آلاء خليفة
للحكاية أهمية كبيرة في حياتنا، فنحن عندما نحكي أو يحكى لنا ندخل زمنا غير معلوم زمن الإقامة في الأغوار، بينما أي زمن نعيشه بلا حوار فهو زمن بلا حب، والحكاية تعد خزانا لمعنى الشعوب والمجتمعات، كما أنها تمنحنا نوعا من السمو والشموخ، لذا فإن المجتمع الذي لا يدرك أهمية الحكاية فهو لا يدرك معنى وجوده، خاصة أن هذا هو ملخص ما استعرضه الروائيون العالميون في أولى جلسات منتدى «الحكاية والحكائين» الذي تنظمه مكتبة «تكوين» وتستضيفه الجامعة الأميركية في الكويت.
الجلسة الأولى من المنتدى الذي يستمر حتى ٢٤ الجاري، جاءت عقب افتتاح المنتدى مساء أمس الأول بمشاركة عدد من الكتاب والروائيين من مختلف دول العالم، وبحضور مؤسسة مكتبة «تكوين» الروائية بثينة العيسى، حيث حملت الجلسة الأولى عنوان «لماذا الحكاية؟».
وقد قدم الكاتب الإيطالي جوزبه كاتوتسيلا، والذي يعمل حاليا كسفير للنوايا الحسنة في الأمم المتحدة محاضرة بعنوان «القصص والذاكرة» موضحا أننا نعيش في زمن الصمت وليس في زمن القصص وأننا لم نشهد زمنا اكثر صخبا من هذا فأينما نولي وجوهنا نسمع شخصا يتحدث في التلفزيون في الراديو في الصحف في الإنترنت، لقد اصبح بإمكاننا جميعا الآن التحدث بصوت مسموع من شبكة اجتماعية.
وأشار كاتوتسيلا إلى أنه يركز على قضية الهجرة لذا كتب روايتين محاولا أن يفهم ويحكي عن العالم الآخر، وقد حققت إحدى هاتين الروايتين نجاحا كبيرا في جميع أنحاء العالم وترجمت في 42 دولة ووصلت إلى ملايين الأشخاص وسيتم تحويلها إلى فيلم كبير، مشيرا إلى أن الأوروبيين بشكل أساسي خائفون من فقدان ما يملكون ولا ترغب أي دولة بالمهاجرين ويتزايد تعصب الأشخاص أكثر فأكثر ويتزايد انتخاب الأحزاب المتعصبة اكثر فاكثر.
واختتم بالتأكيد على أن أي زمن بلا حوار ليس فقط زمن الصمت وإنما زمن بلا حب أيضا.
معنى الوجود:
وانتقل الحديث إلى الروائية والناقدة والأكاديمية المغربية زهور كرام الحاصلة على جائزة كتارا للرواية العربية في فرع النقد لعام 2016 حيث قدمت محاضرة بعنوان «نحن الحكاية» أكدت من خلالها أن وجودنا نحن ليس بكرا إنما وجود ممتلئ بالآخرين، موضحة أن الوعي بالحكاية يؤهلنا لإدراك أن لدينا معنى في الوجود، لافتة إلى أن الحكاية ليست عنصرية أو فعلا ديكتاتوريا تشوبه العناصر التي تخل بكرامة الإنسان، موضحة أن الحكي هو فعل بيولوجي سيظل يرافق فعل الإنسان وهو يصنع النظام وبواسطة هذا الفعل تواصلنا مع الثقافات والحضارات الأخرى وبفعل هذا الفعل سوف نتواصل في المستقبل مع مختلف الثقافات.
وقالت إن الحكاية هي خزان لمعنى الشعوب والمجتمعات والمجتمع الذي لا يدرك أهمية الحكاية فهو لا يدرك معنى وجوده، موضحة ان الحكاية هي صعود في الماضي وليس هبوطا ونحن عندما نتلقى الحكايات نسمعها على أساس أنها قيلت في الأزمنة الماضية ولكن الجميل في الحكاية أنها تمنحنا نوعا من السمو والشموخ لأنها لا تدمجنا داخل فعل الهبوط ولكن داخل فعل الصعود وعندما نحكي أو يحكى لنا ندخل زمنا غير معلوم زمن الإقامة في الأغوار.
وأوضحت كرام أننا قد نسمع نفس الحكاية لكن لا نتلقى نفس الحكاية نظرا لان الحكاية هي فعل ذاتي ونحن نفهم وندرك ونعي بالبصيرة «الذاكرة الثقافية» وهذا ما يجعلنا شركاء نعيد صناعة الحكاية من جديد بموجب كوننا ندخل ضمن مكوناتها، لافتة إلى أن الحكاية هي صانعة للخيال وبدونها يتلاشى معنى وجودنا.
الواقعية المؤلمة:
من جانبه، قدم الروائي السوداني حمور زيادة محاضرة بعنوان «عالم آخر جميل وراء الجبال» وحمور صاحب رواية «شوق الدرويش» الحائزة جائزة نجيب محفوظ 2014 والتي تأهلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر للرواية العربية 2015.
وقال حمور: لقد عاشت الإنسانية في واد من الواقعية المؤلمة، واقعية تهشم أمانيها وطموحاتها وتسحقها أمام المخاوف اليومية، منذ الإنسان الأول الذي حاصرته الوحوش داخل كهفه وهو يرتدي قطعة جلد غير مدبوغ إلى الإنسان الحديث ببدلته الغالية الذي تحاصره الديون والأقساط وسماسرة البورصة.
وذكر زيادة أن الحكاية تقدم عالما وهميا ملونا يشغلنا عن الواقع وتخبرنا عن العالم الآخر الجميل الذي لا نراه ولا نعرفه متسائلا: هل يعني ذلك انه عالم من الخير المطلق؟ كلا فالحكاية محملة بالدم والهم والطين مثل الواقع، لكنها محملة بعكس الواقع بلذة الجمال وكل ما فيها جميل حتى اشتعال النيران وانتشار الأوبئة وخيانة الحبيبات، لذلك فهي عندما تنشئ عالما سريا داخل وعينا فهي لا تعمل على نقل أو تحليل أو تفكيك الواقع وإنما تنشئ واقعا موازيا يفوح بالنشوة ويعبق باللذة.
القضية الفلسطينية:
وكان ختام الجلسة الأولى مع الشاعر والجرافيك والمخرج السينمائي الفلسطيني خالد الناصري، الذي قدم محاضرة بعنوان «شركة الحكايات المساهمة» وقد أسس الناصري في 2012 جمعية المتوسط الثقافية في ايطاليا والتي نقلت الكثير من مشاريع التبادل الثقافي في إيطاليا وفي 2012 ألف وأخرج بمشاركة مخرجين إيطاليين الفيلم الوثائقي «انا مع العروسة» الذي حصد 3 جوائز في مهرجان فينيسيا السينمائي عام 2014 واصبح الفيلم رمزا للمدافعين عن حقوق الهجرة في إيطاليا وفي 2015 أسس منشورات المتوسط من إيطاليا لتثبت حضورها سريعا وتتميز في عالم النشر العربي ترجمت نصوصه إلى العديد من اللغات الأخرى.
وقال الناصري: كانت حكاياتنا مرتبطة دوما بالقضية الفلسطينية تحدثنا جدتنا عن فلسطين وهجرة الفلسطينيين كانت معقدة وكانت نوعا من صناعة حكاية، جدة أمي عمرها فوق الـ 100 عام كانت تجلس في زاوية الغرفة تحكي لنا عن فلسطين.
مشاركة طلابية
جريمة سرقة المنفعة
من خلال دراستي في كلية الحقوق لمادة جزاء خاص وبالتحديد جريمة السرقة تبين لي أن جريمة السرقة هي: اختلاس مال مملوك للغير بنية تملكه.
من خلال هذا التعريف نستخرج من هذه الجريمة شروطها وهي: 1- مال 2- منقول 3- مملوك للغير وقصدها الخاص وهو: نية الفاعل تملك الشيء محل السرقة.
ومن خلال معرفة الشروط تبين لي القصد الخاص لهذه الجريمة وهو نية تملك الشيء المسروق فإذا انتفى هذا الشرط انتفت هذه الجريمة وأصبح الفعل مباحا،
فماذا إذا سرق شخص شيئا ولم تكن هناك نية تملكه وقام بإرجاع هذا الشيء وكان يقصد الانتفاع منه واستعماله فقط؟
كمن يسرق كتابا من شخص للقراءة فقط والاستفادة ثم يقوم بإرجاع هذا الكتاب؟
لم يتطرق المشرع الكويتي إلى هذا الموضوع، فيما تطرق إليه المشرع الفرنسي الذي عرّف هذا النوع من السرقة على أنه جريمة سرقة منفعة ليحد من هذا الفعل الذي كان مهربا ومسلكا مباحا لسرقة الشيء واستعماله ثم إرجاعه إلى مالكه، وبذلك جرم القانون الفرنسي هذا الفعل لأن السارق عندما سرق الكتاب في المثال السابق قام بالانتفاع والاستفادة من المعلومات التي لم يكن ليستفيد منها لولا سرقة هذا الكتاب، وبالنظر إلى أن القانون الكويتي مقنن من القانون المصري والفرنسي فنأمل سد هذا الفراغ التشريعي بإصدار قانون جديد يجرم هذا الفعل لكي لا يكون عذر عدم وجود نية التملك مهربا لكل سارق من تطبيق القانون عليه.
عمر الشمري
مشاركة طلابية
ثغرة قانونية.. في جرائم التزوير!
جرائم التزوير هي من الجرائم الضارة بالمصلحة العامة، حيث أضفى المشرع حماية خاصة للمحررات من التزوير، وعندما نقول إن المحرر تم تزويره نعني انه تم تغيير الحقيقة في بيان جوهري في هذا المحرر بإحدى الطرق التي نص عليها القانون على نحو يحتمل معه حدوث الضرر، وقد نصت المادة ٢٥٧ في قانون الجزاء الكويتي رقم ١٦ لسنة ١٩٦٠ على انه (يعد تزويرا كل تغيير للحقيقة في محرر بقصد استعماله على نحو يوهم بأنه مطابق للحقيقة، إذا كان المحرر بعد تغييره صالحا لأن يستعمل على هذا النحو، ويقع التزوير إذا اصطنع الفاعل محررا ونسبه إلى شخص لم يصدر منه، أو أدخل تغييرا على محرر موجود سواء بحذف بعض ألفاظه أو بإضافة ألفاظ لم تكن موجودة أو بتغيير بعض الألفاظ، أو وضع إمضاء أو خاتم أو بصمة شخص آخر عليه دون تفويض من هذا الشخص، أو حمل ذلك الشخص عن طريق التدليس على وضع إمضائه أو خاتمه أو بصمته على المحرر دون علم بمحتوياته أو دون رضاء صحيح بها، ويقع التزوير أيضا إذا غير الشخص المكلف بكتابة المحرر معناه أثناء تحريره بإثباته فيه واقعة غير صحيحة على أنها واقعة صحيحة، ويقع التزوير من استغل حسن نية المكلف بكتابة المحرر فأملى عليه بيانات كاذبة موهما أنها بيانات صحيحة).
من خلال ما سبق يتضح ان التزوير كذب مكتوب، والسلوك الإجرامي في هذه الجريمة هو تغيير الحقيقة بإحدى الطرق التي نصت عليها المادة ٢٥٧، وهي إما طرق مادية أو معنوية، والطرق المادية هي (الإضافة أو الحذف أو الاثنان معا أو الاصطناع)، والطرق المعنوية هي (إملاء بيانات كاذبة، أو انتحال شخصية الغير، أي تغيير إقرارات أولي الشأن، أو جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة)، وهذه الطرق وردت على سبيل الحصر لا على سبيل المثال، ومؤدى ذلك فإن حصر طرق التزوير فيها من العيوب ما يمكن ان يؤدي إلى الإفلات من العقاب!
حصر الطرق لها مردود خطير على هذه الجريمة، فيمكن اذا اتبع المتهم وسيلة غير تلك التي نص عليها القانون ان يفلت من العقاب، وهذا ما نراه في طرق التزوير المادي اذا قام المتهم بتغيير الصورة الشخصية، حيث إن المادة أوردت طرق التزوير المادي فيما يتعلق بالأرقام أو الألفاظ أو التوقيعات أو الأختام، ولم تنص المادة ٢٥٧ على حالة تغيير الصورة الشخصية، وتطبيقا لمبدأ الشرعية وهو مبدأ دستوري، انه اذا قام المتهم بتغيير الصورة الشخصية في بطاقة ما أو أي محرر تقع عليه الحماية الجنائية، لا تقع منه جريمة التزوير.
ولذا يجب على المشرع التدخل لسد هذه الثغرة القانونية بتعديل المادة ٢٥٧ أو إضافة نص خاص يجرم تغيير الصورة الشخصية ويعده تزويرا.
فهد عيد ابوعوينة