محمد راتب
أكد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية ووزير العدل ووزير الاوقاف والشؤون الاسلامية المستشار راشد الحماد ان مكافحة الاتجار بالبشر من اساسيات عمل الحكومة مشيرا الى سعيها الدائم والمستمر في محاربتها.
جاء ذلك في كلمة القاها بمناسبة حفل افتتاح ورشة العمل حول قضايا الاتجار بالبشر التي ينظمها معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.
واوضح الحماد ان الكويت لا تألو جهدا في سبيل تذليل جميع الصعوبات التي تواجه عمل المنظمات الدولية التي تساهم في مكافحة الاتجار وتأكيد حرصها على الالتزام بالمواثيق الدولية التي تدعم حقوق الإنسان.
من جانبه أكد مدير معهد الدراسات القضائية والقانونية المستشار جمال الشامري، ان الكويت حرصت منذ عهد بعيد على النص الموجود في الدستور في المادة 42 على انه لا يجوز فرض عمل إجباري على احد، كما تضمن قانون الجزاء تجريم خطف الأشخاص وحملهم على مزاولة البغاء وجرائم السخرة واحتجاز الأجر بغير مبرر، وأيضا وضع قانون العمل والقرارات المنفذة لهذه القواعد التي تكفل عدم تشغيل الأحداث والنساء في المهن الخطرة او المضرة بالصحة او في ظروف غير ملائمة.
وأشار الشامري خلال الورشة العمل التي شارك فيها مدير الإدارة القنصلية السفير حمود يوسف مشاري الروضان، والمنسق المقيم للأمم المتحدة في الكويت د.صالح بورجيني، وسفير المملكة الهولندية لدى البلاد تون بون والقائم بأعمال الوكالة وفي المنظمة الدولية للهجرة إيمان عريقات إلى أن من أهم هذه القرارات، القرار الوزاري رقم 105 لسنة 1994 الذي حظر على أصحاب الأعمال استعمال اي وسيلة من شأنها حمل العمال عنوة على العمل لديهم او إجبارهم على القيام بأعمال تخرج عن مهام وظيفتهم، بل وتم إنشاء إدارة مستقلة بوزارة الداخلية لشؤون العمالة المنزلية، وأخيرا صدر القانون رقم 5 لسنة 2006 بالموافقة على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، والبروتوكولين المقترنين بها والمتعلق احدهما بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، خاصة النساء والأطفال والمتعلق ثانيهما بمكافحة تهريب المهاجرين، كما أنه يوجد حاليا مشروع قانون أعدته وزارة العدل في هذا الشأن وذلك تفعيلا لوثيقة أبوظبي الصادرة عن قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج بشان القانون الاسترشادي الموحد لمكافحة الاتجار بالأشخاص.
وأوضح الشامري ان الاتجار بالبشر أصبح تجارة تمثل تهديدا متعدد الأبعاد على جميع الدول، بالاضافة الى المعاناة التي تتولد عنه بسبب انتهاك حقوق الإنسان، لافتا إلى ان علاقتها بالجريمة المنظمة والتهديدات الأمنية الخطيرة التي تتمثل في تهريب المخدرات والأسلحة أصبحت أكثر وضوحا، كما أن علاقتها واضحة بالأمراض المعدية التي تصيب ضحاياها، سواء كان ذلك بسبب ظروف المعيشة المتدنية او نتيجة إجبارهم على عمل علاقات غير المشروعة والإباحية والاتجار بهم في الأعمال الخطرة والشاقة.
ولفت إلى أن هذا الأمر يستدعي تعزيز النظام القانوني والقضائي في مجال مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، حيث إن باستطاعة الدول التغلب على هذه المأساة اذا تم إرساء ثقافة مكافحة الاتجار بالبشر والوقوف على تعريف الاتجار بالبشر، والفرق بينه وبين تهريب المهاجرين، والجرائم ذات الصلة بالاتجار بالبشر، والأسباب الأساسية لهذه الظاهرة وما يستتبع ذلك من تحقيق وادعاء في تلك الجرائم وحقوق الضحايا فيها وتعويضهم ومحاكمة القائمين على الاتجار والتعاون الدولي والمساعدة القانونية المتبادلة وغيرها من الموضوعات ذات الصلة في اطار من احكام قوانيننا الداخلية واتفاقية الجريمة المنظمة، والبروتوكولات الملحقة لهما حول الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين.
بدوره شدد مدير الإدارة القنصلية السفير حمود الروضان على ضرورة التأكيد على أهمية مكافحة الاتجار بالبشر لدى الكويت، مشيرا الى ان الكويت تسعى بكل ما في وسعها للتأكيد على سعيها في هذا الشأن، وذلك عن طريق التوقيع على الاتفاقية الدولية والتواصل مع الجهات المعنية للاطلاع على آخر ما جاءت به القوانين الدولية حول مكافحة الاتجار بالبشر وطرق ملاءمتها بالقوانين الوطنية الدولية، لافتا إلى ان الكويت تشهد تميزا على الصعيد الدولي في احترام حقوق الإنسان، خاصة أنها تستقطب عددا كبيرا من العمالة الوافدة من دول مختلفة، وذلك من مبدأ سياستها في دعم حقوق العمالة المنزلية واحتياجاتهم، والذي يساعد في دعم اقتصاد هذه الدول، مضيفا ان مواجهة استقبال هذا العدد الكبير من العمالة المنزلية في الكويت يشكل تحديا لنا، كما أكد أن مسؤولية الجميع تكمن في تضافر الجهود والتعاون مع الحكومة الكويتية والسفارات الصديقة المعنية للتأكد من توفير وحماية حقوق تلك العمالة. وفي الإطار ذاته، لفت الروضان إلى ان الكويت حققت العديد من الانجازات في هذا المجال حيث أعلنت المنظمة الدولية للهجرة بأنها تثمن تعاون الحكومة الكويت اللامحدود لتسهيل نقل العمالة الاندونيسية مؤخرا، والى تعاون الحكومة الكويتية وجهدها الملموس مع المنظمة الدولية للهجرة في الكويت، وذلك من خلال استقبال والالتقاء بالوفد الاندونيسي الحكومي والذي حضر الى الكويت في أكتوبر 2009 لمناقشة كل التحديات ومواجهة الصعوبات، مؤكدا ان الزيارة قد أثمرت العديد من النتائج، منها تكثيف التعاون وتبادل المعلومات في حل كثير من الأمور المعلقة وترحيل 347 خادمة، لافتا الى تضافر جهود وزارة الخارجية الإدارة القنصلية بالتنسيق مع وزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة للهجرة وإدارة العمالة المنزلية وإدارة الأدلة الجنائية، وذلك بإنهاء إجراءات التبصيم وعملية مطابقة المعلومات في وقت قياسي قدمت فيه الحكومة الكويتية كل التسهيلات بالتعاون مع إدارة الطيران المدني لاستقبال الطائرة الاندونيسية والتي أقلت العمالة المنزلية الى جاكرتا.
من جانبه، أعرب سفير المملكة الهولندية لدى الكويت تون بون فون اوخسيه، عن تقديره للالتزام الكبير من حكومة الكويت في مجال حماية حقوق الإنسان في سياق الهجرة الدولية، ومبادرتها المتميزة لتعزيز حماية حقوق العمالة الوافدة ومكافحة الاتجار بالأشخاص، لافتا إلى ان الحكومة قد اتخذت تدابير صارمة من اجل حماية هؤلاء العمال، كما انها لم تأل في بذل أي جهد للتعاون مع المجتمعين المحلي والدولي في هذا الصدد.
من ناحيته قال المنسق المقيم للأمم المتحدة في الكويت د.صالح بورجيني، ان هناك اعترافا عالميا بأن الاتجار بالأشخاص يشكل أحد التحديات المهمة التي تواجه القرن الـ 21، وهو تحد لا يمكن مواجهته إلا على نحو جماعي، وعلى صعيد عالمي يغطي كل المناطق ومختلف قطاعات المجتمع، لافتا إلى أنه لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة، دور خاص فيما يتعلق بوضع رؤية متعددة الجوانب لمكافحة الاتجار بالبشر بصورة فعالة وناجحة.