حنان عبدالمعبود
اقامت الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية حفل تأبين للراحل د.حسان حتحوت رجل العلم والدين كما وصفه الحاضرون في كلماتهم، حيث عمل لمدة تزيد على العقدين في وزارة الصحة وكلية الطب وقدم العديد من الانجازات.
وقد اقيم الحفل بقاعة الشيخة سلوى الصباح بمارينا، وحضره نخبة من الشخصيات السياسية، والطبية من مختلف الدول العربية والغربية التي عاش فيها الفقيد سنوات طويلة من عمره، كما حضرت اسرته من ولاية كاليفورنيا بأميركا حيث قضى الراحل سنوات عمره الاخيرة حينما استقر على الاقامة هناك للعمل في المجال الدعوي.
بدأ الحفل بآيات عطرة من القرآن الكريم ثم ألقى رئيس الهيئة الخيرية الاسلامية العم يوسف الحجي كلمة تأبين قال فيها ان الفقيد د.حسان حتحوت تخرج في جامعة فؤاد الاول (القاهرة حاليا) ثم سافر الى المملكة العربية السعودية في ابريل من العام 1952 وعمل فيها لمدة ثلاث سنوات متوجها بعدها الى المملكة المتحدة عام 1955، ثم الى الكويت ثم عاد الى مصر وعمل استاذا في جامعتي عين شمس واسيوط، ثم عاد الى الكويت مرة اخرى واستقر فيها نحو عشرين عاما قام خلالها بالعمل طبيبا واستاذا للنساء والولادة واسهم في تأسيس كلية الطب في الكويت.
واضاف الحجي حينما قرر الراحل في العام 1989 ان يغادر الكويت الى الولايات المتحدة الاميركية، كان يفكر في ان يجعل ما بقي من عمره من اجل العمل للاسلام، حيث لمس ان هناك فرصة حقيقية للدعوة الاسلامية، وكان هدفه الرئيس ـ رحمه الله ـ هو تصحيح الصورة الذهنية المشوهة عن الاسلام والمسلمين لدى المجتمع الاميركي، بعد ان رسم الاعلام الغربي صورة غير منصفة عن المسلمين، حيث شرع د.حتحوت في استخدام ما توفره آلة الاعلام الغربي نفسها من امكانيات وادوات، اذ دأب على تسجيل برامج تلفزيونية لتقديم الاسلام في صورته الصحيحة، لمعالجة المغالطات الشائعة في هذا الاطار.
وتابع كان من ثمرات جهوده المباركة اقامة شعائر صلاة عيد الفطر لعام 1999 في حديقة البيت الابيض الاميركي، كما نجح الراحل مع آخرين في احتواء الآثار السلبية المدمرة لاحداث 11 سبتمبر على مسلمي أميركا.
واختتم: قد عرف عن الراحل انه كان رجلا متسامحا، وهذا نتاج طبيعي ومنطقي لرجل تربى على الفكرة الاسلامية الصافية، ونشأ في احضانها، ومارسها في حله وترحاله، وزاد من خصوبتها اشتغاله بمهنة الطب.
من جهتها، ابنت رئيسة لجنة حياة لرعاية مرضى السرطان الشيخة اوراد الجابر الفقيد، وقالت: بالنسبة لي شخصيا كان الراحل قدوة ونموذجا للانسان الصادق الزاهد العابد العالم الذي كان خلقه الاسلام الحقيقي والذي نفتقده بشدة في هذا الزمان، رحم الله د.حسان حتحوت برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم عائلته الكريمة الصبر والسلوان.
بدوره اكد وزير الصحة د.هلال الساير ان الفقيد د.حسان حتحوت كان له دور رئيسي وبارز في مسيرة الخدمات الصحية في الكويت، مضيفا انه عمل استشاريا لأمراض النساء والولادة في الوزارة منذ العام 1966 حتى العام 1988، تولى خلالها تأسيس ورئاسة قسم امراض النساء والولادة في كلية الطب بجامعة الكويت وجمع بين ممارسة الطب وغرس وتأصيل مبادئ اخلاقيات الممارسة الطبية من خلال اهتماماته بأخلاقيات المهنة وترؤسه لعدة لجان ولقاءات دولية واقليمية.
واوضح ان مسيرة الفقيد الممتدة لعشرات السنين من العطاء السخي والحافلة بالانجازات العلمية والانسانية يصعب الحديث عنها في وقت محدود، لافتا الى انها تستحق الدراسة والتأمل وان تنقل للاجيال القادمة، مضيفا ان الفقيد كان رمزا فريدا للعطاء المتجرد في الطب واخلاقيات الممارسة الطبية.
مشاعر حب واحترام
من جهته، قال عميد كلية الطب د.فؤاد العلي: نلتقي لنعبر عما يجول في خواطرنا من مشاعر الحب والاحترام لشخصية فذة جمعت خصال الطبيب الحاذق والمفكر الموسوعي والمعلم الملهم، مشيرا الى ان الفقيد كان بحق رجلا لكل الازمنة والامكنة، موضحا ان فترة وجوده في الكويت كانت مليئة بالعطاء، حيث انه كان من مؤسسي كلية الطب ورئيسا لقسم امراض النساء والولادة فيها.
كما القى وزير البترول والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية سابقا ومؤسس ورئيس مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن والمحاضر في القانون الاسلامي بجامعة هارفارد الشيخ احمد زكي يماني كلمة تأبين حملت ذكريات اكثر من نصف قرن كان فيها هو والفقيد بمنزلة الاخوة بعيدا عن السياسة والالقاب.
كما اشاد وزير الصحة المصري سابقا واستاذ ورئيس قسم جراحة القلب والشرايين في الكويت سابقا د.اسماعيل سلام بالاحتفال ووصفه بأنه يحمل اسمى معاني الوفاء لشخصية رفيعة، وقال: كان د.حتحوت الاخ والرفيق والصديق، تميزت علاقته بالنقاء والصفاء والتقرب لله، فهو تراث هائل من العلم والايمان لأن حياته كانت صفحات خالدة في البحث والابتكار والتدقيق، فقد صار علما من اعلام الاسلام والعلم والطب.
واضاف ان د.حسان حتحوت الطبيب المبتسم المتواضع كان على درجة عالية من الاكاديمية لم يكتف بزمالة كلية امراض النساء وزمالة كلية الجراحين بل فاق ذلك في جهد ومثابرة ليحصل على درجة دكتوراه الفلسفة في الطب من ادنبره ليصير من المعدودين في هذه الدرجة الاكاديمية الرفيعة.
واستطرد: لقد كان لي شرف الزمالة معه في كلية الطب بجامعة الكويت، فقربت منه وصار لي خير صديق واخ ورفيق، لم يجذبني اليه فقط سماحته
وابتسامته وحبه للناس بل شد انتباهي وحواسي ايمانه العميق وثقته في ربه، فقد كنت أرى فيه الوجه المشرق للإيمان الصادق.
وإذا سئلت عن جملة واحدة تفسر سر التفافنا حول حسان حتحوت لقلت ان حسان حتحوت كان زارعا للحب بل ويقوم برعايته وتنميته وعلى قمة كل ذلك يأتي حب الله سبحانه وتعالى، ومن هنا جئنا من كل انحاء العالم حبا في الله واحياء لذكرى حسان حتحوت العطرة.
وأضاف د.سلام: لقد كان يحلم ونحن معا في كلية الطب بأن يهاجر الى اميركا للعمل في سبيل الله والدعوة السمحة الى الاسلام وفعلا حقق الله امله ونجحت دعوته والتف حوله الكثيرون من المسلمين وغير المسلمين، وأسس دعوته على اسس متينة فاستجاب له الكثيرون، وليس غريبا ان نجاحه كان مبهرا لأنه سلك منهج الخالق عز وجل الى الطريق السوي للدعوة (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، تلك هي اركان استراتيجيته الى قلوب الناس من خلال ادوات الله المحكمة، كان اولها الحكمة وهي أعلى مراحل العلم، ود.حسان نبغ في تطويع العلم لخدمة الاسلام، اما موعظته فجاءت عن صدق لأنه كان قدوة في حياته وتعاملاته فالقدوة أعلى مراحل الموعظة، وكان د.حسان يجيد الحوار الصادق الأمين ولهذا اجتمعت أفئدة الناس حوله، العدو قبل الصديق وغير المسلم قبل المسلم، هذه بصمة د.حسان التي يجب ان تكون محل بحث وتدقيق من دارسي تراثه ليصير نفعا للإسلام وعزته.
كما ألقى وزير الصحة المصري الأسبق د.ابراهيم بدران كلمة تأبين للفقيد، كما تم خلال الحفل عرض فيلم وثائقي عن حياة الراحل ضم مقتطفات من ندوات خاصة بالفقيد في جانب الدعوة الاسلامية.
وألقت ابنته رئيسة مؤسسة تراث حسان حتحوت الأستاذة ورئيسة قسم طب السكر والهرمونات للأطفال، رئيسة مركز السكر للأطفال ومعمل زراعة خلايا الأنسولين بجامعة لوماليندا بكاليفورنيا د.إباء حسان حتحوت كلمة عن سيرة والدها وتحدثت عن مشوار حياته.
وألقى كل من احفاده سارة وحسان الشهاوي قصائد شعر نظم أبياتها الراحل د.حسان حتحوت، ومن ثم تم توزيع دروع تذكارية على عائلة د.حسان حتحوت ودروع أيضا من العائلة لمستضيفيهم بالكويت.
الهيئة الخيرية نعت وسمية السعيد
نعت الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية المرحومة وسمية السعيد في بيان جاء فيه (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).
تنعى الهيئة ببالغ الحزن والأسى المرحومة بإذن الله تعالى المتبرعة الكريمة وصاحبة الأيادي البيضاء وسمية عبدالله خلف السعيد زوجة المحسن صاحب الأيادي البيضاء علي صالح اللهيب التي وافتها المنية مؤخرا.
وتابعت بيانها اذ تنعى المرحومة وسمية السعيد فإنها تستذكر بالعرفان والتقدير مواقفها الداعمة للعمل الخيري وحرصها الشديد على اخراج الزكوات بأوقاتها وتخصيصها للمعوزين والمحتاجين داخل الكويت وخارجها، إضافة الى مساهماتها الكبيرة بإقامة العديد من المشاريع التنموية محليا وفي بعض الدول الفقيرة. فكان ان ساهمت بإقامة مشاريع في باكستان وتوغو والنيجر وأوغندا ولبنان وفلسطين، إضافة الى إسهاماتها المحلية بمساعدة أصحاب الحاجات. وتركزت مشاريع المرحومة في تلك الدول بين حفر الآبار وبناء المدارس ودعم دور الأيتام والمساجد، إضافة الى دعمها المباشر لأصحاب الحاجات، وغير بعيد عن العمل الخيري فقد عرف عن الراحلة انها ملتقى العائلة من أبناء وأحفاد وأسرهم بجميع المناسبات والأيام.