- الفنون الإنسانية تُعدّ مدخلاً للتواصل مع الإنسان الغربي الذي أُشبعت روحه حب الفنون منذ صباه
أسامة أبوالسعود
صورة لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسور من القرآن الكريم نقشتها يد فنان من عشرات المبدعين الذين جاؤوا من مشرق الارض ومغربها للمشاركة في الملتقى الرابع للفنون الاسلامية والذي افتتحه وكيل وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية د.عادل الفلاح مساء امس الاول بمسجد الدولة الكبير نيابة عن وزير العدل ووزير الاوقاف والشؤون الاسلامية المستشار راشد الحماد ويستمر على مدى 10 ايام متواصلة.
وقال الفلاح في كلمة افتتح بها هذا الحدث الذي شهد حضور عدد كبير من الفنانين من الصين وايران وتركيا ومصر والكويت وغيرها من الدول العربية والاسلامية:
الحمد لله مبدع الجمال في الكون، وخالقه ومعلمه، والصلاة والسلام على النبي البسام، الذي جاءت شريعته جامعة بين جمال الفطرة وفطرة الجمال، وعلى آله النجوم الزاهرة، وصحبه الأُسود الكاسرة، ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين. وقال الفلاح: قلما نجد اهتماما بشؤون الفنون والجماليات عند الفقهاء والعلماء، ولعل ذلك يرجع الى اسباب كثيرة، منها ما يتعلق بالحرج الفقهي في الموضوع، ومنها ما يرتبط بواقع الفنون وحالتها الراهنة عالميا وعربيا، لكن هذا كله لا يمكن ان يقف حائلا في وجه تقديم الرؤية الاسلامية المعتدلة في هذا الميدان الحساس، وتلبية حاجة افراد الامة الى الاسترواح والاستجابة لمعاني الجمال المبثوثة في مفردات الكون وخطاب القرآن.
وتابع: يمكن القول ان وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بالكويت تمثل ريادة عربية واسلامية في هذا المجال، وذلك من خلال انجازها لمجموعة من الانشطة الخادمة للفنون الاسلامية: من مثل مهرجان الكويت الدولي الانشادي، والمعارض المتتالية للخط العربي، ومعرض المساجد في ألمانيا، ومعرض الاسلام في روسيا، بل ارتفع اهتمامها بالموضوع الى تأسيس مركز للفنون الاسلامية تابع لادارة المسجد الكبير، غدا مركز اشعاع فكري وثقافي وحضاري، كل هذه الانشطة من اجل ان تمثل القيم الروحية والاخلاقية اطارا وحدودا لا تتجاوزها الفنون الاسلامية، بل ترعاها وتجسدها في ايقاعها وألوانها وأشكالها وزخارفها.
واكد د.الفلاح ان: الفنون الانسانية الاصيلة المنضبطة تعد مدخلا فعالا للتواصل مع الانسان الغربي الذي اشبعت روحه حب الفنون منذ صباه، وصار لها في محيطه الخاص والعام حضور قوي، يتمثل في اللوحات والمسارح والمهرجانات والمسابقات، لذلك كان علينا ابراز عطاء الحضارة الاسلامية في مختلف الفنون والجماليات، وتحفيز ناشئتنا على الاهتمام بتطوير خبراتهم في التجويد والخط والزخرفة والأصوات، والنقش والرسوم وغيرها من الفنون.
واضاف: ان الواجب يقضي تقديم الشكر الجزيل الى مجموع الخطاطين والفنانين والحرفيين المشاركين في هذا المعرض الكريم، كما نتقدم بالشكر الوافر للمؤسسات والمتاحف المساهمة على جهودهم المتواصلة لخدمة الفنون الاسلامية، وتجلية جمالياتها في العصور الاسلامية الزاهية، ولا ننسى ان نزجي الشكر الى ادارة المسجد الكبير ومركز الكويت للفنون الاسلامية، وكل العاملين معهم في انجاح هذا المعرض الكريم على انشطتهم المتواصلة وابداعاتهم المشرقة.
ومن جانبه قال رئيس مركز الكويت للفنون الاسلامية فريد العلي: شكّل الفن الاسلامي بمظاهرة ولايزال احد اهم مكونات الهوية الحضارية لنا كأمة، وعليه فلا غرابة ان تولي وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية الدعم لكل ما من شأنه ان يدعم هذه الفنون ويسعى الى نشر مبادئها وترويج ما استندت اليه من القيم والمفاهيم، ومن هنا كان انشاء مركز الكويت للفنون الاسلامية ليشكل جانبا حضاريا مميزا من مسيرة المسجد الكبير. وتابع العلي قائلا: وقد نشط المركز منذ انشائه في العديد من المجالات لاسيما في جانب تعليم هذه الفنون ونشرها بين الجمهور عموما والناشئة على وجه الخصوص والعمل على شد الانتباه الى هذه الفنون وترسيخ الوعي بقيمتها الحضارية الجمالية، وقد جاء هذا الملتقى حلقة في سلسلة من الانشطة والملتقيات التي نظمها مركز الكويت للفنون الاسلامية في المسجد الكبير وسلط من خلالها مزيدا من الضوء على مكانة المسجد الكبير ودوره كنقطة اشعاع حضاري.
واوضح ان هذا الملتقى حقق للكويت مكانة مرموقة في ميدان الفنون الاسلامية في العالم العربي واصبح هذا الملتقى حدثا ينتظره الفنانون ومتذوقو الفنون الاسلامية بفارغ الصبر، ويمكننا تلمس النجاح من خلال الاقبال الجماهيري على حضور المعارض الفنية والدورات التي نظمها المركز ومايزال في فنون الخط والزخرفة والابرو، وكلنا امل ان تكون هذه الدورة امتدادا للنجاحات السابقة. وتابع العلي: لقد نال الملتقى هذه المكانة نتيجة للعديد من العوامل من اهمها المعايير الفنية الرفيعة التي يتم على ضوئها اختيار الفنانين الذين يصطفيهم الملتقى من نخبة المبدعين في هذا المجال من كل انحاء العالم الاسلامي، وهو الأمر الذي جعل المشاركة في هذا الملتقى مصدر اعتزاز للمشاركين فيه، وختم بالقول ان اجل واجمل ما نفخر به من انجازات هذا الملتقى هو تواصلكم الغالي مع ضيوفنا الاعزاء الذين يشرفني في هذا المقام ان اكرر ترحيبنا بهم في بلدهم الكويت راجين لهم طيب المقام بيننا. ومن ناحيته ألقى مدير عام مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الاسلامية باسطنبول (ارسيكا) التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي خالد ارن كلمة قال فيها: إنه ليسرني ويشرفني ان احيي جمعكم الكريم في هذا الملتقى باسم مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الاسلامية باسطنبول (ارسيكا) التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي، وقد سعدنا بطلب وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية في الكويت من مركز (ارسيكا) التعاون لتنظيم المعرض الدولي للخزف والسيراميك بالتنسيق مع مركز الكويت للفنون الاسلامية، حيث قام مركز ارسيكا بجهود مكثفة مع الجهات الحرفية التي تعمل في ميدان الخزف والسيراميك وجرى التواصل مع اهم الحرفيين المبدعين في هذا الميدان للمشاركة في هذا المعرض الحيوي الهام، ويسرنا التعبير عن الاعتزاز بهذا التعاون الطيب مع الوزارة في هذا المجال، ومشاركتنا الكويت العزيزة هذا الحدث الفني والثقافي الهام، الذي يضم نخبة من اساتذة واخصائيي الفنون والحرف التقليدية الاسلامية من مختلف انحاء العالم لعرض واستعراض سيرة ومسيرة تلك الفنون التي تمثل رسالة حضارية استمدت روحها واصالتها من العقيدة السمحة لديننا الحنيف، فتجلت بشتى اشكالها ومضامينها وألوانها المعبرة عن صفاء الروح والوجدان لدى الفنان المسلم.
وتابع ارن قائلا: وانني اغتنم هذه الفرصة لأتقدم بجزيل الشكر وخالص التقدير الى وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية ممثلة في شخص الوزير ومساعديه الافاضل، لتكرمها بإتاحة فرصة اللقاء بين ارباب هذه الفنون والقائمين على المؤسسات التي تعنى بها وذلك لتبادل الخبرات والآراء وبلورة التوصيات التي من شأنها دفع عجلة العمل الجاد من اجل رفعة هذه الفنون وتأمين الرعاية لأصحابها والارتقاء بالذوق الرفيع لدى الخاصة والعامة من محبيها، واسمحوا لي ان اشير هنا الى اهتمام المركز منذ انشائه بالفنون الاسلامية بشكل عام وبفن الخط بشكل خاص من خلال البحث والنشر وعقد الدورات التدريبية واقامة المعارض وتنظيم المسابقات الدولية، كما اولى المركز عناية خاصة للحرف اليدوية التقليدية وذلك بعقد العديد من الندوات والمؤتمرات والمهرجانات على امتداد العالم الاسلامي. وأضاف ارن وقد: احتضن بلدكم العزيز مشكورا العديد من اجتماعات المركز وأنشطة واخص منها بالذكر اقامة معرض وحلقة دراسية حول فن الخط عام 1992 بالتعاون مع دار الآثار الاسلامية ومن دواعي الاعتزاز ايضا ان استذكر معكم ما شهدته علاقات المركز من تطور ونماء مع المؤسسات الثقافية والعلمية الكويتية مثل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي والمجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب ومركز الكويت للفنون الاسلامية من خلال مشاركة ارسيكا في الدورات السابقة لهذا الملتقى الهام.