اطلعت جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية كغيرها، على ما نشر بالصحافة ووسائل الإعلام الأخرى حول الاقتراح بقانون الذي أقرته لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الأمة بشأن إسقاط الفوائد وجدولة القروض وتنظيمها مستقبلا، كما تم الاستماع الى وجهات نظر بعض أعضاء اللجنة والذي منه اتضح ان القانون بالأساس يقوم على إسقاط الفوائد والعوائد المستقبلية على القروض والتنازل عن فوائد ودائع المؤسسات الحكومية بمبدأ انها فوائد ربوية تخالف الشريعة الإسلامية. أي ان البنوك تتحمل إسقاط الفوائد والعوائد نظير إيداعات المؤسسات الحكومية فيها دون فائدة.
والجمعية من واقع اختصاصها إذ تستغرب مثل هذه المعالجة البعيدة عن الأسس الفنية والمهنية بالرغم من عضوية اللجنة المالية الزاخرة بالكفاءات والخبرات العملية المتنوعة، ناهيك عن المثالب القانونية واللغوية والإجرائية الأخرى التي تجعل منه مجتمع قانون غير قابل للتطبيق.
إذ ان الاقتراح بقانون يتدخل تدخلا سافرا في حقوق مساهمي البنوك والشركات ويفرض التنازل القسري عن أرباح تلك الشركات المتوقعة ويقدم مقابل ذلك ومن المال العام والخاص تعويضا لا يملكه المجلس ولا الحكومة وبتوزيع غير عادل ولا يتناسب مع قيمة فوائد القروض المسقطة، وما يقابلها من أموال مؤسسات حكومية وخاصة بكل بنك من البنوك.
وهو بذلك يكون مبددا للمال العام ومجمدا له بتكبيل تلك المؤسسات من التصرف في الأموال التي تحت يدها بما يعود بالفائدة على خزينة الدولة ناهيك ان أموال مؤسسة التأمينات الاجتماعية هي ملك للمشتركين والمتقاعدين من المواطنين وليست أموالا حكومية؟ ولا نعلم كيف سيتم التعويض لشركات الاستثمار بأسلوب المقايضة الفريد هذا؟
وتناقضا مع ما سبق جاء بنص المادة الثالثة بتحمل الدولة جميع الفوائد والعوائد المستقبلية لمديونيات المواطنين، وهو نص صريح بالغرف من المال العام، فهل يعقل عدم ذكر التكلفة التقديرية لذلك بالقانون أو بتقرير اللجنة؟ سواء بتجميد الأموال أو بما سيتحمله الاحتياطي العام للدولة. وكان جوهر القانون وقف العمل بالفوائد الربوية والتحول الى التمويل الإسلامي الآمن مستقبلا، فلماذا إقحام المقترضين من البنوك والشركات الإسلامية بهذا القانون؟ والذي يفترض عدم تأثرهم بتذبذب الفائدة وزيادتها.
ولماذا يشمل القروض ذات الفائدة الثابتة والسداد المنتظم بالبنوك الأخرى؟ أي هل من المنطق والعقل تطبيق القانون على جميع المقترضين بغض النظر عن تعثرهم لأي سبب أو تضررهم من غياب قرارات البنك المركزي حسب مبررات معالجة خلل القروض. وأخيرا بهذا الجانب، لماذا مد مهلة التسجيل بالقانون الى 30/9/2009، بالرغم من تطبيق الاجراءات التنظيمية الجديدة للبنك المركزي الصادرة منذ أبريل 2008؟ فأي إخلال بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين التي نص عليها الدستور أكثر من ذلك؟
أما بقية المواد الخاصة بتنظيم القروض مستقبلا فقد أطاحت بكل القواعد الاقتصادية والتعاقدية والقانونية ولا يمكن القبول بها سواء بالتنازل عن حق التقاضي أو عدم جواز اتخاذ أي اجراءات تحفظية ضد أي متعثر بالمستقبل.
ان الأضرار الاجتماعية والاقتصادية والقانونية لجميع مقترحات إسقاط القروض، وهذا المقترح على وجه الخصوص، ستعود بالضرر البالغ على هذا الجيل والأجيال القادمة وعلى سمعة الكويت والقطاع المصرفي والاستثماري بالسوء.
وإذا كان قانون صندوق المتعثرين بحقيقة الأمر هو مكرمة أميرية، نكن لها كل تقدير واحترام لرغبة سموه في تخفيف الأعباء على بعض المواطنين المتضررين، وللخروج بالوقت نفسه بحل توافقي لمطالبات بعض النواب الشعبية واعتراضات الحكومة المنطقية، فإن أي تعديل على ذلك القانون يعد ترفا مدمرا لكل المبادئ الاقتصادية والاجتماعية والعدالة والمساواة.