- ضيوف الرحمن يبيتون في مزدلفة لجمع الحصى استعداداً لرمي الجمرات
استقر أكثر من مليونين و370 الف حاج على صعيد جبل عرفات، مهللين، مكبرين، مؤدين ركن الحج الأعظم، حيث شهدوا الوقفة الكبرى في مشهد إيماني مفعم بالخشوع والسكينة، ملبين متضرعين، داعين الله عز وجل أن يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار.
ثم توافدت جموع الحجيج بكل سهولة ويسر إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا، اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة.
وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته (110) آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن.
وتقدم المصلين الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية ومفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ.
وألقى إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف د.حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ، خطبة عرفة ـ قبل الصلاة ـ استهلها بحمد الله والثناvء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر.
وأوصى بتقوى الله والاستجابة لأوامره وتعليق القلوب به سبحانه محبة وخوفا ورجاء، وشدد على أن طاعة ولاة الأمور لها أثر عظيم من حفظ النظام العام.
وأشار إلى أن من تقوى العبد لربه أن يوحد الله جل وعلا في عبادته وألا يصرف شيئا من العبادة لغير الله.
وبين أن الفوز والنجاة يحصلان بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله مع شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث يطاع أمره ويصدق خبره ولا يعبد الله إلا بما جاء به.
ولفت آل الشيخ النظر إلى أن الإيمان مبني على أركان فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره»، كما ذكر أركان الإسلام بقوله: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا».
وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف أن الصلاة من أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين.
وحث المصلين على أداء زكاة الأموال مرضاة للرب ومواساة للفقراء ومساهمة في المنافع العامة المذكورة في مصارف الزكاة كما أمر الله بذلك.
ودعا حجاج بيت الله الحرام إلى وجوب تقوى الله تعالى والحرص على أداء نسك الحج على أفضل وجه، داعيا الجميع إلى الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في مناسك الحج، وفي جميع العبادات والسير على هديه وطريقته.
وأبان د.حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ أن الصورة الحقيقية للإسلام تشتمل على أعلى الاخلاق وأحسن التعاملات، مبرزا حاجة الخلق اليوم إلى اعتماد الأخلاق في معاملاتهم المالية وأنظمتهم الاقتصادية والسياسية ومناهجهم العلمية وطرقهم البحثية، وأنه لن تتمكن أمة من تشكيل مواطنين صالحين إلا بزراعة الأخلاق في نفوسهم، لأن الأخلاق تحفظ الحقوق وتقيم النفوس والمجتمعات على أفضل نهج.
وشدد على الحاجة إلى اعتماد المعايير الأخلاقية في شتى مجالات الحياة، التي جاءت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة لتؤكد أسس الأخلاق حيث نهى صلى الله عليه وسلم عن الاعتداء على الآخرين بقوله صلى الله عليه وسلم «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام».
وأكد أن الإسلام يحفظ المصالح ويدرأ المفاسد ويدعو إلى عمارة الكون ونفع الخلق، ويقرر مبدأ التآخي بين المسلمين، ونشر الرحمة والمودة فيما بينهم، والحث على نشر الخير والمعروف والبذل والعطاء والكف عن ظلم الناس، وترك العدوان عليهم.
وقال: لقد كانت أمة الإسلام أمة واحدة تجتمع على الهدى معتمدة على الكتاب والسنة بعيدة عن الأهواء والبدع سامية عن الشقاق والبغضاء تتجه إلى رب واحد سبحانه، وتتبع نبيا واحدا صلى الله عليه وسلم، وتهتدي بكتاب واحد وهو القرآن العظيم وتصلي إلى جهة واحدة وهي الكعبة المشرفة، وتحج إلى بيت واحد وتؤدي نسكا واحدا وتتناصر بعدل ورحمة وتكامل.
ومع غروب شمس يوم أمس بدأت جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة لأداء صلاتي المغرب والعشاء وجمع الحصى والاقامة فيها حتى فجر اليوم العاشر من شهر ذي الحجة وأول ايام العيد، لأن المبيت بمزدلفة واجب حيث بات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى بها الفجر.
ويعود الحجاج إلى منى صبيحة اليوم لرمي جمرة العقبة (أقرب الجمرات إلى مكة) والنحر (للحاج المتمتع والمقرن فقط) ثم الحلق والتقصير والتوجه إلى مكة لأداء طواف الإفاضة.
ويقضي الحجاج في منى أيام التشريق الثلاثة (11 و12 و13 من ذي الحجة) لرمي الجمرات الثلاث، مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة (الكبرى)، ويمكن للمتعجل من الحجاج اختصارها إلى يومين فقط، حيث يتوجه إلى مكة لأداء طواف الوداع وهو آخر مناسك الحج.