بقلم: أمير قبيلة العجمان - سلطان سلمان بن حثلين
ان مشاعر الفخر والاعتزاز والامل تنتابني، وأنا ارى وطني الكويت وقد ارتدت زخرفها وازينت استعدادا لاستضافة حدث كبير في حجم القمة الخليجية الـ 30 واستقبال الاشقاء من دول الجوار، وليس هذا جديدا، فقبل بضعة اشهر احتضنت القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في شهر يناير من العام الحالي، تلك القمة التي شهدت نجاحا غير مسبوق، فقد تبارى فيها قادة الخليج لإطلاق مبادرات التنمية والبناء، كما شهدت مصالحة عربية بين عدد من الزعماء العرب، وهكذا ستبقى الكويت في ظل حكمة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وخبراته السياسية والديبلوماسية الواسعة كبيرة بمواقفها وقيادتها، رائدة بحرصها على وحدة الامة الخليجية والذود عن مصالحها، وجمع الصف العربي واطلاق المبادرات والمشاريع التنموية، والمتابع لمسيرة مجلس التعاون الخليجي خلال العقود الثلاثة الماضية يدرك ان اصحاب الجلالة والسمو حريصون على توسيع رقعة التكامل الخليجي والعمل المشترك، بل عازمون على مواصلة المسيرة ودعم المصالح العليا لدولهم وشعوبهم.
ولا شك ان الامة الخليجية تمر بظروف دقيقة وبالغة الصعوبة، فالتحديات الاقتصادية والامنية والاجتماعية والثقافية والبيئية والصحية والتعليمية وغيرها تحيط بها من كل جانب، ويأتي انعقاد القمة في ظل الازمة المالية العالمية وتداعياتها، وما تشهده امارة دبي من ازمة ديون، ولهذا فمن المتوقع ان تلقي هذه الاحداث الكبيرة والتحديات الجسيمة بظلالها على اعمال القمة، وستكون حاضرة بقوة من اجل تدارسها ووضع آليات التعاطي معها.
والى جانب ذلك، فإن انظار الشعوب الخليجية تتجه الى الكويت خلال اليومين المقبلين متطلعين الى ان يحالف التوفيق قادة دول مجلس التعاون لإنجاز عدد من المشاريع الخليجية العملاقة ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها تأسيس الاتحاد النقدي الخليجي بهدف توحيد السياسات بين البنوك الوطنية الخليجية واطلاق التشريعات اللازمة لتوحيد السياسات النقدية والمالية والعمل على انشاء تكتل اقتصادي قوي قادر على منافسة التكتلات الاقتصادية العالمية، لاسيما في ظل الازمة العالمية، وكذلك اطلاق عربة العملة الخليجية الموحدة من اجل تسهيل عملية انتقال الاموال بين الدول الخليجية والتجارة البينية وتنقل الاستثمارات بين دول المجلس بما يعود في نهاية الامر على تطور الاقتصادات الخليجية، كما ستخرج القمة بقرارات مفصلية تتمثل في التوقيع على اتفاقية الربط الكهربائي الخليجي وبحث سبل انشاء شبكة السكك الحديدية الخليجية، كما ستستعرض القمة اوضاع اسواق النفط العالمية ودراسة تأثير تقلبات هذه الاسواق على دول المجلس بالذات، باعتبار هذا الموضوع الشائك يمثل عصب الحياة في دول المجلس، بما يعني هذا كله انها ستكون قمة الانجازات بامتياز، بل ستكون نقطة تحول مميزة في مسيرة دول مجلس التعاون واقتصادات المنطقة، كما ان هذه الجهود الكبيرة سيكون لها اثر طيب على شعوب المنطقة والاجيال المقبلة.
ولابد ان نستـــذكر في هــــذا المــــقام ان حرص قادة الخليج عــــلى تأسيس مشروع الاتحــــاد النقدي يأتي ايفاء للدور المهـــم الذي قام به اصحاب الجلالة والسمو القادة في السابق وتخليدا لذكرى أمير الكويت الراحل المغفور له الشيخ جابر الاحمد وخادم الحرمين الشريفين الراحل ملك المملكة العربية السعودية المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز ورئيس دولة الامارات العربية المتحدة الراحل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذين وضعوا اللبنة الاولى في المشروع وكانوا يحلمون بأن يرى النور.
وأمل الشعوب الخليجية كبير في ان تسهم العملة الخليجية الموحدة بعد اقرارها وتطبيقها في إحداث تكامل اقتصادي حقيقي بين دول مجلس التعاون وتعزيز التبادل التجاري بين الدول الخليجية وتسهيل اقامة الاستثمارات المشتركة، وتفعيل السوق الخليجية المشتركة والتي من شأنها تعزيز التجارة البينية للدول الخليجية ودعم مشاركة القطاع الخاص الخليجي في التنمية المستدامة التي تنشدها الدول الخليجية.
كما ان ملــــف الامــــن القومي الخــــليجي سيكون حاضرا في مناقشات الــــزعماء بقوة في ظل الجدل الدائر حول المــــلف النووي الايراني وسعي طهران لامـــــتلاك السلاح النووي، وكذلك الحرب الــــدائرة في اليمن وتهديد بعض المجموعات اليمنية المتمردة لأمن دول الجوار، وما زالت القضية العراقية تشهد تدخلات من بعض القوى الاقليمية الامر الذي يتطلب من قادة دول مجلـــس التعاون بلورة رؤية مشتركة في التصدي لهذه القضايا والتعاطي معها وفق نظرية الامن القومي الخليجي والدفاع المشترك.
ولا أتصور ان يكتب النجاح لمثل هذه الانجازات الكبيرة الا بفضل الله أولا ثم بفضل الجهود الدؤوبة والصادقة لصاحب السمو الأمير والتوجيهات السديدة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي في تفعيل العمل الخليجي المشترك وتعزيز المواطنة الخليجية.