- الهيئات التطوعية لا ترتبط بشبكة معلومات واعتمدت على الاجتهادات الفردية والجهود الشخصية المفضية في الأخير لمحاولات صادقة الجمعيات الخيرية تفتقد التوزيع الصحيح للإمكانات المتاحة والقدرة على التنسيق والمواءمة بين المجتمعات المستفيدة وتهدر طاقاتها بغير طائل
بشرى شعبان
أعلن مدير إدارة الجمعيات الخيرية والمبرات ناصر العمار ان اللجنة المشتركة للعمل الخيري عقدت اجتماعها الدوري بحضور ممثلين من الجمعيات الخيرية والجهات الرسمية، وناقشت موضوع تشكيل فريق عمل لارساء الاستراتيجيات والضوابط المالية الكفيلة بتوحيد النظم المحاسبية بين جهات العمل الخيري يضم اضافة إلى ممثلين عن إدارة الجمعيات الخيرية والمبرات ثلاثة ممثلين، عن جمعيات إحياء التراث والإصلاح الاجتماعي وبشائر الخير، أما الجهات الرسمية الأخرى فهي وزارة الخارجية والهيئة الخيرية الاسلامية العالمية.
ولفت العمار إلى أن الاجتماع ناقش اختصاصات فريق العمل والتي منها وضع الخطط والدراسات اللازمة لتعزيز قدرات المسؤولين عن مراجعة حسابات الجمعيات الخيرية واتخاذ ما يلزم بشأنها.
وقال العمار ان المشاركين في الاجتماع اتفقوا على ان يكون فريق العمل مختصا بوضع الضوابط والاسس لتوحيد النظم المحاسبية لكل الجمعيات الخيرية، كما اتفقوا على ان الجمعيات الخيرية الكويتية تدرك تماما أهمية العمل المشترك بين القطاعين الحكومي والاهلي من اجل مراجعة ومراقبة ومتابعة حساباتها.
واعتبر العمار ان هذه الخطوة تعد من الخطوات غير المسبوقة في العمل المشترك، وتعاون الجمعيات في هذا الجانب يشكل بعدا جديدا في رغبتها تقديم كل ما لديها من حسابات بعدما كان هناك فهم خاطئ عندما أشير في اجتماعات سابقة إلى ان المنهج العلمي المراد استخدامه لتطوير هذه الاسس هو أن يكون منهجا علميا محليا، أما التعاون مع الجهات الخارجية فيقتصر على تبادل الخبرات والاطلاع على التجارب السابقة.
وتابع العمار: بعد تفهم ممثلي هذه الجهات لهذا الدور تم تصحيح مفاهيم كانت خاطئة لدى البعض وشاع نوع من الطمأنينة عندما أكدت الوزارة ان العمل لن يخرج عن هذا النطاق.
وأفاد العمار بان هذه الخطوة سبقتها خطوات عملية حينما ارسلت وزارة الشؤون ثلاثة وفود في فترات زمنية متفرقة للاطلاع على تجارب الدول الأخرى في هذا المجال.
وقال العمار ان الوزارة لمست تعاونا محدودا من الجمعيات الخيرية من خلال اللجنة المشتركة، ونأمل أن يكون انجاز هذه اللجنة متوافقا مع طموحات الوزارة وأهمها الانتهاء من ملف الحسابات والاستعانة بمكاتب لتدقيق حسابات الجمعيات الخيرية بعد ان يتم توحيد انظمتها، وقد تكون هذه الخطوة خلاف ما كان عليه الوضع في السابق عندما تمت الاستعانة بمكاتب لتدقيق حسابات الجمعيات الخيرية، فكان العبء ثقيلا مما ادى إلى عزوف العديد من المكاتب المختصة نظرا لجسامة السجلات الحسابية وحجم الموارد المالية والمصارف التابعة لها.
واضاف العمار: بعد انتهاء فريق العمل من توحيد النظم المحاسبية وتحديد المعايير التي بموجبها سيتم تقييم اداء هذه العمليات المحاسبية، سيكون الأمر أبسط مما هو عليه في السابق، وعندما يتم تكليف المكاتب المتخصصة بالحسابات ستكون عملية التدقيق مبسطة وسهلة وميسرة لوجود نظام محاسبي موحد للجميع.
وتوقع العمار أن يصدر وزير الشؤون الاجتماعية والعمل د.محمد العفاسي خلال اسبوعين قرار تشكيل فريق العمل المكلف بتوحيد النظم المحاسبية بين الجمعيات الخيرية، مجددا تطميناته بأن هذا الفريق سيكون محليا 100% ومشكلا من عناصر سالف ذكرها، ولن تشارك أي جهات أجنبية بالتدقيق على الحسابات، والتعاون مع الجهات الخارجية سيقتصر فقط على تبادل الخبرات.
ورقة عمل للكويت
من جهة اخرى، عرض مدير إدارة الجمعيات الخيرية والمبرات ناصر العمار ورقة عمل الكويت خلال مشاركته بصفته الشخصية في حلقة العمل الإقليمية التي نظمها مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا) التابع لمنظمة الامم المتحدة في سلطنة عمان نهاية يناير الماضي والتي عقدت حول «ادارة المعلومات من اجل عمل انساني افضل» وتحت شعار «معا لمواجهة الأزمات والطوارئ» واستهل العمار الورقة بالاشارة الى ما تقوم به مؤسسات العمل التطوعي في الكويت من دور بارز ومهم في مساعدة المجتمع والمحتاجين كما انها تسهم مساهمة فاعلة في المساعدة ومد يد العون لمؤسسات العمل الرسمية بهدف تحقيق نوع من المشاركة الاجتماعية.
واضاف العمار عرف اهل الكويت منذ القدم العمل التطوعي بدءا من القيام بمد يد العون من الميسور الى المعسر مؤكدا انه مثال رائع قدمه الكويتيون في التكافل الاجتماعي فقدموا بذلك المال لمساعدة المحتاج ومد يد العون في مجالات اكثر تعقيدا عندما تعرض المجتمع الكويتي للعديد من الكوارث الطبيعية والامراض ولعل سنة الهدامة التي تكرر فيها نزول الامطار اكثر من مرتين ـ مما ادى الى هدم العديد من منازل الكويتيين وشرد الآلاف بعد ان قضى على حياة الكثير ـ تعتبر السنة التي تجلت فيها مواقف كافة الكويتيين وقدموا صورة واحدة تعبر عن معنى الفزعة والحمية تلاها مرض الجدري الذي انتشر واصاب الآلاف من سكان الكويت ومات الشيوخ والاطفال بأعداد مخيفة واليوم نجد ان هذا التكافل يقوم وفق منظومة مؤسسية تحكمها قوانين وقرارات تنظم اعماله وتنظم نشاطه بيد ان الحاجة اكثر من ماسة الى ايجاد عمل منظم ومحكم كي نحقق الاستفادة من هذه المقومات البشرية الذاتية التي يمكن استثمارها لمشاريع انجع.
وزاد: نحن اليوم نعيش لحظات مع احدى المنظمات الدولية المعنية بالانسان ومساعدته خاصة في ظل الأزمات والكوارث ومشاركتنا تأتي لإيماننا الاكيد بأهمية التنسيق والتعاون المشترك المنظم كي نحقق مطالب كثيرة لتحقيق السعادة البشرية كما هو واجب علينا القيام بتكرار اللقاءات بيننا علنا ننجح في تذليل الصعوبات وتواصل جسور العمل المشترك.
جمعيات النفع العام
وتطرق العمار الى دور جمعيات النفع العام ذات الطابع الخيري من العمل التطوعي لمساعدة المتضررين والمحتاجين والفقراء سواء في داخل الكويت أو خارجها.
مشيرا الى ان هذه الجمعيات تعمل بمقتضى أحكام قانون الأندية وجمعيات النفع العام الكويتي 24/1962 وتعتمد هذه الجمعيات في التمويل على التبرعات والمساعدات المالية التي يقدمها المتبرعون والمحسنون ويحكم جمع المال والتبرعات في الكويت قانون جمع المال للمنفعة العامة الكويتي الصادر في عام 1959 بالاضافة الى قرارات مجلس الوزراء وخاصة القرار رقم 876 المتخذ في اجتماعه رقم 36 البنود ثانيا وثالثا الصادر في 7/10/2001.
واوضح ان هناك العديد من القرارات الوزارية ومنها القرار 1995/101 والمتعلق بتنظيم جمع المال وجمع التبرعات وقال: ان الجمعيات الخيرية الكويتية قدمت نموذجا لمساعدة فقراء العالم فاختطت لنفسها جغرافية عالمية تحدد موقعها العالمي في مساعدة الدول فامتدت مساعدتها من اقصاها الى اقصاها وقدمت ملايين الدولارات لبناء المشاريع التنموية وانتشال الفقراء من مستنقعات الفقر المدقع كما تحول عمل هذه الجمعيات من قيامها بسد افواه جائعة واكساء اجساد عارية الى القيام بتنفيذ مشاريع تنموية رائدة قوامها العمل مع الفئات والمجتمع المعدم الى بلوغ مرحلة الاكتفاء الذاتي لهذه الفئة ومساعدتها على استكمال مراحل حياتها بأمان اجتماعي مطمئن بالاضافة الى مساهمتها في دفع عجلة التنمية لبلدانها.
وتابع لقد بلغ عدد هذه الجمعيات حتى اعداد هذا التقرير عشر جمعيات خيرية تتبعها اكثر من 140 لجنة عاملة وفعالة في مجال البر والنفع العام وهي منتشرة في جميع مناطق الكويت.
خارطة معلوماتية
وعن الخارطة المعلوماتية للجمعيات الأهلية الخيرية في الكويت، قال العمار: منذ بدأ العمل بالقانون رقم 24/1962 والمتعلق بالاندية وجمعيات النفع العام أشهرت العديد من الجمعيات الخيرية بالكويت، وقد عملت هذه الجمعيات على تحقيق اهدافها التي تركز في مجال مساعدة الفقراء ومد يد العون للمحتاجين بيد انه يلاحظ ان هذه الجمعيات لا ترتبط بعضها ببعض بشبكة معلومات واعتمدت في نقلها وتداولها للمعلومة وفق الاجتهادات الفردية والجهود الشخصية التي أفضت في النهاية لمحاولات صادقة ولكنها غير قادرة على الاستجابة لمتطلبات الواقع المهيب من الطلبات الملحة لإنقاذ العالم الفقير، لذلك كانت هناك محاولات لبناء شبكة معلومات لتبادل الخبرات والمعلومات الملحة في مثل هذه الحالات. وعليه تبادر الينا تساؤلات مهمة هي:
كيف استطاع القائمون على هذه الجمعيات تحقيق النجاح في الوصول لأهدافهم الانسانية، لاسيما انها امتدت الى دول العالم؟
كيف استطاعت الجمعيات الخيرية المحافظة على متانة وصدق العلاقات بينها وبين المتبرعين والمحسنين الكرام وتنمية هذه العلاقات حتى باتت ركيزة أساسية لتحقيق اهدافهم على المستويين المحلي والدولي؟
كيف ترسم هذه الجمعيات خططها المستقبلية في ظل غياب المعلومات؟
لماذا لا يتم التعاون بين الجمعيات الخيرية بعضها لبعض لبلوغ اقصى قدر من تحقيق الاهداف؟
هل هناك رؤى أو توقعات تقودنا لتذليل الصعوبات التي تواجه المعلومات، وقال: للاجابة عن هذه التساؤلات علينا أن نذكر أولا الجوانب الايجابية التي عملت الجمعيات الخيرية على تحقيقها والعمل بموجبها وتنميتها واستثمارتها بما يفيد توجيه التبرعات الى مصارفها الشرعية وهي:
ـ العمل على بناء وتشييد مشاريع عملاقة في العديد من بلدان العالم دون ان تكون هناك قاعدة بيانات أو معلومات وان العمل قائم على تحديد الحاجة والاولويات من خلال ملامسة الواقع والتعايش مؤقتا معه ومن ثم اتخاذ قرار المساعدة وبناء المشروع.
ـ اعتمدت المساعدات المقدمة للعديد سواء هذا المجتمع أو ذاك في هذه الدولة أو تلك على نصرة المسلم لأخيه المسلم، هذا بالاضافة الى مساهمة الانسان المسلم للمحتاجين دون النظر للعرق واللون والديانة.
ـ اعتمد القائمون على هذه الجمعيات في تقديم دعمهم اللامحدود من خلال ما تمليه عليهم ضمائرهم ومسؤولياتهم وما يشعرون به من احساس تجاه المتلقي والمعسر والمنكوب والواجب الشرعي لديننا الاسلامي الحنيف واقتداء برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
ـ ان العمل التطوعي الانساني وتقديم الدعم بأنواعه يترجم لدى المسؤولين على هذه الجمعيات البعد الخيري الذي نشأ مع نشأة وتكوين الانسان الكويتي المسلم منذ اللحظات الاولى، وانه احدى لبنات التكوين النفسي والاجتماعي لدى شخصية الانسان الكويتي وكل من يعيش على ارض الكويت.
ـ التنافس الشريف الذي أوجدته الفرص العديدة لمؤسسات العمل الخيري الكويتي، فهناك مؤسسات عديدة للعمل الخيري منها:
أ ـ مؤسسات أهلية خيرية.
ب ـ مؤسسات شبه حكومية خيرية.
ت ـ مؤسسات حكومية خيرية.
ث ـ افراد وعائلات وأسر تعمل في المجال الخيري.
ج ـ مبرات خيرية.
ـ تحقيق الاستثمار الامثل لجملة التبرعات المقدمة وايصاله الى مصارفها الشرعية وفق رغبات المتبرعين أنفسهم.
ـ تحقيق العديد من الانجازات على جميع المستويات الاجتماعية ومد جسور العمل المشترك الذي هو احد المقومات الاساسية في تقوية هذه العلاقة بين المانح والمتلقي ويؤثر ايجابا في تنمية العلاقات بين شعبي البلدين.
ـ تحمل اعباء والمسؤوليات الشرعية لزكوات ورغبات المتبرعين ونقلها الى محتاجيها وفق آلية عمل محكمة ومنظمة، لكنها لم تصل الى المستوى المطلوب.
ـ المساهمة في رسم صورة المتبرع الكويتي وكل من يعيش على ارض الكويت في صورها الحقيقية وانعكاس ذلك بالشكل الذي يليق وحجم هذه التبرعات.
ـ دعاء الفقراء والمحتاجين الى الباري عز وجل ان يديم الخير ويجزل العطاء، وان يوفق كل من ساهم في رفع المعاناة عنهم.
وعن المعوقات المتعلقة بالجانب المتأثر بنقص المعلومات المهمة في تأدية عمل هذه المؤسسات التطوعية الخيرية، قال العمار:
ـ عدم المعرفة بثقافة المجتمع المتلقي.
ـ عدم القدرة على فهم الواقع ولطبيعته سواء الديموغرافية أو السيكولوجية للمجتمع المتلقي.
ـ ان الاعتماد على النظر الى الوجه وتحديد المطلوب أو تشخيص الاحتياج يؤدي دائما أو غالبا الى تشخيص غير صحيح وغير واقعي ومن ثم فشل اداء المهمة.
ـ سوء توزيع الامكانيات المتاحة على الرغم من الوفرة فيها وتراكم المؤن والادوات.
ـ عدم القدرة على احداث ذلك التنسيق والموائمة بين المجتمعات المستفيدة يؤثر في ذلك على تلقي المجتمع للمساعدات وضمانها وزيادتها عند الحاجة وفي المقابل تتعالى الويلات والصراخ وطلبات الاستغاثة دون العلم بها من الجانب الآخر من الفقراء.
ـ احداث نوع من التضخم النوعي الناجم عن سوء التوزيع، مما يؤدي الى هدر كبير في المخزون دون الاستفادة منه وتحويله الى المحتاجين، مما يضطر القائمين على المساعدات الى القيام بإعداد المواد الغذائية واتلافها بعد ان يثبت لهم عدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي أو انتهاء فترة العمل الاغاثي.
ـ وبعد عرض المعوقات نستطيع الآن ان ندرك ولو بشكل يسير الواجبات الرئيسية التي تساعدنا على تخطي هذه العقبات لأن التشخيص الصحيح حتما سيقودنا الى العلاج الناجح.