ضمن الموسم الثقافي لدار الآثار الاسلامية، ألقى المستشرق الفرنسي المعروف صديق الكويت وصديق دار الآثار الاسلامية البروفيسور د.جيل كيبل محاضرة بالانجليزية تحت عنوان «الشرق الاوسط في النظام العالمي: منظور تاريخي طويل الامد» في السابعة من مساء الاثنين 14/12/2009 بمركز الميدان الثقافي (مقر منطقة حولي التعليمية) قدم المحاضرة وادار حولها النقاش بدر البعيجان رئيس اللجنة التأسيسية لأصدقاء الدار.
واستهل د.كيبل حديثه قائلا: يستدل من اسم الشرق الاوسط منذ القدم انه موضع للتبادل ومهد لأهم الحضارات على مر الزمن، كانت البضائع والافكار تتداول بين الشعوب على ارض المنطقة التي تمثل ملتقى للتجارة العالمية ومهدا للاديان التي انتشرت على مستوى العالم. ولأن العطاء كان وفيرا، ظل هذا الموقع مكانا دائما للصراعات خاصة بين امبراطوريات شرق وغرب المتوسط، كما كانت تدور بين اليونان والرومان، والفرس والبيزنطيين وايضا تمثلت في الفتوح الاسلامية والحروب الصليبية والتوسع الذي شهدته الامبراطورية العثمانية، واخيرا في فترة الاستعمار الاوروبي وما تلاه من حركات الاستقلال، انها حقا منطقة تغلي بالصراعات.
وعن الوضع الراهن للشرق الاوسط قال المحاضر ان الصراع في الوقت الراهن يدور في ثلاثة محاور بالمنطقة، فمن الصراع العربي ـ الاسرائيلي الى منطقة الخليج ثم المشكلة الافغانية ـ الباكستانية، مما يشكل مصدرا للقلق في المناطق الثلاث، وايضا للعالم بأسره.
وتابع: منذ توقف المواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي تغير النظام العالمي الذي يمثل الشرق الاوسط جزءا منه سواء كان ذلك التغير للافضل أو للاسوأ، فنحن نعيش حاليا في عالم متعدد الاقطاب، يمثل فيه الشرق الاوسط، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، قطبا مهما، حيث تتمتع بثروات من رأس المال الخاص تضمن لها السيادة، وتتميز ببعد ديني خاص، اذ تضم الحرمين الشريفين، ولهما قداستهما بالنسبة للمسلمين في العالم أجمع. وحدد البروفيسور كيبل بعض مشاكل الشرق الاوسط الآتية قائلا: ان عدة اعباء اخرى كدول مجلس التعاون الخليجي تحوطها دول اخرى في الشرق الاوسط وفي اقليم البحر المتوسط، تعاني من التضخم في الزيادة السكانية والفقر، مما يهدد السلام الاجتماعي على مستوى النسق الاقليمي والداخلي. وعلى الصعيد الأمني، فإن عملية السلام المتعثرة في الشرق، والتهديد النووي في منطقة الخليج ونتائج الحرب في العراق، كل ذلك يمثل مصدرا للقلق.
وتساءل د.كيبل: ترى كيف يمكن مواجهة هذه القضايا؟ وأجاب: بينما يتحول النظام العالمي الحالي من نظام متعدد الاقطاب الى نظام يعتمد على التجمعات الجانبية، أو من نظام مفتت من الفوضى الى نظام جديد يعتمد على التحالفات، فإن من المناسب ان نفكر في امر التقارب بين دول مجلس التعاون الخليجي أولا، ثم بينها وبين الشرق الاوسط عامة ومع بلدان الاتحاد الاوروبي. لقد نجح الاتحاد الاوروبي في انشاء منطقة تتمتع بالسلام والرخاء، في قارة كانت مصدرا لحربين عالميتين خلال القرن الماضي وهو الاتحاد الاوروبي الذي يتمتع بتاريخ عريق في مجال الصناعة، وشبكة واسعة من الجامعات العريقة، لكنه يعاني من ضيق الموارد المالية.
وأنهى البروفيسور كيبل محاضرته متحدثا عن مميزات ومنطلقات منطقة الخليج بشكل خاص والشرق الاوسط بشكل عام، مضيفا أن دول مجلس التعاون الخليجي غنية بالطاقة وبالمال ولها رؤية عالمية فيما يتعلق بانشاء قاعدة صناعية، ومركز للثقافة والفنون، وهي تتميز بتعداد من الشباب وان كان ليس كبيرا. وبفضل العمل المشترك، تستطيع المنطقتان المتجاورتان المتكاملتان، اعادة خلق قواعد لحضارة مشتركة تواجه تحديات المستقبل وتخلق منطقة كبرى تتمتع بالرخاء، وتستطيع أن تستثمر قربها من الشواطئ الشرقية والجنوبية للبحر المتوسط، بين قارتي أميركا وآسيا.