تحتفل تونس يوم 20 مارس 2018، بالذكرى الثانية والستين للاستقلال المجيدة، وهي ذكرى يستذكر فيها التونسيون والتونسيات بالداخل والخارج بكل فخر واعتزاز، نضالات شهداء تونس الأبرار وتضحياتهم الجسام من أجل الذود عن الوطن والدفاع عن حرية الشعب وكرامته ومقدراته ومكتسباته.
ولئن تمثل هذه الذكرى علامة فارقة في تاريخ تونس العريق، يحق للتونسيين أن يحتفلوا بها ويخلدوا رموزها الذين وهبوا دماءهم الزكية من أجل استقلال البلاد، فإنها مناسبة وطنية مهمة يستلهمون منها المعاني والدلالات العميقة للاستقلال من أجل بناء الدولة الحديثة وتركيز مؤسساتها خدمة للشعب وتحقيقا لآماله والتطلع إلى المستقبل بكل تفاؤل وثبات.
ولا شك أن بناء الدولة الحديثة يستدعي، أولا وبالذات، تضافر جهود كل التونسيين والتعويل بالأساس على الإمكانيات الذاتية للبلاد ومقدراتها. وتتطلب عملية البناء كذلك الانخراط الكامل في منظومة العلاقات الدولية وإرساء تعاون وصلات ترابط مع شركاء تونس من الدول الشقيقة والصديقة، وفي مقدمة هذه الدول تتبوأ الكويت الشقيقة مكانة مهمة ومنزلة مرموقة على هذا الصعيد من خلال ما أبدته من دعم لتونس في إطار شراكة حقيقية فاعلة ومتضامنة مبنية على علاقات الإخاء العريقة وروابط الانتماء إلى الفضاءات العربية والإسلامية المشتركة ومستندة الى تماثل التجارب التنموية وتبادل المنافع والمصالح وتجانس المواقف في القضايا الإقليمية والدولية.
ولعل ما تحظى به العلاقات بين البلدين الشقيقين من رعاية موصولة من قيادتيهما وما تحقق من نتائج ملموسة على أرض الواقع في السنوات الأخيرة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية لدليل قاطع على متانة هذه العلاقات وعراقتها وأصالتها.
وشكلت الزيارة التي أداها سيادة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي إلى الكويت في شهر يناير من عام 2016، تلبية لدعوة كريمة من أخيه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، إحدى المحطات الرئيسية التي مكنت من تأمين انطلاقة متجددة وواعدة للعلاقات بين البلدين الشقيقين، وساهمت هذه الزيارة في إحداث ديناميكية جديدة ونشطة للتعاون التونسي ـ الكويتي في كل مجالاته.
وتمثل اللجنة المشتركة برئاسة وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الإطار العام الذي يتم فيه التباحث حول واقع هذه العلاقات وأفاقها الواعدة، والآلية الأساسية التي ترتكز عليها كل مجالات التعاون.
وقد عقدت هذه اللجنة المشتركة 3 اجتماعات حتى الآن.
ويتشاور الجانبان لتحديد تاريخ جديد، على الأرجح قبل نهاية شهر مايو القادم، لعقد اجتماعها الرابع لمزيد دعم التعاون وتعزيزه وتنويع مجالاته وتوسيع الإطار القانوني والذي يشمل 50 اتفاقية ومذكرة تفاهم، إلى مجالات جديدة وواعدة استجابة للتطورات الحاصلة في البلدين، فضلا عن تفعيل الاتفاقيات السابقة والحرص على وضعها موضع التنفيذ الفعلي.
وقد شهدت السنتان الأخيرتان حركة دؤوبة على مستوى تنشيط ملفات التعاون الثنائي من خلال تبادل زيارات كبار المسؤولين في الدولة والوفود الاقتصادية والثقافية، وشهدت سنة 2017 بداية التنفيذ الفعلي لعدد من المشاريع التنموية التي تم الاتفاق عليها في المؤتمر الاستثماري الدولي «تونس 2020»، والذي شاركت فيه الكويت بوفد وزاري رفيع المستوى.
وبالإضافة إلى هذا التطور الإيجابي في العلاقات الرسمية بين البلدين، فإن العلاقات توسعت ونفذت إلى مستواها الشعبي، بدعم رسمي من القيادة في البلدين، من خلال إنشاء مجلس تعاون تونسي ـ كويتي مشترك يضم شخصيات اقتصادية وثقافية وإعلامية من الجانبين.
وقد استقبل سيادة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي في شهر نوفمبر من السنة الماضية أعضاء الجانب الكويتي في المجلس، كما كان للوفد لقاء مع السيد يوسف الشاهد رئيس الحكومة.
وسيساهم هذا المجلس المشترك في رفد الجهود الرسمية القائمة لتعزيز التعاون التونسي ـ الكويتي في مجالاته المختلفة وإكسابه النجاعة والقوة المرجوتين، والمساهمة في تحقيق النقلة النوعية في العلاقات والوصول بها إلى مستوى الشراكة الفاعلة والمتضامنة.
وإن تونس التي تستكمل بثبات مسار انتقالها الديموقراطي من خلال تنظيم الانتخابات المحلية والبلدية بتاريخ 6 مايو 2018، كآخر استحقاق لمرحلة ما بعد الثورة، بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، لعاقدة العزم على رفع كل التحديات وكسب جميع الرهانات، معولة بالأساس على إمكانياتها الذاتية وطاقات أبناء شعبها، وكذلك على دعم أشقائها وشركائها وفي مقدمتهم الكويت الشقيقة بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير الكويت.
وأغتنم هذه المناسبة لأرفع أسمى عبارات الامتنان والاحترام للقيادة الكويتية وجميع أعضاء الحكومة وكبار المسؤولين في الوزارات والهياكل الكويتية، على الدعم الذي ما فتئت أحظى به لتسهيل مهامي في سبيل دعم العلاقات الثنائية التونسية ـ الكويتية والرقي بها إلى أعلى المراتب تجسيدا للإرادة الصادقة للقيادة في البلدين وتحقيق تطلعات الشعبين الشقيقين في مزيد من الرقي والازدهار.