تعد «الجيوبارك» منتزهات وحدائق طبيعية بحتة يتم استغلالها في انعاش السياحة العلمية بغية خلق تنمية محلية مستدامة في مواقع مختلفة بجميع انحاء العالم بمجهودات من قبل عدد من المؤسسات الدولية المعنية.
وتأتي في مقدمة هذه الجهود ما تقوم به منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في احتضان العديد من هذه المواقع والمناطق ومحاولاتها حشد الجهود الدولية وعقد وتنظيم اجتماعات خاصة لاقامة (الجيوبارك) في المنطقة العربية وادماجها في الشبكة العالمية للحدائق الجيولوجية.
وبهذا الخصوص قالت نائب مدير مكتب اليونسكو الاقليمي للعلوم والتكنولوجيا الدكتورة ألسا ستوت لـ «كونا» ان الجيوبارك العالمية التابعة لليونسكو هي بمنزلة مناطق جغرافية فريدة وموحدة ويتم من خلالها إدارة المواقع والمناظر ذات الأهمية الجيولوجية العالمية بناء على مفهوم الشمولية الذي يضم أبعاد الحماية والتوعية والتنمية المستدامة.
واضافت د. ستوت ان الجيوبارك تحرص على استخدام ما تنعم به من إرث جيولوجي بالترابط مع كافة الجوانب الأخرى المتعلقة بالإرث الطبيعي والثقافي مبينة ان الهدف منها إظهار التراث واستكشاف وتطوير والاحتفاء بالروابط بين هذا التراث الجيولوجي وجميع الجوانب الأخرى للتراث الطبيعي والثقافي وغير المادي للمنطقة.
وأوضحت ان الجيوبارك تهدف ايضا إلى زيادة مستوى الوعي والفهم للقضايا الرئيسية التي تواجه المجتمع بما في ذلك الاستخدام المستدام لموارد الأرض والتخفيف من الآثار الناجمة عن تغير المناخ والحد من التأثيرات الناجمة عن الكوارث.
وذكرت ان انواع الشبكات الخاصة بهذا الشأن هي الشبكة الأوروبية للجيوبارك والتي تأسست عام 2000 وتشتمل على 70 موقعا في أوروبا في حين شبكة آسيا والمحيط الهادئ للجيوبارك تأسست في 2009 وتشتمل على 51 موقعا فيما تأسست شبكة أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي للجيوبارك في 2017 وتشتمل على اربعة مواقع.
واضافت ان مواقع الجيوبارك حول العالم تحتفظ بسجلات تغير المناخ عبر السنين الى جانب قيامها بدور محلي رئيسي في إطلاعها على النقاش الحالي بشأن تغير المناخ في الوقت الحاضر.
ولفتت الى ان الجيوبارك تقع في مناطق حيوية من الناحية الفنية في العالم حيث يكون لها دور مهم وأساسي في المساعدة على التخفيف من المخاطر الجيولوجية من خلال التوعية وبناء إستراتيجيات الاستجابة للكوارث.
وقالت ان العديد من مواقع الجيوبارك هي مناطق تعدين سابقة أي المناطق التي تشكلت فيها الثقافة المحلية في كثير من الأحيان للأجيال عن طريق استغلال الموارد الطبيعية وهي ملزمة بالإبلاغ عن الحاجة إلى ضمان الممارسات الفضلى في مجال استخدام الموارد الطبيعية.
وافادت ستوت بأن الجيوبارك العالمية التابعة لليونسكو ومحميات المحيط الحيوي ومواقع التراث العالمي تعطي صورة كاملة للاحتفال بتراثنا مع الحفاظ في نفس الوقت على التنوع الثقافي والبيولوجي والجيولوجي في العالم وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة.
وأوضحت ان محميات المحيط الحيوي تركز على الإدارة المتناغمة للتنوع البيولوجي والثقافي ومواقع التراث العالمي على تعزيز الحفاظ على المواقع الطبيعية والثقافية ذات القيمة العالمية البارزة وتمنح الجيوبارك اعترافا دوليا بالمواقع التي تروج لأهمية حماية التنوع البيولوجي للإرث الجيولوجي وذلك عبر مشاركة المجتمعات المحلية.
وذكرت ستوت ان المواقع العالمية للجيوبارك التابعة لليونسكو تبلغ 140 موقعا في 38 دولة حول العالم معترف بها دوليا وتضم المحميات والمتنزهات الطبيعية والحدائق العامة في المناطق الحضرية وشبه الحضرية والنائية والحدائق النباتية وتهدف من تضمينها في السجل العالمي الى تحقيق أهداف التنمية المستدامة ووضع برنامج مراقبة ومتابعة متكامل لربط النظم الإيكولوجية والاجتماعية بالسمات الثقافية والتاريخية وجعلها كبنك للمعلومات تساعد في عمليات أخذ القرار.
واضافت ستوت ان من ضمن الاهداف ايضا فهم تطور الدينامكيات الاجتماعية في ظل ظروف مناخية وثقافية مختلفة وتحديد الركائز لضمان الجهوزية الاجتماعية لمواجهة المخاطر الطبيعية الناشئة عن تغير المناخ وربطها بالمواقع الأثرية القريبة أو الخاضعة لنفس الظروف البيئية.
وبينت ان رسم وتحديد الدينامكية المجتمعية وربط برنامج البحوث الوطنية بالمواقع المعينة لليونسكو مع توفير وحدات تعليمية لمختلف التخصصات حول تأثير تغير المناخ على البيئة والمجتمع واقتصاد التكامل القديم ووضع برامج إرشادية بشأن تدابير التكيف والتخفيف داخل وخارج هذه المواقع مع تضمينها بالبحث والتعليم هي ضمن اهداف الجيوبارك العالمية التابعة لليونسكو.