا ننسى ان حجم التحديات ونوعها قد تغير مما يستوجب علينا بذل المزيد من الجهد لتحصين شعوبنا ودولنا لمواجهة تلك التحديات»، مؤكدا ان «أول هدف يجب التركيز عليه في هذا المجال هو بناء الإنسان الخليجي المتعلم والشعب الخليجي الآمن والدول الخليجية المتآزرة والمتعاونة.
وحدة الهدف والمصير
أما على الصعيد الخليجي فقد عملت دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد انطلاقا من إيمانها بوحدة الهدف والمصير بين دول الخليج العربية على تعزيز العمل الخليجي المشترك، وأسهمت مع شقيقاتها منذ إعلان ميلاد مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أبوظبي في الخامس والعشرين من مايو 1981 في تعميق روابط التعاون والتآزر بين دوله وشعوبه، وتحقيق التكامل فيما بينها في مختلف الميادين، وتنسيق مواقفها وسياساتها الخارجية والاقتصادية وعلاقاتها الإقليمية والدولية مع جميع دول العالم، بما يحقق مصالحها القومية ومنفعة شعوبها وحرصها على تحقيق الازدهار والاستقرار، مما اكسب منظومة المجلس ثقلا ووزنا كبيرين على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما عملت على دعم وترسيخ التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون، سواء على الصعيد الجماعي أو من خلال اللقاءات الثنائية وأعمال اللجان العليا المشتركة التي تربط دولة الإمارات مع دول المجلس، وبما يحقق المصالح المشتركة والمتبادلة بين شعوب دول المجلس.
الرؤى الثابتة
وعمل صاحب السمو رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد على تثبيت نهج السياسة الخارجية لدولة الإمارات القائم على مبادئ ثابتة في إطار التزامها بانتمائها الخليجي والعربي والإسلامي وميثاق الأمم المتحدة، واحترامها للمواثيق والقوانين الدولية، كما تقوم ثوابت هذه السياسة، التي أرسى ركائزها بحكمته ورؤاه الثاقبة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على الاعتدال والتوازن والحوار والمصارحة، والحرص على حسن الجوار وإقامة علاقات مع جميع الدول على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، والجنوح الى حل النزاعات بالحوار والطرق السلمية، والوقوف الى جانب الحق والعدل والإسهام الفعال في دعم الاستقرار والسلم الدوليين.
وأكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في احدى كلماته على «ان المكانة المرموقة والاحترام الكبير الذي تحظى به دولة الإمارات العربية المتحدة على الصعيد الخارجي، هما ثمرة المبادئ الثابتة لسياستنا الخارجية، التي وضع نهجها ومرتكزاتها القائد الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه».