حمد العنزي
أقام المرصد الكويتي لتأصيل الديموقراطية ندوة مساء أول من أمس بعنوان «الحريات الإعلامية الى أين» حيث اتفق المشاركون على خطورة ما جاء في المشروع الأخير المقدم من الحكومة بخصوص قانون المرئي والمسموع، وأن العقوبات التي تضمنها مشروع القانون بداية لمرحلة لا تبشر بالخير على مستقبل الدستور ومكتسبات الوطن الديموقراطية، واتفقوا كذلك على أهمية الحفاظ علي المكتسبات الدستورية التي كفلها دستور 62 ومن أهمها حرية الصحافة والإعلام كرديف مهم لتطور الديموقراطية وصورة من صور الدولة المدنية الدستورية.
بداية تحدث رئيس الهيئة التنفيذية للمرصد الكويتي فيصل العازمي عن عدم القبول أو الرضوخ لأي تنازل للمكتسبات الدستورية وأهمها حرية الفكر والراي والكلمة، مؤكدا عدم صحة ما جاء على لسان بعض المسؤولين من أن البلد لا يكتم أفواه أبناءه، وانتقد الذي يجري عند تحويل بعض الكتاب والنشطاء الى الجهات الأمنية بسبب مقالة أو تصريح وذلك بسبب وجهة نظر بعض المسؤولين في الحكومة وقال ان هذا دليل على سياسة التكميم، مؤكدا على رفض المرصد لهذا المشروع المليء بالعقوبات المغلظة غير المنطقية.
من جانبه قال الناشر في جريدة الآن الإلكترونية الكاتب زايد الزيد ان معرفة أبعاد هذه المرحلة يجب أن تقرأ بالشكل الصحيح وفي سياق ما يحدث بالبلد من احتقان مصطنع وتداعيات على النسيج الاجتماعي كلها نتائج لمسببات الهدف منها إلهاء المجتمع والشارع السياسي بقضايا جانبية لإخفاء المبتغى الحقيقي من وراء مايجري ألا وهو وأد الدستور واستنزاف مقدرات البلد المالية في ظل الوفرة الحالية من قبل متنفذين لم نستطع رغم وجود البرلمان وديوان المحاسبة والدستور وقوانين حماية المال العام ضبطهم وإيقافهم وإيقاف مسلسل النهب المستمر، مشيرا الى ان للأطراف المعادية للدستور أساليب عدة لاختيار ردة فعل الشارع، الأمر الذي يدلنا على ان هناك نية مبيتة لوأد الدستور أو الانقلاب عليه، ومنها على سبيل المثال اطلاق بالونات اختبار شبيهة بالذي أطلقه النائب علي الراشد حول مسألة تنقيح الدستور والتي تمثل ناقوس خطر لمعرفة ما سيقع مستقبلا اذا استمر نفس المخطط المقوض لمكتسباتنا الدستورية.
وأكد الزيد ان ما حصل ويحصل من تهديد لوحدتنا الوطنية والاثارة المصطنعة للفتن الطائفية والعرقية واتجاه المجتمع الى تحصن الكثير من ابنائه خلف مكوناتهم الاجتماعية والطائفية وادعاء ان مكونات المجتمع تتناحر حتى يتسنى للمتنفذين تحقيق أجندتهم الخطيرة لنهب البلد والقضاء على الدستور، منبها الى غض الكتاب والإعلامين الطرف عن خطة التنمية الكبرى التي ناهزت الـ 37 مليار دينار وذلك بسبب انشغال الإعلاميين بقضايا خطيرة على الوطن والمجتمع ألا وهي الفتن الطارئة والنيران التي تأكل الاخضر واليابس.
وفي السياق ذاته أعلن رئيس جمعية تنمية الديموقراطية ناصر العبدلي ان محاولة التضييق على أصحاب المدونات ما هي إلا بداية لمرحلة تتمثل في التضييق على الحريات ومحاولة تكميم الافواه التي تتطرق الى الاوضاع الخاطئة في البلد، مبينا ان مسألة الدفاع عن الحريات أيا كانت منوطة بالمجتمع نفسه فعليه ان يتحمل مسؤولية الحفاظ على مكتسباته الدستورية.
من جانبه قال الناشط السياسي فيصل الطويح ان عنوان ندوتنا هو الحريات الإعلامية الى أين؟ وأنا أقول البلد الى أين؟مستغربا من انشغال الحكومة بحضور معرض السيارات القديمة في حين لم تحضر الحكومة الجلسة المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، معربا عن تألمه لما جرى ويجري للبلد في حال أقر القانون الجديد للمرئي والمسموع في وقت عاش الشعب الكويتي منذ الأزل على عشق الحرية والديموقراطية، مؤكدا ان القضية كلها مفتعلة ومقصودة لأمور خفية لا يعلم ما يحاك فيها للبلد.
بدوره ذكر نائب رئيس الجمعية الكويتية لتقييم الأداء البرلماني ناصر الشليمي ان ما يجري ما هو الا عملية ممنهجة لتقويض المكتسبات الديموقراطية، مشيرا الى انه كلما أصبح في البلد فائض مالي اتجه الى تعطيل الحياة الدستورية دون أسباب وجيهة، موضحا ان من وضع هذه العقوبات المالية المغلظة في مشروع قانون المرئي والمسموع يعتبر الحرية والعدالة والديموقراطية بمقاييس الصفقات التجارية للأسف.
وأضاف ان اقرار ميزانية التنمية الكبرى والتي تجاوزت 100 مليار دولار تمت بسلاسة وبقبول نيابي شامل دون أي اعتراض مما شكل دعامة للأطراف المتنفذة الى اشغال الحركة الوطنية بقضايا جانبية وهامشية أثارت البلبلة وأشاعت الفوضى بين أفراد المجتمع من أجل المضي قدما في تنفيذ هذه الخطة المريبة والتي تثار حولها التساؤلات والاستفهامات. من جهته أكد أمين سر جمعية تقييم الأداء البرلماني مطلق العبيسان ان العقوبات المريبة التي جاءت في قانون المرئي والمسموع ما كانت لتحصل لولا الوضع السياسي المزري الذي نعيش فيه وأوله سياسة الانبطاح التي نراها في سلطتنا التشريعية والتي أصبحت مطواعة في يد السلطة التنفيذية ولعل أبرزها ان هذا الضعف والهزال أدى لعدم حضور الحكومة ومبالاتها بالعديد من الجلسات الخاصة المصيرية بقضايا المعاقين والبدون، مضيفا ان مواقف بعض جمعيات النفع العام للأسف أصبحت مريبة وتثير الأسى والأسف على ما آلت اليه حال المدينة ولعل أبلغ دليل على هذا الضعف والجبن ردة فعل الجمعيات المنوطة بالحريات الإعلامية، وحقوق الإنسان فهذه المواقف المهترأة والخائبة هي مواقف أتاحت الفرصة لأعداء الحرية والكلمة ان يتجهوا الى تغليظ العقوبات وتشديدها بطريقة جنائزية الهدف منها تكميم الأفواه الحرة واشاعة جو من الخوف والجبن بين أوساط الكتاب والنشطاء، مشددا على ان صانع هذا المشروع لم يقرأ تاريخ الكويتين والذي عرفهم عدوهم قبل صاحبهم بعشقهم للحرية والوطن ولم يقبلوا أبدا بقوانين تهدف لوأد الحرية أو قول الحق.