- الأنبعي: شريعة الغاب باتت سائدة بعد حل لجنة الأسعار والدور المهمش لاتحاد الجمعيات
- البنوان: استمرار مسلسل الارتفاع لا مبرر له بعد معاودة النفط لانخفاضه
- معكام: وزارة التجارة تقف في صف التاجر ضد المواطن وتبارك ارتفاع الأسعار
- جبري: تجار «اضرب واهرب» يسرحون ويمرحون ولا أحد يرصد مخالفاتهم أو يضبط أعمالهم
- العتيبي: لجنة الأسعار خط الدفاع الأول عن المستهلك ولا نتوانى عن عمل خفض في الأسعار
محمد راتب
ما نشهده اليوم من ارتفاع في الأسعار يدعو للغرابة حقا، ويثير دهشة المستهلكين وحفيظة مجالس إدارات الجمعيات التعاونية، والذين أجمعوا على أن تلك الزيادات جاءت بعد حل لجنة الأسعار في اتحاد الجمعيات، مما هيأ للشركات بيئة خصبة لممارسة التربح على حساب المستهلكين دون رقيب أو حسيب. ولعل تذرع الشركات بارتفاع الأسعار في بلد المنشأ بات امرا لم تعد إدارات الجمعيات تقبل به وتستسيغه، فبعد أن كان المبرر للارتفاعات السابقة هو ارتفاع أسعار النفط فإن الجميع يتساءل اليوم عن مبرر استمرار الزيادة وعن مباركة وزارة التجارة لها. «الأنباء» تقصت من خلال هذا التحقيق، آراء رؤساء مجالس إدارات الجمعيات التعاونية، ورصدت منهم رفضا قاطعا لما يحدث ويضر بالمستهلكين والمساهمين، كما طالبوا بإعادة لجنة الأسعار تحت أي مسمى كان، سعيا منها إلى ضبط هذه الفوضى العارمة، وشريعة الغاب التي سادت اليوم بين الشركات الموردة للمواد الأساسية، فإلى التفاصيل:
البداية كانت مع رئيس مجلس الإدارة في جمعية الروضة وحولي التعاونية علي الأنبعي الذي أوضح أن هذا الارتفاع هو امتداد للارتفاع الذي شهدته السلع مع ارتفاع أسعار النفط، لكنه لم يتوقف، مؤكدا أن جمعية الروضة سعت بشكل حثيث إلى إيجاد حل بعد إلغاء لجنة الأسعار في اتحاد الجمعيات، حيث قامت بتشكيل تحالف مع بعض الجمعيات القريبة منها للتفاوض الجماعي مع الشركات، وقال: لقد توصلنا لنتائج طيبة بالتحالف مع 10 جمعيات، حيث أسفر ذلك عن اتفاق ودي بيننا يقضي بعدم قبول السلع التي تزيد أسعارها إلى حد غير منطقي، أي بما يصل إلى 20% خلال سنة مالية واحدة، لافتا إلى أن هذا التحالف أثمر الالتزام بما تم الاتفاق عليه بنسبة 80% في هذا الشأن، غير أن هناك بعض الشركات الكبيرة، والمعروفة بقوة سلعها، استطاعت أن تفرض زياداتها دون أن يكون للجمعيات القدرة على إيقاف منتجاتها الكثيرة، وأضاف أنهم ملتزمون بعدم قبول منتجات الشركات الأخرى إذا رفعت منتجاتها بصورة غير منطقية.
جهة رقابية
وعن الآلية الكفيلة بالحد من هذه التجاوزات، أوضح الأنبعي أن المفترض بوزارة التجارة أن تكون الجهة الرقابية على ارتفاع الأسعار المبالغ به، وأن تخالف الشركات غير الملتزمة، غير أنها لا تمارس هذا الدور، مشيرا إلى أن حل لجنة الأسعار دون إيجاد بديل لها أسفر عن حدوث فوضى في هذا الصدد، وصرنا نشهد شريعة الغاب سائدة لأن اللجنة كانت هي الضابط للأسعار، في حين أصبحت الأمور اليوم فالتة وأصبح منطق القوة هو المسيطر، مؤكدا أن دور اتحاد الجمعيات بات مهمشا.
وطالب الأنبعي بإعادة اللجنة بحيث تضم في عضويتها وزارة التجارة ووزارة الشؤون وبعض الجمعيات، وأن يكون لديها الصفة القانونية لضبط الأسعار ومخالفة الشركات غير الملتزمة بالنظم، وإقرار الزيادات المبررة ورفض ما دون ذلك، وقال: إن الشركات استفادت من طفرة ارتفاع أسعار النفط في رفع أسعار منتجاتها، ولكن بعد ذلك اختلط الحابل بالنابل، وصارت الشركات تسرح وتمرح بعد حل لجنة الأسعار، حتى ان هناك شركات زادت أسعار سلعها خلال السنتين أربع مرات، في المقابل، هناك شركات زادت خلال العشر سنوات مرة واحدة، مشيرا إلى أن انخفاض أسعار النفط خلال السنة الأخيرة يستدعي بالضرورة أن تقل الأسعار، أو على أقل تقدير أن تثبت وليس أن تزيد، لكن هناك جشع عند البعض وتعظيم هامش الربح على حساب المستهلك.
وحذر الأنبعي في حال ترك الحبل على الغارب من قبل الجهات المعنية، من الوصول إلى حالة انفلات في الأسعار خاصة السلع التي تعاني من الاحتكار، والذي تعاني منه الكويت دون أن يجد العقوبة الصارمة، حيث لا يمكن للجمعية أن تنزل السلعة بنفسها ولا أن تنافس شركة أخرى تلك الشركة المحتكرة، وبالتالي يفسح المجال للمنتج في احتكار سلعته، مطالبا أن يكون هناك تحرك أكثر شمولا من قبل الجمعيات التعاونية مثلما فعلت جمعية الروضة وحولي مع الجمعيات الأخرى، وأن يكون هناك رقابة من قبل الجهات المعنية. وقال: لكي تعاد الثقة إلى المساهمين لابد من وجود أداة تساعد الإدارات على ذلك، فالجمعيات وسيط والمتحكم في الأسعار هو الشركات، والرقيب هو الجهات المعنية، وارتفاع الأسعار سببه التجار وليس الجمعيات.
أما رئيس مجلس الإدارة في جمعية كيفان التعاونية مشاري البنوان فقد أكد أن الأسعار تختلف من سلعة لسلعة ومن شركة لأخرى، وذلك تبعا لأهداف كل شركة، مشددا على أنه مع تفعيل دور الاتحاد ووجود لجنة الأسعار يستحيل وجود أي زيادة غير مبررة، وقال: نعيش حاليا فترة انتقال من اتحاد مقال إلى معين مع احترامنا للجميع، وبالتالي لابد أن تعود اللجنة من جديد وبفاعلية أكثر، والجمعيات لن توافق على أي زيادة فيما لو كان هناك لجنة، وقال: نحن لسنا ضد أحد، فنحن مع التاجر وكذلك مع المستهلك، لكن لا نريد أن يخسر التاجر ولا أن يدفع المستهلك أكثر من المستحق، مؤكدا أن التاجر إذا لم ينجح فإن السلعة ستنفذ مع حاجة المستهلكين لها، فالعملية تكاملية بين قرارات الاتحاد ورقابته وعدم استغلالية التاجر وحقه في زيادة السعر إذا كان هناك مبرر.
ولفت إلى أن تحديد السعر المنطقي سيكون كفيلا بتحقيق المقصود من الجمعيات التعاونية، وهو توفير السلع بأسعار مناسبة وخدمة المستهلكين وليس التربح، غير أن استمرار مسلسل الارتفاع بعد أن عاود النفط انخفاضه هو أمر لا مبرر له، فالمفترض ان تقل الأسعار ولا أن تزيد، ويتحمل المستهلك فاتورة أكبر، مطالبا الاتحاد بعدم قبول أي زيادة غير مبررة وإذا كانت مبررة يجب أن يكون لها ضوابط ومعايير والموافقة يجب أن تكون مشروطة.
بدوره، اكد رئيس مجلس إدارة جمعية علي صباح السالم التعاونية فهد المعكام العجمي أنه تم رصد ارتفاع في اسعار السلع بمباركة من وزارة التجارة، مشددا على الدور الكبير للجنة الأسعار سابقا، وقال: إن الذي نراه هو أن الوزارة تقف في صف التجار ضد المواطنين، والارتفاع ملحوظ كثيرا، فخلال ثلاث سنوات ترتفع السعر أكثر مرة وبصورة فاحشة.
ولفت العجمي إلى أن مجلس إدارة الجمعية واجه الشركات وألزمها بالسعر السابق، غير أن الشركات التي التزمت قليلة جدا، وهناك من تعهد بالسعر السابق ثم تراجع بعد شهر، بحجة أن الارتفاع جاء من جميع الشركات، رافضا ما تتعذر به الشركات من ارتفاع الأسعار في بلد المنشأ، وقال: إنهم غير صادقين والدليل أن الأسعار في الدول المجاورة أرخص من الكويت رغم أن فيها أسواقا مركزية وبقالات، أما لدينا فالجمعيات مدعومة من الحكومة، إلا أن الأخيرة تركت الحبل على الغارب ليفترس المواطن متى شاء.
وأضاف أن هناك جشعا كبيرا على حساب المستهلك، والذي ينظر للجمعيات المجاورة ويرى السعر نفسه فيستسلم، معتبرا أن الحل يكمن في إعادة لجنة الأسعار وإعطاء دور وصلاحيات للاتحاد، وأن يقوم باستيراد المواد من مصدرها وليس عن طريق التجار، والذين يتلاعبون بالمساهمين بمباركة وزارة التجارة، واشار الى أن عواقب هذا الأمر ستكون وخيمة وستتمثل في إثقال كاهل المواطن بالمصاريف والديون، وقال: رغم أن الدولة تعطيه زيادة على الراتب فإن التاجر يفرح ويزيد الأسعار، لذا فإننا نطالب بعدم زيادة الرواتب مقابل استقرار الأسعار.
وتابع انه لابد أن تكون هناك رقابة جدية ومتابعة فعلية من وزارة التجارة، وأن تدخل ما زاد على المواد الاستهلاكية في بطاقة التموين، وقال: لماذا لا يدخل الشاي مثلا في بطاقة التموين، وأنواع الرز الأخرى، ونزيد الكميات على التموين؟ ولماذا حددت البطاقة نوعا واحدا من الرز؟ رغم أن دولتنا دولة خير.
من جانبه، طالب رئيس مجلس إدارة جمعية خيطان التعاونية محمد جبري وزارة الشؤون بإعادة لجنة الأسعار معتبرا أنها نقطة مفصلية، للحد من هذه الفوضى التي تشهدها السلع الأساسية، معتبر أن هناك زيادات مبررة يمكن القبول بها، لكن أكثر الزيادات مجهولة الأسباب، فالنفط انخفض سعره بعد أن كان مرتفعا وارتفعت معه اسعار السلع، مضيفا أن هناك من 50 إلى 60 شركة تطالب برفع الأسعار، ومع ذلك لم يوافق مجلس الإدارة على هذه الزيادات.
واشار جبري إلى أن لجنة الأسعار كانت تضبط هذه العملية، وكانت أي زيادة مشروطة بعمل دراسة وإبراز شهادات المنشأ وتكلفة الشحن ثم يضاف عليها هامش ربحي بنسبة 15%، لكن بعد أن حلت اللجنة أصبحت كل من الشركات تزيد أسعار منتجاتها من دون أي مبرر ومن غير رقابة حكومية، مشيرا إلى أن هناك تجارا شرفاء يحرصون على ثقة المستهلك، لكن هناك في المقابل تجار ينطبق عليهم المثل الشعبي «اضرب واهرب» حيث يصرفون بضاعتهم بالأسعار التي يريدونها، وفي اليوم الثاني يأتون ببضاعة مختلفة، وقال: حتى اليوم لم نر مخالفات من الوزارة والسبب هو حل اللجنة والتي نعتبرها مطلبا ضروريا ورئيسيا.
وأضاف أن «وزارة الشؤون وعدت بعمل آلية لإعادة لجنة الأسعار بمسمى آخر، ونحن طالبنا بنفس الضوابط المعمول بها سابقا، ولمسنا تعاونا من قبل الوكلاء المساعدين والوزير، لذا فإننا نتوقع بعد انتخابات الاتحاد الجديدة أن تعود اللجنة».
أما رئيس مجلس إدارة جمعية صباح السالم التعاونية عبدالرحمن العتيبي فأكد وجود ارتفاع في أسعار بعض المواد الأساسية من قبل الشركات الكبرى تراوحت بين 3 و 12% بالنسبة للمواد الغذائية، ومن 5 الى 20% بالنسبة للمواد الاستهلاكية والتجميل، وبين أنه تم رفع السعر من قبل شركات بواقع 200 صنف، مشيرا إلى أنه ان لم يتم تدارك ذلك فإن هناك اكثر من شركة تطالب برفع اسعارها. وأوضح أن جمعية صباح السالم من أواخر الجمعيات التي اعتمدت زيادة السعر بعد التأكد من الزيادة في الجمعيات الأخرى ومطابقة طلبات الشراء الصادرة للأصناف التي تم زيادة أسعارها.
ولفت العتيبي إلى أن هذا الارتفاع الجديد لا يمكن ربطه بوجود ارتفاع عالمي، كما يدعي بعض التجار، مشيرا إلى أن ما يتذرعون به من ارتفاع الأسعار في بلد المنشأ مرفوض، بدليل أنهم يرفضون إبراز شهادات المنشأ، مشيرا إلى أن من الضروري في هذه الحالة أن يستخدم المستهلك السلع البديلة، ومقاطعة الشركات التي ترفع الأسعار بصورة غير مبررة.
المسؤول الأول
وأكد أن عدم تفعيل الدور الرقابي من قبل الجهات المعنية سيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه من زيادة أسعار السلع، وبالتالي سيعاني المستهلك من حمل عبء أثقل على كاهله، مشيرا إلى أن وزارة التجارة هي المسؤول الأول والأخير عن ذلك، والمفترض بها أن توقف هذا التيار الجارف من زيادة الأسعار.
وعن دور مجالس إدارات الجمعيات في محاربة هذه الظاهرة، أشار العتيبي إلى أن مجلس إدارة صباح السالم تقف مع المستهلك قلبا وقالبا، وقال: نحن لا نتوانى عن عمل تخفيضات أسعار وعروض خاصة ومهرجانات تسويقية لمصلحة المستهلك، وأحيانا نبيع بعض السلع الأساسية بأسعار أقل من تكلفتها، وهذا ما أدى بفضل الله إلى رضا المساهمين علينا، مطالبا وزارة التجارة بتفعيل القانون الذي يخولها بمتابعة الشركات والحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار بأي شكل كان، وكذلك عودة لجنة الأسعار كونها الناطق الرسمي للجمعيات وخط الدفاع الأول للمستهلك.
واقرأ ايضاً:
الهاجري: «التجارة» تخاطب «الشؤون» لمحاسبة المتورطين في زيادة الأسعار